أكد عدد من خبراء أسواق المال أن قرار لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري برفع أسعار الفائدة 100 نقطة أساس ليصل إلى 57.11% و12.75% على التوالى لعائد الإيداع والاقراض لليلة، أحدث حالة من الارتباك داخل الأوساط المصرفية وأسواق المال. وأشار الخبراء إلى أن القرار يعد نعمة للبنوك التى تحاول السيطرة على التضخم ، وجذب سيولة جديدة فى محاولة من المستفيدين من أسعار الفائدة المرتفعة، لكنه نقمة على قطاعات أخرى مثل البورصة التى سيخرج منها جزء كبير من السوق ، والقطاع الصناعى والتجارى الذى يعتمد على القروض فى تشغيل مشروعاته بشكل كبير. وبحلول منتصف تعاملات الأسبوع الماضى اقتربت خسائر البورصة السوقية إلى 10 مليارات جنيه، تأثرا بتداعيات قرار رفع الفائدة. ومن المعلوم أن تلك الزيادة المفاجئة لأسعار الفائدة لم تكن الأولى خلال عام 2016 إذ إن المركزي خلال العام قام برفع أسعار الفائدة 250 نقطة أساس، في مارس 150 نقطة ويونيو 100 نقطة. وأبدى د.أيمن متولى الخبير المصرفى، تعجبه من توقيت القرار، وتصنيفه بأنه يأتى ليضعنا نسير عكس التيار السائد الآن من قبل مديرى السياسة المالية نحو زيادة الاستثمارات المحلية وجذب الاستثمارات الخارجية ، لذا فكان يتوجب على صانع السياسة النقدية تثبيت سعر الفائدة. وأضاف بنظرة لذلك القرار من منظور أكاديمى، فإن هذا القرار سيؤدى إلى السيطرة على التضخم ومستويات الأسعار وزيادة قيم الإيداعات الجديدة من المواطنين ، ونسب الادخار، وكبح عمليات الاقتراض، وبالتالي تقليل نسبة السيولة في السوق ، والحفاظ على دخل المواطن البسيط وأصحاب المعاشات الذين وضعوا مكافآتهم في البنوك ويستفيدون من العائد الشهرى لمواجهه ارتفاع الأسعار. وتابع أنه طبقا لأدبيات الاقتصاد فإن زيادة أسعار الفوائد تؤدى الى تراجع أداء حجم التداول في البورصة ، بسبب تفضيل المستثمرين وضع أموالهم في البنوك بفائدة مرتفعة، بعيدا عن المخاطرة، ما يخفض من السيولة السوقية بالبورصة ويدفع التداولات للركود ، كما يتراجع معدل طلب المستثمرين للقروض من البنوك مع ارتفاع تكلفة الحصول عليها، بل قد يتجهون لوضع أموالهم في البنك مع ارتفاع العائد، وهو ما يهبط بمعدلات الاستثمار المباشر بشكل واضح. وقال: لكن لو نظرنا إلى هذا القرار من منظور عملى فإن رفع سعر الفائدة على الإيداع لجذب الإيداعات سيؤدي إلى توافر فائض كبير من السيولة لدي البنوك. كما أن هذا القرار سيؤدى إلى زيادة تكلفة الاستثمار كما سيؤدى الى تراجع معدل طلب المستثمرين للقروض من البنوك بسبب زيادة تكلفة الحصول عليها، وهذا يتعارض مع خطة الحكومة الموضحة بالموازنة الجديدة والتى تلقى الحمل الأكبر على القطاع الخاص ، لذا فإن ارتفاع سعر الفائدة على الإقراض يزيد من تكلفة التمويل ومن ثم تكلفة الاستثمارات، وهو ما سوف يؤثر سلبا على حجم الاستثمارات التي تعاني أصلا من نقص ملحوظ. ولفت إلى أن التأثير السلبي من وراء رفع سعر الفائدة هو زيادة الدين الدخلى وزيادة تكلفته وذلك من خلال ارتفاع تكلفة بيع أذون الخزانة « الدين الداخلى» للبنوك وهو ما يزيد من الأعباء علي ميزانية الدولة خلال العام المالى الحالى. ومن جانبه كشف أسامه رشاد، مسئول علاقات المستثمرين ببنك الاستثمار بلتون فايننشال، عن توقعات إدارة البحوث أن يكون لقرار لجنة السياسات النقدية برفع أسعار الفائدة أثر سلبي على معدلات النمو الاقتصادي الضعيفة في مصر إضافة إلى استمرار معدلات التضخم مرتفعة. وأشار إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة لن يمكن من معالجة ارتفاع التكاليف، وسيؤدي إلى تراجع الطلب، وبالتالي المزيد من البطء في النمو الاقتصادي إلى جانب معدلات التضخم المرتفعة. وأكد أن المخاطر المتعلقة بذلك القرار والذي قد يؤدي إلى إيجاد حالة من القلق العام بسبب التوقع أن مخاطر التضخم ستستمر على المدى الطويل والتي قد تؤدي إلى زيادة غير مبررة في الطلب في السوق على الرغم من رفع أسعار الفائدة. فيما قال محسن عادل، نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، إن تخفيض أسعار الفائدة الأساسية لدى البنك المركزى، قد يعتبر القرار الأنسب لصانع السياسة النقدية. وأضاف أن ارتفاع التضخم ونقص الدولار منذ فترة يعدان سببين كافيين لدى البنك المركزى المصرى لرفع أسعار الفائدة، فى محاولة لدعم العملة المحلية وكبح جماح التضخم. وأضاف أن القرار سيساهم فى تخارج شريحة من المستثمرين من السوق للاستفادة من نسبة الفائدة المرتفعة فى ظل سوق يعانى من ضعف السيولة. وقال إن العلاقة بين أسعار الفائدة وأسعار البورصة علاقة عكسية وبالتالي فإن المستثمر في البورصة يتابع اتجاهات المركزي نحو أسعار الفائدة. وتوقع أحمد جلال محلل أسواق المال، أن يؤدى رفع سعر الفائدة إلى تراجع السوق نحو مستوى 7200 نقطة، وفى حال كسره لأسفل، فإن المؤشر سيستهدف مستوى 6800 نقطة. وقال إن قرار رفع سعر الفائدة، أدى إلى تراجع السوق نحو 3.5 ٪ فى جلستين وقاربت خسائر السوق 10 مليارات جنيه كرد فعل طبيعى للسياسة الانكماشية للبنك المركزى عبر رفع سعر الفائدة والتى من شأنها أن تعصف بسوق الأسهم.