هو حضرتك تعرفي الرئيس ماكرون منين؟ التفتت إلي المرشحة الفرنسية, إيميليا لاكرافي, بنظرة إستفهام عما قالته الصحفية المصرية باللغة العربية. آثرت ألا أجيب علي التي لم تبلغ بعد الأربعين من عمرها تماما مثل إيميليا لاكرافي. قد يكون التشابه بين الصحفية المصرية والبرلمانية الفرنسية كبيرا. وجه الشبه يبدأ ب39 ربيعا عاشتها كل منهما في بلدها الأم, بشرة سمراء تأتي من أصول عربية جرت في عروقهما, عيون وأهداب سوداء تتكحل في الليالي العربية القمرية, شعر كثيف, غير قصير, مموج كأمواج البحر المتوسط الذي تفصل ضفتيه بينهما. وحياتك يادكتور, بس إسأليها بالفرنساوي بتاعكوا ده, هي تعرف ماكرون منين, ده سؤال مهم علشان أفهم الحوار قبل ماندخل الصالة. أصلي مقدرش أسألها كده عيني عينك قصاد رؤساء التحرير في المؤتمر الصحفي. وفي نهاية الممر, كنت أملي عيني بمكاتب المحررين التي نخترقها للوصول إلي القاعة الرئيسية الأهرام المسائي. وبابتسامة لا معني لها أجبتها أنا كمان مقدرش أسألها سؤال زي ده. طب عشان خاطري يادكتورة حنان ياحنينة إنتي, ممكن تسأليها إن شاللا حتي بالإنكليش؟ وأنقذني من الإلحاح والجهل السياسي واللغوي عتبة باب القاعة التي تجاوزتها سريعا قبل أن تئن تحت وطأة غضبي. 577 مقعدا يجلس عليه نواب ونائبات تم إختيارهم بعناية شديدة من قبل الشعب لتمثيلهم في البرلمان الفرنسي. ولكن كيف وحركة إلي الأمام, التي لا تنتمي إلي اليمين أو اليسار, لم تبلغ من العمر إلا13 شهرا فقط. هذا المولود الفتي قهر حزب الأفيال الإشتراكي وهزم حزب الجمهوريون اليميني وأخرج من حلبة السباق الرئاسي بقية الأحزاب بضربة قاضية واحدة في14 مايو الماضي. تغيير سوسيولوجي في مزاج الناخب الفرنسي والشعب المتذمر دائما. بمجرد أن إنتهيت من تلك المقدمة, بدأت الندوة الشيقة لفرنسية تدخل المعترك السياسي بلا أدني تجربة سياسية كما أراد لبلاده الرئيس ماكرون. هادئة الملامح الشرقية والطباع الأوروبية, بدأت إيميليا حديثها المتوازن بالتعريف بشخصها بتواضع شديد, مرورا بعرض خطة الرئيس ماكرون الطموحة للنهوض بفرنسا في إطار من التعاون الأوروربي والعربي خاصة مع مصر, وانتهاء بأهداف حملتها الإنتخابية لخوض الانتخابات التشريعية التي لم تكن إبان عقد المؤتمر الصحفي بالأهرام قد فازت بها بعد محققة نسبة83.46% من أصوات الناخبين الفرنسيين المقيمين في مصر مقابل16.54% لمنافسها من حزب الجمهوريين آلان مارسو. ثم بدأ السيد رئيس تحرير الأهرام المسائي ماجد منير, كلمات الترحيب. ثم بدأ السادة الضيوف, من الشخصيات المتميزة سياسيا وإعلاميا وأكاديميا وبعض رجال وسيدات الأعمال من داخل وخارج غرفة التجارة والصناعة المصرية الفرنسية, الأسئلة والمداخلات باللغات الثلاث. العلاقات بين مصر وفرنسا في ظل الإدارة الفرنسية الجديدة, الملفات الشائكة كالتعاون ضد التطرف الفكري وحوادث الإرهاب المتكررة, المقترحات الجديدة لزيادة المنح الدراسية للمصريين, التعاون الإقتصادي المشترك, دعم الشركات الفرنسية وزيادة حجم الاستثمارات علي أرض مصر, إلخ... وكانت السيدة إيميليا لاكرافي تتعامل مع الجميع بتلقائية تامة تدل علي صدق قولها أن فرنسا تتغير حاليا وليس غدا. فالرئيس إيمانويل ماكرون رفض تماما الإستعانة بالوجوه السياسية المعروفة لدي الحزب اليميني أو اليساري أو غيرهم من الأحزاب التقليدية. وبدأ يشق طريق فرنسا الفتية التي سوف تقود قاطرة أوروربا, القارة العجوز كما يحلو للغرب تسميتها أحيانا. يدفع القاطرة المسرعة شرقا وغربا جيل من شباب الثلاثينيات والأربعينيات من ذوي الكفاءات العالية, كل في تخصصه, وأكثر من42% من السيدات داخل البرلمان وعلي رأس المناصب القيادية في الوزارات والمؤسسات. لا مجال للوساطة لغير المؤهلين, لا للصداقات علي حساب الكفاءات, لا للوجوه الفاسدة, لا للإنفاق الحكومي بدون رقابة صارمة, لا لحسابات إلا مصلحة البلاد, لا.. لا.. لا.. تغيير جذري في سياسات عقيمة مل منها الفرنسيون أنفسهم... ثلاث ساعات اختتمهم السيد فؤاد منصور رئيس تحرير جريدة الأهرام إبدو بمهارة شباب الفرنكوفيين مع الفرنسيين. وبينما كنا نتوجه علي عجل إلي السيارة المخصصة للزيارة لإستكمال الجولة الرسمية, إستوقفتني أذناي علي صوت سيدتين خلفي مباشرة هو أنتي حتفضلي ماشية وراهم كده؟ ماهي إيميليا قالت في المؤتمر إنها ماتعرفش ماكرون قبل الترشح للانتخابات, هما بيختاروا الكفاءات بس واخترقت الإجابة الحمقاء صدري كرصاصة طائشة لتستقر في القلب مانا فهمت يابنتي, أنا جاتلي فكرة تانية, هو جوزها بقي.. يعرف ماكرون منييييين ؟؟؟ [email protected]