سبق وأن تقلدت سيدات من أصول عربية مناصب قيادية في الإدارات الأمريكية والأوروبية المتعاقبة, ولكن لدهشتي وجدت أن الذاكرة العربية لم تحتفظ إلا بمن أثارت الأقاويل والجدل بسبب فضائح حول حياتها الشخصية, فالشرق, الذي يعشق أن تلوك ألسنته الحادة السيرة الشخصية للوزيرة بدلا من تناول إنجازاتها الفعلية, ماهو إلا إنعكاس مخز لمجتمع مريض بداء تشويه نجاحات السيدة العربية علي الساحة الدولية. لا أسعي بأي حال من الأحوال إلي الدفاع عن رشيدة داتي أشهر وزيرة في حكومة الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي, لا بسبب نجاحاتها, ولكن للأسف بسبب كثرة فضائحها التي كانت لا تبالي بالجهر بها متحدية الأعراف والتقاليد التي نشأت عليها كمغربية عربية مسلمة. وبما أنني لست من أنصار التشهير الإعلامي, الذي يرفع مبيعات الصحف ويشعل تداول المقالات السلبية علي مواقع التواصل الإجتماعي لهؤلاء الذين يشعرون بتلذذ جلد الآخرين بثمن بخس بكلمات معدودات أو حفنة رديئة من اللايكات, فقد آثرت أن أستكمل كلماتي في سرد بعض الإنجازات العربية في قلب عرين أسود الغرب. نجاة بلقاسم هي شابة فرنسية من أسرة فقيرة ومكافحة تعد من أنجح نماذج العربيات المهاجرات إلي فرنسا. فبعد فوز فرنسوا هولاند في الإنتخابات الرئاسية عام2012, تم تعيين بلقاسم وزيرة لحقوق المرأة, ومتحدثة رسمية باسم حكومة جان مارك إيرولت حتي2014. ثم تم تعيينها وزيرة للشباب والرياضة في حكومة مانوال فالس وأخيرا وزيرة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث في حكومة فالس الثانية, لتصبح أول امرأة تشغل هذا المنصب في تاريخ الجمهورية. وكنت كلما تحدثت إليها أخفت خلف ابتسامتها السمراء, التي أشرقت عليها شمس المغرب قبل رحيلها إلي فرنسا في الخامسة من عمرها, سنها الصغيرة التي لم تتجاوز ال34 آنذاك لتصبح أصغر وزيرة تمثل الوجه الجديد لحكومة أصابها الترهل والعجز. أما الوجه الجديد لألمانيا فهو وجه صبوح لفتاة فلسطينية هاجرت إلي لبنان ثم إلي ألمانيا مع والديها غير المتعلمين, وبعد قرابة3 أعوام من تعيينها نائبة للمتحدث باسم وزير الخارجية الألمانية فرانك فالتر شتاينماير, أصبحت سوسن شلبي في يناير2014 أول مسلمة تشغل منصب المتحدث باسم وزارة الخارجية في تاريخ البلاد, إلا أن إرهاصات العالم العربي, الذي مازال يرفع حاجبيه من الدهشة منذ عقود من الزمان ليتساءل وهو يتثاءب, كيف لمسلمة تصلي وتصوم ولا تأكل لحم الخنزير أن تبلغ هذا المنصب الرفيع ؟ هادية طاجيك هي صفعة أخري علي وجه التطرف الفكري والمجتمع الذكوري, ففي بلد تتصاعد فيه الأيدولوجيات اليمينية المتطرفة والمعادية للإسلام, ظلت هادية الباكستانية المسلمة هي الحارس الأمين علي الأقليات المتنوعة ثقافيا وعرقيا حتي شغلت منصب وزيرة الثقافة كسابقة تعتبر الأولي في تاريخ النرويج. كما نسعد بإطلالة مغربية مشرقة لاخديجة عريبب التي هاجرت إلي هولندا عندما كانت في الخامسة عشرة من عمرها, وقد تنقلت خديجة بين مناصب مختلفة في أمستردام, قبل أن تصبح برلمانية عن حزب العمل الهولندي لتناهض بشراسة العنصرية والتمييز, وفي مفاجأة مدوية أصم, عنها الإعلام العربي آذانه, تولت خديجة عريب رئاسة البرلمان الهولندي في13 يناير.2016 وكان فوز هذه المغربية يوما حالكا في تاريخ هولندا كما نعته باكيا الحزب اليميني الهولندي من أجل الحرية. ولكنه كان يوما شاهق البياض علي جبين الأمة العربية. ولا يفوتني أن أرفع القبعة إحتراما للاجئة المسلمة البوسنية عايدة الحاج علي التي تدرجت في المناصب حتي وصلت في أكتوبر2014 إلي وزيرة التعليم في السويد وأيضا للوزيرة سعيدة وارسي اللاجئة الباكستانية وهي أول مسلمة تصل إلي منصب وزيرة الدولة للشئون الخارجية في بريطانيا. ولكن, يحزنني ألا أجد نصيبا للمهاجرات المصريات في تلك الدول المتقدمة ؟ فمتي تغزو كليوباترا العقول والقلوب خارج معبدها, فتنحي عنها جانبا رداء الأسطورة لتتجمل بتاج السيدات الأكثر نفوذا وتأثيرا في عالمنا الحديث ؟