أعلن الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار أن البيانات الأولية لميزان المدفوعات الصادرة عن البنك المركزي المصري أشارت إلي أن الاقتصاد المصري نجح خلال العام المالي 2008 2009 في جذب استثمارات أجنبية مباشرة تقدر بحوالي 1.8 مليار دولار، والملفت أن صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال العام المالي 2008 2009 تجاوز التقديرات التي كانت تشير إلي جذب صافي تدفقات في حدود 7 مليارات دولار. وهو ما دعي بعض المحللين لتغيير توقعاتهم المستقبلية بشأن تدفقات الاستثمار الأجنبي لمصر خلال الفترة القادمة، هذا إلي جانب أن مؤسسة معلومات الاستثمارات الأجنبية المباشرة التابعة لمؤسسة الفاينانشال تايمز أصدرت تقريرا عن تصنيف الدول الأفريقية من حيث جاذبية مناخ الاستثمار بها، أدرج الاقتصاد المصري في المركز الأول علي مستوي شمال أفريقيا والمركز الثاني علي مستوي القارة الأفريقية بعد جنوب أفريقيا. وهو ما يعزز من الرؤية الإيجابية لتدفق الاستثمار الأجنبي لمصر في ظل الأجواء العصيبة للأزمة المالية.. فما هي العوامل التي أدت لزيادة تدفق الاستثمار الأجنبي خلال الفترة الماضية بما يفوق توقعات المحللين؟.. وما هي التوقعات بحجم الاستثمار الأجنبي في العام المالي 2009 2010؟ تقول سها النجار رئيس قسم البحوث بشركة فاروس إنها كانت في بداية عام 2009 من ضمن المتشائمين بمستقبل تدفق الاستثمار الأجنبي لمصر في ظل تداعيات الأزمة المالية العالمية آنذاك وانعكاساتها علي الاقتصاد العالمي مما دفعها لتوقع أن تصل تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في العام المالي 2008 2009 إلي 3 أو4 مليارات دولار. وتشير إلي أن هناك عوامل أدت لزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لمصر بما يفوق التوقعات فمن ناحية بدأت تظهر مؤشرات التعافي علي الاقتصاد العالمي خلال الفترة الماضية وتوفرت بعض السيولة للمستثمرين خاصة في ظل وصول أسعار البترول إلي معدل 70 دولارا للبرميل وهو ما لم يكن متوقعا وفي ظل اتجاه المستثمرين لتنويع استثماراتهم لتقليل المخاطر كانت اسعار الأصول في مصر جذابة لأنها نسبيا لازالت رخيصة، وتعتبر أن تحقيق مصر استثمارات أجنبية مباشرة ب 1.8 مليار دولار في عام صعب مثل عام 2008 2009 يعد إنجازا كبيرا. أسعار البترول وعن توقعاتها لتدفقات الاستثمار الأجنبي في العام المالي 2009 2010 تقول سها إن النظرة لهذا العام ستكون متفائلة مادام استمر التعافي واستمرت أسعار البترول علي المعدلات الحالية، معتبرة أن الصناعات الثقيلة والصناعات المعدنية من الممكن أن تكون من القطاعات الجذابة للاستثمار الأجنبي حيث تتمتع مصر بموارد معدنية وموقع جغرافي متميز وعمالة منخفضة التكلفة، مشيرة إلي أن قطاع الأسمدة الكيماوية من الممكن أن يكون من القطاعات الجذابة في ظل توافر الغاز المصري بتكلفة منخفضة كذلك قطاع الأسمنت في ظل انخفاض تكلفة العمالة والطاقة والنقل في مصر، وعن أبرز المناطق التي قد تجلب الاستثمارات لمصر في الفترة القادمة تعتبر سها أن جنوب شرق آسيا والخليج ستلعبان دورا مهما في ذلك حيث انهم من أكبر المستثمرين في العالم وتوجد مؤشرات للتعافي من الأزمة المالية في جنوب شرق آسيا. وتشير ريهام الدسوقي كبير الاقتصاديين ببلتون فاينانشال إلي أن حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلي مصر في العام المالي 2008 2009 جاء أكثر من توقعاتها حيث توقعت أن تكون 5.6 مليار دولار فقط، وتفسر وصول التدفقات الاستثمارية إلي 1.8 مليار دولار في هذا العام المالي بأن انجذاب الاستثمار الأجنبي لقطاع الغاز والبترول في مصر خلال تلك الفترة لعب دورا رئيسيا في الوصول إلي هذا الرقم. وتضيف أن بيانات الربع الثالث من العام المالي 2008/2009 توضح أن هناك زيادة ملموسة في استثمارات الصين والهند وهو ما قد يعود إلي اتجاه استثمارات هذه الأسواق إلي سوق ناشئ كالسوق المصري يحقق نموا إيجابيا في فترة ركود عالمي علاوة علي أن هذه الاقتصادات الآسيوية ظهرت عليها علامات التعافي الاقتصادي من الأزمة بشكل مبكر عن الاقتصادات الغربية.