لا ينكر أحد التأثير الكبير الذى أحدثته الثورة الفرنسية على الحياة السياسية فى العالم بشعاراتها المبهرة للجميع مثل العدالة والمساواة والأخوة وإرساء قواعد الحكم الجمهورى وتأكيد مبدأ سيادة القانون وحرية التعبير. ولكن يبدو أن الجيل الجديد من الفرنسيين يحتاج لثورة ثانية بمبادئ جديدة تتفق مع روح العصر الحديث وأهمها احترام الآخر والتعايش السلمى والاختلاف البناء والترفع عن الصغائر والدليل الأزمة الحالية التى بدأت برسومات مسيئة للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام. حرية التعبير مبدأ راق ومحترم ويفترض أنه يدعم الحوار البناء بين فئات المجتمع ونقد الأفكار والسياسات وصولا للرأى الصواب المفيد ولكنه لا يعنى أبدا توجيه السباب والشتائم وإهانة الآخرين. من حق أى شخص فى العالم أن يعتنق أفكارا بعينها ويرفض أفكارا أخرى بما فى ذلك الدين الإسلامى «..فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ..» ولكن ليس من حقه أن يسفه معتقدات الآخرين. من حق أى شخص أن يكتب بحثا علميا يعارض ما جاء فى الأديان السماوية أو دين بعينه موضحا أسباب عدم اقتناعه بهذا الدين ولكن ليس من حقه أن يهين المؤمنين بهذا الدين أو رموزه فالأمر حينئذ يتجاوز حرية التعبير ليصبح «وقاحة وقلة أدب». حرية التعبير فى الغرب لا تشمل تمجيد هتلر والنازية والدعوة للإرهاب وإنكار الهولوكوست رغم أنها معتقدات يفترض السماح بالتعبير عنها ولابد من أن تمتد قائمة الممنوعات لتشمل إهانة المعتقدات الدينية. إهانة الرسول الكريم لن تمس مقامه الرفيع أبدا، ولكنها تعكس مدى التفاهة والسطحية التى تسيطر على المشهد الثقافى فى دولة كنا نظنها مركزا للتنوير. نقلا عن صحيفة الأهرام