لم يعد موسم حصاد محصول قصب السكر يشكل فرحة للمزارعين ولم يعد هناك عيد للقصب كانت خلاله تنطلق الزغاريد عند بدء كسر عيدان القصب في الايام الأولي من شهر يناير من كل عام كانت قري جنوب مصر الذي تنتشر فيه مصانع السكر تحتفي احتفاءا كبيرا ببدء موسم جني المحصول حتي ان الكثيرين من الزراع كانوا يطلقون رصاص بنادقهم فرحا بهذه بالمناسبة وكان رؤساء المصانع يزورون القري لتهنئة المزارعين ببدء الموسم الذي كان يعتبر بداية للنشاط والحركة والعمل الدؤوب سواء بالنسبة للزراع أو بالنسبة لعدد مهول من المواطنين الذين يحقق لهم حصاد المحصول دخلا ماديا يعينهم علي أمور الحياة لقد بدأ الموسم هذا العام والمزارعون يزرحون تحت أعباء مادية ثقيلة تتعلق بزراعة المحصول وكسر عيدانه لنقلها إلي المصانع حتي بعد الزيادة التي تقررت لسعر طن القصب فقد التهمت هذه الزيادة ما حدث من ارتفاع في سعر الكيماوي وأجور العمال إذ بعد أن كان العامل الزراعي يتقاضي في السنوات الماضية أجرا يوميا يصل إلي أربعين جنيها ارتفع الاجر إلي سبعين جنيها منذ بداية الموسم مع تكاليف أخري تتمثل في ثمن الشاي الذي يزرع تباعا علي العمال ولفائف السجاير التي تقدم لهم بل إن هناك من يقدم لهم سندوتشات الفول والطعمية علي مدي الساعات الست التي يقضونها في الحقول ذلك أن العامل الزراعي يصل إلي غيط القصب في السادسة صباحا وعندما يستمع إلي أذان الظهر يلقي ما بيده من عيدان القصب ويغادر الحقل علي الفور ولا يستطيع صاحب الحفل أن يلومه والا اعتذر العامل عن المجيء إلي الحفل في اليوم التالي ثم بعد ذلك تبدأ معاناة تحميل القصب بعد نقله علي الجمال إلي مكان المقطورات أو عربات السكة الحديد التي تنقله إلي المصنع إنها تكلفة أخري ينوء بها المزارع والمصيبة التي تنزل علي رؤوس المزارعين بعد ذلك تتمثل في وزن المحصول في المصانع المزارع ينظر إلي المقطورة لما تحمله من عيدان القصب ويقول في نفسه بحكم خبرته إن هذه المقطورة لا يقل وزن ما بها من قصب عن ستة عشز طنا فإذا بالطامة الكبري تقع عندما يأتي إيصال الوزن بأقل مما قدره بثلاثة أو بأربعة أطنان وبالتالي فإن فدان القصب الذي لا ينضج محصوله إلا علي مدي عام كامل لا يحقق ربحية توازي التعب والمصاريف التي أنفقت ولهذا فإن الكثيرين من كبار زراع القصب اختصروا زراعته إلي النصف تقزيبا وكثيرون من صغار الزراع اتجهوا إلي زراعة محاصيل أخري وبعضهم قام بتأجير مساحات من أرضه لتجار الموز ذلك ان إيجار الجمل الذي ينقل القصب من الغيط إلي المقطورة أو عربة السكة الحديد الخاصة بالمصنع لا يزيد علي جنيهين الآن إيجار الجمل في اليوم مائة وخمسون جنيها مع اكرامية تدفع لمن يقود الجمل الأمر لا يحتمل أي تسويف إذا كانت الدولة حريصة علي هذا المحصول الحيوي والرئيسي اذ لابد من أن تسهم مصانع السكر في عملية نقل المحصول وتوفير أجهزة ميكانيكية لكسر القصب وشحنه علي المقطورت نظير مقابل مادي يتحمله المزارعون إذا لم يتحقق ذلك في المستقبل القريب فقل علي زراعة القصب السلام حيث سيأتي وقت تنحسر فيه هذه الزراعة التي يزاولها أبناء الصعيد علي مدي أكثر من قرن من الزمان وبالتالي فإن مصانع السكر ستنعي من بناها