دون ذنب.. يعيش أهالي عرب أبوساعد بالتبين معاناة بمعني الكلمة.. باختصار شديد حياة تحت ظلال ورماد وسموم الموت والدخان الأسود المتصاعد من مصانع الطوب الموجودة بالمنطقة, حيث يوجد مايقرب من980 مصنعا, منها50 تعمل بالغاز الطبيعي و250 أخري تعمل بالسولار, هؤلاء الذين يحاصرهم الدخان الأسود يعيشون تحت حصار الكثير من الأمراض كالفشل الكلوي وحساسية الصدر والالتهاب الكبدي والسرطان, ووسط كل ذلك باءت كل المحاولات بالفشل.. إذ تتزايد الشكاوي والمعاناة وترتفع صيحات التحرك الرسمية وغير الرسمية إلا أن الموت الأسود يظل محلك سر وضحاياه يتساقطون ويتزايدون. الأهرام المسائي بدأت برحلة في مناطق التبين المختنقة بدخان مصانع الطوب وكشفت عن مخالفات صارخة, تتطلب وقفة حازمة ووعيا من جانب الأهالي والمسئولين علي السواء من أجل حياة بلا أمراض. مصطفي متوي موظف اعتاد منذ أكثر من15 عاما الاستيقاظ كل صباح علي رائحة الدخان المنبعث من المصانع المجاورة لمنزله, الأمر الذي أدي الي اصابتهم بالكثير من الأمراض تحت تأثير السموم مثل الفشل الكلوي والالتهاب الكبدي الوبائي وأمراض الصدر والحساسية, ويضيف مصطفي أنه قام بمخاطبة المسئولين ولم يتحرك أحد حتي الآن. وقال رمزي بسيوني ان معظم الأهالي يعيشون في معاناة بمعني الكلمة بسبب ملوثات مصانع الطوب والكوك المنتج للفحم ومصنع الأسمدة التي تخرج منها الغازات مما يؤثر علي صحة المواطنين خاصة الذين يعانون من أمراض صدرية وضيق في التنفس. وخلال الجولة وجدنا مدرستين أحداهما ابتدائية وأخري اعدادية تعلوهما طبقة كثيفة من اللون الأسود نتيجة عوادم المصنع التي لطخت جدرانهما وأحالتها الي قطعة أشبه بالفحم, مما يهدد صحة التلاميذ. ويتساءل محمود ذكري من يحمينا من هذه المصانع التي تكتم أنفاسنا بأدخنتها الملوثة والأطفال الذين أصيبوا بالأمراض الصدرية وغيرها, خاصة بعد أن تقدمنا بالعديد من الشكاوي وكلها باءت بالفشل. وتقول زينب فودة ان لديها ثلاثة أطفال أصيبوا بحساسية الصدر نتيجة قرب سكنهم من المصانع ومرورهم كل صباح عليها أثناء ذهابهم الي المدرسة وطالبت المسئولين بضرورة التدخل السريع لانقاذ حياة الأطفال من الكوارث البيئية المحيطة بهم من كل جانب. أما محمد سعيد فيؤكد أنهم محاطون بأكبر مذبحة بيئية وقال إن هذه المصانع تؤثر علي أكثر من250 ألف نسمة يستنشقون تلك الأدخنة كل صباح بخلاف المناطق المجاورة. ويقول عادل نعيم ان الدخان المتصاعد يؤثر علي صحة الحوامل, حيث أدي الي تعرض الكثير من السيدات لحالات إجهاض وتشوه الأجنة, فضلا عن هجرة بعض الأهالي الي مناطق أخري بسبب هذه المصانع. أما خالد أبوساعد فيروي جذور المشكلة ويقول ان المصنع قام بالتحايل علي المواطنين منذ4 سنوات عن طريق موظفين له بالمرور علي المنازل وإيهامهم بأن الحكومة ستقوم بتوزيع أجهزة كهربائية علي كل منزل والحصول علي موافقات كتابية علي إنشاء المصنع مستغلة جهلهم بالقراءة والكتابة, وفي محاولة التحايل بطريقة خداعية لكسب المصنع مشروعية استغلوها فيما بعد عند علمهم بنبأ انشاء المصنع واعتراضهم وأكدت لهم ادارة المصنع أنهم وافقوا بالفعل وقدمت لهم توقيعاتهم. توجهنا بكل هذه الشكاوي الي المهندس عبد الظاهر رمضان نائب رئيس مجلس مدينة الصف للوقوف علي حقيقة الأمر الذي أكد انه يوجد250 مصنعا بدون تراخيص لكنهم قاموا بترخيص50 مصنعا وتقنين أوضاعها, حيث يقوم مجلس المدينة بتسهيل اجراءات ترخيص هذه المصانع وفقا لشروط معينة تتمثل في إثبات ملكية صاحب المصنع وجهة الأملاك المختصة ثم تتم المعاينة علي الطبيعة ثم يتم اعطاء الموافقة. وقال انه يتم التنسيق مع جهاز شئون البيئة بصدد هذا الموضوع نظرا لأنه المسئول عما يحدث خاصة في ظل مخالفة هذه المصانع للشروط البيئية.