الطيب الصادق حالة من الترقب والانتظار تسيطر على السوق المصرى لعودة وتدفق الاستثمارات العربية والأجنبية لمصر مرة أخرى بعد خروجها إبان الأحداث التى أعقبت ثورة 25 يناير فى عام 2011، وأدت إلى هروب العديد من المستثمرين بسبب الظروف التى واكبت هذه الفترة. لكن رغم أن الوضع الحالى ما زال غير مستقرا فإن هناك تفاؤل وبوادر أمل فى عودة الشركات العالمية إلى مصر وضخ استثمارات جديدة، خصوصا مع السير فى الطريق السياسى المحدد مسبقا وتنفيذ خارطة الطريق، برغم أن الوضع الاقتصادى أصبح مرتبكا ويحتاج إلى إجراءات تحفيزية للمستثمرين لجذب استثماراتهم إلى مصر وتشجيعهم لانتهاز الفرص السانحة حاليا واستغلالها والتى ربما سيندمون عليها بعد ذلك فى حالة عدم استغلالها خاصة مع تدنى تكلفة حجم الاستثمارات حاليا فى مصر. وزارة الاستثمار بدورها تسعى حاليا لاستعادة معدلات الاستثمارات الأجنبى المباشر بعد أن حققت صافى تدفق للداخل بمقدار ثلاثة مليارات دولار، خلال العام المالى الماضى 2012/2013، وفقا للتقرير الأخير للبنك المركزى المصرى مقابل 4 مليارات دولار خلال السنة المالية السابقة، بانخفاض قدره مليار دولار، وذلك كنتيجة أساسية لتراجع حصيلة بيع شركات وأصول إنتاجية لغير المقيمين، وذلك بعد أن كان مناخ الاستثمار فى مصر يشهد تدفقات للاستثمار الأجنبى المباشر، حيث ارتفعت من 2 مليار دولار فى عام 2004 إلى 13,2 مليار دولار فى عام 2008 ، كما بلغ حجم الاستثمار الأجنبى المباشر فى عام 2009 فقط نحو 8.1 مليار دولار . أسامة صالح وزير الاستثمار كشف عن أن الحكومة تتبنى حاليا نهجا فى دفع معدلات نمو الاقتصاد المحلى، من خلال ضخ استثمارات قومية جديدة وصل حجمها إلى 22 مليار جنيه، بالإضافة إلى المشروعات التى تتبناها الدولة لزيادة فرص العمل للشباب من خلال دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مشيرا إلى أن الحكومة تكرِّس كل جهودها لمواجهة مختلف التحديات التى تواجه الاقتصاد المصرى، وفى مقدمتها ارتفاع معدل البطالة بين الشباب وانخفاض حجم الاحتياطى من العملات الأجنبية. وائل زيادة رئيس قسم البحوث بالمجموعة المالية هيرميس، يؤكد أن السوق المصرى ينطوى على فرص غير مسبوقة نظرًا لانخفاض القيمة السوقية للأسهم مقابل قيمتها الدفترية إلى أدنى المستويات على خلفية الأوضاع السياسية غير المواتية فى الوقت الراهن، مشيرا إلى أن مجتمع الاستثمار الدولى فى حاجة للتعرف على خطط الشركات لتوظيف موجة التعافى المرتقب بغض النظر عن الاضطرابات السياسية على المدى القصير. وقال زيادة إن المجموعة المالية هيرميس قامت أخيرا بتنظيم مؤتمر استثمارى بالمملكة المتحدة دعت فيه أبرز الشركات المدرجة بأسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعرض الرؤى الاستثمارية وتبادل وجهات النظر مع أبرز شخصيات مجتمع الاستثمار الدولى بملاءة استثمارية تتجاوز 5 تريليونات دولار أمريكى، موضحا أن المستثمرين أشاروا إلى أن توفير الاستثمارات الأجنبية المباشرة للمشروعات غير النفطية سيؤدى إلى تعظيم أرباح القطاع المصرفى، فضلاً عن مميزات الاستثمار فى الشركات القائمة على إنتاج وتصنيع السلع الاستهلاكية فى ضوء المميزات الديموغرافية الفريدة وسياسة التوسعات المالية بالمنطقة. ومن جانبه يؤكد الدكتور سمير مرقص، أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية ضرورة تشجيع الاستثمار الأجنبى والعمل على جذب هذه الأموال وضخها فى السوق المصرى، لكن تجب تهيئة الأجواء السياسية وعمل مصالحة وطنية لجميع الأطياف فى مصر لحل المشكلات السياسية التى تعوق جذب هذه الاستثمارات إلى مصر فى الوقت الحالى، مشيرا إلى أن مصر مكبدة بالديون فى ظل اقتصاد اقترب من الانهيار، ولا يمكن تجاوزه إلا بالإنتاج الحقيقى وتنمية الصادرات وتشغيل المصانع المتوقفة وزيادة الإنتاج وما يصاحب ذلك من تشغيل المصانع المتوقفة. وأوضح مرقص أن هناك عيبا أساسيا موجوداً فى الاقتصاد المصرى ولم يتم تداركه حتى وقتنا هذا، ألا وهو عدم الاستغلال الأمثل للموارد، خصوصا أن مصر تمتلك مقومات اقتصادية متنوعة، لديها القدرة على التغلب على الظروف التى تعانيها حاليا. بينما يرى أحمد آدم، الخبير الاقتصادى، أن عودة الاستثمارات إلى مصر مرهونة بعودة الاستقرار والأمن للشارع المصرى، وهو كفيل بجذب العديد من المستثمرين لمصر خصوصا أن مصر تمتلك مقومات مختلفة لجذب الاستثمارات من بينها موقعها الجغرافى، وامتلاكها كتلة سكانية لم توجد فى أى دولة بالمنطقة، وهو ما يزيد من عدد المستهلكين إلى 90 مليون مواطن، فضلا عن وجود حالة من عدم الاستقرار فى مناطق أخرى مجاورة مثل سوريا والعراق، مما يسهم فى جذب الاستثمارات إلى مصر، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبى وخاصة دول غرب أوروبا تمر بمرحلة من الكساد الاقتصاد، وارتفاع فى تكاليف التشغيل، وزيادة الضرائب وذلك يعتبر فرصة مواتية لجذب هذه الاستثمارات ونقل هذه المصانع من أوروبا إلى مصر، وخلق نوع من التوأمة مع المصانع الأوروبية وخاصة أن هذه المصانع لديها أسواقها الخاصة والتى ترغب فى الاحتفاظ بها. وطالب الحكومة المصرية باتخاذ قرارات غير تقليدية لتنشيط الاقتصاد مثل منح إعفاء ضريبى للمشروعات ، وإنشاء صندوق خاص لتنمية الصناعة يعمل على تقديم قروض صناعية بفائدة مخفضة لا تتعارض مع السياسات التمويلية للبنوك المحلية وقرارات البنك المركزى، فضلا عن قيام البنوك بدورها فى التنمية وتشجيع عمليات الاقراض بفوائد مخفضة بعد أن تخطت السيولة حاجز التريليون و300 مليار جنيه مما تسهم فى جذب المزيد من الاستثمارات أو تساعد الاستثمارات القائمة على التوسعات فى خطوط الإنتاج، وتحديث المعدات، وإدخال التكنولوجيا المتقدمة. كما طالب بضرورة الاستقرار وإجراء مصالحة بين القوى السياسية، لأن مصر أصبحت الآن فى حالة فوضى مستمرة ووصلت ذروتها ولا يوجد اقتصاد فى العالم ينمو فى ظل كل هذه الأجواء الطاردة للاقتصاد والقاتلة لكل قطاعات الاقتصاد