لسنوات طويلة ظل حلم الالتحاق بكلية الشرطة يراود الكثير من الشباب الذين انهوا مرحلة تعليمهم الثانوي, ولعبت عوامل كثيرة في مقدمتها المحسوبية والواسطة والرشوة دورا رئيسا في استحالة تحقيق هذا الحلم خاصة بالنسبة للطبقات المتوسطة والفقيرة من المصريين في ظل سيطرة فئة معينة علي مقدرات وتوجهات الشعب حتي جاءت ثورة25 يناير وما صاحبها من أحداث وتطورات وفي مقدمتها المطالبة بتحقيق العدالة الاجتماعية والقضاء علي الفساد ليعيد الأمل لأبناء هذه الطبقات في امكانية تحقيق حلمهم وحلم أسرهم في دخول كلية الشرطة ورغم ما جري من أحداث خلال ثورة25 يناير بين الشرطة والمتظاهرين فإن المؤشرات الأولية تؤكد زيادة الإقبال علي اختبارات القبول بكلية الشرطة هذا العام علي عكس التوقعات. فقد بدأت منذ أيام كلية الشرطة في تلقي طلبات الالتحاق من الحاصلين علي الثانوية العامة والثانوية الأزهرية خاصة بعد إعلان الشرطة تخليها عن بعض الشروط التي وقفت عائقا أمام الكثير من الحالمين بالالتحاق بكلية الشرطة خلال السنوات السابقة. يقول اللواء الدكتور طارق خضر رئيس قسم القانون بأكاديمية الشرطة وعضو مجلس إدارة الأكاديمية إن الكلية تخلت عن العديد من الشروط المجحفة التي كانت تمنع دخول الكثيرين للكلية منها الشروط الخاصة بدرجة القرابة بعد أن اكتشفنا أن الصلات الاجتماعية صارت مقطوعة بين الأفراد بشكل غريب للدرجة التي تكشف لنا التحريات وجود أقارب للطالب لا يعرف عنهم أي شيء حيث اكتفينا بشرط حسن السير والسمعة للدرجة الثالثة فقط علاوة علي اننا تخلينا عن شرط مقاس الصدر لدي الطالب حيث أن الطالب عندما يقبل في سن صغيرة من خلال التدريبات البدنية فإن قوامه يتحسن. أما بالنسبة للواسطة فقد أعلنت الأكاديمية صراحة أن كلية الشرطة لم يكن بها مكان للواسطة ولن يكون بها أي واسطة بأي وسيلة من الوسائل وبالتالي سيظهر دور الطالب المتميز علميا وسلوكيا وعائليا وأقصد بذلك ليس الفقر والغني ولكن حسن السمعة أي يكون الطالب من عائلة ذات سمعة طيبة فلا يمكن تصور وجود طالب صدرت ضد والده أوشقيقه أحكام جنائية تمس الشرف والنزاهة ويصبح ضابطا بعد ذلك. وقال خضر إن الواسطة إشاعة لم تثبت صحتها وحتي لو كانت موجودة قبل ذلك فلن نجدها الان في ظل الأجواء الجديدة التي تمر بها مصر فهناك متابعة صارمة من جانب الأكاديمية للقبض علي الأشخاص الذين يتاجرون بالطلبة واؤكد بأنه لا واسطة بعد اليوم داخل الأكاديمية حتي مع وجود كشف الهيئة الذي يخشي منه الطلبة والاتهامات التي كانت تطوله بأنه البوابة الملكية للواسطة حيث سيتم تحجيم عمل اللجنة وسيكون المعيار الدرجات التي حصل عليها الطالب في الاختبارات السابقة ولعل أهمها حسن السمعة كما أن اللجنة تتكون من عدد من الاشخاص تجعل التلاعب في النتيجة صعبا. وأضاف خضر: أما ما يتعلق بالناحية السياسية في اختيار المتقدمين فهذا أمر كان يتبعه النظام البائد باستبعاد المتقدمين من أقارب كوادر وأعضاء الجماعات الاسلامية سواء الاخوان أو السلفية علي سبيل المثال, وبالتالي بعد الثورة لم يعد هذا الأمر محلا للارتباط في الاختيارات خاصة مع حرية تشكيل الأحزاب والاعتراف بجميع الفصائل السياسية التي لم تعد محظورة. وعن شرط الحد الأدني للقبول بكلية الشرطة وهي نسبة65% لطلاب الثانوية العامة والثانوية الأزهرية يقول خضر: إن هذه الدرجة هي الحد الأدني للقبول وبالتالي مع زيادة أعداد المتقدمين سيكون التميز العلمي له الأولوية فيصبح الأمر مثل مكتب تنسيق داخلي بالكلية. ونفي خضر وجود ما يطلق عليه البعض كوتة القضاء والشرطة والنيابة لأبناء هذه الفئات في القبول بالأكاديمية فهذا الأمر أضحي غير مقبول بالمرة فالكلية مفتوحة أمام كل المصريين طالما تتوافر بالمتقدمين الشروط البدنية والنفسية والعلمية والعائلية. تعديل المناهج وعن تعديل المناهج قال خضر إنه طبقا لخطة العام الدراسي2012/2011 فقد تمت إضافة مادة حقوق الانسان في جميع المواد الدراسية المرتبطة بها بمعني أن مادة القيادة الأمنية كان الطالب يقوم بدراسة شروط القائد الأمني ومعايير اختياره فأصبحت حقوق الانسان من ضمن معايير القيادة الناجحة فلا يتصور أن يكون القائد الأمني ناجحا دون مراعاة حقوق الانسان وحريته فهي شرط لانجاح عملية القيادة إلي جانب أن مادة حقوق الانسان تم التوسع في مضمونها وبالتالي تضمنت جميع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والشخصية. كما تم تفعيل مادة إدارة الأزمات الأمنية ليكون بها عديد من اشارات الانذار المبكر التي تنبيء عن موقع حدوث أزمة معينة إلي جانب مادة التفاوض الأمني كوسيلة لحل أزمة أمنية. وعن اعلان الأكاديميةقبول دفعات جديدة من خريجي الجامعات المصرية قال خضر انه طبقا لاحتياجات الداخلية من مختلف التخصصات فإن الوزارة تعلن عن قبول دفعة من الطلبة لقسم الضباط المتخصصين فأعلنت هذا العام عن قبول هذه الدفعة من بعض التخصصات العلمية لكليات الطب والصيدلة والعلاج الطبيعي والاسنان ومثل هؤلاء يخضعون للدراسة لمدة عام دراسي واحد ويتم تخريجهم برتبة ملازم أول ويحصلون علي الدراسة الكافية في المواد الشرطية والأمنية. وبالتالي يقومون بخدمة الوزارة طبقا للتخصص الذي تم قبولهم علي أساسه فالطبيب والصيدلي يخدم في قطاع الخدمات الطبية اما المهندسون والمحاسبون فيعملون في الإدارة العامة للمشروعات والبحوث المالية. الاختبارات وقال خضر إن الاختبارات التي يخضع لها المتقدم تبدأ باختبار القدرات البدنية والرياضية ثم اختبار القدرات العقلية والكشف النفسي لكي يتم التأكد من اتزان شخصية الطالب, وأشار إلي ان الطالب هو من يحدد بنفسه المواعيد المناسبة لحضوره الاختبارات من خلال التقديم اولا عبر موقع اكاديمية الشرطة علي الانترنت ويذهب لحضور الاختبارات علي أربعة أيام وأن باب القبول بدأ يوم23 يوليو ويستمر حتي6 أغسطس. وتشمل الاختبارات ايضا اجراء امتحان في اللغة العربية والمعلومات العامة وبعض المصطلحات الإنجليزية وهي اختبارات تمت اضافتها للعام الحالي رغبة في الارتقاء بمستوي طلاب الأكاديمية. كما تم التشديد علي الاختبارات النفسية حيث تم الارتفاع بمستواها العام الحالي من خلال لجنة متخصصة حتي يتم ضمان ان جميع المقبولين اسوياء بنسبة100%. وأضاف ان قواعد المفاضلة الأربع بين المتقدمين هي التي تحكم عملية القبول, وهي المستوي التعليمي ويخصص لها300 درجة اعتبارية, والسن وتخصص لها100 درجة اعتبارية, واللياقة البدنية ويخصص لها400 درجة اعتبارية واخيرا الهيئة ويخصص لها200 درجة اعتبارية. مشيرا إلي مسألة تحديد اعداد المقبولين بالكلية يتم بالتنسيق مع جهاز التنظيم والإدارة وطبقا لاحتياجات وزارة الداخلية وان كانت العملية تسير في الاهتمام بالكيف وليس بالكم ومن المعروف ان أعداد المقبولين سنويا تتراوح بين1400 1500 طالب. وأضاف خضر انه لا صحة لما يقال عن عدم إقبال الأسر المصرية والطلبة علي كلية الشرطة هذا العام بل توقع ازدياد الإقبال علي الكلية خاصة ان الأسر شاهدة عيان علي ما يحدث الآن والمعاناة التي يلاقيها ضابط الشرطة في عمله. وأشار إلي أن هناك رغبة لدي الكثيرين للالتحاق بكلية الشرطة وهو ما ظهر من خلال الاتصالات التليفونية التي تلقتها الاكاديمية لمعرفة مواعيد الالتحاق, حيث توفير خط تليفوني مباشر لتلقي اي استفسارات من أهالي الطلبة عن شروط او اجراءات او أوراق الالتحاق علي ارقام24092565-24092563 مكتساب الثورة واعتبر الدكتور أحمد يحيي استاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة قناة السويس إقبال المواطنين من أبناء الطبقة المتوسطة علي إلحاق ابنائهم بكلية الشرطة يعد شكلا من اشكال التغيير الذي حدث بعد الثورة فالأمور أصبحت تتصل بالكفاءة وتطبيق المعايير المنطقية علي المتقدمين دون الوساطة والرشاوي وكوتة ابناء العاملين بالشرطة والقضاء والنيابة وغيرهم, حيث كانت توجد محسوبية لبعض الطبقات تتدخل في معايير القبول بالشرطة, مما كان يحول دون التحاق ابناء الطبقة المتوسطة والأدني من المتوسطة بكلية الشرطة. وأضاف يحيي: الآن بعد الثوة أصبحت الأمور أكثر إيجابية ووضوحا ونرجو أن تتم الاختيارات بالضمانات والمعايير الجديدة التي تتفق مع الحركة الثورية بحيث لا يظلم أبناء الشعب لمجرد أسباب غير موضوعية مثل الواسطة والمصاريف الدراسية, مشيرا إلي ان مصروفات الكلية كبيرة بما لاتستطيع امامه بعض الفئات الاجتماعية دفعها. وأكد ان المشكلة ليست في اختيار ضابط الشرطة بل في إعداده ليعمل لصالح الوطن وليس لخدمة الحكام والنظام الحاكم, وحذر يحيي من المرحلة الأخيرة في الاختيار وهي ما تعرف بكشف الهيئة فكثير من المتقدمين يفاجأون برفض قبولهم لأن أحد اقاربه صدر ضده حكم في قضية شيك بدون رصيد مثلا فما ذنبه بما لا يخصه. وقال الرائد أحمد رجب المتحدث باسم ائتلاف ضباط الشرطة ان الثورة التي قامت في مصر شملت جهاز الشرطة ايضا فكما كشفت التحقيقات عن وجود عناصر متورطة في جرائم فإن الغالبية من ضباط الشرطة من أبناء الطبقات الشعبية الكادحة تسعي لحفظ الأمن والأمان للمواطنين وبالتالي فإن معايير القبول للالتحاق بأكاديمية الشرطة أصبحت محل اهتمام الجميع لتطهير جهاز الشرطة من الفساد. مؤكدا ان وزارة الداخلية اعلنت هذا صراحة ووفقا لخطتها الجديدة التي تقوم علي احترام حقوق الإنسان وسينعكس ذلك علي اختيارات المتقدمين للكلية. مؤكدا ان معايير الوساطة والمحسوبية انتهت لأنه ثبت فشلها في الفترةالماضية ولن يكون هناك مكان بين ضباط الشرطة الا للمتفوقين رياضيا ونفسيا وعلميا, فالتفوق الرياضي والنواحي النفسية أصبحت من معايير الاختيار حتي لا يعتلي جهاز الشرطة فرد مريض نفسيا. مشيرا إلي أنه تم تطوير مناهج الدراسة لتناسب المرحلة الجديدة التي تعيشها البلاد في أعقاب ثورة25 يناير, وتؤهل الضابط لمواجهة التحديات الأمنية الجديدة في ظل احترام كامل لحقوق الإنسان وحرياته الاساسية.