يشهد الوسط الثقافي الآن حركة كبيرة من الإجتماعات والتجهيزات لإعداد أكثر من مؤتمر للمثقفين, ولايقتصر هذا التحرك علي مجموعة بعينها, إذ تسعي أكثر من واحدة لإقامة مؤتمر تشرف عليه.. ولايمكن تفسير هذا إلا بوجود رغبة ملحه لإقامته الآن والتي يرصد أسبابها بعض هؤلاء المثقفين في السطور التالية. يذكر انه كان من المقرر إقامة مؤتمر للمثقفين تشرف عليه وزارة الثقافة ومؤسساتها قبل أحداث25 يناير, لكن بقيام الثورة اختلف الوضع وزادت معه الرغبة في إقامة المؤتمر لإحساس المثقفين بأن هناك دورا جديدا لهم داخل المجتمع, وزاد ايضا تأكيدهم أن يكون المؤتمر بعيدا عن وزارة الثقافة. يؤكد د.علاء عبد الهادي المشارك باللجنة التحضيرية لواحد من مؤتمر ات المثقفين في البداية أن النقد المضطرد علي ممثلي المؤسسة الثقافية وعلي سياساتها بالإضافة إلي مقاطعة نشاطات المؤسسة الثقافية من قبل عدد كبير من المثقفين اعتراضا رمزيا قويا علي سياسات النظام البائد وتعبر هذه الانتقادات بقوة عن مدي ضيق رؤية المؤسسات الوزارية وسياساتها الثقافية لدور الثقافة الاجتماعي وهو تقصير مرشح للاستمرار في ظل بقاء كل مسميات وزارة الثقافة السابقة وقياداتها ومؤسساتها وهيئاتها ولجانها علي ماهي عليه دون تغيير حتي الآن. ويكمل عبد الهادي موضحا نحن شهود علي استمرار جميع القيادات الثقافية للنظام البائد في أماكنها علي يد وزير الثقافة الحالي د. عماد أبو غازي فلا أهمية لأي نشاط ثقافي إن لم يكن ذا أثر اجتماعي ملحوظ, ومن أجل هذا كان من أهم أهداف مؤتمرنا القادم هو نقد المؤسسات الثقافية القائمة, وتقويم أدائها هذه هي الوسيلة الصحيحة لتحديد من نحن وماذا نريد لقد كانت هذه المؤسسات وقياداتها وجها للنظام السابق عبرت عنه ودافعت عن بقائه. وجمع عبد الهادي أهداف المؤتمر في ثلاثة أهداف أولها معالجة وضع الثقافة المصرية في حاضرها ومستقبلها وطرح المسكوت عنه من قضايا في ظل غياب فادح لأي رؤية استراتيجية تكاملية للثقافة في السياسات العامة للدولة ثانيا استعادة المثقفين لدورهم الفاعل في مواجهة الفساد, وتردي الأوضاع الثقافية والاجتماعية, مؤمنين في ذلك بأن نهضة الثقافة المصرية هي قضية مجتمع لاقضية وزارة.. وثالث هذه الأهداف هو طرح البديل الثقافي, والسعي الي صوغ جديد لمعني الثقافة المصرية يمثل مجمل عناصرها علي نحو تكاملي. نحن نحاول من خلال هذا المؤتمر مجاوزة مايسمي ثقافة الأزمة القائمة الي طرح ثقافي نقدي يعي أهمية العلاقة المتبادلة بين الثقافة والمجتمع من جهة ويتيح الفرصة لجماع القوي الثقافية, باتجاهاتها وتياراتها جميعا كي تطرح رؤيتها للسياسات الثقافية القائمة من جهة أخري. وأوضح عبد الهادي أن هناك حوارا الآن حول فكرة تحويل مؤتمر المثقفين المستقلين إلي حركة ثقافية مستقلة واسعة لها أمانة تضم ممثلين عن أطياف المثقفين وتوجهاتهم جميعا, نحن من المؤمنين بدفع واقعنا الي ثورة ثقافية شاملة في المجتمع المصري دعما لثورة يناير, واستجابة من موقع المشاركة لتطلعاتها علي المستوي الثقافي. ومن جانبه قال الشاعر والمترجم رفعت سلام أحد شركاء عبدالهادي في اللجنة التحضيرية للمؤتمر المقام الأول هو لتطهير أجهزة وزارة الثقافة من أركان الفساد التي كانت مستشرية لربع قرن في فترة فاروق حسني, ثم إعادة هيكلة كل مؤسسة بما يتوافق مع التوجهات العامة للثورة وليس مجرد سد فراغ علي نحو مايحدث حاليا, أما المسألة الأهم فلابد للمثقفين من أن يتوافقوا علي مايمكن تسميته الدستور الثقافي الذي يتضمن بنودا تتعلق بحريات التعبير والإبداع ورفض الوصايا عليها أو تقييدها من أي جهة سواء كانت حكومية أو غير كذلك. وأكد رفعت ضرورة أن يتضمن مثل هذا الدستور حدودا لدور المؤسسات الحكومية بإعتبارها خادمة للثقافة المصرية, ورفض هيمنة هذه المؤسسات علي حركة الثقافة والمثقفين في مصر, ولاينبغي أيضا أن ننسي دور اتحاد الكتاب في هذا الدستور, إذ ينبغي إعادة تأسيسه بناء علي قانون جديد ويتضمن بنية ديمقراطية في تشكيله وانتخاب مجلس إدارته. أما الشاعر شعبان يوسف والمشارك في لجنة تحضيرية لمؤتمر مثقفين آخر قال: نشترك في مؤتمر بعيدا عن وزارة الثقافة وسوف لا يقل عدد اللجنة التحضيرية عن30 مثقفا بحيث يمثلون كل أشكال التيارات الثقافية منهم: د. محمد بدوي,محمد هاشم, وحمدي أبو جليل, عادل السيوي, د. شرين أبو النجا, منصورة عز الدين,مجدي أحمد علي ولن يتم استبعاد أي مثقف حرصا علي تنوع المشتركين. وأكد شعبان لن تكون للوزارة أي صلة من جهد أو تحديد محاور في المؤتمر, وانا كنت ضد أن تتبني وزارة الثقافة مؤتمرا للمثقفين, لأن نوعية القضايا المطروحة لن تتحملها أي سلطة سابقة أو حالية, اذ تتناول محاور المؤتمر كل ماهو محظور بشكل عام في الثقافة خاصة القوي المعوقة لتحقيق الليبرالية,فالمؤتمر متحرر من الإطارات القديمة, لأن ماكان يطرح قبل ثورة25 يناير مختلف عما يطرح بعدها. ويكمل شعبان موضحا نحن معنيون بالمظاهر الثقافية التي أبرزتها الثورة وكانت مقصية وممنوعة في النظام السابق, ونحينا جانبا فكرة الوصايا بكل أشكالها ان كان علي فكرة أو علي الشباب, وان لم تتح لنا الأماكن الثقافية لعمل المؤتمر فمستعدون لإقامته بالشارع التي خرجت منه الثورة ويسع لكل تجلياتها. كما أكد شعبان أنه لايمكن التحميل علي وزير الثقافة د. عماد أبو غازي لأن عمله في خلال فترة انتقالية يقوم فيها بترميم ما أفسده النظام السابق, ولا يستطيع عمل إحلالات كاملة في هذه الفترة القلقة, ومانريده من خلال المؤتمر هي ثقافة متعددة الأوجه, ومناقشة القوي الرجعية في المجتمع وتفعيل الثقافة المهمشة لتصل لعامة الشعب لأنها وضعت لفترة كبيرة داخل أطر مغلقة, وأيضا المؤتمر معني بإطلاق القوي الفاعلة في النقد وتفعيلها بالمعني الواسع السياسي والفكري والأدبي, ووضع سياسة ثقافية لمدة سنوات ونحن نحلم والأحلام مشروعة. وقال د. محمد بدوي يشعر المثقفون بأن هناك تغييرا جذريا في المجتمع, وان الثورة فرضت منطقا جديدا ديمقراطيا, هذا مادفعهم للتفكير في عمل مؤتمر في القريب لتكون لهم رؤية في مستقبل مصر, ورسم علاقتهم بالمجتمع خصوصا في ظل صعود فصائل معادية للثقافة. ونحن نحاول أن ننظم مؤتمرا مستقلا يضم كل التيارات, حتي لاتكون هناك وجهة نظر واحدة, هذا في ظل رأي كثير من المثقفين السلبي في أداء الوزارة, ويجب عليهم كفئة إجتماعية وأصحاب رأي أن تكون لهم وجهة نظر سياسية, بعيدا عن الوزارة والأحزاب السياسية لأنه في النهاية لايستطيع أحد أن يزعم أنه يعبر عن كل المثقفين.