تقول الاسطورة الإغريقية إن سيزيف أغضب الالهة( التي لم تكن بدورها مبرأة من الخطأ) وأن الالهة عاقبته بما لم تعاقب به أحدا غيره.. أن يرفع صخرة ضخمة من أسفل الوادي إلي قمة الجبل. وما يكاد أن يصل إلي القمة حتي تتدحرج الصخرة إلي الأسفل ثانية ليكون عليه معادوة الكرة من جديد. حكاية تنظيم الإخوان مع السلطة في مصر وحكاية السلطة معه فيها من عبثية الجهد وعنائه معا في محاولة سيزيف دفع الصخرة إلي القمة واقترابه منها بما يوحي بقرب تحقيق الامل وانتهاء العذاب ثم الاحباط الشديد الذي يستشعره مع انزلاق الصخرة عائدة إلي منطلقها الاول وما يستتبعه ذلك من استجماع للجهد والطاقة لمعاودة المحاولة. تاريخ التنظيم مع السلطة وممارسات السلطة معه متكرر بنفس النمط تقريبا في أواخر أربعينيات القرن الماضي استشعر التنظيم قدرة صاحب ممارستها عنف واغتيال للقاضي الخازندار ورئيس الوزراء النقراشي فكان صدام أدي إلي حل لتنظيم واغتيال مؤسسة حسن البنا. في عام1954 استشعر التنظيم ثانية انه في وضع يؤهله لفرض شروطه علي الضباط الأحرار واتبع ذلك بمحاولة اغتيال جمال عبدالناصر فكان الحل الثاني للتنظيم وإعدام ستة من أعضائه نفس الامر الذي تكرر عام1965. لم يحدث أن توقف التنظيم لمساءلة نفسه أين أخطأ وما هو السبيل إلي تصويب السبيل ولم تكلف السلطة نفسها عناء السعي إلي حوار مع التنظيم. انصبت المعركة وتكررت بنفس أحداثها علي الممارسات سواء من جانب السلطة أو من جانب التنظيم فالمنطلقات الفكرية للتنظيم التي وضعها البنا ورسخها باضفاء مزيد من التشدد عليها سيد قطب ظلت تحظي ولا تزال بقداسة تكاد تقترب من قداسة رسالات السماء. فما قاله الإمام الشهيد وما خطه سيد قطب لم تحدث له أي مراجعة منذ قيام التنظيم عام1928 وحتي الآن إلا ما أقدم عليه البنا نفسه فلما اغتيل حدث ما يشبه قفل باب الاجتهاد إلا ما أضافه سيد قطب. لم يدرك التنظيم أو لم يرد أن يدرك انه من الضروري لكي تبقي الأفكار حية وقابلة للتطبيق ان تتطور مع تطور الزمان وأن تأخذ في الاعتبار ما يلحق بالمجتمعات من تغيير مرد عدم الادراك أو عدم الرغبة في المساس بتراث البنا وقطب هو هالة القداسة التي تم إضفاؤها علي الرجلين وأفكارهما بحيث أصبح الخروج علي التراث قريبا من الانحراف عن صحيح الدين. علي الجانب الآخر فإنه وبسبب الهالة الدينية التي غلف بها البنا دعوته من البداية واتبعها ودافع عنها المنتمون إلي التنظيم فلم يحدث ان تم بذل أي جهد من قبل الدراسين لمناقشة الدعوة من حيث اتساقها أو عدم اتساقها مع صحيح الدين من ناحية ومدي قابليتها من عزمه للتطبيق اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا. لا التنظيم قدم برامج مفصلة يمكن الرد عليها وتفنيدها ولا الدارسون تحرجا من التعرض بالنقد والتجريح لما يقال عنه إسلامي قاموا بما كان يتعين عليهم القيام به ربما ايثارا للسلامة. أما السلطة فقد ركنت إلي التعامل مع التنظيم باستخدام يدها الباطشة في الأربعينيات والخمسينيات والستينات والسبعينات والتسعينات فيما يتعلق بممارسات التنظيم وليس أفكاره. كان حتما أن تعود صخرة الإخوان التي ثقل وزنها بما تراكم عليها من تراب إلي التدحرج بقوة جذب أكبر وبوقع صدمة أشد بعد نجاحه لاول مرة في وضعها فوق قمة الجبل لأن شيئا لم يكن مهيأ من الاساس للوصول للقمة. [email protected] صخرة سيزيف بقلم: عاصم عبدالمحسن تقول الاسطورة الإغريقية إن سيزيف أغضب الالهة( التي لم تكن بدورها مبرأة من الخطأ) وأن الالهة عاقبته بما لم تعاقب به أحدا غيره.. أن يرفع صخرة ضخمة من أسفل الوادي إلي قمة الجبل وما يكاد أن يصل إلي القمة حتي تتدحرج الصخرة إلي الأسفل ثانية ليكون عليه معادوة الكرة من جديد. حكاية تنظيم الإخوان مع السلطة في مصر وحكاية السلطة معه فيها من عبثية الجهد وعنائه معا في محاولة سيزيف دفع الصخرة إلي القمة واقترابه منها بما يوحي بقرب تحقيق الامل وانتهاء العذاب ثم الاحباط الشديد الذي يستشعره مع انزلاق الصخرة عائدة إلي منطلقها الاول وما يستتبعه ذلك من استجماع للجهد والطاقة لمعاودة المحاولة. تاريخ التنظيم مع السلطة وممارسات السلطة معه متكرر بنفس النمط تقريبا في أواخر أربعينيات القرن الماضي استشعر التنظيم قدرة صاحب ممارستها عنف واغتيال للقاضي الخازندار ورئيس الوزراء النقراشي فكان صدام أدي إلي حل لتنظيم واغتيال مؤسسة حسن البنا. في عام1954 استشعر التنظيم ثانية انه في وضع يؤهله لفرض شروطه علي الضباط الأحرار واتبع ذلك بمحاولة اغتيال جمال عبدالناصر فكان الحل الثاني للتنظيم وإعدام ستة من أعضائه نفس الامر الذي تكرر عام1965. لم يحدث أن توقف التنظيم لمساءلة نفسه أين أخطأ وما هو السبيل إلي تصويب السبيل ولم تكلف السلطة نفسها عناء السعي إلي حوار مع التنظيم. انصبت المعركة وتكررت بنفس أحداثها علي الممارسات سواء من جانب السلطة أو من جانب التنظيم فالمنطلقات الفكرية للتنظيم التي وضعها البنا ورسخها باضفاء مزيد من التشدد عليها سيد قطب ظلت تحظي ولا تزال بقداسة تكاد تقترب من قداسة رسالات السماء. فما قاله الإمام الشهيد وما خطه سيد قطب لم تحدث له أي مراجعة منذ قيام التنظيم عام1928 وحتي الآن إلا ما أقدم عليه البنا نفسه فلما اغتيل حدث ما يشبه قفل باب الاجتهاد إلا ما أضافه سيد قطب. لم يدرك التنظيم أو لم يرد أن يدرك انه من الضروري لكي تبقي الأفكار حية وقابلة للتطبيق ان تتطور مع تطور الزمان وأن تأخذ في الاعتبار ما يلحق بالمجتمعات من تغيير مرد عدم الادراك أو عدم الرغبة في المساس بتراث البنا وقطب هو هالة القداسة التي تم إضفاؤها علي الرجلين وأفكارهما بحيث أصبح الخروج علي التراث قريبا من الانحراف عن صحيح الدين. علي الجانب الآخر فإنه وبسبب الهالة الدينية التي غلف بها البنا دعوته من البداية واتبعها ودافع عنها المنتمون إلي التنظيم فلم يحدث ان تم بذل أي جهد من قبل الدراسين لمناقشة الدعوة من حيث اتساقها أو عدم اتساقها مع صحيح الدين من ناحية ومدي قابليتها من عزمه للتطبيق اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا. لا التنظيم قدم برامج مفصلة يمكن الرد عليها وتفنيدها ولا الدارسون تحرجا من التعرض بالنقد والتجريح لما يقال عنه إسلامي قاموا بما كان يتعين عليهم القيام به ربما ايثارا للسلامة. أما السلطة فقد ركنت إلي التعامل مع التنظيم باستخدام يدها الباطشة في الأربعينيات والخمسينيات والستينات والسبعينات والتسعينات فيما يتعلق بممارسات التنظيم وليس أفكاره. كان حتما أن تعود صخرة الإخوان التي ثقل وزنها بما تراكم عليها من تراب إلي التدحرج بقوة جذب أكبر وبوقع صدمة أشد بعد نجاحه لاول مرة في وضعها فوق قمة الجبل لأن شيئا لم يكن مهيأ من الاساس للوصول للقمة. رابط دائم :