عيار 21 يتراجع الآن لأدنى مستوياته.. سعر الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم في الصاغة    بورصة الدواجن اليوم.. أسعار الفراخ والبيض اليوم الإثنين 29 أبريل 2024    انخفاض جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 29 إبريل 2024 في المصانع والأسواق    فلسطين.. جيش الاحتلال يقتحم بلدة عرابة جنوب غرب مدينة جنين    بعد موقعته مع كلوب.. ليفربول يفرط في خدمات محمد صلاح مقابل هذا المبلغ    أزمة في "غرف" الأهلي قبل مواجهة الإسماعيلي في بطولة الدوري    مواعيد مباريات برشلونة المتبقية في الدوري الإسباني 2023-2024    «أمطار رعدية وتقلبات جوية».. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الإثنين في مصر    الحجار يروى رحلة محمد فوزى فى 100 سنة غنا بالأوبرا    علييف يبلغ بلينكن ببدء عملية ترسيم الحدود بين أذربيجان وأرمينيا    إصابة 13 شخصا بحالة اختناق بعد استنشاق غاز الكلور في قنا    مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    مصنعو السيارات: الاتحاد الأوروبي بحاجة لمزيد من محطات شحن المركبات الكهربائية    أسألكم الدعاء بالرحمة والمغفرة.. روجينا تنعى المخرج عصام الشماع    ختام فعاليات مبادرة «دوّي» بكفر الشيخ    خالد الغندور يوجه انتقادات حادة ل محمد عبد المنعم ومصطفى شلبي (فيديو)    عمره 3 أعوام.. أمن قنا ينجح في تحرير طفل خطفه جاره لطلب فدية    هيثم فاروق يوجه رسالة لحمزة المثلوثي بعد التأهل لنهائي الكونفدرالية| تفاصيل    مجتمع رقمي شامل.. نواب الشعب يكشفون أهمية مركز الحوسبة السحابية    سامي مغاوري يكشف سبب استمراره في الفن 50 عامًا    نتنياهو يعيش في رعب.. هل تصدر محكمة العدل الدولية مذكرة باعتقاله؟    رابطة العالم الإسلامي تعرب عن بالغ قلقها جراء تصاعد التوتر في منطقة الفاشر شمال دارفور    «مسلم»: إسرائيل تسودها الصراعات الداخلية.. وهناك توافق فلسطيني لحل الأزمة    عاجل.. حادث خطير لطائرة في مطار الملك خالد الدولي ب السعودية |بيان    شاهد صور زواج مصطفى شعبان وهدى الناظر تثير السوشيال ميديا    شقيقة الفلسطيني باسم خندقجي ل«الوطن»: أخي تعرض للتعذيب بعد ترشحه لجائزة البوكر    سامي مغاوري عن صلاح السعدني: «فنان موسوعي واستفدت من أفكاره»    التهديد الإرهابي العالمي 2024.. داعش يتراجع.. واليمين المتطرف يهدد أمريكا وأوروبا    بعد عامين من انطلاقه.. برلماني: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم    تموين الإسكندرية: توريد نحو 5427 طن قمح إلى الصوامع والشون    برلمانية: افتتاح مركز البيانات والحوسبة يؤكد اهتمام الدولة بمواكبة التقدم التكنولوجي    بعد طرح برومو الحلقة القادمة.. صاحبة السعادة تتصدر ترند مواقع التواصل الاجتماعي    أيمن يونس يشيد بتأهل الأهلي والزمالك.. ويحذر من صناع الفتن    فراس ياغى: ضغوط تمارس على الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية للوصول لهدنة في غزة    السفيه يواصل الهذيان :بلاش كليات تجارة وآداب وحقوق.. ومغردون : ترهات السيسي كلام مصاطب لا تصدر عن رئيس    عامر حسين: إقامة قرعة كأس مصر الأسبوع القادم بنظامها المعتاد    ميدو: سامسون أكثر لاعب تعرض للظلم في الزمالك    إخلاء سبيل سائق سيارة الزفاف المتسبب في مصرع عروسين ومصور ب قنا    الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس اليوم الإثنين وتُحذر: ظاهرة جوية «خطيرة»    فيديو.. سامي مغاوري: أنا اتظلمت.. وجلينا مأخدش حقه    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    هل مشروبات الطاقة تزيد جلطات القلب والمخ؟ أستاذ مخ وأعصاب يجيب    فهم حساسية العين وخطوات الوقاية الفعّالة    العناية بصحة الرموش.. وصفات طبيعية ونصائح فعّالة لتعزيز النمو والحفاظ على جمالها    «حياة كريمة».. جامعة كفر الشيخ تكرم الفريق الطبي المشارك بالقوافل الطبية    ضربة للمحتكرين.. ضبط 135 ألف عبوة سجائر مخبأة لرفع الأسعار    ربان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مصر يحتفل بعيد الشعانين ورتبة الناهيرة    البابا ثيودروس الثاني يحتفل بأحد الشعانين في الإسكندرية    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    دعاء في جوف الليل: اللهم جُد علينا بكرمك وأنعم علينا بغفرانك    3 حالات لا يجوز فيها الإرث شرعًا.. يوضحها أمين الفتوى    وزير الاتصالات: 170 خدمة رقمية على بوابة مصر الرقمية    الاستعداد للعريس السماوي أبرز احتفالات الرهبان    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    مصرع شاب في انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    طريقة تحضير بودينج الشوكولاتة    محمد أبو هاشم: حجاج كثر يقعون في هذا الخطأ أثناء المناسك    في أحد الشعانين.. أول قداس بكنيسة "البشارة" بسوهاج الجديدة |صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللواء أ.ح حسام سويلم يكتب: لا وجود ل«داعش» فى مصر
نشر في الوفد يوم 31 - 07 - 2014

وكأن الجماعات الإرهابية التى ابتليت بها مصر فى السنوات الأخيرة، وهى نتاج معامل تفريخ جماعة الإخوان الإرهابية المستمرة فى العمل منذ عام 1928، تأبى أن ينصرم شهر رمضان الفضيل هذا العام،
دون أن تنفث نيران خبثها وحقدها الأسود من جديد ضد الجيش بارتكاب مذبحة أخرى ضد أحد مواقع سلاح الحدود المتقدمة فى الصحراء الغربية قرب واحة الفرافرة فى العشرة أيام الأخيرة من هذا الشهر، كما فعلت من قبل فى 5 أغسطس 2012 بجريمتها الإرهابية جنوب رفح وراح ضحيتها 17 من شهدائنا فى أيام مماثلة من شهر رمضان فى ذاك العام، غير مراعين لحرمة هذا الشهر الكريم، حيث راح ضحية عملية الفرافرة الخسيسة 22 شهيداً من خيرة ضباط وجنود الجيش، الأمر الذى تسبب فى حالة حزن شديد ليس فقط لعائلات هؤلاء الشهداء، بل كانت هذه الحادثة الإجرامية بمثابة فاجعة كبيرة عصرت قلوب جموع المصريين الذين وضعوا أنفسهم مكان اليتامى والأرامل والأمهات والآباء الثكالى الذين خلّفهم هذا الحادث الإجرامى، إلا أن الحقيقة المهمة التى لا يدركها هؤلاء المجرمون ومن يدور فى فلكهم أن جرائمهم الإرهابية هذه تزيد المصريين قوة وصلابة وصموداً وتصدياً لمواجهة مؤامراتهم وخياناتهم الخسيسة لمصر والمصريين، فضلاً عن تعميق كراهية وبغض المصريين لهذه الجماعة الإرهابية المسماة بالإخوان وحلفائها، وإصراراً على الثأر منهم والقصاص لشهدائنا.
أبعاد الحادث
- وقع هذا الحادث الإرهابى الحقير يوم 19 يوليو قبل أذان المغرب بحوالى ساعة ونصف الساعة ضد موقع سرية من الكتيبة 14 حرس حدود بمنطقة الدهوسى عند علامة كم100 بواحة الداخلة بطريق الفرافرة/ الواحات البحرية، وكان هذا الموقع فى السابق نقطة أمنية صغيرة تابعة لمديرية أمن الوادى الجديد، ولكن لأهمية موقعها تسلمها الجيش واحتلها فى البداية بقوة فصيلة حدود من الكتيبة 14، حيث يطل هذا الموقع الحدودى على مساحة كبيرة من صحراء الوادى الجديد الشاسعة التى تشكل ربع مساحة مصر، ويربط بين ثلاث واحات هى: الداخلة والفرافرة والبحرية، كما تكشف وتربط بين طرق ومدقات متجهة إلى سيوة ثم ليبيا والفيوم والسودان، وعندما وقعت حادثة العام الماضى الإرهابية ضد نفس هذا الموقع، الذى راح ضحيتها أربعة من جنودنا، تم رفع قوتها إلى سرية حدود، ومن المعروف أن الكتيبة 14 حرس حدود لها تاريخ مشرف فى ضبط كثير من الإرهابيين والمهربين وسياراتهم وكميات ضخمة من الأسلحة والمخدرات والذخائر سواء من اتجاه ليبيا أو السودان.
وقد كشفت التحقيقات التى أجريت بواسطة الأجهزة الأمنية أن الجماعة الإرهابية التى هاجمت هذا الموقع تتكون من 20 فرداً قدموا غالباً من ليبيا بعضهم مصريون وآخرون أجانب، وجميعهم ينتمون إلى مجموعة إرهابية معروفة باسم «السحاتى» مرتبطة بالقاعدة، ويتم تمويلها من القاعدة وقطر، وتتمركز هذه المجموعة فى ليبيا وتقوم بتهريب الأسلحة والمخدرات والأفراد، وهذه المجموعات الإرهابية كانت تعتبر هذه المنطقة التى هاجمتها منطقة آمنة، ومن المعروف أن جماعات متطرفة أبرزها القاعدة وأنصار السنة والجماعة الإسلامية، وكلها تابعة لجماعة الإخوان الإرهابية وتنسق عملياتها مع التنظيم الدولى للإخوان وتتلقى تمويلاً من قطر وتسليحها من ترسانة القذافى المسلحة التى تركها وبها حوالى 30 مليون قطعة سلاح وقع معظمها فى أيدى الجماعات الإرهابية وتجار السلاح، وسعت إلى تشكيل ما يطلق عليه جيش مصر الحر بقوة حوالى 3000 فرد من الإخوان الهاربين من مصر وجنسيات عربية وإسلامية أخرى، ويتمركز فى حوالى عشرة معسكرات أقربها على مسافة 65كم من حدودنا وموزعة بين درنة وبنغازى والكفرة.
- وقد اتضح أن الجماعة الإرهابية التى هاجمت الموقع قدمت عبر الحدود بواسطة 4 عربات جيب دفع رباعى ونصف نقل، إحداها كان قد تم الاستيلاء عليها فى الحادث السابق، وكانت اثنتان منهما تحملان مواد شديدة الانفجار وأحزمة ناسفة وصناديق ذخيرة، فضلاً عن رشاشات جرينوف مثبتة فوق العربات، ورشاشات كلاشينكوف وقنابل يدوية وقذائف مضادة للدبابات RPJ وبنادق قناصة، قاموا بمحاصرة موقع السرية من جميع الجهات، وانطلق أحدهم محاولاً اقتحام الموقع ليفجر نفسه داخله بما يحمله من حزام ناسف، ولكن تم التصدى له وقتله قبل أن يصل إلى الموقع، ففجر نفسه أمامه، حيث قام الجنود بالتعامل الفورى مع المهاجمين الإرهابيين فى جميع الاتجاهات، الذين شنوا هجماتهم منها بعد حصار الموقع، وعندما فشل الإرهابيون فى اقتحام الموقع وسقط قتلى منهم «خمسة قتلى» منهم سائق السيارة، قاموا بإطلاق قذيفة RPJ ضد أنبوبة بوتاجاز فانفجرت وأدت بالتالى إلى تفجير مخزن الذخيرة، مما أدى إلى استشهاد العدد الأكبر من قوة الموقع مع تمسك باقى العناصر بمواقعهم لمنع اقتحامها، مما اضطر الإرهابيين إلى سرعة سحب ما استطاعوا من قتلاهم تاركين سيارتين نصف نقل بهما المتفجرات والأسلحة وقنابل يدوية وأعلام القاعدة السوداء.
- وقد تمكنت قوات الأمن من إلقاء القبض على أحد مرتكبى هذه الجريمة عندما كان يحاول الهروب من الفرافرة باتجاه محافظة المنيا، متجهاً إلى قرية دلجا التى تعتبر أحد معاقل الجماعات الإرهابية، وقد أفاد مقتفو الأثر بأن باقى عناصر الجماعة الإرهابية لايزالون متواجدين داخل الأراضى المصرية، ومختبئين فى إحدى مغارات الجبال المنتشرة بالمنطقة، والتى لجأوا إليها قبل وصول عناصر الدعم إلى الموقع والتعامل معهم بعد أن لاذوا بالفرار فى اتجاه الجنوب.
- وبعد وقوع الحادث بثلاثة أيام أعلن تنظيم «الدولة الإسلامية» فى بيان لها مسئوليته عن هذا الهجوم، مؤكدين المعلومات السابق الإشارة إليها حول عدد المهاجمين وعرباتهم وأسلحتهم، وأن من قاموا بهذه العملية ينتمون إلى جماعة أنصار بيت المقدس التى تمارس عملياتها الإرهابية فى شمال سيناء، والتى أعلنت فى السابق مبايعتها لخليفة الدولة الإسلامية، وأنها غيّرت اسمها وتسعى لإقامة «الدولة الإسلامية فى العراق والشام ومصر»، ويأتى هذا البيان فى إطار محاولة للإيحاء بوجود تنظيم داعش فى مصر على غير الحقيقة، خاصة أن إقدام مجموعات إرهابية على مبايعتها لما يسمى بدولة الخلافة أمر دارج فى إطار تلك الجماعات، تحكمه مسائل التمويل والولاءات، وعادة ما تحدث خلافات داخل المجموعة الواحدة وبما يؤدى إلى انشقاقات، وقد اعترفت داعش لاحقاً بأنه لا وجود لها فى مصر، وأن الجيش لن يستطيع أن يقبض على الذين نفذوا العملية، وهو ما خاب فألهم حيث تمكنت الأجهزة الأمنية فعلاً من القبض على بعضهم، رغم ما تباهت به داعش عن تخطيط دقيق للعملية ومراقبة لتحركات الجيش وصلت إلى 144 ساعة، كما اعترفت داعش أيضاً بأن علاقاتها مع تنظيم أنصار بيت المقدس سطحية.
- وقد استتبع وقوع هذا الحادث قيام طائرات الاستطلاع ودوريات مجهزة بعربات مدرعة بعمليات تمشيط واسعة بطول ومواجهة وعمق المنطقة وتشمل عشرات الكيلومترات فى الظهير الصحراوى لمحافظة المنيا، كما تشمل مزارع سبق أن تم ضبط إرهابيين يختبئون فيها من المتورطين فى عمليات تفجير واغتيالات ببعض أكمنة الشرطة، هذا بالإضافة إلى تدعيم مواقع الكمائن بقوات إضافية لزيادة قدرتها على مواجهة أية هجمات إرهابية فى المستقبل، كذلك تم الدفع بمجموعات قتالية على مختلف الطرق والمدقات والدروب الصحراوية والجبلية التى تربط بين الصحراء الغربية وليبيا والسودان، فضلاً عن تدعيم منطقة الوادى الجديد بلواء مشاة من قوات المنطقة الجنوبية، ومن الملاحظ أنه يوجد للجيش 6 كمائن من طريق الفرافرة وحتى الواحات الخارجة جنوب شرق الفرافرة، إلا أن الإرهابيين لم يستهدفوا إلا هذا الكمين بسبب قربه من جبل كريستال الذى يعد بوابة الصحراء البيضاء على بعد 45كم إلى الشمال من الفرافرة، والذى يوفر غطاء لتسلل الإرهابيين.
وقد أفادت التحقيقات أن الإرهابيين الذين قاموا بعملية الفرافرة تتراوح أعمارهم بين 20 و30 عاماً، وأنهم من حملة المؤهلات العليا وبينهم مهندسون، وقد تدربت هذه العناصر لمدة ثلاثة أشهر فى صحراء ليبيا الشرقية على استخدام القذائف الصاروخية المضادة للدبابات RPJ وتصنيع المتفجرات، ساعدهم فى ذلك خبراء من تنظيم القاعدة والحرس الثورى الإيرانى وخبراء أتراك متواجدون فى المنطقة الشرقية من ليبيا (بنغازى وطبرق ودرنة)، كما أفادت التحقيقات أيضاً أن الإرهابيين مرتكبى الجريمة حاولوا بعد تنفيذها الهروب إلى ليبيا مستخدمين السيارتين الباقيتين معهم، إلا أنهم فشلوا نتيجة لإحكام السيطرة الأمنية من قبل القوات المسلحة على الحدود بعد دقائق من تنفيذ جريمتهم، وهو ما دفعهم للعودة مرة أخرى للخلف وقطعوا 70كم عبر المدقات التى كانوا قد درسوها جيداً لتنفيذ عملية الهروب، واتجهوا إلى إحدى المناطق الجبلية الواقعة فى حدود منطقة الواحات البحرية، ونجحت القوات المسلحة والشرطة فى تحديد مكان اختفائهم، ومن المرجح أن يتم الإمساك بهم قريباً والإعلان عن ذلك، وهو ما أكد عليه الرئيس السيسى واعداً الشعب بالقصاص منهم، وذلك بعد أن تمكنت الأجهزة الأمنية من تحديد هوية وأسماء مرتكبى الحادث.
- وقد توصلت أجهزة الأمن إلى معلومات أفادت بتورط ضابط سابق فى القوات الخاصة يدعى هشام العشماوى، وتم فصله منذ 7 سنوات وانضم إلى تنظيم أنصار بيت المقدس، وهو متهم فى محاولة اغتيال وزير الداخلية مع المتهم الآخر أشرف الغرابلى فى القضية نفسها، كما توصلت الأجهزة الأمنية أيضاً إلى مكان اختفاء الإرهابيين بعد تحليل DNA الإرهابى القتيل الذى عثر على جثته فى مكان الحادث، وبذلك أمكن التوصل إلى أسرته، حيث اعترفت الأم بأن ابنها تركهم منذ عام إلى سوريا وتفيد تحليلات المعلومات بأن مرتكبى الحادث بعد تنفيذ عمليتهم الإرهابية تفرقوا بين المنيا ومطروح والوادى الجديد وأنهم على علاقة بتنظيم بيت المقدس، خاصة خالد المنيعى الذى تم قتله أخيراً، وإن كانت معلومات أخرى غير مؤكدة تفيد بأنه ضبط 4 من مرتكبى الحادث، فيما قتل 8 آخرون خلال مواجهات تمت بينهم وبين قوات الجيش فى قرية دلجا بمركز دير مواس بمحافظة المنيا بعد ورود معلومات باختباء بعضهم هناك، وتواصل قوات الجيش جهودها لضبط 5 آخرين من المتورطين فى الحادث، وسبق لهم التورط فى مجزرة كرداسة عقب فض اعتصامى رابعة والنهضة قبل ستة أشهر، وأنهم تلقوا تدريبات على تنفيذ أعمال قتالية متطورة فى المناطق الصحراوية المحيطة بالمنيا، وهو ما انعكس فى الأسلوب الجديد الذى تم به مهاجمة موقع الفرافرة، حيث استخدم الإرهابيون القنابل اليدوية الهجومية بكثافة شديدة حوالى 20 قنبلة ضد جنود الموقع من الأمام والخلف مقرونة بنيران كثيفة من الرشاش الجرينوف المثبت على السيارة، ورشاشات أخرى كلاشينكوف يحملها الإرهابيون، إلى جانب نيران RPJ، مما أربك جنود الموقع، لاسيما أن عدداً من الجنود كانوا متواجدين فى الخيام التى تستخدم فى المعيشة نظراً لصغر حجم النقطة، وهو ما تسبب فى زيادة عدد الضحايا، وكان من المخطط إعادة بناء هذه النقطة لتوسيعها بما يسمح بوجود مخازن الذخيرة والوقود تحت الأرض، ويوفر تحصينات دفاعية للمتواجدين بالموقع، وقد ساهم القبض على 24 من العناصر التكفيرية فى سيناء بعد مقتل الإرهابى الخطير خالد المنيعى وجماعته من تنظيم بيت المقدس، فى الحصول على معلومات عن مهاجمى موقع الفرافرة، كما أفادت التحقيقات حول مكان الموقع الذى تم مهاجمته أنه متواجد فى منطقة منخفضة نسبياً عما حولها، وهو ما جعلها عرضة للاستهداف خاصة فى ظل وجود مناطق مرتفعة حولها، مما جعل أفراد الموقع فى حالة انكشاف واضح لأى محاولة هجومية.
- وقد كان طبيعياً أن يُسرع الرئيس السيسى بدعوة مجلس الأمن القومى لاجتماع فى نفس يوم وقوع الحادث، للوقوف على أبعاده، وما لدى أجهزة الاستخبارات وأمن الدولة من معلومات فى هذا الشأن، وتحديد أسباب وقوعه، وتحديد أوجه القصور والثغرات التى استغلها الإرهابيون فى تنفيذ جريمتهم، وكيفية العمل على سرعة تلافيها، وتحديد تكليفات ومهام من الرئيس لأجهزة الدولة، لاسيما فيما يتعلق بسرعة القبض على المجرمين، وتوفير أغطية معلوماتية وأمنية لحدود مصر الغربية والجنوبية، وضرب منابع الإرهاب خاصة فيما يتعلق بتصدير الإرهابيين والأسلحة والأموال من الخارج إلى مصر، ووضع استراتيجية أمن قومى جديدة شاملة تشارك فيها جميع أجهزة الدولة المعنية بالأمن القومى، وهو ما انعكس فى اجتماع الفريق صدقى صبحى، وزير الدفاع، مع كبار قادة القوات المسلحة ورؤساء الهيئات والإدارات التخصصية والمخابرات الحربية، وكان الهدف إعادة تحديد مسرح العمليات الذى يتم فى نطاقه عمليات الحرب ضد الإرهاب، بطبيعة الآليات العسكرية التى تحتاجها القوات، ودعم أفرع القوات المسلحة، خاصة الجوية لتكثيف نشاطها فى مراقبة الحدود وضرب تحركات الإرهابيين والمهربين فور اكتشافها، وزيادة خفة حركة القوات المدافعة فى المناطق الحدودية وقوة نيرانها وتحقيق تعاون قتالى فيما بينها وبما يقضى على وجود ثغرات جغرافية يمكن أن تستغلها الجماعات الإرهابية فى التسلل إلى الداخل، فضلاً عن إعادة النظر فى منظومة تسليح قوات الحدود بما يتناسب مع التحديات التى تواجهها فى مناطق الحدود الغربية والجنوبية وتزويدها بالأسلحة والمركبات والمعدات التى تؤمن لها خفة حركة عالية فى المناطق الصحراوية، وتوجيه ضربات قوية لمعاقل الإرهاب، فى الشريط الحدودى فى الغرب وفى الجنوب. وتم تكليف قائد المنطقة الجنوبية بتوسيع نطاق عمليات قوات المنطقة ومعاونة قوات حرس الحدود فى ضبط منفذى الحادث، إلى جانب الدفع بقوات قادرة على تنفيذ هجمات نوعية على أوكار الجماعات المسلحة لاقتلاع جذور الإرهاب من حدود مصر مع ليبيا والسودان، وبما يؤدى إلى تطهير مناطق الحدود الغربية والجنوبية من الإرهابيين بشكل جذرى، واقتلاعهم من هذه المناطق نهائياً، وذلك على النحو الذى يقوم به الجيشان الثانى والثالث فى شمال وجنوب سيناء، ونجحا بشكل كبير فى تطهير سيناء من البؤر الإرهابية وقطع طرق إمدادهم من غزة، وفرض سيطرة وسلطة الدولة على سيناء رغم إرادة الجماعات الإرهابية هناك ومن يدعمونهم خارج الحدود.
- كما قامت قوات المنطقة المركزية بعدة عمليات مداهمات فى محافظة المنيا وحولها والتى تقع ضمن نطاق مسئوليتها الأمنية لتنفيذ عمليات تطهير شاملة للبؤر الإرهابية والأوكار المسلحة، والتى تستخدمها العناصر الإرهابية كنقاط ارتكاز للهجوم على قوات الجيش والشرطة، بالإضافة إلى الاستمرار فى الحملة التى تقودها القوات المسلحة لتطهير الشريط الحدودى فى الاتجاهين الغربى والجنوبى بشكل دقيق، ومهاجمة أوكار الجماعات الإرهابية فى إطار شديد من السرية من أجل الحفاظ على عنصر المفاجأة وتحقيق أكبر قدر من الخسائر فى صفوف الإرهابيين، مع اتباع تكتيكات تتضمن الدفع بطائرات حربية مسلحة حال نشوب أية اشتباكات فى المناطق النائية أو القريبة من النقاط الحدودية، مع إخلاء عدد من الأكمنة الحدودية المنعزلة والنقاط الشرطية فى المناطق التى يسهل استهدافها لوقوعها فى مناطق جبلية وعرة، ذلك أن أى هجوم مباغت على هذه الأكمنة سيعرض طاقم تأمينها لخطر محدق، من هذه الكمائن كمين الكيلو 112 طريق الخارجة - أسيوط، كم 110 طريق باريس - الأقصر، كما تقرر ضم بعض الأكمنة الأخرى الحدودية المجاورة والتى توجد حياة بجوارها، فضلاً عن كفاءة أطقمها وتجهيزاتها والتأمين الدائرى حولها، وإحلال النقاط التى سيتم سحبها بنقاط ارتكاز جديدة تضم عناصر من الصاعقة والعمليات الخاصة، كما سيكون هناك دور لقوات الانتشار السريع التابعة للقوات المسلحة للقيام بعمليات إنزال جوى فى حالة حدوث أى أمر يستدعى تدخلها.
- وقد كشفت بلاغات العديد من أقسام الشرطة عن اختفاء أشخاص من المنتمين لجماعات دينية متطرفة، وتمكن عدد منهم من الهرب إلى خارج البلاد والانضمام لتنظيمات تكفيرية مثل داعش وبيت المقدس والقاعدة، ورصدت الأجهزة الأمنية أسماء حوالى 150 فرداً منهم ضمن هذه التنظيمات توجهوا إلى العراق وسوريا وليبيا، وتلقوا هناك تدريبات مكثفة على استخدام أسلحة ومعدات حديثة فى تنفيذ عمليات تخريبية ضد أهداف استراتيجية واغتيال شخصيات مهمة ورموز وطنية، وتسعى هذه الجماعات لضم أعداد كبيرة من الشباب إليهم، خاصة ممن يحملون الجنسية المصرية.
أهداف العملية الإرهابية ورسائلها
- لا شك أن الهدف البعيد والأساسى للعملية الإرهابية التى وقعت فى الفرافرة مؤخراً، هو إيصال مصر إلى مستوى ما يجرى فى ليبيا وسوريا والعراق، أى إسقاط الدولة المصرية بمعنى (لا دولة)، وذلك بعد أن نجحت مصر فى إعادة بناء خمس مؤسسات من مؤسسات الدولة الست، وهى مؤسسات الرئاسة والحكومة والجيش والشرطة والقضاء، ولم يبق سوى المؤسسة البرلمانية التى سيتم إقامتها - إن شاء الله - بعد انتخابات مجلس النواب التى ستجرى فى الخريف القادم، وبذلك تكون مصر قد اجتازت المرحلة الانتقالية وخريطة المستقبل بنجاح، وهذا أشد ما يزعج ويربك أعداء مصر فى الدوائر الداخلية والإقليمية والدولية، ومن هنا يمكن أن نفهم حالة السعار التى أصابت هذه الدوائر، خاصة جماعة الإخوان وتنظيمها الدولى وجعلهم يندفعون فى ارتباك محموم لتنفيذ أى أعمال إرهابية يمكن فى مخيلتهم أن تنال من النظام الجديد الذى اختاره الشعب المصرى بعد أن طرد جماعة الإخوان الإرهابية من الحكم، وبما يفقد الشعب الثقة فى هذا النظام وفى وعوده المستقبلية بتوفير الأمن والأمان، والزعم بأنه غير قادر على حماية نفسه، وبالتالى خفض الروح المعنوية للشعب والجيش والشرطة، وتفكيك المثلث الذى يربطهم منذ ثورة 30 يونية هذا إلى جانب محاولة تشتيت انتباه وجهود الجيش والشرطة، وفتح جبهات أخرى، هذا فضلاً عن هدف آخر يتمثل فى تخفيف الضغط الذى يمارسه الجيش والشرطة على المنظمات الإرهابية فى سيناء، حيث تخشى هذه المنظمات هناك الانتقال من مخابئهم بسبب العمليات الأمنية المستمرة فى المنطقة.
- أما الرسائل التى استهدف مخططو ومنفذو العملية الإرهابية تبليغها فهى ثلاث رسائل: أولاها إلى الشعب فى الداخل بأن النظام الذى انتخبتموه والجيش والشرطة غير قادرين على حماية أنفسهم، وإفقاد الثقة فى النظام، والرسالة الثانية على النظام السياسى الجديد فى مصر بهدف لى ذراعه لكى يقبل بالمصالحة وإشراك جماعة الإخوان فى الحكم، أما الرسالة الثالثة: فهى إلى الخارج بأن مصر دولة غير مستقرة وغير آمنة، والنظام القائم غير قادر على فرض سلطته على الشعب، وأنه يجب إيقاف جميع صور الدعم والمساندة لهذا النظام بما فى ذلك منع السياحة والمساعدات الأمريكية، ولا بديل إلا بإشراك جماعة الإخوان فى حكم مصر.
رؤية تحليلية
- لابد من إدراك حقيقة مهمة وهى أن سرية الحدود والتى تعرضت للهجوم الإرهابى فى موقع الفرافرة، قد أدت واجبها على أكمل وجه، حيث قاتلت بشراسة رغم انفجار أنبوبة الغاز ومخزن الذخيرة واشتعال النيران فى الموقع، ورغم التفوق النيرانى للجماعة الإرهابية، وما كانت تتمتع به من خفة حركة عالية بما لديها من أربع سيارات دفع رباعى مكنتها من محاصرة الموقع، مما أدى إلى سقوط شهداء ومصابين، فإن سرية الحدود رغم خسائرها وصعوبة الموقف الذى تعرضت له أمكنها قتل أكثر من ثلاثة إرهابيين وتعطيل سيارتين محملتين بمواد متفجرة لو تمكن الإرهابيون من تسريبها إلى داخل المدن المصرية وتفجيرها لأحدثت خسائر بشرية ومادية جسيمة، وهو ما يعنى أن ال22 شهيداً قد افتدوا آلاف المصريين بأرواحهم من أجل مصر ومستقبل أبنائها، وهذا بالضبط هو الثمن الغالى الذى يدفعه الجيش من أجل الأمن والاستقرار الذى يتمتع به المصريون اليوم بدرجة كبيرة، مقارنة بما كان عليه الحال منذ سنتين حين ساد الفراغ الأمنى والإرهاب، يدخل فى هذا الإطار أيضاً إدراك حقيقة مهمة أخرى وهى أن ما يجرى حالياً من محاولات لتنفيذ عمليات إرهابية ينجح بعضها ويجهض الكثير منها، هى ردود أفعال لإقامة دولة مستقرة فى مصر، بعد أن تخطينا مرحلة هز وتهديد الدولة، حيث أصبحت الدولة بمؤسساتها الست «الرئاسة، الحكومة، الجيش، الشرطة، والقضاء» قائمة وقوية فعلاً، ولم يبق سوى المؤسسة البرلمانية الجارى الإعداد لانتخابها ويريد أعداء مصر تعطيلها.
- وهذه العناصر الإرهابية يتم تسريبها إلى داخل مصر بعد تدريبها فى الخارج على أيدى خبراء من إيران والقاعدة وتركيا، تمرسوا على أعمال قتالية فى سوريا والعراق وليبيا واليمن، ويجرى هذا التسريب بالتدريج أفراداً وعربات وأسلحة ومتفجرات على فواصل زمنية نسبية، ثم يتم تجميعهم فى مكان متفق عليه لوضع خطة مهاجمة الهدف المحدد لهم، وإجراء استطلاعات لهذا الهدف يتم بموجبها تدقيق خطة الهجوم والانسحاب بعد تنفيذ العملية وتحقيق الهدف منها طبقاً لتوجيهات التنظيم الدولى للإخوان الذى يعطى التكليفات للجماعات الإرهابية التى تعمل لحسابه، ويقوم بتمويلها وهو ما يعنى ضمنياً وجود عناصر فى الداخل تشارك فى العملية الإرهابية من حيث استقبال الإرهابيين القادمين من الخارج وقياداتهم إلى مكان إخفائهم، وكذا الإمداد بالعربات والأسلحة والذخائر والمعدات اللازمة لها، وإرشادهم إلى الهدف، الأهداف التى سيتم مهاجمتها والطرق التى سينسحبون عبرها إلى الأماكن التى سيختفون فيها بعد تنفيذ العملية، بما فى ذلك قطع الطرق على أى عمليات نجدة تقوم بها الجيش للموقع المستهدف، وهو ما يفرض على عناصر مخابراتنا وقواتنا متابعة هذه العمليات منذ بدايتها، وعند اكتشافها توجه ضدها ضربات استباقية لإجهاضها، وقد نجحت قواتنا فعلاً فى إجهاض عمليات مماثلة كثيرة قبل تنفيذها.
- ولا يمكن لأحد أن يتخيل حجم الأموال والأسلحة والذخائر والمخدرات التى تتدفق على مصر، وما تم ضبطه من كل هذا فهو بمليارات الدولارات.. ويكفى أن نشير فقط إلى ما نجحت قوات سلاح الحدود فى ضبطه خلال الفترة من يناير 2014 حتى اليوم، حيث ضُبطت أسلحة وذخائر بما قيمته 62.8 مليون جنيه، ومخدرات بما قيمته 613 مليون جنيه، فضلاً عن ضبط 7239 متسللاً، وتدمير 750 نفق تهريب و2 بيارة تهريب وقود، و273 مليون جنيه عملات حرة، و4 ملايين جنيه أجهزة كشف معادن، فضلاً عن 427 عربة دفع رباعى و33 عائمة و77 دراجة بخارية إلى جانب ضبط محاولات تهريب وقود ومواد غذائية ودوائية وقطع غيار سيارات وهواتف محمولة وملابس وسجائر.. وسلع أخرى بملايين الجنيهات، لذلك لم يكن غريباً أن يأتى الهجوم على موقع سلاح الحدود فى الفرافرة انتقاماً ورداً على نجاح هذا السلاح أخيراً فى اكتشاف مستودع ضخم للأسلحة والذخائر جنوب مطروح، والقبض على 80 إرهابياً قبل رمضان بأسبوع، وهو ما يمكن أن ندرك معه حجم التهديدات التى تتعرض لها مصر من الخارج وتنوعها لهدم الشعب المصرى من داخله.
- أما الإنفاق على العمليات الإرهابية فهو يفوق كل تخيل، حيث يقدر بالمليارات ولا يمكن لفرد واحد أو مجموعة أفراد أن يكون لديهم القدرة على هذا الإنفاق، بل يؤكد بما لا يدع مجالاً لأى شك بأنه مستوى إنفاق دولة أو عدة دول مجتمعة، فعلى سبيل المثال يقدر ثمن سيارة واحدة ذات دفع رباعى بنصف مليون جنيه، وبالتالى فإن ثمن الأربع سيارات التى شاركت فى عملية الفرافرة يقدر بحوالى 2 مليون جنيه، فإذا أضفنا إلى ذلك ثمن الأسلحة والذخائر والمتفجرات المستخدمة، وأجور الإرهابيين وإعاشتهم ومن يؤويهم ويتحرك معهم فى الداخل، لوجدنا أن العملية الإرهابية الواحدة تقدر تكلفتها بما لا يقل عن 5 ملايين جنيه، فإذا ما قدرنا عدد العمليات الإرهابية التى يتم تنفيذها فى الاتجاهات الاستراتيجية الثلاث: الشرقى والغربى والجنوبى، فضلاً عما يقع فى الداخل من أعمال إرهابية وتظاهرات واعتصامات تستدعى فيها جماعة الإخوان الآلاف من البلطجية والعاطلين، ويقدر عددها بعشرات العمليات فى الشهر، لأدركنا أن حجم الإنفاق على كل ذلك بمليارات الجنيهات شهرياً هو من جانب عدة دول فى الدائرتين الإقليمية والدولية، ناهيك عما ينفقه التنظيم الدولى للإخوان من أموال فى هذا الصدد من أجل تحقيق حلمه فى العودة لحكم مصر، أو على الأقل المشاركة فيه، ويبرز بالتالى حجم العدائيات ضد مصر وضراوتها وشراستها فى الكيد لمصر وشعبها.
- كما ينبغى النظر لعملية الفرافرة الإرهابية فى ضوء ما يجرى فى البيئة الإقليمية من حرب فى غزة والموقف المصرى منها، حيث رفضت مصر الاستجابة لمحاولات حماس وحلفائها لاستفزازها للتورط فى هذه الحرب، وحرصها فقط على وقف القتال وحماية الشعب الفلسطينى فى غزة من النيران الإسرائيلية، ورفضها محاولات حماس وحلفائها فى تركيا وقطر لتدويل معبر رفح، الأمر الذى دفع الإرهابيين فى سيناء لتنفيذ العملية الإرهابية فى العريش ضد أحد المعسكرات فى العريش وسقوط قنابل الهاون على أحد الأحياء السكنية، وسقوط أربع ضحايا، تلا ذلك عملية الفرافرة الإرهابية، والتى واكبت رفض حماس وحلفائها للمبادرة المصرية لوقف إطلاق النار، كذلك لا يمكن فصل عملية الفرافرة عما يجرى فى ليبيا من أحداث إرهابية وصلت إلى حد قصف مطار طرابلس بالصواريخ وتدمير الطائرات فيه، والقتال الدائر بين قوات اللواء خليفة حفتر ومنظمة أنصار الشريعة الإرهابية فى بنغازى وبطرق وباقى مدن المنطقة الشرقية فى ليبيا (إقليم برقة المجاور لحدود مصر الغربية، حيث يتواجد ما لا يقل عن عشرة معسكرات لتدريب ما يسمى ب«جيش مصر الحر» الذى يجرى تجهيزه وتدريبه لاقتحام المنطقة الغربية فى مصر) وذلك بواسطة متدربين من إيران وتركيا وإسرائيل منحتهم قطر الجنسية لتدريب الإرهابيين على الحدود المصرية، كما اتفقت السودان مع قطرعلى تدريب عناصر إرهابية فى منطقة الحدود بشمال السودان، وتحديداً مع مدينة أبوسمبل المصرية لتصدير العنف إلى داخل مصر، وذلك تحت ستار التنقيب على الآثار فى شمال السودان، لاسيما بعد توقيع اتفاقية زيادة الاستثمارات القطرية فى السودان ب6 مليارات دولار.
ناهيك عن توجيهات التنظيم الدولى للإخوان بإشعال مناطق الحدود المصرية فى الشرق والغرب والجنوب مع إثارة قوى الإخوان وحلفائهم فى الداخل لشن المظاهرات وأعمال العنف والفوضى فى ذكرى إزالة اعتصامى رابعة والنهضة فى 14 أغسطس، كما لا يجب أن نغفل ارتباط ما يحدث من إرهاب مع الهذيان الذى يصدر عن لسان محمد مرسى، وقيادات الجماعة أثناء محاكماتهم وترديدهم العودة إلى السلطة فى إشارات واضحة لجماعات الإرهاب بالتصعيد فى أعمالهم، وهو ما يعنى فى المحصلة أن مصر لم يحدث فى تاريخها الحديث أن واجهت مثل هذه التهديدات الخطيرة على جميع حدودها وفى الداخل، فضلاً عن تحد اقتصادى مخيف يتطلب كلفة وثمناً باهظاً، وهى تهديدات تتشابك بشكل وثيق مع المشروع الأمريكى لإقامة شرق أوسط جديد مقسم عرقياً وطائفياً ومذهبياً وقبلياً، وتعكس وجود مؤامرة حقيقية يشترك فيها أطراف فى الداخل وقوى إقليمية ودولية تسعى لإسقاط الدولة الراسخة فى مصر وتحويلها إلى دويلات فى النوبة والصعيد وسيناء والقاهرة والدلتا والوادى الجديد، وهو ما لن يتحقق فى رؤية أعداء مصر إلا إذا تمكنوا من كسر الجيش وتحويله إلى ميليشيات مناطقية وطائفية ذات ولاءات وامتدادات خارجية وهو ما يصر النظام الجديد فى مصر على مواجهته، مدعوماً من الشعب، والتصدى له بكل قوة وإصرار لإحباط أهدافه، ورفض الشعب المصرى أى حديث عن المصالحة مع جماعة الإخوان، ورداً على ما حققته مصر على الصعيد استعادة الأمن والاستقرار، وريادتها عربياً وأفريقياً وتأثيرها دولياً رغم الظروف الصعبة التى تمر بها.
- ولأن كل عملية عسكرية أو إرهابية تخضع للدراسة والتحليل لاستخراج الدروس المستفادة، وبما يؤدى إلى تلافى ما يظهر من نقاط ضعف، وتعظيم عناصر القوة، فقد خضع حادث الفرافرة لنفس المبدأ، فقد ثبت أن المشكلة الكبرى التى تواجهها مصر فى هذا الشأن هو كيفية تأمين خط الحدود مع ليبيا الذى يبلغ طوله حوالى 1050كم، ويزيد هذه المشكلة صعوبة أن الجانب الليبى فى الجهة الأخرى من الحدود غير قادر فى ظل الظروف التى مرت بها ليبيا على تأمين أراضيه فى المنطقة الشرقية التى أصبحت مستباحة وملجأ للمنظمات الإرهابية والمتطرفة التى تسيطر تقريباً على هذه المنطقة، وهو ما يضاعف الجهد على قواتنا المسلحة فى هذا الشأن، حيث لا توجد دولة فى العالم تؤمن حدودها من جانبها دون الاشتراك مع الطرف الآخر، كما يزيد الأمر صعوبة الطبيعة الصحراوية المفتوحة لمحافظة الوادى الجديد، حيث تبلغ المسافة بين الوادى الجديد وليبيا 750كم، وبينه وبين السودان 550كم وهو ما قد يفرض إعادة النظر فى تقسيم محافظة الوادى الجديد إلى عدة محافظات بالنظر لاتساع مساحتها، ويزيد بالتالى أعباء المراقبة الجوية والبرية والتعامل القتالى مع عصابات الإرهاب والتهريب.
- ومن أبرز الدروس التى أفرزها حادث الفرافرة أيضاً أهمية تفعيل البعد الرابع والناقص من المنظومة الأمنية، وهو الردع سواء من حيث سرعة محاكمة الإرهابيين الذين يتم القبض عليهم وإصدار أحكام رادعة ضدهم، أو من حيث إصدار قانون مكافحة الإرهاب كبديل لقانون الطوارئ، ذلك أن التأخير فى أخذ القصاص والثأر من المجرمين القتلة، يؤثر سلباً على الروح المعنوية للشعب، فضلاً عن إظهار الدولة بمظهر الضعف، وتشجيع الإرهابيين على تكرار جرائمهم، حيث ثبت أن التنظيمات الإرهابية لا تُجدى معها سوى لغة القوة، وهى اللغة التى تناسب حالة الحرب التى تخوضها مصر على كل حدودها وفى داخلها، يسقط خلالها كل يوم ضحايا، حتى وإن كانوا من العسكريين دفاعاً عن بقية الشعب، إلا أننا يجب ألا ننسى أن هؤلاء الشهداء العسكريين لهم عائلات من المدنيين من عامة الشعب تتأثر نفوسهم وروحهم المعنوية سلباً من وراء تكرار سقوط الحضايا من رؤوس عائلاتهم وأبنائهم، ولأن الجرائم الإرهابية تقع بشكل رئيسى ضد العسكريين من رجال الشرطة والجيش، فإنه لا بديل عن تنفيذ قانون الأحكام العسكرية على الإرهابيين، ولا عذر فى عدم محاكمتهم أمام القضاء العسكرى الناجز فى سرعة أحكامه مع توفير العدالة للمتهمين، وبما يؤدى إلى قطع رؤوس الإرهاب والمحرضين عليه تحت دعاوى حرية الرأى والديمقراطية، فلا يجب أن تكون هناك مساومة حول كل ما يتعلق بأمن الوطن والمواطن، بل إن الضرب بيد من حديد على كل هؤلاء أصبح مطلباً شعبياً متكرراً.
- وإذا كانت مكافحة الإرهاب أصبحت تحتاج إلى أساليب ووسائل غير تقليدية فى تتبع مصادره وتحركاته ومفاجآته بضربات استباقية تجهض خططه قبل تنفيذها، فإن ذلك يتطلب الاعتماد على وسائل الاستخبارات والاستطلاع الجوية والبشرية والفضائية، وبما يؤدى إلى احتراق مجتمع الإرهابيين والوقوف أولاً بأول على مخططاتهم ومؤامراتهم وتكثيف التعاون مع أجهزة استخبارات الدول الشقيقة والصديقة،مثل الجزائر، أما على المستوى التكتيكى فلابد من إعادة النظر فى أماكن الكمائن الثابتة فى الصحراء الغربية، وتعديلها بحيث لا تكون منفردة، بل على الأقل ثلاثية تغطى بعضها ببعض بالمراقبة والنيران، ويمكن لأى منها نجدة الأخرى بسرعة، فضلاً عن سرعة استجابة الهليكوبترات لنداءات الاستغاثة دون تعطيل فى الحصول على موافقات عدة قيادات، والتدريب والتفتيش المستمر على ذلك، ناهيك عن تحصين هذه المواقع هندسياً ووضع مخازن الذخيرة والوقود تحت الأرض، كما أن وضع أسوأ السيناريوهات المتوقعة والتدريب على مواجهتها واختبار المواقع الأمنية عليها، يعتبر من الأهمية لجعلها فى حالة استعداد مستمر، ناهيك عن أهمية الدوريات المتحركة التى تربط بين المواقع الثابتة، وعدم الاستهانة بأى بلاغ عن نوايا عدائية أو مشاهد ترصد أى تحركات مشبوهة.
- وبالنظر لما ثبت من استخفاف التكفيريين فى المنظمات الإرهابية المختلفة بحرمة الأرواح والدماء، وقتل الناس بأعداد كبيرة، بل والاستمتاع بالدماء على نحو سادى، وذلك تحت وهم أن ذلك سيؤدى إلى تثبيت حكم الإسلام، وهو مفهوم باطل تماماً وأبعد ما يكون عن حقيقة الإسلام الذى يكرم النفس الإنسانية، ويحرم الاعتداء حتى على من لا يؤمنون بالإسلام ما لم يعتدوا علينا، وهو ما يدل على مدى الانحراف الفكرى والدينى الذى وصلت إليه هذه الجماعات الإرهابية والمتطرفة، وحرصهم على إشاعة مناخ الخوف فى المجتمعات الإسلامية، حتى إذا وقع أحد هذه المجتمعات تحت وصايتهم أشاعوا الاعتداء على حرمات المسلمين وفرض مفاهيمهم الهدامة والسوداء على أبناء هذا المجتمع، على النحو الذى برز بوضوح فى ممارسات تنظيم داعش فى العراق وسوريا، بعد أن منح نفسه سلطة الخلافة الإسلامية زوراً وإفكاً وبطلاناً، وهو الأمر الذى يجد للأسف الشديد قبولاً وتشجيعاً من الشباب المتحمس لأمور دينهم، ولكن لا يعلم من الإسلام إلا بعض القشور والشعارات البراقة التى خدعهم بها زعماء ومشايخ هذه الجماعات المتطرفة والإرهابية، ويفرض بالتالى على مؤسسات الدولة الدينية والثقافية والإعلامية والسياسية، شن مواجهات فكرية تثبت من واقع القرآن الكريم وصحيح السنة المحمدية المتفقة مع القرآن أن كل ما ترفعه هذه الجماعات الإرهابية من شعارات دينية براقة هى كلمات حق يُراد بها باطل، وتبطن أهدافاً سياسية ومصلحية أبعد ما تكون عن حقيقة وجوهر هذه الشعارات مثل إقامة دولة الخلافة، والحكم بما أنزل الله، وتطبيق الشريعة والحدود، وتغيير المنكر باليد.. إلخ، فعلى أجهزة الدولة المعنية إظهار حقيقة أمر الدين فى هذه الشعارات لوقاية الشباب من التحريف المتعمد لمقصد هذه الشعارات، وهو الهداية إلى الله تعالى دون المواجهة الفكرية السليمة ستكون جهود الشرطة والجيش لضرب العناصر الإرهابية أشبه بمن يحرث فى الماء، حيث يجرى تصفية العناصر الإرهابية الظاهرة فوق السطح، وفى الوقت ذاته الذى يجرى فيه تفريخ إرهابيين جدد داخل المساجد والمدارس والزوايا، يؤمنون بالفكر المتطرف الهدام وأساليبه الإرهابية والدموية لتحقيقه، كما تفعل داعش فى العراق وسوريا اليوم.
- وفى الختام لابد أن نثق فى أنفسنا وقدراتنا بعون الله على مواجهة الإرهاب وضربه وألا نخاف مهما وقعت عملية إرهابية هنا أو هناك، وأن نثق أيضاً فى القيادات التى انتخبناها بعد 30 يونية، وقدرتها على أن تأخذ بأيدى مصر وتقيلها من عثرتها التى مرت بها فى السنوات الماضية، وأن مصر قد سبق لها أن واجهت تحديات مماثلة وبما كان أخطرها الاحتلال الإسرائيلى لسيناء، والذى تكبد الجيش بسببه 8900 شهيد فى حرب 67 وحرب الاستنزاف التى واجهها الجيش بالصمت والصبر مع الإصرار على إزالة العدوان وتحرير سيناء، وقد أمكن بفضل الله وثبات قلوب أبناء شعب مصر أن نجتاز هذه المحنة، ونحرر أراضينا، بل إن مصر هى الدولة العربية الوحيدة التى تمكنت بفضل الله من تحرير أرضها حتى آخر حبة رمل فى سيناء، بينما لاتزال باقى الأراضى العربية فى الجولان والضفة وغزة محتلة حتى اليوم، وهو ما يدفعنا أيضاً إلى أن نثق فى جيشنا وأجهزتنا الأمنية وقدرتهم على القضاء جذرياً على الإرهاب إن شاء الله، بل علينا أن نثق بشكل مطلق فى وعد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحماية الإلهية لمصر وشعبها، وذلك فى الحديث الشريف «مصر كنانة الله فى أرضه، من أرادها بسوء قصمه الله».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.