بدأت أمس فعاليات ندوة تطور العلوم الفقهية في سلطنة عمان تحت عنوان الفقه الحضاري فقه العمران. وأكد الدكتور عبدالرحمن السالمي رئيس اللجنة التحضيرية المنظمة للندوة في كلمته التي ألقاها في الجلسة الافتتاحية. أنه ربما لم يكن تعبير أو مصطلح والفقه الحضاري العمراني متداولا لدي الفقهاء في الفترة الإسلامية المبكرة والوسيطة بيد أن المؤرخ الكبير ابن خلدون عندما كان يحاول وضع قوانين أو محددات للتطور التاريخي للمجتمعات تحدث عن العمران البشري. وقال السالمي: إن تطور المجتمعات البشرية عند ابن خلدون يخضع لقوانين يكون علي المؤرخ أن يتابعها ويتفهمها ليستطيع فهم الماضي وتأريخه والحاضر المتعايش معه. وأشار إلي الندوة تتناول التوجهات ووجهات النظر الحديثة والمعاصرة, وتبدو التوجهات المعاصرة في الاجتهادات الإسلامية بالتأمل والتشريع لمجالات لم تكن معروفة قديما وأن الحلول والمعالجات التي كانت مطروحة لها لم تعد ملائمة. ومن جانبه أكد الشيخ أحمد بن محمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عمان أن الدين الإسلامي يتجاوب مع الفطرة الإسلامية ويجعل الإنسان يحافظ علي صون الحرمات والعورات. بينما أشار الشيخ علي عبدالباقي شحاتة أمين عام مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف إلي أن الإسلام اهتم بالإنسان فصاغ حركته علي الأرض عبر وسائل واقعية ترعي طبيعة الإنسان ومتطلباته وغاياته. وقد شاءت إرادة الله عز وجل أن تتضمن النفس البشرية جوانب الخير والشر, فعلي الرغم من قوة العقل وإرادة الخير, فالإنسان كائن ضعيف قد تغلبه شهوات نفسه ورغباتها, فتعميه عن الحقيقة وتؤدي به إلي الخروج من النهج الذي أراده الله الذي يحقق فيه الانسجام مع القوانين التي خلقها الله فيسيء بجهله إليها وبالتالي إلي نفسه. وذكر أن الشريعة الإسلامية عاصمة للإنسان من اتباع الهوي ومن هنا اكتسبت الندوة أهميتها البالغة لأنها ستلقي الضوء علي القضايا الفقهية الجديدة المتعلقة بحياة الإنسان. ورفض أمين عام مجمع البحوث الإسلامية ما يسمي بتصارع أصحاب الديانات أو المذاهب لأن مشيئة الله وراء اختلاف الديانات طبقا لقوله تعالي: ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة. ولفت إلي أن الربط بين فقه الواقع والتراث الإسلامي أصبح أمرا ضروريا لمواجهة متغيرات العصر ومستجداته قائلا إن الله خلق الكون وفيه مقومات الإنسان ثم خلق الإنسان وحدد رسالته في الكون في قوله تعالي: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون. بينما قال الدكتور وهبة الزحيلي رئيس رابطة علماء الشام والأستاذ بجامعة دمشق إن فقهنا يدور حول الحضارة وينبعث منها ويؤصل لها ونمائية بناء برج الحضارة معلم أصيل للشريعة ليس مقصورا علي الفقه بالمفهوم الضيق ولكن كل العلوم تنص علي الحضارة لعبور الأزمات التي تمر بالإنسانية لتظل خالدة علي مدي الزمان. وأشار إلي أن الإسلام والمسلمين يتعرضون لتحديات جسيمة هدفها تحجيم الإسلام من خلال التجزئة والفرقة وإثارة النزاعات الطائفية والمذهبية في كل بلد, موضحا أن ظاهرة الإرهاب دليل علي هذا التوجه لنتقاتل ونعيش في حمامات للدماء وبرك للأشلاء التي يتبرأ الإسلام من كل ذلك.