في الوقت الذي حققت فيه الإدارة المصرية انتصار الوحدة وإنهاء صراع الأشقاء في فلسطين بعد انقسام دام عشر سنوات فإن هذا الجهد أفرز عددا من الحقائق التي تنعكس إيجابيا علي الوضع الأمني في الداخل. ألأولي: قفز حركة حماس من سفينة الإخوان بعد حركة النهضة في تونس حيث اقتنعت قيادات حماس بوجهة النظر العقلانية التي أبداها المصريون بأن المستفيد الوحيد من الانقسام الفلسطيني هو إسرائيل, وكلما مرت سنوات الفرقة زادت معاناة الفلسطينيين في كل الأراضي الفلسطينية. الثانية: تعهد المسئولون في حكومة الوحدة الفلسطينية منع أي محاولات تسلل للإرهابيين المرتزقة إلي سيناء أو السماح بوجودهم علي الأراضي الفلسطينية. الثالثة: اقتناع الكثير من أنصار الجماعة الإرهابية وكوادرها الشابة في القاهرةوالمحافظات بأن يسيروا علي خطي إخوان تونس وغزة بالانحياز إلي أوطانهم وما يحقق مصالحها, ولذلك فلم أتعجب عندما أكد لي مصدر أمني رفيع المستوي أن مقار الأجهزة الأمنية استقبلت خلال شهر سبتمبر الماضي فقط نحو450 شابا أعلنوا تبرأهم من الجماعة الإرهابية وانحيازهم لفكرة الهوية الوطنية بدلا من فكرة دولة الخلافة الإسلامية التي توجد في أذهان قياداتهم الفاشلة العاجزة عن تحقيق هذا الشعار وغيره علي أرض الواقع. وروي لي المصدر الأمني أن انشقاق هؤلاء الشباب ثمرة من ثمار الرعاية المصرية للم الشمل الفلسطيني. وأن هؤلاء الشباب وجدوا عقولا وقلوبا منفتحة للاستماع إليهم, وأعطوا أجهزة الأمن معلومات عن تكليفات تصدرها إليهم قياداتهم الهاربة في لندن وقطر وتركيا بتنفيذ عمليات إرهابية ضد كمائن الشرطة. وكشفوا النقاب عن عمليات تمويل هذه العمليات من خلال عدد من شركات المقاولات في عدد من المحافظات يستخدمها الإخوان كواجهة شرعية لغسيل الأموال ووفقا لمصدر أمني تم القبض علي عدد من أصحاب هذه الشركات ويتم التحقيق معهم حاليا, وهذا الشباب الوطني الذي يتمتع بالغيرة علي وطنه كشف طواعية لرجال الأمن عن أن خلايا ما يسمي حسم الإرهابية يتقاضي العضو فيها راتبا شهريا يبلغ2000 دولار وعند تنفيذ عملية إجرامية ضد أفراد أو كمائن الشرطة يتقاضي مكافأة قدرها عشرة آلاف دولار, أما إذا تمكنت قوات الشرطة من قتله فإن الجماعة الإرهابية تتكفل بدفع معاش شهري لأسرته يبلغ ثلاثة آلاف دولار. الرابعة: حصلت أجهزة الأمن علي معلومات مهمة من هؤلاء الشباب مكنتها من معرفة أماكن تدريب واختفاء إرهابيي حسم في محافظاتالفيوم وبني سويف والقاهرة والجيزة ومكنتها من توجيه ضربات قاصمة لهؤلاء الإرهابيين كما رأينا في الفترة الأخيرة اصطياد العديد منهم في مدينة6 أكتوبر وفي الإسكندرية التي فر إليها قائد المجموعة الإرهابية التي نفذت الاعتداء علي كمين البدرشين وأخيرا الثلاثة الذين اتخذوا من مقابر مدينة15 مايو وكرا لاختفائهم تمهيدا لتنفيذ عملية خسيسة من عملياتهم الإجرامية. كل هذا يؤكد أن السيد مجدي عبد الغفار وزير الداخلية وفريق عمله تمكن من الاستفادة من النجاح الذي حققته الإدارة المصرية علي حدودنا الشرقية من تعزيز الأمن, وتقويض البنيان التنظيمي للإرهابيين, وتجفيف منابع تمويل عملياتهم القذرة.