أحدث قرار لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري- القرار رقم22 بتاريخ2014/7/20 والخاص برفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة للمرة الأولي في عام2014 بواقع100 نقطة أساس(1 بالمائة) ليصبح9.25% للايداع ومن10.25% للاقراض والخصم- حالة من الارتباك داخل الأوساط المصرفية وأسواق المال. ومن المعلوم أن تلك الزيادة المفاجئة لأسعار الفائدة أتت بعد تثبيتها طوال أربع مرات متتالية في أربع جلسات لتلك اللجنة يناير وفبراير وإبريل ومايو عام2014. كما أن هذه الزيادة هي الأولي منذ اجتماع تلك اللجنة في مارس2013 برفع أسعار الفائدة علي الإيداع والإقراض والخصم بواقع0.5%, ثم تخفيضها علي مدار ثلاثة اجتماعات متتالية خلال العام الماضي حتي وصلت الي8.25%. وقال الدكتور أيمن ابراهيم الخبير المصرفي: لابد أن نتعجب وبشدة من توقيت القرار, وتصنيفه بأنه يأتي ليضعنا لنسير عكس التيار السائد الآن من قبل مديري السياسة المالية نحو زيادة الاستثمارات المحلية وجذب الاستثمارات الخارجية, لذا فكان يجب علي مديري سياستنا النقدية تثبيت سعر الفائدة. وأضاف: بنظرة لذلك القرار من منظور أكاديميي, فان هذا القرار سيؤدي إلي السيطرة علي التضخم ومستويات الأسعار وزيادة قيم الإيداعات الجديدة من المواطنين, ونسب الادخار, وكبح عمليات الاقتراض, وبالتالي تقليل نسبة السيولة في السوق, والحفاظ علي دخل المواطن البسيط وأصحاب المعاشات الذين وضعوا مكافآتهم في البنوك ويستفيدون من العائد الشهري لمواجهة ارتفاع الأسعار. وتابع: إنه طبقا لأدبيات الاقتصاد فإن زيادة أسعار الفوائد يؤدي الي تراجع أداء حجم التداول في البورصة, بسبب تفضيل المستثمرين وضع أموالهم في البنوك بفائدة مرتفعة, بعيدا عن المخاطرة, مما يخفض من السيولة السوقية بالبورصة ويدفع التداولات للركود, كما يتراجع معدل طلب المستثمرين للقروض من البنوك مع ارتفاع تكلفة الحصول عليها, بل قد يتجهون لوضع أموالهم في البنك مع ارتفاع العائد, وهو ما يهبط بمعدلات الاستثمار المباشر بشكل واضح. لكن قال لو نظرنا إلي هذا القرار من منظور عملي فإن رفع سعر الفائدة علي الإيداع لجذب الإيداعات سيؤدي إلي توافر فائض كبير من السيولة لدي البنوك, حيث تسجل الودائع حاليا أكثر من1.3 تريليون جنيه, ونصفها علي الأقل لا يجد فرصته للاستثمار, وهو ما سوف يؤدي إلي مزيد من أزمة الزيادة في السيولة التي لا تجد طريقها للتشغيل. واستطرد قائلا إن هذا القرار سيؤدي إلي زيادة تكلفة الاستثمار كما سيؤدي الي تراجع معدل طلب المستثمرين للقروض من البنوك بسبب زيادة تكلفة الحصول عليها, وهذا يتعارض مع خطة الحكومة الموضحة بالموازنة الجديدة التي تلقي الحمل الأكبر علي القطاع الخاص لتنفيذ استثمارات بنسبة60% من إجمالي الاستثمارات المتوقع تنفيذها لتحقيق معدل نمو يصل إلي3.2% بدلا من2% خلال العام السابق, لذا فإن ارتفاع سعر الفائدة علي الإقراض يزيد من تكلفة التمويل ومن ثم تكلفة الاستثمار ات, وهو ما سوف يؤثر سلبا علي حجم الاستثمارات التي تعاني أصلا من نقص ملحوظ, وهو ما قد يؤدي إلي إغلاق المزيد من المصانع, وزيادة البطالة, وهو ما سيؤدي الي عدم تحقيق معدلات النمو المستهدفة بالموازنة, بالاضافة الي أن رفع الفائدة سيؤدي الي زيادة من تكاليف عناصر الانتاج السلعي والخدمات وهو ما يعني مزيدا من التضخم. ولفت إلي أن الأزمة الكبري من وراء رفع سعر الفائدة هي زيادة الدين الدخلي وزيادة تكلفته وذلك من خلال ارتفاع تكلفة بيع اذون الخزانة' الدين الداخلي' للبنوك وهو ما يزيد من الأعباء علي ميزانية الدولة خلال العام المالي الحالي. ونوه بأنه يجب البحث عن الأسباب الحقيقية وراء تلك الزيادة التي يري أن سببها وجود صدام غير معلن بين مديري السياسة النقدية مع مسئولي السياسة المالية, حيث إن الحكومة ترغب في زيادة الاستثمارات وتقليل عجز الموازنة وتخفيض معدلات التضخم وزيادة معدلات التشغيل إلا أن قرار السياسة النقدية يؤدي الي عكس ذلك تماما ومن الممكن أن يكون الحد الأقصي سببا من تلك الأسباب. ومن جانبه كشف أسامة رشاد مسئول عن شركة بلتون فاينانشال المتخصصة في الاستثمار, عن توقعات إدارة البحوث أن يكون لقرار لجنة السياسات النقدية برفع أسعار الفائدة أثر سلبي علي معدلات النمو الاقتصادي الضعيفة في مصر إضافة إلي استمرار معدلات التضخم مرتفعة. أشار إلي أن ارتفاع أسعار الفائدة لن يتمكن من معالجة ارتفاع التكاليف, إلا أنه سيؤدي إلي تراجع الطلب, وبالتالي المزيد من البطء في النمو الاقتصادي إلي جانب معدلات التضخم المرتفعة. أكد أن المخاطر المتعلقة بذلك القرار والذي قد يؤدي إلي إيجاد حالة من القلق العام بسبب التوقع أن مخاطر التضخم ستستمر علي المدي الطويل التي قد تؤدي إلي زيادة غير مبررة في الطلب في السوق علي الرغم من رفع أسعار الفائدة. فيما أشار أحمد جلال محلل اسواق المال إلي أن البورصة المصرية تأثرت بشدة بعد قرار رفع أسعار الفائدة, وخسر رأسمالها السوقي أكثر من5 مليارات جنيه في يومين. وأضاف أن القرار سيساهم في تخارج شريحة من المستثمرين من السوق للاستفادة من نسبة الفائدة المرتفعة في ظل سوق يعاني من ضعف السيولة.