مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو 2024    الذكاء الاصطناعى.. ثورة تكنولوجية في أيدى المجرمين الجدد    بعد قفزة مفاجئة.. سعر الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم الجمعة 17 مايو 2024 بالصاغة    «نتنياهو» يمضي وحده| واشنطن تنأى بنفسها.. وبايدن يحجب القنابل الأمريكية عن إسرائيل    الاحتلال يواصل إغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم (فيديو)    من أجل بطاقة السوبر.. ماذا يحتاج برشلونة لضمان وصافة الدوري الإسباني؟    ملف يلا كورة.. موقف شيكابالا من النهائي.. رسائل الأهلي.. وشكاوى ضد الحكام    أحمد سليمان يكشف عن مفاجأة الزمالك أمام نهضة بركان    هل يشارك لاعب الزمالك في نهائي الكونفدرالية بعد وفاة والده؟    شبانة يهاجم اتحاد الكرة: «بيستغفلنا وعايز يدي الدوري ل بيراميدز»    36 ثانية مُرعبة على الطريق".. ضبط ميكانيكي يستعرض بدراجة نارية بدون إطار أمامي بالدقهلية-(فيديو)    «مش هيقدر يعمل أكتر من كدة».. كيف علّقت إلهام شاهين على اعتزال عادل إمام ؟    يوسف زيدان يفجر مفاجأة بشأن "تكوين": هناك خلافات بين الأعضاء    لطيفة تهنئ عادل إمام بعيد ميلاده: بحبك ل آخر يوم في حياتي    فاروق جعفر: واثق في قدرة لاعبي الزمالك على التتويج بالكونفدرالية.. والمباراة لن تكون سهلة    تحرك جديد.. سعر الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 17 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    يوسف زيدان يهاجم داعية يروج لزواج القاصرات باسم الدين: «عايزنها ظلمة»    " بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    بعد اختفائه 12 يومًا.. العثور على جثة الطفل أدهم في بالوعة صرف بالإسكندرية    «واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن والمرافق العامة» .. موضوع خطبة اليوم الجمعة    مدارس النصيرات بغزة في مرمى نيران الاحتلال ووقوع شهداء    فصائل عراقية تعلن استهدف موقع إسرائيلي حيوي في إيلات بواسطة الطيران المسير    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    أحمد السقا يكشف عن مفاجأة لأول مرة: "عندي أخت بالتبني اسمها ندى"    شريف الشوباشي: أرفض الدولة الدينية والخلافة الإسلامية    محافظ جنوب سيناء ووزيرة البيئة يوقعان بروتوكول أعمال تطوير مدخل منطقة أبو جالوم بنويبع    محافظ الغربية: تقديم الخدمات الطبية اللائقة للمرضى في مستشفيات المحافظة    الدراسة بجامعة القاهرة والشهادة من هامبورج.. تفاصيل ماجستير القانون والاقتصاد بالمنطقة العربية    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    براتب 1140 يورو.. رابط وخطوات التقديم على وظائف اليونان لراغبي العمل بالخارج    كارثة تهدد السودان بسبب سد النهضة.. تفاصيل    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    حالة الطقس اليوم على القاهرة والمحافظات    ماذا قالت نهاد أبو القمصان عن واقعة فتاة التجمع وسائق أوبر ؟    قوات الإنقاذ تنتشل جثة مواطن سقط في مياه البحر بالإسكندرية    تركيب المستوى الأول من وعاء الاحتواء الداخلي بمفاعل محطة الضبعة النووية    عاجل - واشنطن: مقترح القمة العربية قد يضر بجهود هزيمة حماس    براميل متفجرة.. صحفية فلسطينية تكشف جرائم إسرائيل في غزة    شروط الحصول على المعاش المبكر للمتقاعدين 2024    بعد الانخفاض الأخير لسعر كيلو اللحمة البلدي.. أسعار اللحوم اليوم الجمعة 17-5-2024 في الأسواق    ورشة عمل إقليمية تحت عنوان «الذكاء الاصطناعي مدخلاً لإعادة هندسة منظومة التعليم»    المظهر العصري والأناقة.. هل جرَّبت سيارة hyundai elantra 2024 1.6L Smart Plus؟    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    كلمت طليقى من وراء زوجي.. هل علي ذنب؟ أمين الفتوى يجيب    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الجمعة 17 مايو 2024    كمال الدين رضا يكتب: الكشرى والبط    اسكواش - خماسي مصري في نصف نهائي بطولة العالم    بعد عرضه في «كان» السينمائي.. ردود فعل متباينة لفيلم «Megalopolis»    كاميرا ممتازة وتصميم جذاب.. Oppo Find X7 Ultra    بنده السعودية.. أحدث عروض الهواتف المحمولة حتى 21 مايو 2024    الأمير تركي بن طلال يرعى حفل تخريج 11 ألف طالب وطالبة من جامعة الملك خالد    تعرف على.. آخر تطورات الهدنة بين إسرائيل وحماس    ميلاد الزعيم.. سعيد صالح وعادل إمام ثنائي فني بدأ من المدرسة السعيدية    طريقة عمل بيكاتا بالشامبينيون: وصفة شهية لوجبة لذيذة    للحفاظ على مينا الأسنان.. تجنب تناول هذه الفواكه والعصائر    تنظم مستويات السكر وتدعم صحة العظام.. أبرز فوائد بذور البطيخ وطريقة تحميصها    لا عملتها ولا بحبها ولن نقترب من الفكر الديني.. يوسف زيدان يكشف سر رفضه «مناظرة بحيري ورشدي»    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من ناصر إلى السادات ومبارك ومرسى..«التجسس «على هاتف رئيس مصر»
نشر في الأهرام العربي يوم 05 - 11 - 2013


محمد عبد الحميد
فعلتها أمريكا بالتنصت على زعماء أوروبا فهل هاتف الرئيس المصري عدلي منصور وبقية قيادات ورموز الدولة بمأمن عن ذلك؟!
دعك من أمريكا وإمكاناتها المتطورة وانتقل بالسؤال إلى مبارك وجماعة الإخوان المسلمين: هل فعلوها وقت وجودهم في الحكم وتنصتوا على هواتف المعارضة وكل من يتشككون في عدم ولائه لهم؟
وهل ينتابك الشك في أنهم مستمرون إلى الآن في التنصت ورصد أدق ما يدور داخل مؤسسات الدولة؟ ومن يدريك أن غيرهم من المتصارعين على كرسي الحكم في مصر أو العاملين في مجالات السياسة والاقتصاد والمعلومات لا يقوم بالتنصت والتجسس على من يشاء؟
لا تتسرع في الإجابة قبل أن تعلم بأن الموانئ المصرية المختلفة سواء الجوية منها قبل البحرية باتت أجهزة الأمن بها تعلن من حين لآخر أنها نجحت في ضبط شحنات من أجهزة التنصت المتناهية الصغر قبل تهريبها إلى داخل البلاد، وأن هناك مواقع مصرية على شبكة الإنترنت وصفحات الفيس بوك، باتت تعلن عن بيع أجهزة تنصت على الهاتف بأسعار زهيدة للغاية، ناهيك عن استفسارات أخرى تصل إلى دار الإفتاء المصرية وشيوخ الفتاوى على القنوات الفضائية المختلفة من رجال ونساء، يسأل كل منهم عن شرعية التنصت على أفراد أسرته والعاملين معه بحجج تتراوح ما بين الشك والغيرة والخوف من أن يتعرض للسرقة والغدر، وأنه بتلك الأجهزة سيكتشف الخائن ويهنأ بحياته في أمان!
في مايو عام 1971، أصيب المصريون بالدهشة وهم يستمعون إلى ما يقوله رئيسهم الجديد محمد أنور السادات، إن هناك من انتهك خصوصيتهم وتنصت على هواتفهم وسجل واحتفظ بأدق أسرار حياتهم طوال سنوات حكم الرئيس السابق جمال عبد الناصر، وأن تلك التسجيلات لو سربت لخربت بيوت ناس كثيرة، وتطلقت زوجات، وأن منزل رئيس الجمهورية هو الآخر بكل ما يحيط به من أجهزة أمنية وحراسات لم يحل دون أن يعانى هو الآخر من التنصت والتجسس من قبل أفراد وجهات محلية وأجنبية.
وقال السادات بالحرف الواحد: « فيه وزراء قالوا لي بيتك فيه تسجيل عليك! بيت رئيس الجمهورية الخاص! كنت بقول لهم بلاش كلام فارغ، مين يجرؤ يعمل حاجة زى دي؟ مين هيعملها سامي ولا شعراوى؟ ويؤسفنى أن أقرر أنه اتضح أن حجرة مكتبي في بيتي في بيت رئيس الجمهورية، وجدنا فيه جهاز امبارح بالليل، لأن بعد اللي جرى بعت جبت جهاز إلكتروني اللي يبحث ووجدت الجهاز في غرفة مكتبي أنا شخصيا»!
وقد تبين خلال التحقيق في أحداث 15 مايو 71، أن سامي شرف قد ثبت بعض أجهزة التنصت في أماكن مختلفة في الاتحاد الاشتراكي لتنقل إلى أجهزة الاستماع والتسجيل في مكتبه كل ما يدور في هذه الأمكنة من أحاديث وأسرار. وكشفت التحقيقات التي تابعها ملايين المصريين لحظة بلحظة آنذاك، أن تفريغات تسجيلات التنصت عبر الهاتف كان يتم حفظها في مكتب تابع لسامي شرف، يرأسه موظف يدعى توفيق عبد العزيز، وكانت تحتوى إلى جانب الأسرار السياسية على أمور شخصية بحتة تدور داخل بيوت هؤلاء السياسيين، وخيانة بعض الزوجات لأزواجهن، وارتباط مشاهير بعلاقات نسائية ببعض الممثلات والراقصات! وعبثا سعى سامي شرف وشعراوي جمعة، في التحقيق إلى الادعاء بأن التنصت على الهواتف كان لمصلحة الأمن والنظام، وهو ادعاء أثبتت التحقيقات كذبه، فقد كانا يتنصتان لأمنهما الشخصي ولاستغلال أسرار من حولهما لخدمة طموحاتهما السياسية، حيث كشفت التحقيقات أنهما قاما بالتنصت على تليفونات شخصيات قيادية مرموقة تعد وقتئذ من دعائم النظام الحاكم، مثل حسين الشافعي، وسيد مرعي، وعلي صبري، وعزيز صدقي، ولبيب شقير، وضياء داود، وأمين هويدي، ومحمد أحمد، وفريد عبد الكريم، ومحمد إبراهيم دكروري.
وقد اتضح من معاينة شرائط التسجيل التي ضبطت بعد أحداث 15 مايو أن أحد الشخصيات القيادية بالاتحاد الاشتراكي كانت له علاقة غير شريفة مع زوجة أحد أصدقائه. وقد تم الاحتفاظ بشريط تسجيل تضمن حديثا متبادلا بينه وبين هذه السيدة حوى عبارات وألفاظا فاضحة غاية في البذاءة بين الطرفين، ومما دعا شعراوي جمعة، إلى إصدار أمره بالتحفظ على هذا الشريط وعدم مسحه كوسيلة لاستغلاله بالطبع ضد هذا المسئول الكبير في حالة عدم انقياده له أو محاولة التمرد عليه! وقد علق الرئيس الراحل السادات على هذا النوع الدنيء من شرائط التسجيل الذي ضبط منه عدد وفير، فقال في الخطاب الذي ألقاه أمام مجلس الشعب في 20 مايو 71 ما يلي: « فيه مسائل في أشرطة التسجيل ستهدم بيوت في هذا البلد، هل هي أخلاق؟ نمسك ذلة، ونذل الناس ونقول أنا ماسك لك، وطلع المتآمرين كل واحد فيهم ماسك ذلة على الثاني إيه ده؟».
وبرغم أن السادات أمر في أعقاب ذلك بإعدام تلك التسجيلات ومنع التنصت ومراقبة الأشخاص إلا بأذن قانوني ولفترة محدودة، فإنه وطوال سنوات حكمة ظل يخشى التنصت على هاتفه، ومن وجود أجهزة تجسس في منزله ومكتبه وعرف عنه حرصه على إجراء أى أحاديث خاصة أو سياسية في حديقة بيته في أثناء سيره على قدميه.
ورحل السادات عام 1981، وتسلم حسنى مبارك مقاليد الحكم لنحو 30 عاما، استفاد خلالها نظام حكمه من التنصت على الهواتف في وقائع عدة أبرزها تلك المتعلقة بوزير الدفاع الراحل عبد الحليم أبو غزالة، والذي تمتع بشعبية كبيرة فاقت مبارك نفسه خلال حقبة الثمانينيات، وذلك قبل أن يجبر على مغادرة منصبه إثر تسريب عدة مكالمات هاتفية جمعته بامرأة فائقة الجمال تدعى لوسي آرتين، تنتمي للطائفة الأرمنية في مصر، وهي ابنة شقيقة الممثلة لبلبة وقريبة الممثلة الاستعراضية نيللي، وكانت لوسي قد تزوجت عام 1984، من « برنانت هواجيم سرمحجيان» وعلى الرغم من أنهما بعد عام واحد أنجبا طفلتهما الأولى، فإن المشكلات خصوصاً المادية منها كانت قد نشبت بينهما. وعندما جاءت الابنة الثانية في 1987، كانت الخلافات بين الزوجين قد وصلت إلى طريق مسدود. وبدأت بينهما سلسلة من المحاضر والقضايا.. كانت لوسي تستغل فيها علاقتها بكبار رجال الدولة للتأثير على الأحكام القضائية لتصدر لصالحها، فإلى جانب أبو غزالة كان هناك أيضا الرجلان الثاني والثالث في وزارة الداخلية بعد الوزير، وهما اللواء حلمي الفقي، مدير الأمن العام، واللواء فادي الحبشي، مدير المباحث الجنائية، إضافة إلى ثلاثة قضاة سهلوا لها كل شيء، وعندما ألقي القبض عليها مع قاضٍ شهير في حالة تلبس بإحدى الشقق في هليوبوليس بحي مصر الجديدة، لم تنكر علاقاتها بهذه الشخصيات الكبيرة، لكنها كشفتهم وعرتهم أمام الرأي العام، وقالت في التحقيقات: «الرجال الكبار اتجننوا.. كلهم وقعوا في حبي.. دول بيعيشوا حالة مراهقة على كبر.. وبعدين أنا ذنبي إيه!»، وفي 16 مارس عام 1993، كانت مقاعد مجلس الشعب المصري كاملة العدد استعداداً لسماع طلب الإحاطة الذي تقدم به النائب كمال خالد، نائب دمياط، والذي تضمن عرض نص الحواراتٍ الهاتفية الساخنة بين التي تمت بين لوسى والشخصيات المتورطة معها من المسئولين، وتضمنت التسجيلات أحاديث عما يدور في غرف النوم وأنواع وألوان الملابس الداخلية، وشكل الأوضاع الجنسية، ووجدها مبارك فرصة لعزل أبو غزالة من منصبه وتعيينه في منصب شرفي وهو مساعد رئيس الجمهورية، مما أدى لتراجع شعبيته كثيرا، مما أمن لمبارك حكم مصر دون منافس كما استفاد مبارك بعد ذلك أيضا من التنصت على هواتف قيادات المعارضة وخصومه السياسيين، وذلك باعتراف وزير داخليته الأشهر حبيب العادلي، قبل ثورة 25 يناير 2011، بأن مكالمات التليفون كلها تراقب وتسجل قائلا: «واللي يخاف ما يتكلمش».
ومثلما كانت السنوات الأخيرة في حكم الرئيس عبد الناصر، خصبة بحكايات عن تنصت رجال الدولة على بعضهم بعضاً، فإن السنوات الأخيرة لنظام حسنى مبارك، شهدت نفس الأمر وراجت حكايات عن تنصت صفوت الشريف، وجمال مبارك، وسوزان مبارك، وزكريا عزمى، على بقية رجال الدولة والمعارضة وتسخيرهم لجهات أمنية لتعلب هذا الدور فحسب شهادة اللواء مهندس شفيق البنا، كبير موظفي مؤسسة الرئاسة الرئيس السابق لقطاع الشئون الفنية والإدارية في رئاسة الجمهورية إبان عهد الرئيس السابق حسني مبارك، فإن زكريا عزمي، رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق، كان يمارس التنصت ويسجل جميع مكالمات الموظفين العاملين داخل أروقة قصور الرئاسة، ويدخل بها إلى مبارك حتى يعلم أسرار حاشيته. كما أكد البنا أن عزمي حاول التسجيل لمبارك نفسه، مشيرا أن عزمي عقب قيام ثورة يناير وإجبار مبارك على التنحي قام في الأيام الأخيرة له بالقصر بإعدام كل تلك التسجيلات خشية أن تستغل ضده من قبل حكام مصر الجدد!
أشار البنا إلى أن الرئيس جمال عبد الناصر، كان حريصاً على التوثيق لجميع المكالمات وتوثيق الاجتماعات، وكانت هناك غرفة للتسجيلات توثق على شرائط مشفرة، لافتا النظر إلى أن هذا الإجراء امتد حتى 15 مايو 1971، في عهد الرئيس السادات عندما قام بحركة التصحيح وتخلص من التسجيلات ومنعها تماما.
وظن البعض عقب تنحى مبارك أن مصر ستتغير للأفضل لا سيما في مجال الحريات العام واحترام خصوصية الأفراد، وتنتهي للأبد أساليب التنصت على الهواتف وتسجيل ما يقال إلا أن جماعة الإخوان المسلمين التي بزغ نجمها في فترة ما بعد ثورة 25 يناير، مارست تلك الأساليب بشكل موسع على جميع خصومهم وذلك باعتراف قيادات الجماعة أنفسهم بعدما وصلوا إلى سدة الحكم لدرجة أن رئيس الجمهورية السابق محمد مرسى، أكد ذلك عندما تحدث في كلمة لأنصاره أمام قصر الرئاسة في شهر نوفمبر 2012، وقال إن لديه معلومات مباشرة بما حدث في أحد الاجتماعات واستمر مرسى مع كل خطاب يقوله للشعب أن يتضمن فقرة يشير من خلالها إلى أنه على علم بكل ما يقال أو يتهامس به خصومه، كان أبرزها في خطاب «الحارة المزنوقة» وآخر «هناك ثلاثة أو سبعة أو خمسة أو أربعة أفراد اجتمعوا سرا وأنا عارف بيخططوا لإيه «وخطاب صابع أو اتنين يلعبوا في مصر وأنا هقطع تلك الصوابع «!
كما تورط المهندس خيرت الشاطر، نائب مرشد جماعة الإخوان والرجل الذي كان يوصف بأنه والمرشد محمد بديع، الأكثر سيطرة وتحكما في الرئيس محمد مرسى، وفى مؤسسة الرئاسة المصرية، وقد تورط الشاطر هو الآخر أكثر من مرة فى تصريحات دلت على أنه وجماعته قاموا بالتجسس على مكالمات المعارضة وكبار رجال الدولة، وأنه يمتلك تسجيلات خاصة عليهم حدث ذلك للمرة الأولى في إبريل 2012، عندما أشار الشاطر في لقاء تليفزيوني مع قناة BBC إلى أن الجماعة رصدت اتصالات بين المجلس العسكري واللجنة العليا للانتخابات، وهى الاتصالات التي تم من خلالها استبعاد مرشحين للرئاسة، وكان الشاطر منهم.
والمرة الثانية كانت عندما تحدث خيرت الشاطر، بعد مذبحة الاتحادية بيومين فقط، في مؤتمر صحفي عقده ائتلاف القوى الإسلامية وقال: وصلت للجماعة معلومات من كواليس البرامج الفضائية مسجلة على الهواتف المحمولة لحوارات بين قيادات وأطراف داخلية وخارجية تهدف لمنع الإسلاميين من الوصول إلى الحكم منذ ثورة 25 يناير، وأن معلومات مهمة وصلت الجماعة تشير إلى مشاورات ونقاشات عن أن الرئيس لن يستمر في إدارة مصر أكثر من 4 أشهر، مضيفا أن المخطط يهدف إلى إرباك الرئيس وإظهار فشله أمام وسائل الإعلام في تحقيق مطالب الشعب، مشددًا على أن تلك المعلومات موثقة ومسجلة من داخل القنوات الفضائية باستخدام الهواتف المحمولة.. جاء ذلك في كلمة الشاطر أمام الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، وأضاف أن الإخوان لا يعلقون على شماعة الإعلام من فراغ، ولكن من منطلق معلومات حقيقية، مشيرا إلى ما سماه الإعلام الفاسد ورأى أنه يلعب دورًا كبيرًا في نشر الفتنة بالشارع المصري.
وهناك واقعة أخرى مشابهة كان بطلها د. عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، والذي تحدث عن تنصت الرئاسة على مكالمات النائب العام والمعارضة والقضاة وشخصيات إعلامية.
كما تورط صفوت حجازي، في اعترافات مماثلة بعد أحداث الاتحادية قائلا: نعلم أن هناك 60 % ممن هم أمام الاتحادية نصارى، وأقولها لعل صباحي يسمعها نعلم وعندنا تفاصيل كاملة بالصوت والصورة للاجتماع الذي دار في فيلا البرادعي، وكان حاضرا البرادعي، وحمدين صباحي، والسيد البدوي، وجورج إسحاق، ومنى مينا، قائلا: عندنا نص الكلمة التي قالها حمدين سنملأ الميادين مظاهرات وسنشعل ميادين مصر.
وهناك بلاغ قدم للنائب العام في شهر مايو الماضي، من قبل المحامى سمير صبري، يطالب فيه بالتحقيق مع كل من رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي، ومحمد بديع، وخيرت الشاطر، وعصام العريان، حول قيامهم بالتنصت والتجسس علي الهواتف الخاصة بعدد من قيادات المعارضة والشخصيات العسكرية والإعلاميين، والهدف من ذلك تهديدهم بفضح أسرارهم الشخصية.
الفريق أحمد شفيق، رئيس وزراء مصر الأسبق، والذي خاض المنافسة الانتخابية على منصب رئيس الجمهورية مع محمد مرسى، في جولة الإعادة، عانى هو الآخر من تنصت الإخوان على مكالماته الهاتفية، وقال في حوار تليفزيوني: حذرت الشاطر أكثر من مرة وقت الانتخابات من التنصت على المكالمات، لأنني اكتشفت أنه يتم التنصت على مكالماتي أنا شخصيا.
كما راجت تقارير عدة من قبل معارضي مرسى وجماعته، بأن الإخوان يمارسون أدوارا تمثل خطرا على الأمن القومي بجلبهم معدات وأجهزة تنصت وتجسس متطورة جدا بلغت قيمتها نحو 130 مليون دولار، وقاموا بتخصيص دور كامل في مبنى الإرشاد بالمقطم للتنصت وتسجيل مكالمات جميع خصوم الجماعة وكبار رجال الدولة، وتردد أن واقعة احتراق هذا المبنى في الأحداث التي تلت اشتعال ثورة 30 يونيو، والتي أطاحت بحكم مرسى وجماعته، قد التهمت تلك التسجيلات والأسرار التي كان الإخوان يحتفظون بها كدلائل ضد خصومهم! وهو ما حدث في واقعة التنصت على مكتب النائب العام عقب الإطاحة بمحمد مرسى، والجاري التحقيق فيها الآن بعدما عثر النائب العام على عدد من الأسلاك الموصلة مكتبه بالمكاتب الأخرى المجاورة له والمجهولة المصدر، فقام باستدعاء خبراء الاتصالات للكشف عن أجهزة التنصت المحتمل وضعها من قبل النظام السابق عليه!
وتردد في الأيام الأخيرة أنه وعقب الكشف عن فضيحة الإخوان، وسعيهم للتجسس على النائب العام، فإن جهة سيادية تتولى حاليا فحص كل القصور الرئاسية للتأكد من عدم وجود أجهزة تنصت قام الإخوان بزرعها في القصور وقت وجود مرسى في الحكم لضمان سيطرتهم عليه وعلى كل من يأتى بعده ، كما انتشرت في الفترة الأخيرة تسريبات لوزير الدفاع عبد الفتاح السيسى، في أثناء لقاءات جمعته بضباط وجنود القوات المسلحة وقت حكم الرئيس السابق، حيث يرجع تاريخ أحدها إلى شهر ديسمبر الماضي، وتردد أن مصدرها جماعة الإخوان، والتي كانت تتجسس وتتنصت على وزير الدفاع دون علمه!
من جهتها أكدت د. فوزية عبد الستار، أستاذ القانون الجنائي بجامعه القاهرة، أن التنصت على الهواتف وتسجيل المكالمات دون إذن مسبق من الجهات القضائية يعد مخالفة صريحة للقانون، ويقع تحت طائلة العقوبة الجنائية وفقا لأحكام قانون العقوبات. وأن هذا الحظر يسرى على الجهات الرقابية والأمنية في الدولة، كما يسرى على الأفراد العاديين، فلا يحق لأى جهة أمنية أو سيادية مهما كانت أن تتنصت أو تراقب هاتف شخص أو جهة دون إذن من القاضي مهما كانت الذرائع وأى تسجيل يتم دون هذا الإذن يعد باطلاً ولا يؤخذ به ويوقع بمن قام به تحت طائلة القانون، وتؤكد أنه لا يجوز لأى جهة تسجيل المكالمات إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة لا تزيد علي ثلاثين يوما، ويجوز للقاضي الجزئي أن يجدد هذا الأمر لمدة أو مدد أخري مماثلة وفقا لأحكام القانون.
ويرى نجاد البرعى، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان أهمية تغليظ العقوبات الجنائية على كل من يثبت تورطه في وقائع تتعلق بانتهاك حرية وخصوصية الآخرين دون إذن قضائي، لافتا النظر إلى أن العقوبة الحالية تعد هزيلة مقارنة بفداحة الفعل يقع فوفق المادة 309 مكرر من قانون العقوبات يعاقب من قام بالتنصت والتسجيل للأفراد بالحبس مدة لا تزيد علي سنة ومصادرة الأجهزة، كما يحكم بمحو التسجيلات الحاصلة عنها وإعدامها ويشدد العقاب بالحبس الذي يصل إلي ثلاث سنوات متي كان الجاني موظفا عاما استغل وظيفته في ارتكاب جريمته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.