يمكن الوصول إلي استنتاج واحد من الأحداث الأخيرة هو أن أي خطط للسلام تعد من قبل الولاياتالمتحدة وإسرائيل ستكون هشة وأن الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني سيبقي مستعصيا علي الحل ما دامت سياسة الولاياتالمتحدة منحازة لإسرائيل علي نحو غير مبرر. وعلي الرغم من خلافاته مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو, يبدو الرئيس الأمريكي باراك أوباما في وضع حرج في جهوده الرامية إلي لعب دور بناء. وعشية سنة انتخابية, سترضخ إدارته- لا شك في ذلك- للضغوط من قبل أصحاب المصالح الخاصة والكونجرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون, وستضطر الإدارة للتراجع عن إجبار إسرائيل علي قبول شروط ملموسة من شأنها أن تأتي بالفلسطينيين إلي مائدة المفاوضات. ولكن السياسة الداخلية في الولاياتالمتحدة والتعنت الإسرائيلي لا يمكن السماح لهما بأن يظلا عقبة في طريق حق الفلسطينيين في مستقبل قائم علي حياة لائقة وفرص مماثلة لأولئك الذين يعيشون في دول غير محتلة. وعلي هذا النحو, وفي غياب مفاوضات مثمرة, حان الوقت للفلسطينيين لكي يتجاوزوا الولاياتالمتحدة وإسرائيل ويبحثوا عن تأييد دولي مباشر للدولة في الأممالمتحدة. وسيتم تأييدهم تماما في ذلك من قبل السعودية والدول العربية الأخري, والغالبية العظمي من المجتمع الدولي ومن جانب جميع الذين يفضلون نتيجة عادلة لهذا المأزق وشرق أوسط مستقرا. وانتقد أوباما هذه الخطة واعتبر أنها جهود رامية إلي نزع الشرعية عن إسرائيل من قبل الفلسطينيين وأشار إلي أن هذه الإجراءات الرمزية لعزل إسرائيل ستنتهي بالفشل. ولكن لماذا يجب عدم منح الفلسطينيين نفس الحقوق التي منحتها الأممالمتحدة لدولة إسرائيل وقت إنشائها عام1947 ؟ يجب علي الرئيس الأمريكي أن يدرك أن العالم العربي لن يسمح بعد الآن بنزع الشرعية عن الفلسطينيين بسبب الأفعال الإسرائيلية لتقييد تحركاتهم, وخنق اقتصادهم وتدمير منازلهم. إن السعودية لن تقف موقف المتفرج في حين تكافح واشنطن وإسرائيل إلي ما لا نهاية من أجل تنفيذ نواياهم, وتفشل مع ذلك في تنفيذ خططها ومن ثم تسعي إلي تقويض شرعية الوجود الفلسطيني علي الساحة الدولية. وفي سبتمبر, ستوظف المملكة ثقلها الدبلوماسي الكبير لدعم الفلسطينيين في سعيهم للاعتراف الدولي. ولطالما وصف القادة الأمريكيون إسرائيل بأنها حليف لا غني عنه. وسيعلمون قريبا أن هناك لاعبين آخرين في المنطقة- ليس أقلهم الشارع العربي- لا يقلون أهمية إن لم يكن أكثر من ذلك. إن لعبة المحاباة لإسرائيل لم تثبت حكمة واشنطن, وسرعان ما سيتبين أنها أكثر حماقة. ولطالما تكهن المعلقون بغياب السعودية كقوة إقليمية. ولكنهم أصيبوا بإحباط شديد. وبالمثل, فإن التاريخ سيثبت خطأ أولئك الذين يتصورون أن مستقبل فلسطين سيتحدد من قبل الولاياتالمتحدة وإسرائيل. وستكون هناك عواقب وخيمة علي العلاقات بين الولاياتالمتحدة والسعودية إذا استخدمت الولاياتالمتحدة حق النقض ضد اعتراف الاممالمتحدة بدولة فلسطينية. وسيكون ذلك نذير شؤم في تلك العلاقة التي امتدت لعقود طويلة فضلا عن ضرر لا رجعة فيه بالنسبة لعملية السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين وسمعة أمريكا بين الدول العربية. إن المسافة الفكرية بين العالم الإسلامي والغرب ستتسع بشكل عام كما أن فرص بناء علاقات الصداقة والتعاون بين الطرفين قد تتلاشي. نحن العرب كنا نقول لا للسلام, ونلنا قصاصنا العادل في عام.1967 والآن, فإن الإسرائيليين هم الذين يقولون لا للسلام. وأنا أكره أن أكون موجودا حين يواجهون قصاصهم العادل. يرأس الأمير تركي الفيصل مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في الرياض. وشغل منصب رئيس المخابرات السعودية من عام1977 إلي عام2001 وشغل منصب سفير بلاده في الولاياتالمتحدة من عام2004 إلي عام.2006 * من مقال في صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية