اثار قرار الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء بوضع حد اقصي للاجور لايتخطي35 ضعف الحد الادني حالة من الجدل بين خبراء الاقتصاد فبينما رحب البعض بقرار الجنزوري. نظرا لتوفير نفقات الدولة لصالح الاولويات الاخري اعترض خبراء اخرون مبررين ذلك بضرورة تطبيق العدالة القانونية مع العدالة الاجتماعية وفقا لطبيعة العمل وعدد ساعات الانتاج. كما طالبوا بضرورة تعديل الحد الادني بما يتناسب مع حجم التضخم وغلاء المعيشة اضافة إلي اعادة ترتيب أولويات الانفاق لصالح الاجور والصحة والتعليم ودفع عجلة الانتاج لتعويض الخسائر التي تكبدها الاقتصاد المصري. أكد الدكتور قاسم منصور مدير المركز الاقتصادي المصري ضرورة تطبيق الحد الاقصي للاجور بصورة تدريجية تتناسب مع الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد بحيث يمكن تقسيمه لنسبة10% سنويا مشيرا إلي أن قيمة الاجور لابد ان تتناسب مع الانتاج, وهو ما يدفع بعض القطاعات لعدم تنفيذ قيمة الحد الادني او الاقصي نتيجة لتراجع حجم الانتاج في ظل هذه الظروف. وأضاف منصور أنه يجب الاستغناء عن عدد كبير من المستشارين بالوزارات والذين تصل رواتبهم إلي أرقام خيالية قائلا: ان الدولة مليئة بالكفاءات ويمكن الاستعانة بالعديد من ذوي الخبرة وأصحاب الرسائل العلمية دون ارهاق ميزانية الدولة بهذه الرواتب. ورحب منصور بقرار الدكتور الجنزوري بتخفيض قيمة راتبه بنسبة50% معتبرا ذلك خطوة ايجابية تصب في مصلحة ميزانية الدولة مطالبا بضرورة تحفيز الوزارات المختلفة لذلك بالاضافة إلي محاسبة بعض الوزارات علي فترات الاجازة السنوية كوزارة العدل والتربية والتعليم لصالح رفع انتاجية الدولة وتخفيض أيام الاجازات. وطالب منصور بضرورة اعادة ترتيب أولويات الانفاق لصالح الصحة والتعليم وتحسين الاجور وترشيد الانفاق فيما يخص منظومة الدعم واعادة النظر في المشروعات القومية السالفة لاستكمالها وتوفير فرص العمل من خلالها أو توفير الانفاق عليها لصالح البنود الاخري. بينما اعترض الدكتور رابح رتيب عضو مجلس ادارة جمعية الاقتصاد السياسي والتشريع والاحصاء علي تحديد قيمة الحد الاقصي قائلا: انه يحتاج إلي دراسة نظرا لتفاوت الاعمال وقيمة الانتاج من وظيفة إلي اخري. وقال: ان العدالة الاجتماعية لابد ان تصاحبها عدالة قانونية لمراعاة اداء وعدد ساعات العمل لبعض الوظائف مع ملاحظة ان رواتب العاملين بالقطاع المصرفي تتجاوز هذا الحد. كما اعترض الدكتور رابح علي قيمة الحد الادني للاجور موضحا ان هذا الراتب لايتناسب مع غلاء المعيشة في حين ان رفع الاجور كان من أهم مطالب الثورة. وأضاف ان تحديد الحد الادني والاقصي لابد ان يتم بناء علي طبيعة العمل وحجم التضخم وارتفاع الاسعار ووصف خطوة مجلس الوزراء لتخفيض قيمة رواتب الوزراء إلي50% بانها خطوة ايجابية تحترم التضامن الاجتماعي والمبادئ القانونية الشهيرة لدفع القادرين من خلال تخفيض المصروفات وتقديم الضرائب والاعانات لحين عودة عجلة الانتاج إلي مسارها الطبيعي. بينما طالب الدكتور أحمد الاطرش استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة بضرورة رفع قيمة الحد الادني من خلال القيمة المخفضة من الحد الاقصي للاجور وتحديد أولويات الانفاق. وقال ان تحديد الحد الاقصي كان اهم مطالب الثورة في ظل الرواتب الخيالية التي أدت إلي فجوة الانفاق واختفاء الطبقة المتوسطة في المجتمع المصري مشيرا إلي ضرورة وضع جدول زمني لتطبيق الحد الأقصي. اتفق خبراء الاقتصاد علي إيجابية قرار الدكتور كمال الجنزوري بتحديد الحد الأقصي الذي يعادل35 مرة من الادني الأمر الذي يوفر للحكومة موارد تمكنها من القيام بمهامها وادائها والتطبيق فورا دون الالتفات إلي الاعتراضات المتوقعة. قال الدكتور علي لطفي رئيس الوزراء الأسبق وأستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس ان العدالة الاجتماعية كانت من احد مطالب ثورة25 يناير التي تأخر المسئولون في تطبيقها منذ قيام الثورة حتي الفترة الحالية. وأوضح أن قرار تحدي الحد الأدني بمقدار35 مرة من الادني يعد مناسب تماما ألا أن هناك قصورا كبيرا في تفعيل قرار الحد الأدني البالغ700 جنيه, مطالبا باصدار قانون لإلزام بكل الجهات بتطبيقه الامر الذي يسهم في تطبيق الحد الاقصي. وطالب بتحديد حد اقصي للدخول وليس للأجور حتي لانمنح الفرصة للتحايل علي القانون تحت مسميات مختلفة للحصول علي ما كان يتقاضي عليه أو أكثر خلال الفترة المقبلة, مشيرا إلي إنه تم تطبيق وتفعيل الحد الاقصي, مشيرا إلي أنه طبق الحد الاقصي عام1985 عندما كان رئيسا للوزراء وتم إلغاؤه بعد رحيليه. ويري ضرورة تطبيقه فورا علي مختلف المستويات دون استخدام كلمة كفاءات للاعتراض, مشيرا إلي تعدد الكفاءات التي سوف تقبل به خاصة وان وضع الاقتصاد المصري سيء نتيجة الاحداث الحالية. من جانبه, قال الدكتور عبد الرحمن العليان أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس ان تحديد الحد الادني بما يعادل35 مرة من الحد الادني تعد نسبة مرتفعة مقارنة بنسبة دول العالم التي تتراوح مابين20 إلي25 إلا أنها تعد مقبولة خلال الفترة الحالية بعد ان شهدت الفترة الماضية ارقاما غير معقولة تجاوزت مئات الآلاف. وأكد أنها خطوة رائعة بعد تجدد النداءات حول تحديده لأول مرة, معربا عن تخوفه من التحايل من قبل البعض للحصول علي اجور مرتفعة تحت مسميات أخري, مطالبا بتنفيذه فورا حتي تتمكن الدولة من توفير أموال تمكنها من القيام بواجبها. ولفت العليان إلي تطبيق القرار سوف يواجه بعض الاعتراضات من قبل بعض الكفاءات التي تستحق أكثر امن الحد الاقصي الأمر الذي سيجعلهم يلتحقون بالقطاع الخاص, متوقعا ان يتم تطبيقه علي ثلاث مراحل علي مدار سنتين أولها: علي القيادات المتوافرة بديلها في حالة اعتراضها. وأضاف ان الثانية تتمثل في الكفاءات التي نستطيع ان نلحق بها الشباب لاكتساب الخبرة المطلوبة وتأتي الأخيرة في الكفاءات التي يصعب الحصول علي بديلها بسهولة إلي جانب الاهتمام بعقد دورات تدريبية. أكدت الدكتورة نوال التطاوي وزيرة الاقتصاد الأسبق ان هذا القرار للدكتور كمال الجنزوري سيزيد من مؤديه خلال الفترة المقبلة لافتة إلي أن هذه القرارات مطلوبة في هذا التوقيت حيث تصب في مصلحة الاقتصاد المصري ولها جوانب إيجابية كبيرة سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية. وأوضحت ان استمرار اصدار القرارات الإيجابية خلال الفترة المقبلة يحد من تأثير الازمة الاقتصادية التي تمر بها مصر مؤكدة ان تفعيل القرار يتوقف علي حجم تطبيقه علي العاملين سواء بالحكومة والقطاعات الأخري التي ستتأثر بها. وفي السياق نفسه, قال الدكتور عبد المطلب عبد الحميد مدير مركز البحوث الاقتصادية بأكاديمية السادات ان تخفيض مرتبات الوزارة له ابعاد اجتماعية كبري لتحقيق العدالة الاجتماعية مشيرا إلي أنه يزيد من انتماء المواطن العادي والذي يري ان رئيس الوزراء قام بالاستغناء عن مرتبه إلي احد المراكز التي ترعي احوال مصابي ثورة25 يناير. وأضاف ان ترشيد فجوة الأنفاق والعمل علي تنفيذ سياسة زيادة الإيرادات الخاصة بالدولة والعمل في مسارات عديدة ومختلفة لتحقيق من25 إلي50 مليار جنيه لسد العجز الذي يصل إلي160 مليار جنيه مشيرا إلي أن رئيس الوزراء قام باتخاذ العديد من الإجراءات التي تصب في مصلحة الاقتصاد المصري خلال فترة قصيرة منذ توليه منصبه وأهمها سحب21 مليون متر من المستثمرين غير الجادين وذلك لحث العديد من رجال الأعمال علي دوران عجلة العمل. من جانبه, أكد أحمد فودة رئيس البنك الوطني الأسبق ان هذا القرار يؤدي لارضاء العديد من المواطنين ولكنه لن يكون ملزما لقطاعات كثيرة منها البنوك حيث لها طبيعة خاصة وطالب بضرورة النظر إلي المرتبات الضعيفة للعديد من الموظفين بالدولة بحيث يكفل لهم حد الكفاف ويحافظ علي كرامة المواطن العادي. أكد محمد السويدي, وكيل اتحاد الصناعات, أن قرار رفع الحد الأقصي إلي35 ضعفا من الحد الأدني البالغ700 جنيه, والذي سوف يصل إلي24500 جنيه يعتبر عاملا إيجابيا يلبي رغبات جميع العاملين بالقطاعات الحكومية, سواء الخدمية أو الإنتاجية, لأنها سوف ترفع معاشات العاملين بنسبة كبيرة. وأكد ضرورة ربط البدلات والحوافز بأداء العاملين وليس بالمرتب لكل القطاعات الحكومية سواء إنتاجية أو خدمية لتحقيق النمو, مشيرا إلي أنه لا يمكن منح حوافز وبدلات في شركات تحقق خسائر, إنما لابد أن تحقق مكاسب. وأشار محمد المصري, نائب رئيس الغرف التجارية, إلي أن هذا القرار سوف يدفع عددا من الكفاءات والخبرات لترك مواقعهم بالقطاع الحكومي والاتجاه للعمل بالقطاع الخاص, لارتفاع المرتبات به بنسبة كبيرة مقارنة بالمؤسسات الحكومية وبصفة خاصة مستشاري القيادات السياسية والاقتصادية بالحكومة. وأوضح أنه بالرغم من زيادة الحد الأدني للأجور إلي700 جنيه, إلا أنه مازال متدنا في ظل ارتفاع الأسعار وزيادة نسبة التضخم مقارنة بعدد كبير من الدول والذي يصل إلي3000 يورو شهريا بدول الاتحاد الأوروبي.