مدت سمية يدها تتحسس فراشها وتسللت ابتسامة سريعة إلي شفتيها عقب لمسها أحد القطط التي كان تتوسد الفراش بجوار رأسها دافنا رأسه بين ذراعيه بعد ان لف ذيله علي ساقيه محيطا بهما في سكينة ووداعة كعادته كل ليلة. كانت ابتسامة سامية تعني لها أن حبيبها القط لم يغير عادته وأمضي ليلة بجوارها يؤانسها.. ظلت سمية مستلقية في فراشها وأصوات احبائها القطط تتداخل في أذنيها معلنة أن النهار عاد بعد هروب الظلام وهذا يعني موعد وجبة الفطور للعشرات ممن تأويهن عادت ضحكتها تشرق من جديد وتحركت في خفة والقطط تتقافز فوق كتفيها وحولها بينما يتمسح الآخرون بقدميها ويتبارون في تقبيلها, سمية في ألفة وتودد لا يشوبه الرياء.. اخرجت أكياس الطعام ورفعت صوتها محذرة أحد ذكور القطط من ذوي الشهية المفتوحة دائمة من المساس بلبن الصغار من أقرانه وعاد القط يشاركها في عناد زاجرا الصغار قافزا فوق الصحن غامسا لسانه يلعق من بينهم في سرعة شديدة ونهم قبل أن يخرق أذنيه ووعيه سمية الشديد ولومها فابتعد مسرعا خشية عقابه بالحبس منفردا علي وجبة وحيدة. تعالي صوت القطط التي ألهبه حماسها ظهور أوعية الطعام ترصها سمية متجاورة وبطريقة عكسية تعسر قفزا أي منهم وجوره علي حق قرينه من الطعام, ومع اصوات المواء والزمجرة المكبوتة والمشاغبات المعتادة ورنين الدلايات التي تتزين به بعضهن مقرونا بتحذير وتنبيه امتنان سمية كان المكان يبدو كسمفونية محببة الي قلب سمية الرقيق.. هكذا كانت تعيش وكان خيارها الأخير لا تعلم كيف وصلت إليه وحيدة مع حيواناتها الأليفة.. هل بسبب ما سمعته من غدر البشر وظلم الانسان لأخيه لم تعد سمية تفكر كثيرا في هذا الأمر وبالرغم من تجاوزها الخمسين عاما إلا ان قصة شريك الحياة نزغتها من رأسها تماما فيكفي ما تقرأه بالصحف ويقشعر له بدنها من روايات تذخر به الفضائيات ورغم إلحاح شقيقتها الكبري سهير بترك المعيشة وحدها مع قططها إلا أنها اختارت من لا يعرفون المجاملة وتصدت مشاعرهم ليكونوا رفقائها يعرف قصة سمية كل أصحاب المحلات التجارية في منطقة الطالبية بالجيزة حتي تجار الفاكهة والخضروات يعرفون من مصاحبة أحد قططها لعلاجه عند الطبيب البيطري يسعد بها كل من تعامل معها خارج منزلها يتحدث التجار من وراء ظهرها بحسد أنها لا تعيش مع البشر كانت مشكلة سمية المستمرة من دون حل ضجر جيرانها من قططها.. وتزداد مآساتهم إذا دخل قط جديد وافدا الي العمارة يستكشف أو يبحث عن زاد له يحتاجه فمجرد شعور القطط بالوافد الغريب تتعالي أصوات رفضهم ويبدأ عراكهم من خلف الباب. وقد يكون الوافد عنيدا ولا يهاب عشرات القطط الرافضة لوجوده فتزداد ملحمة الأصوات كان من الجيران من يري ان هذا فوق طاقة البشر وكان دائما ما معها يتشاجر جيران سمية بها موصين بضرورة إيداع قططها حديقة الحيوان أو إطلاقهم في الشارع وكان هذا ما يحزن سمية ويكدرها باستمرار وبالرغم من عطفها علي كثير من الأرامل واصحاب العوز القريبين منها في العمارة وفي دائرة سكنها إلا أنها لم تكن تجدهم في عراكها مع جيرانها الكارهين لقططها بالرغم من نعتهم لها دائما انها أرق قلب عليهم.. وفي إحدي ليالي حزنها بالرغم من سهر من أحس بقلقها بجوارها من قططها إلا أنها شعرت باحتياجها لمن يساعدها في مواجهة الجيران المتربصين بها في ذهابها وإيابها لم تطل التفكير وظهر أمام عقلها سهير التي طالما ساعدتها ماديا لظروف فقرها والتعسر الدائم لزوجها في العثور علي عمل.. اغمضت سمية عينيها وقد شعرت بارتياح بعد ان تذكرت سهير عبد الله لمساعدة لها في إنجاز مهام تنظيف المنزل منذ فترات طويلة وبالرغم من تركها العمارة لارتفاع إيجارها فهي مازالت تحفظ مكان سكنها الجديد البعيد عنها بثلاثة شوارع فقط.. ابتسمت سمية وألقت نظرة أخيرة علي احبائها القطط وجددت مياه الشرب لبعضهم وغطت صغيرهم بفوطة صغيرة ومسحت علي رأسه بحب وحيتها أم الصغير بمواء أودعته كل التودد والألفة وهزت رأسها.. وتأكدت من إغلاق باب شقتها وخلدت إلي النوم وصوت مواء قطها الأثير يختلط مع أحلامها.. بعد فترة اشتاقت الشقيقة الكبري الي شقيقتها اتصلت برقمها أجابتها رسالة الكترونية ملت من سماعها أعادت الاتصال عشرات المرات انقبض قلبها لم تدر كيف ارتدت حذاءها وماذا وضعت علي رأسها بعد نصف ساعة كانت تطرق باب شقيقتها الصغري ولكن من دون مجيب عاودت الطرق ورفس الباب بقدمها احست بحركة غير عادية في الداخل.. لصقت أذنيها بخشب الباب حاولت اختراقه بناظريها فطنت الي صوت مواء القطط ولاحظت انه شبيه بالصراخ حوقلت في سرها ومدت يدها المرتعشة تعبث في حقيبتها.. تتذكر انها تملك مفتاحا لهذا الباب منذ زمن دعت الله في نفسها ان تجده جالت الأصابع الرقيقة في جنبات الحقيبة امسكت بمفتاح وحيد متروك منذ زمن من دون شكوي. اولجت المفتاح خطت داخل الشقة صرخت الاخت الكبري كانت القطط تقفز فوقها وحولها في فزع ولهفة صرخت السيدة اكثر من مرة حتي عاد الي جأشها تماسكت اضاءت المصابيح بالصالون رفعت صوتها ه مرتعش; تنادي الاخت الحبيبة.. أين أنت يا أرق واحن قلب عرفه الناس غلبتها دموعها وهي تتحرك كالموسوسة بجنبات الشقة التي تحفظها اعتادت التعثر في قط هنا وهناك تنبهت ان صراخهم بسبب جوعهم وربما عطشهم.. جن جنون السيدة أين ذهبت الأخت وتركت احبائها بحثت عن طعام للقطط ووضعت لهم المياه في غير نظام وحسمت أمرها وأمام اللواء محمود فاروق مدير الادارة العامة لمباحث الجيزة جلست تبكي وتقدم بلاغا باختفاء شقيقتها سمية57 سنة الموظفة والمقيمة بالطالبية تحت إشراف العقيد مدحت ثابت مفتش المباحث قاد المقدم أحمد الوليلي رئيس مباحث الطالبية تشكيلا من ضباط المباحث علي رأسهم معاونه الرائد اسلام الديناري وصحبوا الشقيقة الكبري ودخلوا شقة سمية بصحبة خبراء من الفحص الجنائي.. وتبين انه لا أثر لاختفاء سمية وأثناء الفحص ذكرت المبلغة ان زجاجات عطور كثيرة من مقتنيات أختها لا أثر لهم ولم العثور ايضا علي هاتفها المحمول وبمناقشتها أكدت ان الهاتف المختفي كان ملكها في الاصل وتم العثور علي علبته وبها رقم التشغيلة الكودي الخاص بالهاتف وتحفظ عليه رجال المباحث وبدأت رحلة البحث من تتعامل معهم المختفية, وظهرت سهير التي كانت تقدم لها خدمات وتعطف عليها ارق قلب بالمال الوفير وبدأت رائحة كذب حديثها تشمه أنف المقدم أحمد الوليلي فتم إعادة مناقشتها من جديد.. وتتبع الرقم الكودي للفقيدة فتبين ذات الهاتف الذي بحوزة الخادمة فانهارت المجرمة وبدأت اعترافاتها وسيطر ضباط المباحث علي انفعالاتهم وهم يسمعون من تجردت من الرحمة وانكرت الاحسان وقابلته بالخيانة قالت سهير عبد الله26 سنة ربة المنزل ان سمية كات دائمة العطف عليها منذ فترة بعيدة خاصة وان زوجي لا يعمل.. وتركت السكن بالعمارة في الحجرة التي رغم من تواضعها إلا إن ايجهارها كان باهظ الثمن.. ومن8 ايام طلبتني لمساعدتها كالعادة ورجتني ان احضر لها حارس شخصي تنحصر مهمته في مصاحبتها في ذهابها ورواحها أثناء الدخول والخروج من العمارة تجنبا وحماية من شجار جيرانها المستائين من وجود القطط في شقتها.. وسكتت الشيطانة وأكملت في برود مثير راقت لي الفكرة خاصة بعد إصراري علي مبلغ كبير مقابل ذلك ورضوخها في النهاية.. واتفقت مع زوجي علي أن يدعي انه بودي جارد وهكذا انطلت عليها الخدعة واستمر الأمر نحو أسبوع حتي قررت مع زوجي سرقتها والتخلص منها.. فقمنا بشراء ساندوتش شاورمة لها ودخلت المطبخ وبمعاونة زوجي دسسنا لها السم في الساندوتش ووقفنا نرقبها وهي تأكله وقبل آخره وضعت يدها علي بطنها وشعرت بالتعب وساعدنها علي الخروج وذهبنا معها بالفعل الي مستشفي الهرم القريب من المنزل.. لإثبات أنها كانت مسمومة وبعد قطع التذكرة بالمستشفي كانت قد اخرجت كل ما معدتها فعدنا بها الي شقتها وقمنا بغمس فوطة في الماء وكتمنا انفاسها حتي فارقت الحياة.. وقمنا بفحص كل شبر في الشقة فلم نعثر إلا علي200 جنيه و4 زجاجات عطر وهاتفها المحمول.. واتصل زوجي بصديقه.. وعاوننا في حمل داخل سجادة كانت تفرش بها الارض ونزلنا بها أمام الجيران ووضعناها في سيارتها وتحركت السيارة وعند الكيلو42 اسكندرية الصحراوي عثرنا علي حفرة صغيرة وضعناها بها وأهلنا عليها التراب وعاد كل منا الي مكانه وأخفينا سيارتها في أحد الشوارع الجانبية حتي تهدأ الأمور, تم القبض علي زوجها المتهم فريد عتريس وصديقه محمد ابراهيم واعاد كل منهم اعترافه بدوره في الجريمة أمام اللواء كمالي الدالي مدير أمن الجيزة الذي امر بأحالتهم الي النيابة التي تولت التحقيق.