"أخونة مفاصل الدولة".. مصطلح بات متداولا على ألسنة العامة والخاصة، مصحوبا بحالة من التوجس المريب لأخذ البلاد إلى ما لا يعلمه الناس، ولكنهم يتوجسون شرا؟ ترى ما حقيقة ذلك؟ وإلى أين تقف تلك الشائعات موقف الحقيقة أم أنها مجرد زوبعة من زوابع الشارع المصرى التى كثرت جدا فى الآونة الأخيرة .. تلك الفترة التى أعقبت الانتخابات الرئاسية، وكان الظن بالبلاد الاستقرار والسير فى طريق التقدم وليس التطاحن . ولأن وزارة الأوقاف – حارسة المنبر والمسجد – تقوم بدور جوهرى فى تشكيل الوعى لدى الكافة .. كان لابد من البدء بها .. ولكن المفاجأة أن السطح الهادئ كشف عن دوامات مغرقة، فها هى ثورة الخطباء والأئمة تعلن عن وجودها بعدة وقفات رافضة لقرارات وزير الأوقاف وإنشاء حركة مناهضة لتلك القرارات التى ستجرف بكلمة المنبر إلى سواحل غريبة عليها.. تدعو لنظام سياسى معين وإسلامى من منظور واحد، وثقافة دينية من وجهة نظر هذا النظام الحاكم وهو الإخوان.. وأطلقوا على الحركة اسم «أئمة بلا قيود». «الأهرام العربى» .. تحققت مما يحدث وراقبت وتراقب فاعليات الحركة وردود فعل وزارة الأوقاف « الجديدة » بقيادة الدكتور "طلعت عفيفى". التقينا العديد من أئمة المساجد أعضاء حركة « أئمة بلا قيود» الذين قالوا إنه تمت فعلا أخونة وزارة الأوقاف، ويكفى أن كل المواقع القيادية الأساسية بالوزارة تم استبدالها بقيادات من الجماعة، ويجرى الآن أخونة المساجد والأئمة بأسرع ما يمكن وبكل الوسائل. وقالوا إن المخرج الوحيد لإنقاذ المساجد والأئمة من الأخونة هو إعادة الدعوة لإشراف الأزهر الشريف لضمان استقلالهم، مؤكدين أنه لا صلاح للبلاد إلا باستقلال الشرطة والجيش والقضاء والأئمة ليكون درعا وسيفا وميزانا وضميرا حيا. وقالوا إنهم اضطروا لتحريك دعوى سب وقذف ضد وزير الأوقاف ودعوى أخرى تزوير فى محررات رسمية. بداية تحدث أحمد عياد – إمام وخطيب بإدارة الأقاف بالعباسية القاهرة – قائلا : القضية الجوهرية الآن أن كل المناصب القيادية الأساسية فى وزارة الأوقاف تم أخونتها، أى تم شغلها بقيادات إخوانية، ولم يكتفوا بذلك، بل إن هناك اتجاها جديدا يطبقه الإخوان الآن، وهو تبنى عدد من السيدات الدعاة التابعين للإخوان وتكليفهن بالدعوة فى المنازل لتغيير فكر الأسرة المصرية، إلى جانب أن القيادات الإخوانية أصبحت تسيطر الآن على كل الأماكن الراقية بالمحافظات الرئيسية كالقاهرةوالجيزة. وقد اكتشفنا أنهم دخلوا نقابة الدعاة تحت التأسيس ليصلوا إلى أهدافهم ثم تركوها. أكثر من ذلك أن كل مسابقات وزارة الأوقاف لشغل المواقع القيادية كانت وهمية ونتيجتها بالطبع فشل جميع المتسابقين، ثم يأتون بمن يريدون. مضيفا : لا مخرج لنا من كل ذلك إلا برجوع الدعوة إلى الأزهر الشريف. ويتفق معه فى الرأى الشيخ خلف مسعود – إمام وخطيب بمديرية أوقاف الجيزة – قائلا: للأسف الشديد وزارة الأوقاف تعانى الآن فقدان الهدف، وكأنها أصبحت مركبا تائها فى بحر مظلم، فليس هناك خطة أو منهج لعملها، وقراراتها متناقضة، والأغرب من ذلك أنها تحمل أخطاءها للأئمة، فالوزارة الآن خليط من الإخوان والسلفيين وقلة من الأزهر، ولكن كلهم ليس لديهم خبرة بالدعوة، حتى وزير الأوقاف نفسه برغم احترامنا له ليس لديه خبرة إدارية . لكن لا يهمنى إذا كانوا إخوانا أم لا .. المهم كفاءتهم ونجاحهم فى العمل وهذا غير موجود، وقراراتهم للأسف تثير المشاكل. فنحن هدفنا الأساسى والأهم هو إبعاد الخلافات والصراعات السياسية عن الدعوة، أئمة ومساجد .. وليس هناك ضمان لذلك إلا أن يكون الأزهر هو المشرف على الدعوة فى مصر. وهناك أربع مؤسسات لابد أن تكون لها الاستقلال التام الشرطة والجيش والقضاء والدعاة، حتى يكون درعاً وسيفاً وميزانا وضميرا حيا . أيضا تحدث الشيخ حسن عبد البصير – إمام وخطيب بأوقاف الإسكندرية – قائلا : إذا كان وزير الأوقاف الذى نعتز به ونحترمه كعالم كبير، ينفى وينكر أن هناك عملية أخونة للأوقاف والمساجد والأئمة فبماذا نسمى أن كل المحيطين به من الإخوان، وعلى سبيل المثال نجد أن الشيخ سلامة عبد القوى تم تعيينه مستشارا للوزير برغم أن لديه 46 عقوبة إدارية، وهذه إشارة سيئة وسلبية توحى بأن الذى يعمل ويجتهد ليس له مكان فى الوزارة والعكس .. هل هذا معقول؟! أيضا الدكتور جمال عبد الستار عضو الحملة الانتخابية للرئيس مرسى “ إخوان “ تم تعيينه وكيل أول للوزارة، والدكتور صلاح سلطان “ إخوان “ تم تعيينه رئيسا للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية . وأريد أن أؤكد أن هناك خطة تنفذ الآن لأخونة جميع المساجد الكبرى فى مصر استعدادا لانتخابات مجلس النواب، وهذه العملية القائمة على العنصرية والطائفية لها خطورتها الكاملة والكامنة لكنهم – أى الإخوان المسلمين – أفقر فكرا من أن يستقطبوا الأئمة. وأعتقد أنه طالما كان المواطنون متيقظين ويقفون وراء الأئمة المعتدلين فستفشل هذه الخطة، لأنه إذا كانت الأمة تحتاج إلى الأزهر لحماية أمنها القومى، فإنه على الأمة أن تحمى الأزهر والأئمة المعتدلين. كذلك تحدث الشيخ حسن حبيب – إمام مسجد السلام بمدينة السادات – المنوفية – قائلا: الحقيقة أن جماعة الإخوان المسلمين هدفها الأساسى السيطرة على جميع مفاصل الدولة، والواقع يؤكد أنها تسير فى هذا الطريق بكل سرعتها وبكل الوسائل وستدهسنا، لأننا بذلنا كل الجهد دون جدوى. فأنا تحدثت مع وزير الأوقاف نفسه وقلت له : لا يجوز أن يكون الإمام تابعا لجماعة معينة، لأن المفروض أن يكون الإمام محايدا، ففوجئت بالوزير يرد قائلا: “ أنا شايف غير كده “، فماذا سننتظر بعد ذلك؟ لدرجة أنه عندما عقدنا مؤتمرا بهدف المطالبة بحقوق الأئمة وحماية المنابر من استغلالها سياسيا، فوجئنا ببيان موقع من الوزير، يقول إن هناك حملة تسىء إلى وزارة الأوقاف بمساعدة أئمة تابعين للنظام السابق، وقد تضمن البيان سبا وقذفا فى حق الأئمة، وردنا على ذلك أننا سنقيم دعوى سب وقذف ضد وزير الأوقاف، ودعوى أخرى بتحرير محررات مزورة. أما القرار الخاص بانتخابات مجالس إدارة للمساجد رقم 75 لسنة 2013 فهو حجر الأساس لأخونة المساجد. كما أريد أن أشير إلى قرار الوزير بإيقاف الشيخ مظهر شاهين بدعوى أنه أحدث انقساما فى المسجد ،فأنا أريد أن أوضح أن قرارات الوزير نفسه أحدثت انقساما فى كل مساجد مصر، ولذلك كتبت له قائلا : الاستقالة أفضل لنا ولك. والآن نحن بصدد إقامة دعوى ثالثة لمنع تولى أى وظيفة قيادية لمن يتبع تيار سياسيا أو دينيا معينا. من جانبه كشف الشيخ أحمد البهى – منسق حركة أئمة بلا قيود – النقاب عن خطط وزارة الأوقاف لأخونة المساجد والمنابر – على حد زعمه -، محذرا من أن ذلك سيحولها إلى ساحات للصراعات السياسية، وسينصرف الناس عنها، وستحدث فتنة كبرى لا يعلم مداها إلا الله . وواصل قائلاً : إن التعدى على المساجد ودور العبادة مرفوض شكلا وموضوعا وهذه من الأمور التى استجدت فى هذا الزمان للأسف، ولا نجد تفسيرا لهذا الأمر إلا بأن هذا نتيجة إقحام المساجد فى الصراعات السياسية ونحن من جهتنا كحركة أئمة بلا قيود طالبنا السيد وزير الأوقاف بتفعيل القانون، واتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة ضد كل من يثبت تورطه فى أى اعتداء على المساجد أو محاولة استخدامها كمقرات للاعتقال أو التعذيب ولابد على الوزارة أن تحمى مساجدها ودعاتها خصوصا فى الفترة المقبلة . وقد سبق أن حذرنا من سيطرة أى فصيل على الوزارة أو على المساجد، ونحن فى الفترة الأخيرة رصدنا عدة أمور تقدمنا بها إلى السيد الوزير ومنها تعيين قيادات الوزارة من جماعة الإخوان، وكذلك فى المديريات بالأقاليم وخصوصا المحافظات المهمة كالقاهرةوالإسكندرية والقليوبية والأقصر وأسيوط وسيناء وغيرها، مما أثار الاحتقان والسخط فى نفوس أغلب العاملين بالوزارة لأنهم رأوا أن فى هذا الأمر عودة لنفس ممارسات الحزب الأوحد والتى كنا نعانى منها سابقا ونحن ما زلنا فى مرحلة حوار مع الوزارة لتوضيح هذه الأمور والعمل على إنهاء هذه الحالة فورا لكيلا تزداد نسبة الغضب بين الأئمة والدعاة، وخصوصا ممن يتم إقصاؤهم لصالح آخرين. وعن ملامح خطة وزير الأوقاف لأخونة المساجد.. وإلى أى مدى ستنجح قال: لو سلمنا جدلا أن الوزير مضى فى مشوار ما يسمى الأخونة حتى النهاية ونجح فى ذلك، فإنه سيتبع ذلك بالضرورة ضرر أكيد للدعوة يتمثل فى تبنى خطاب دينى من وجهة فصيل سياسى واحد مما يستلزم بالضروره محاولة تطويع الخطاب الدينى لخدمة الأهداف السياسية لهذا الفصيل مما سيترتب عليه بالضروره ضرر للمجتمع الذى هو بطبيعة الحال سيرفض هذا الخطاب الدينى لأنه يختلف سياسيا مع قائله وخطورة ذلك الأمر تكمن فى احتمالية انصراف الناس عن الخطاب الدينى، بالكلية مما قد يؤدى إلى موقف موحد من المجتمع تجاه الإسلام يشبه إلى حد ما ماحدث فى أوروبا فى العصور الوسطى. ونحن إذا لم نحصل على توضيحات وردود شافية من الوزارة بشأن هذه الحالات فبالضرورى أنه سيكون لنا موقف من هذه التجاوزات، ولكننا فى البداية سنلجأ إلى الجهات القانونية المختصّة لمنع التجاوزات وسيكون القانون هو الفيصل بين الجميع . وحول مدى إمكانية أخونة الأزهر أوضح أن الأزهر هو مشيخة ومعاهد وجامعة ودعاة وأئمة، أما المشيخة فمن المستبعد على الأقل فى المستقبل القريب أن تتآخون، نظرا لأن هيئة كبار العلماء التى سيأتى منها على الأقل خمسة شيوخ للأزهر قادمين لايوجد مدخل لها. أما الدعاة فهم فى قبضة وزارة الأوقاف، وإن لم يعد القطاع الدينى فى تبعيته إلى الأزهر الشريف، فإن مسألة تسييس هذا القطاع هى مجرد مسألة وقت، ولهذا طالبت الحركة بضم القطاع الدينى للأزهر الشريف أو الإبقاء عليه فى الأوقاف كما هو بشرط انتخاب رئيسه من هيئة كبار العلماء، كما هى الحال مع مفتى الجمهورية، وذلك لضمان استقلالية الدعوة والمساجد. واعتبر البهى المظاهرات التى طالبت بإقالة شيخ الأزهر فى أحداث المدينة الجامعية علامة على بداية خطة السيطرة على الأزهر، مطالباً أبناء الأزهر المخلصين بالوقوف يدا واحدة ضد أى محاولة تفريق أو سيطرة على هذا الكيان الكبير . وعن كيفية التصدى للأخونة قال: نطالب الناس بالرجوع إلى المنهج الوسطى فى فهم الإسلام ومحاولة قراءة كتب العلماء الثقات والاستماع إلى الشيوخ والعلماء المعتبرين من الأزهر الشريف، وعدم أخذ الفتاوى إلا عن طريقهم حتى يملأوا الفراغ الدينى لديهم وحينها سيقدرون على مواجهة أى فكر أو محاولة لاستغلال عواطفهم تجاه الدين من أى فصيل ، خاصة أن بعض الأمور فى الوزارة وبعض القرارات من شأنها إحداث البلبلة وسط صفوف المجتمع والمساجد، كالقرار رقم 75 لسنة 2013 م والذى أرادت الوزارة من خلاله فتح الباب لانتخاب مجالس إدارات للمساجد يتداخل عملها مع عمل الإمام، مما قد يؤدى إلى فتن كبيرة بالمساجد أو محاولة السيطرة عليها من فصائل وتيارات معينة ستسعى للمنافسة فى انتخابات هذه المجالس، مما سيحول المساجد إلى ساحات حقيقية للنزاعات وسيخرجها عن روحانيتها وقدسيتها، وكذلك البروتوكول الذى وقعته الأوقاف مع الجمعية الشرعية لتسليم المساجد التابعة لها ورفع يد الأوقاف عنها كل هذه الأمور، لو حدثت ستؤدى إلى مشاكل واضطرابات كثيرة ولكننا حتى الآن لا نريد تضخيم الأمور ونأمل فى تعديل المسار وأن تستجيب الوزارة لطلبات الأئمة سريعا قبل حدوث أى مشاكل أو فتن .