المتابع للشأن الفرنسي يمكنه أن يلحظ بسهولة وجود حالة نفسية واجتماعية وسياسية تميل إلي إحداث تغيير كلي وشامل في طريقة الحكم وفي ممارسة الديمقراطية, وفي التعبير عن الرأي, الفرنسيون لديهم رغبة حقيقية في التغيير, دفعت بهم إلي اختيار الرئيس الشاب إيمانويل ماكرون, ليصبح أصغر الرؤساء سنا في تاريخ فرنسا ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد, بل استكمل الفرنسيون مسيرتهم باختيار جمعية وطنية برلمان لا علاقة له بأدوات السياسة القديمة, انتصروا فيها في الجولة الأولي من الانتخابات التشريعية للحزب الوليد الذي أسسه الرئيس الجمهورية إلي الأمام وعمره لا يتجاوز13 شهرا, وانهارت أمامه كل المؤسسات والأحزاب التقليدية الراسخة منذ عقود من يمين ويسار. الحزب الجديد ليس له أي رصيد سياسي, وأعضاؤه لم يمارسوا سياسة في حياتهم, فأغلبهم ناشطون في منظمات المجتمع المدني ورجال أعمال ومعلمون ومديرون وقضاة, ورجال ونساء عاديون, والقليل جدا محترفو سياسة. يبدو أن دولة الحريات سئمت الطريقة التي يمارس بها السياسيون عملهم, واختاروا نوعية جديدة من النواب والوزراء الشبان لكي تنهض بدولتهم وتحل محل بريطانيا في الاتحاد الأوروبي التي تلملم أوراقها لكي تخرج منه. ماكرون يدير المعركة الانتخابية بوعي شديد, واختار مساعديه بعناية لكي ينفذوا خطته الطموح التي أعلن عن تفاصيلها فيما يتعلق بسياسته الداخلية والخارجية خلال الفترة المقبلة. من هؤلاء إيميليا لاكرافي 39 عاما عضو حزب فرنسا..إلي الأمام, واسمها أمل وهي من أصول مغاربية, وصلت فرنسا وهي بعد لم تخط خطواتها الأولي, وعهد إليها بمسئولية أربعة ملفات أولها الترويج للحزب في معركته الانتخابية لدي الفرنسيين في المهجر, والتي قامت بجولة في عدد من الدول العربية والإفريقية من بينها الإمارات العربية والجابون وإثيوبيا والسودان, وخلال محطتها في مصر استقبلتها مؤسسة الأهرام لتستمع منها إلي توجهات فرنسا ماكرون, وفي يدها ملفات التعاون الاقتصادي مع دول الشرق الأوسط, وتعزيز التعاون العسكري الفرنسي المصري, ومواجهة الإرهاب. كان في استقبال المتحدثة الفرنسية ماجد منير رئيس تحرير الأهرام المسائي وفؤاد منصور رئيس تحرير الأهرام إبدو بحضور الدكتورة حنان منيب نائب رئيس حملة ماكرون بمصر في بداية حديثها تحدثت عن اهتمامات الرئيس بالشباب الذي أصبح مكونا رئيسا من فريقه وكبار مساعديه, وبالمرأة التي يتوقع أن تصل نسبتها في البرلمان الفرنسي إلي42% لتعيد للمرأة الفرنسية مكانتها التي تستحقها من حيث المشاركة في الحكم واتخاذ القرارات المصيرية, والجمعيات الأهلية التي يوليها ماكرون اهتماما كبيرا, وكذا عن خطته في التغلب علي البطالة سواء لشباب الخريجين الفرنسيين أو للشباب القادم إلي فرنسا للبحث عن فرص عمل. بدأت إيميليا أولي خطواتها المهنية في عمر33 عاما بإنشاء شركة تعمل في مجال تأمين المعلومات داخل العالم الافتراضي لفضاءات الإنترنت, بغرض تأمين المعلومات لأي مؤسسة, وانشغلت بتحسين آدائها في تقديم خدمتها. وقالت: إن فريق ماكرون كله من الوجوه الجديدة, وأضافت: نحن نعمل علي دخول الحلبة السياسية بمستوي متقدم للوصول إلي المستوي المطلوب. وردا علي سؤال الأهرام المسائي حول استراتيجية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي أعلنها في تصريح أكد فيه أنه سيواصل الحرب علي الإرهاب داخل وخارج فرنسا حتي يتم القضاء عليه, سألتها: أي إرهاب يعنيه الرئيس؟..داعش والتنظيمات الدينية المتطرفة فقط أم كل أنواع الإرهاب؟ وما طبيعة الحرب التي يقصدها..الحرب بالمفهوم العسكري والأمني أم المواجهة الشاملة ثقافيا وعقائديا وتكنولوجيا؟..وما هو الموقف من إرهاب الدولة الذي تمارسه دولة الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة. قالت لاكرافي: ماكرون, يكافح الإرهاب كظاهرة ولا يكافح الأشخاص, وعمله يترجم في وقائع معينة مثل الاعتداءات الإرهابية التي تقع من وقت لآخر, وليس له علاقة بالعقائد أو الأديان, وأكدت أنه يرحب باللاجئين في الوقت الذي يرفضهم آخرون, ويسعي للحفظ علي الهويات والأديان.