دون جريمة ومن غير ذنب يعيش أهالي إمبابة الذين يصل تعدادهم إلي ما يقرب من مليون ونصف المليون نسمة معاناة يومية.. باختصار شديد حياة تحت ظلال ورماد وسموم الموت والدخان الأسود المتصاعد من ضيف ثقيل هو القمامة المنتشرة في المنطقة, هؤلاء الذين يحاصرهم الدخان الأسود يعيشون تحت حصار الكثير من الأمراض التي تتطاير عدواها ومسبباتها مع بقايا الدخان الذي يخترق جدران الحزن المحيط بكل أسرة تاركا لهم جبالا جديدة من المعاناة كالفشل الكلوي إذ تتزايد الشكاوي والمعاناة وترتفع صيحات التحرك الرسمية وغير الرسمية إلا أن القمامة مازالت محلك سر في البداية يقول الحاج عزام لطفي من أهالي المنطقة إن القمامة أصبحت تعوق عبورنا الطريق أو أثناء انتظار الأتوبيس علي الرصيف موضحا وجود تلال من القمامة تعيق وصول الأهالي إلي منازلهم, وتساءل عن ذنبه كموظف علي المعاش بدفع قيمة التخلص من هذه القمامة من أمام منزله علي فاتورة الكهرباء ولا يأتي أحد لحملها من أمام المنزل فيضطر إلي القائها في الشارع. مهدي سعد صاحب أحد الأكشاك يقول إن مشكلتة مع القمامة معاناة يومية تبدأ عند فتح الكشك في الصباح ليجد أكياس القمامة متراكمة في جميع الاتجاهات حول الكشك وعلي الرصيف وأمام المحلات المجاورة, ويضيف ان أهالي المنطقة ينتظرون الساعات المتأخرة من الليل بعد غلق المحلات وبعد أن يخلو الشارع من المارة ثم يقومون بإلقاء أكياس القمامة سواء من المنافذ أو البلكونات أو قيام أحد من أفراد الأسرة بالنزول وإلقائها في أقرب مكان خارج العمارة وتقول زينب متولي صاحبة أحد محلات الملابس إنها تقوم بالتخلص من القمامة عن طريق حملها إلي أقرب صندوق والذي تجده دائما مغطي بأضعاف الكمية الذي يتحملها, لذا فإن المنطقة المجاورة للصندوق تتحول إلي مقلب للقمامة فتضطر إلي استئجار سيارات ربع نقل وعمال للتخلص منها. منذ أكثر من10 سنوات اعتاد عماد فتحي أحد الأهالي الاستيقاظ كل صباح علي رائحة الدخان المنبعث من القمامة المجاورة لمنزله حيث تتزايد يوما بعد الآخر, الأمر الذي أدي إلي أن يعيش أهالي المنطقة بأكملها تحت تأثير السموم, ويقول إنه قام بمخاطبة المسئولين ولم يتحرك أحد حتي الأن, كما أن هذه القمامة أدت إلي اصابة العديد من الأهالي بأمراض الفشل الكلوي والالتهاب الوبائي وأمراض الصدر والحساسية والربو وتقول الحاجة نعمة سعيد إن لديها ثلاثة أطفال أصيبوا بحساسية الصدر نتيجة قرب سكنهم من مقلب القمامة ومرورهم كل صباح عليها أثناء ذهابهم إلي المدرسة, وتضيف أنها تقدمت بشكاوي عديدة للحي وطالبتهم بالتدخل السريع لانقاذ حياة أطفالها من الكوارث البيئية التي تحاط بالمنطقة من كل جانب لكن كل ذلك دون جدوي. وتؤكد عائشة السيد انتشار الفئران بصفة دائمة داخل وخارج المنازل وذلك لما تحتويه القمامة من مخلفات وبقايا الأطعمة وغيرها بالاضافة إلي تكاثر هذه القوارض نتيجة لتوفير البيئة المناسبة لها مما يصعب القضاء عليها. وأثناء جولتنا لفت انتباهنا دخان متصاعد برائحة كريهة وعندما سألنا عرفنا ان هذه الادخنة نتاج حرق القمامة لتخلص منها حيث ان معظم سلات القمامة اختفت من الشوارع فكانت النتيجة ان السكان أصبحوا يلقون قمامتهم عارية أسفل العمارات تنتظر مصيرها إما أن تحملها شركات النظافة أو قد يكون مصيرها بين براثن القطط المنتشرة في تلك المنطقة بكثرة. ويتساءل صلاح محمدي قائلا هل ينتظر المسئولون حدوث كارثة لكي يتحركوا وينتبهوا إلينا فنحن بشر ونريد حياة كريمة لنا ولأولادنا لكننا تعبنا من كثرة الشكاوي كأننا لسنا بني آدمين أغيثونا قبل فوات الأوان. مجدي جرجس مريض صدر وكلي ويقول أن المياه التي يشربونها تختلط بمياه الصرف الصحي وعادة تكون مص حوبة بلون الطين وذات رائحة تشبه رائحة المجاري, ويوضح انهم تقدموا بشكاوي عديدة لكن دون جدوي. وتوكد أماني محمود من الاهالي أن معظم الأطفال يولدون بحساسية الصدر بسبب الدخان الناتج عن حرق القمامة بشكل يومي بسبب تكدسها ولجوء الأهالي إلي إلقاء القمامة في الشوارع والتي ساهمت في انتشار العقارب والثعابين التي ظهرت بمعظم بيوت المنطقة مما يصيب الأطفال بالرعب.