جاء قرار رئيس الوزراء بإعطاء الأولوية للإنتاج المحلي في توفير مستلزمات المشروعات المختلفة ليثير جدلا واسعا بين المؤيدين والمعارضين حيث اعتبر المؤيدون أن القرار طوق النجاة للمنتجين المصريين. ويمنحهم الفرصة لتطوير مصانعهم والمنافسة داخليا وخارجيا. بينما يري الرافضون ان القرار ليس في صالح الصناعة المصرية وأن الإنتاج المحلي لا يكفي للوفاء باحتياجات المشروعات المختلفة إضافة إلي أن اعطاء الأولوية للمنتج المحلي قد يكون علي حساب الجودة. وأكد أحمد شيحة رئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية أنه قرار خاطيء وغير مدروس وجاء بطريقة عشوائية فهذه القرارات لابد أن تتم بناء علي دراسة جيدة للسوق واحتياجاتها الفعلية خاصة أن عملية الاستيراد تتم لسد الفجوة بين حجم الإنتاج المحلي والاستهلاك. وأوضح أنه لا يوجد منتج في مصر يكفي احتياجات السوق المحلية وبالتالي يمكن منع استيراده خاصة أن العملية الاستيرادية لا تتم بطريقة عشوائية فالمستورد يعي حجم الطلب علي السلعة والكمية التي تحتاجها السوق ويقوم بالاستيراد وفقا لتلك العوامل. وأشار إلي أن مثل هذه القرارات تصب في مصلحة بعض أصحاب المصانع الذين يلجأون للحكومة للمطالبة بوقف العمليات الاستيرادية لانها تضر بإنتاجهم المحلي ولكن حقيقة الأمر أن هؤلاء المصنعين يريدون احتكار السلع بالأسواق ومن ثم التحكم في السوق وأسعار السلع وهو الأمر الذي يضر بالمواطن في النهاية. وأضاف مصطفي العجواني رئيس شعبة العدد والالات بغرفة القاهرة التجارية وعضو الشعبة العامة للمستوردين باتحاد الغرف أن اجمالي الصناعات الهندسية في مصر صفر% فلا توجد صناعة فعلية وانما يتم شراء العدد والالات من الخارج ويتم تجميعها في المصانع المصرية, وبالتالي فان منع الاستيراد من الخارج يؤدي لتوقف الصناعات الأخري. وقال أحمد أبوجبل رئيس شعبة الأدوات الكتابية ولعب الأطفال أن أي سلعة موجودة بالسوق لها إنتاج محلي ويتم استيراد الكمية المتبقية منها لسد الفجوة بين الإنتاج وحجم الطلب عليها, مشيرا إلي أن هناك العديد من السلع التي ترتبط بسلع أخري فالعديد من السلع تعتبر متداخلة مع بعضها البعض. وأشار إلي أن هناك نحو200 مصنع ينتج الكشاكيل وبالرغم من هذا يتم الاستيراد من الخارج والمستوردون قاموا بفتح اعتمادات لاستيراد كميات منها لكي تعوض النقص الموجود في الإنتاج المحلي وبالتالي فان العملية الاستيرادية تتم لاستكمال احتياجات السوق. وأوضح أنه في حالة اصدار قرار بمنع الاستيراد لابد من وضع قائمة بالسلع الممنوع استيرادها خاصة أن العملية الاستيرادية مفتوحة فأي شخص يمكنه استيراد السلع التي يرغب بها, مشيرا إلي ضرورة توضيح المبررات الخاصة بمنع استيراد أي سلع سواء غذائية أو صناعية. بينما قالت الدكتورة إيمان محمد أستاذة الاقتصاد بجامعة عين شمس انه يجب وضع خطة صناعية استثمارية زراعية قبل اتخاذ أي قرارات تتعلق بالاستيراد والتصدير, تراعي الاتفاقيات الموقعة مصر عليها تجنبا لأي عقوبات في حالة تضمنها لتلك السلع وأن يتوافر بالمنتج المحلي سعر وجودة المستورد علي أن يتم تصنيعه باحترافية. وأشارت إلي أن قرارا مثل ذلك يجب أن يتخذه وزير الصناعة والتجارة بالتعاون مع وزير الزراعة وهيئة الاستثمار بعدها يتم وضع خطة متكاملة وسياسة عامة واضحة تحدد نوع السلع والمراحل الزمنية بالإضافة إلي تحديد مكان طرحها محليا فقط أم محليا وخارجيا. وفيما يتعلق بتأثر الصادرات المصرية تري د.إيمان أن القرار الخاص بوقف استيراد السلع المنتجة محليا لن يؤثر عليها, موضحة أن مصر ليس لديها القدرة الحالية علي التأثير في السوق العالمية حتي يؤثر القرار علي صادراتنا. وطالبت بضرورة الاهتمام بصناعة السلع الوسيطة أو الرأسمالية والتي يتم استيراد أغلبها للصناعة المحلية, مشيرة إلي قيام محمد علي باشا بانشاء مصانع لإنتاج معدات تكرير السكر بجانب مصنع التكرير, ومؤكدة امتلاك مصر ميزة نسبية تؤهلها للمنافسة عالميا. من جانبه قال الدكتور عبدالمطلب عبدالمجيد مدير مركز البحوث الاقتصادية بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية ان وقف الاستيراد قرار غير منطقي في الوقت الحالي في إطار التزام مصر باتفاقية الجات, مشيرا إلي أن هذه الخطوة لا تحمي الإنتاج المحلي بقدر الحاقها الضرر بصادراتنا نتيجة انتهاج بعض الدول الأسلوب نفسه معنا وهذا ما سترفضه منظمة التجارة الدولية. وأوضح أن الحكومة تستطيع أن تحمي المنتج المصري باستخدام قانون الاغراق الذي يمنح للبلد حق فرض رسوم جمركية مباشرة علي السلع بمقدار الفرق بين سعر الاغراق والسعر الحقيقي واللجوء إلي القضاء لمقاضاة الدولة. وأكد أن الصناعة المصرية تحتاج إلي قرارات داخلية كتقليل تكاليف الصناعة المحلية ومحاولة تهيئة المناخ لتحسين الجودة عكس ما تردد اخيرا حول رفع دعم الغاز المقدم للمصانع مما يحمل المنتج المحلي اعباء مالية. واستطرد واصفا قرار رئيس الوزراء باحلال المنتج المحلي بدلا من المستورد في المناقصات الحكومية بالقرار الصائب, لأنه يعمل علي تخفيض العجز بميزان المدفوعات فقط. وأكد د.علاء عرفة رئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة أن هذا التوجه الذي تعتزم الحكومة بحثه بعدم استيراد أي منتج يتم تصنيعه محليا في مجالات الغزل والنسيج لا يمكن تنفيذه دوليا في ظل الاتفاقيات الدولية التي وقعت مصر عليها لمنظمة التجارة العالميةWTO وأوضح أن أية دولة لا يمكنها منع الاستيراد إلا بناء علي أسباب محددة تبعا للاتفاقيات ويتم عرضها علي منظمة التجارة وفي مقدمتها قضايا الدعم والاغراق حيث يتم تقديم المستندات اللازمة من الشركات المتضررة لبحثها وعرضها علي منظمة التجارة العالمية ويتم ارسال هذه المذكرة للدولة الأخري المتهمة بالاغراق لارسال الرد عليها وتبت المنظمة في المذكرة خلال مدة محددة. وأضاف أن الحكومة قد تتجه لحماية أسواقها المحلية من السلع والمنتجات المستوردة من الخارج من خلال رسوم إضافية بناء علي آليات محددة ويتم ارسال أسباب هذه الرسوم إلي منظمة التجارة العالمية لبحثها والموافقة عليها. وأشار إلي أن أسرع الإجراءات التي يمكن للحكومة إتخاذها هو منع الاستيراد لسلعة أو منتج محدد لمدة عام فقط لمجرد الاضرار بالسوق المحلية مع ارسال الأسباب إلي منظمة التجارة إلا انه لا يشترط موافقتها علي هذا لقرار. وطالب الحكومة بدراسة القرارات المزمع اصدارها بصورة دقيقة مع ضرورة مشاركة القطاعات الخاصة المعنية بهذا القرار سواء مستفيدة منه أو متضررة وصولا إلي القرار الايجابي الذي لا يفرط في مصلحة الشعب المصري ولا يضر بالقطاع الخاص الذي يمثل شريان الحياة للاقتصاد المصري. وأكد شريف البلتاجي رئيس المجلس التصديري للحاصلات الزراعية أن بحث ودراسة عدم استيراد أي منتج يتم تصنيعه محليا لا يمكن تنفيذه علي أرض الواقع علي العديد من قطاعات التصدير ومنها الحاصلات الزراعية. وأشار إلي أن معظم اتفاقيات تصدير السلع والمنتجات الزراعية يشترط العملاء مواد تعبئة ذات مواصفات خاصة سواء محلية أو أجنبية ولا يمكن اجبارهم علي استخدام المنتجات المصرية.