تركيبة درامية لا يعلمها إلا الجاذبية والكيمياء التي جمعت بين المخرجة كاملة أبو ذكري، والنجمة نيللي كريم، واللذان يثبتا للعام الثاني قدرتهما على صنع غير المألوف، والقدرة على جذب المشاهد ومتابعته بإتقان لأعمالهم من بدايتها حتى النهاية. تتألق نيللي للعام الثاني، وتثبت مقدرتها على تجسيد الشخصيات الصعبة شديدة العمق، يظهر ذلك في شخصية "غالية" التي تقدمها في "سجن النسا"، تلك الفتاة التي تتحول من عاملة خياطة إلى سجانة صاحبة شخصية قوية بعد أن تتوفي والدتها وتأخذ مكانها. التميز في نيللي يظهر كاملاً في العمل بداية من تسريحة شعرها الذي يبدو خشناً إلى حد كبير، ومكياج عينيها وشفاها المتماثلة مع أبناء الطبقات الشعبية مروراً بمشاعرها واحساسيها التي تنقلها بلغة عينيها فتارة تجدها السيدة القوية في تعاملها مع حبيبها "صابر" تضربه بكل قوتها وفي نفس اللحظة تعتذر له عن إساءتها إليه بمنتهى الحنان والرقة، وهو ما يمثل صعوبة أكبر عليها في التحول والنقل من مشاعر إلى آخرى في لحظة واحدة. تتقمص نيللي شخصية السجانة في الأحداث بطريقة مشيتها، وحركة رأسها الصلبة أثناء السير دليل على القوة داخل السجن، وتظهر الفتاة الرقيقة الناعمة مع حبيبها التى تخشي حتى وضع يديها في الدماء معه لتقوم بعمل "أخمسة" على سيارته الميكروباص الجديدة. شخصية "غالية" التى تقدمها نيللي إن دلت على شىء فهي تشير إلى نضوج فني كبير حصلت عليه نيللي كريم، ومسئولية أكبر في مقابلة جمهورها بعمل يقترب من أغلبهم سواء في طريقة الحديث أو المعاناة، وتأكيد على تركيبة خاصة تجمع بينها وبين شريكاتها المخرجة كاملة أبو ذكري التى تعتبر الوحيدة التى فتشت عن موهبة نيللي الحقيقة منذ بداية عملهم معاً في فيلم "واحد صفر" عندما ظهرت بالخمار مروراً بمسلسل "ذات"، و"سجن النسا". وليست نيللي كريم فقط هي المبدعة الوحيدة في هذا العمل، لكن أحمد داوود أو "صابر" كما في الأحداث يتألق هو الآخر في تجسيد سائق الميكروباص الشعبي، يرصده بكل تفاصيله بداية من أظافره المتسخة الطويلة مروراً بتسريحة شعره، وطريقة حديثه الشعبية أو نظرة عينيه إلى فتايات الحارة، وتظهر كل هذه التفاصيل كاملة في نظرة عينيه التي تبدو معبرة عن كل مشاعره. تتألق درة أيضاً في العمل والتي تجسد دور فتاة فقيرة تعمل في محل للملابس نهاراً، وفتاة ليل في المساء، تظهر بسيطة من دون مكياج تقترب من لغة الطبقات الشعبية وطريقة مشي الفتايات من هذه الطبقة، حتي في طريقة مسكتها لزجاجة المياه والشرب منها، وطريقة تحدثها مع صاحبة محل الملابس. وإن كانت شخصية درة ستظهر بصورة أوضح خلال الحلقات القادمة من العمل، حيث أن بداية ظهورها كان في الحلقة الثالثة إلا أن بصمتها وضحت من الوهلة الأولى، ويأتي ذلك تعويضاً لعدد من الأعمال التي قدمتها درة في الأعوام الماضية مع مصطفي شعبان ولم تلقي نجاحاً كبيراً رغم تسويقها كثيراً على شاشة الفضائيات. حتى شخصيات المسجونات في العمل، جاءت كل منهم معبرة عن دورها وشخصيتها بداية من السيدة المقهورة التى دخلت السجن بسبب اغتصاب زوجها لأبنتها أو سيدة الأعمال التي تخشي النوم على السرير في السجن بسبب الحشرات وغيرها. كيمياء آخرى يظهرها العمل الذي يجمع للمرة الثانية المخرجة كاملة أبو ذكري، والسيناريست مريم ناعوم، اللذان عملا معاً في مسلسل "ذات" في رمضان الماضي، ليقدما معاً ورشة عمل ناجحة تثبت مقدرة مؤلفة نسجت من قصة الكاتبة الراحلة فتحية العسال تفاصيل مشوقة وجذابة للأحداث تتعمق فيها في نفسيات الشخصيات، وتعبر عن كل منهم كما هو في أرض الواقع، ومخرجة صاحبة رؤية خاصة لديها قدرة على إخراج غير المألوف من كل شخصية تعمل معها.