الجدل لا يتوقف كل عام مع حلول موعد المولد النبوي حول الموقف الشرعي من الاحتفال بهذه المناسبة المهمة جدًا للمسلمين، ويحلو لكثيرٍ ممن يحسبون أنفسهم حراسًا على الشريعة الإفتاء بعدم جواز ذلك لأسباب واهية. الحجة التي يسوقها هؤلاء أن الرسول "صلى الله عليه وسلم" لم يحتفل بهذه المناسبة وهذا يكفي للتحريم، والرد على ذلك بسيط وله أساس شرعي أيضًا، هو أن الرسول الكريم لم ينه عن الاحتفال بمولده وبالتالي فهو مسموح به. وفقا لأصحاب الرؤى الضيقة، فإن ما فعله الرسول فقط هو الحلال، وما دون ذلك ضلال وابتعاد عن مبادئ الدين الحنيف ، ولو صح ذلك لكان ركوب السيارات حرامًا، واستخدام المحمول حرامًا، وكذلك الكهرباء وكرة القدم وزراعة القطن، واستخدام النظارات الطبية.. إلخ؟ أما الرأي الآخر، وهو الصواب شرعًا كما نعتقد، فيرى أن كل الأمور مباحة ما لم يرد نص قرآني أو حديث صحيح ينهى عن القيام به. والغريب في الأمر أن هؤلاء الذين يشحذون الهمم كل عام لإثنائنا عن الاحتفال بمولد الرسول "عليه الصلاة والسلام" لا يكلفون أنفسهم عناء التصدي لمخالفات شرعية واضحة دون لبس، مثل حرمان النساء في بعض القرى من حقوق الميراث ، وعدم إتقان العمل رغم وجود آيات قرآنية وأحاديث نبوية في هذا الشأن. لابد أن نعترف بأننا نعيش أزمة حقيقية تتعلق بفهمنا للدين الإسلامي العظيم، وكثير ممن يتصدرون مشهد الدعوة الإسلامية في حاجة لمن يدلهم على الطريق الصحيح. صدق من قال إن تجديد الخطاب الديني أصبح ملحا حاليا أكثر من أي وقت مضى. [email protected] * نقلًا عن صحيفة الأهرام