حل مجلسي الشعب والشوري, كان أحد أهم مطالب الثورة, وبعد تنحي الرئيس السابق محمد حسني مبارك وتولي المجلس الأعلي للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد, جاء القرار بحلهما لما شابهما من تزوير وعدم رضاء جماهيري. وكشف المستشار طارق البشري رئيس اللجنة التي تولت اجراء التعديلات الدستورية عن اتجاه لاجراء الانتخابات لمجلسي الشعب والشوري في ذات التوقيت علي أكثر من مرحلة توفيرا للوقت والجهد والنفقات, مما أحدث انقساما بين صفوف أساتذة القانون والعلوم السياسية والمواطنين ما بين مؤيد ومعارض. يقول مجدي فهمي عبدالغني محاسب انه لا يعارض اجراء الانتخابات التشريعية في ذات التوقيت, اختصارا للوقت والجهود, حيث يتم اقتسام اللجنة فيما بين مجلسي الشعب والشوري, ويطالب الجهات المسئولة عن الانتخابات بوجود تنظيم لضمان نزاهة الانتخابات, خاصة أنها لن يكون بها أي مصالح شخصية, حيث إن عمر المجلس لن يستمر لأكثر من عام ونصف العام, بينما رفض اجراء الانتخابات من خلال التصويت الاليكتروني لانتشار الجهل والأمية, ولكن يجب أن يكون للمسافرين في الخارج فقط. سلاح ذو حدين ويقول أحمد عبده طالب بكلية هندسة جامعة حلوان إن توحيد الانتخابات سلاح ذو حدين, حيث يوفر الوقت والأموال ولا يقوم بتعطيل المصالح. وفي الجانب الآخر يصعب التحكم فيه بسبب المناوشات التي تحدث بين المرشحين وأنصارهم. ويقول فرحات عبدالرازق المحامي إنه لا يفضل أجراء الانتخابات في توقيت واحد, حتي يتمكنوا من التعرف والحكم علي المرشحين, ويري أنه يجب ألا تقل الفترة الفاصلة بين الانتخابات عن ستة أشهر. ظروف صعبة أما محمد عبدالظاهر فرفض اجراء انتخابات قبل عامين حتي تتمكن الدولة من استعادة الأمن إلي الشارع وتعود الحياة إلي طبيعتها, ويشعر غالبية المواطنين بقيمة العمل. ويتساءل كيف نستطيع اجراء انتخابات في ظل هذه الظروف. ظروف استثنائية يقول د. شوقي السيد أستاذ القانون والخبير الدستوري إننا نمر بظروف استثنائية لا يقاس عليها ولن تتكرر مرة ثانية, حيث أن المجلسين مختلفان كل الاختلاف في مدة الدورة البرلمانية والاختصاصات وشروط الترشيح, كما أنه لا توجد أي سوابق دولية تأخذ بنظام المجلسين في اجرائهما في توقيت واحد. ويري د. شوقي انها فكرة جيدة توفر الوقت والجهد فلكل مجلس اختصاصاته واستقلاله, ويجب مراعاة اختلاف الدوائر, حتي يكون الناخب علي علم وبينة بالمرشحين بالدائرة, وحتي لا يحدث أي خلط لدي الناخبين. ويضيف أنه لا توجد أي موانع قانونية أو دستورية تمنع اجراءها في توقيت واحد, والاشراف القضائي لن يمثل أي عقبة, حيث ستكون هناك لجنة واحدة وتوجد ورقتان احداهما للشعب والأخري للشوري, واننا نحتاج فقط لتحديد الدوائر ووضع حدود فاصلة بينها, والتدريب والشرح. وينبه إلي خطورة الفرز للأصوات واعلان النتيجة, التي ستكون عبئا كبيرا علي أعضاء اللجان العامة والفرعية والمشرفين, مما يتطلب مضاعفة عددهم, لتبدو النتيجة مماثلة لإرادة الناخبين. التفاف علي الثورة ويقول د. إبراهيم درويش أستاذ القانون الدستوري بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة إن اجراء الانتخابات في هذا التوقيت أو خلال عام بعد الثورة لن تثمر عن وجود فعلي لمن قاموا بالثورة, وأن هذا يمثل التفافا علي مطالب الثورة بإسقاط النظام, ويري أن معظم المسيطرين الآن علي الساحة السياسية هم جماعة الإخوان المسلمين وبقايا الحزب الوطني والتيارات السلفية, ويضيف انه إذا كان الهدف هو تقليل النفقات والوقت والمجهود من الأفضل إلغاء مجلس الشوري الذي يقتصردوره علي تقديم الاستشارات فقط, والاكتفاء بمجلس واحد لمناقشة القوانين وإصدار التشريعات وإدارة أمور البلاد. دور مهم ويقول د. عبدالغني محمود أستاذ القانون الدولي بجامعة الأزهر إن أجراء الانتخابات كل علي حدة لها تكاليف خاصة ونفقات لا تستطيع البلاد تحملها في هذا التوقيت. ويؤكد أهمية دور اللجنة المنظمة للانتخابات في ضبط العملية الانتخابية في مثل هذا الاجراء, من خلال اعداد صندوق للشعب وآخر للشوري واعداد بطاقات إبداء الرأي لكلا المجلسين, كما أن اجراء الانتخابات في ذات التوقيت يعجل بمبدأ الحياة السياسية والتشريعية وعودة الحياة إلي طبيعتها من جديد. ويري د.عبدالغني أن الدوائر ما هي إلا تقسيم إداري يمكن اعادة ترسيمها لتتلاءم مع الظروف الراهنة, كما أن القاضي يتولي مهمة الاشراف علي اللجان, بينما يقوم المساعدون بمراقبة الصناديق والقيام بباقي الأعمال داخل اللجان مما يستوجب مضاعفة أعدادهم. سيطرة قوي واحدة يقول د. مصطفي كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة أن الأسباب التي أدت إلي وجود مجلس الشوري لم تعد موجودة, حيث أنه كان بديلا للاتحاد الاشتراكي, وشدد د. السيد علي خطورة اجراء الانتخابات في ذات التوقيت, حيث إنه يفترض أن يعبر كل منهما عن حالة سياسية مختلفة للرأي العام, وفي اجرائها في توقيت واحد من المحتمل أن تسيطر قوي سياسية واحدة علي غالبية مقاعد المجلسين, مما لا يعطي الفرصة لاختبار جميع القوي السياسية الموجودة علي الساحة, فإذا ثبت وجودها فلا مانع من اعادة انتخابها في منبر آخر, أما في حالة فشلها فيكفي مجلس واحد والاحتفاظ بالمجلس الآخر لتفعيل الحياة السياسية. تعديل الاجراءات ويقول د. جمال زهران رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة بورسعيد أن اجراء الانتخابات في ذات التوقيت يستلزم تعديل اجراءات الانتخاب, وتحويلها إلي نظام القائمة النسبية وتوحيد فكرة الدوائر الانتخابية حتي الانتهاء من مجلس الشوري. وينبه إلي أهمية تغيير النظام الانتخابي لضمان عدم التلاعب في اجراءات الفرز التي تتم علي أكثر من مرحلة لاختلاف الدوائر. ويري أن يتم وجود ثلاثة صناديق أحدها للشوري والآخر للشعب والثالث لكوتة المرأة, مع العلم بأنه في حالة القائمة النسبية لن تكون في حاجة إلي كوتة المرأة. كما أن اجراء الانتخابات علي أكثر من مرحلة يسمح بوجود أشراف قضائي كامل, وحتي لا يسمح لأي جهة أخري من مشاركة القضاة في الأشراف, ولذلك يجب تعديل الدوائر في اطار قائمة نسبية محددة ومفتوحة فبدلا من انتخاب اثنين يكونون ستة أشخاص يدخل بها جميع الفئات بما ينص عليه القانون, مما يستوجب البحث علي الكفاءات. وعي سياسي ويقول د. أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة القاهرة إنها فكرة جيدة, ولكنها تحتاج إلي مجموعة من الاشتراطات التي تضمن أعطاء فرصة كافية للمرشحين من تقديم أنفسهم وبرامجهم للناخب وليتم أجراء الانتخابات بشكل أسهل علي المواطنين دون إضاعة حقوقهم في اختيار من يمثلونهم في المجالس النيابية, كما أنها تؤدي إلي توفير الدعاية والضوضاء التي تحدثها العملية الانتخابية. وشدد د. زايد علي ضرورة أن يتم توفير الوعي السياسي لدي الناخبين عن المرشحين, وهذا يتطلب مجهودات مكثفة لنشر البرنامج الانتخابي, وحتي تكون الانتخابات مدارة بشكل ديمقراطي وفي إطار الشرعية. تقييد للأحزاب ويقول شادي عبدالكريم المدير التنفيذي لمركز الحق في الديمقراطية وحقوق الانسان, إن فكرة توحيد الانتخابات في يوم واحد ووجود دائرة كوتة ودائرة عادية, ونحن نريد حياة سياسية وبرلمانية تعطي فرصة للأحزاب للمنافسة بشكل كبير أمر في غاية الصعوبة, ويتساءل هل المواطن المصري لديه المقدرة علي متابعة برنامجا انتخابي لمجلسي الشعب والشوري؟ فمعظم الأحزاب تصدر برنامجا انتخابيا واحدا, ولكن الفكرة بها صعوبة في التنفيذ واقناع الناخبين بكيفية الحل. ويري أن الانتخابات لن تكون كالاستفتاء الذي كان أهم ما يميزه عدم وجود مصالح شخصية, كما أن استمرار العمل بنظام القوائم الفردية يسمح ببزوغ المال في الانتخابات. كما أن الأحزاب لن يكون لديها فرصة لدفع مرشحين أقوياء, وأن اجمالي الأصوات الباطلة في الانتخابات الماضية وصل إلي(200) ألف صوت باطل. وينبه إلي أنه توجد تيارات علي الساحة أكثر تنظيما وهما الحزب الوطني الديمقراطي, الذي لديه أكثر من(50) شخصا موجودين في المجالس المحلية لدعمه, بالإضافة إلي جماعة الإخوان المسلمون, وفي ظل الظروف الأمنية التي تمر بها البلاد, الأمر الذي ينعكس علي نتيجة الانتخابات بالسلب, ويؤدي إلي سيطرة البلطجة والمال. هلاك للأحزاب وتغييب إرادة ويقول حسن ترك رئيس الحزب الاتحادي إنها تمثل هلاكا ودمارا للأحزاب الكبيرة والصغيرة, حيث أنها لا تسمح بوقت كاف لعرض البرامج السياسية والاجتماعية والاقتصادية علي الناخبين, بالإضافة إلي حالة التسيب الأمني التي تعاني منها, فكيف تضمن نزاهة الانتخابات. ويقول أحمد الفضالي رئيس حزب السلام الديمقراطي إنها تجربة جديدة, لم يتم العمل بها من قبل, خاصة إننا نمر بظروف استثنائية تقتضي الانتهاء من الانتخابات التشريعية وهذا الهدف من اجرائها في ذات التوقيت, ويري إنها تغيب إرادة الناخبين في أختيار المرشحين.