ماذا بعد الأزمة التي يعاني منها الاقتصاد الأمريكي نتيجة انخفاض تصنيفه الائتماني لزيادة الديون المستحقة وعجزها عن الوفاء بقيمة الأقساط وعوائدها وتأثير ذلك علي الاقتصاد المصري؟ خبراء الاقتصاد والاستثمار أكدوا أن حركة التجارة الدولية وخصوصا صادراتنا من المنتجات الغذائية والمحاصيل الزراعية إلي أوروبا وكذا صادراتنا من الصناعات النسيجية والملابس الجاهزة هي أهم القطاعات الأكثر تأثرا وطالبوا بسرعة اعداد خطة لإدارة هذه الأزمة لاستغلالها لمصلحتنا. وأكدوا أن الجهاز المصرفي المصري آمن ولن يتأثر بهذه الأزمة بفضل الاصلاحات النقدية المستمرة التي يجريها البنك المركزي. وتفاصيل أخري يرويها هؤلاء الخبراء في سياق التحقيق التالي: يقول جمال محرم رئيس الغرفة المصرية الأمريكية ان تراجع التصنيف الائتماني إليAA+ لا يمثل تقييما سيئا ولكنه تراجع فقط من ممتاز إلي جيد جدا وأن اذون الخزانة الأمريكية مضمونة ولا يمكن التشكيك في عدم سدادها وان جميع دول العالم وليست مصر فقط تضع نسبة من احتياطياتها النقدية من العملات الأجنبية لدي أمريكا وأعرب عن اطمئنانه لسياسة البنك المركزي المصري بقياداته الرشيدة في إدارة الأزمة. وقال ان البنوك المصرية بدأت تتحرك للاستثمار في منطقة اليورو غير أنها تشهد مشاكل ديون لعدد من الدول. واتفق معه في الرأي محمد الدشيش نائب الاتحاد المصري للتأمين أن تأثير تراجع التصنيف الائتماني الأمريكي سيكون محدودا حيث مازالت أمريكا تتمتع بتصنيف جيد جدا وبالنسبة لتأثيره علي قطاع التأمين فسيكون ضئيلا أيضا لأن أغلب شركات إعادة التأمين الكبري توجد في أوروبا. وتوقع الدشيش أن يكون تراجع البورصة المصرية خلال الوقت الحالي مؤقتا لاتجاه المستثمرين الأجانب للبيع لتغطية محافظهم الحالية المكشوفة في أمريكا. أما مجدي عبدالفتاح الخبير المصرفي فيؤكد أن الجهاز المصرفي المصري قوي وقادر علي إدارة هذه الأزمة التي ستلقي بصمات السلبية فقط علي حركة التجارة الدولية خصوصا الصادرات وكذا احجام المستثمرين الأجانب عن إجراء توسعات في مشروعاتهم الاستثمارية داخل مصر نتيجة هذه الأزمة العالمية وعدم الاستقرار الأمني داخل مصر. ويوضح مجدي عبدالفتاح أن الفيدرالي الأمريكي يحاول الخروج من الأزمة من خلال إعلانه منذ أيام قليلة لأول مرة الابقاد علي سعر فائدة منخفض علي الدولار لمدة عامين ليتراوح ما بين صفر إلي ربع في المائة وتهدف الخطوة إلي تحريك عجلة الاقتصاد الداخلي وتشجيع المستثمرين ورجال الأعمال للاقتراض من البنوك وتشغيل مشروعاتهم ومصانعهم, مشيرا إلي أن البنك المركزي يضمن جميع الودائع في الجهاز المصرفي وهي آمنة مؤكدا أنه رغم الأحداث السياسية في مصر فإن اقتصاديها واعد ولكن بشرط توفير الاستقرار الأمني للتنمية الاقتصادية بعد ثورة52 يناير. انكماش في صادرات الملابس الجاهزة وهو ما يؤكده مجدي طلبة رئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة الأسبق أن السوق الأمريكي بعد تخفيض التصنيف الائتماني في حالة ذعر وأن صادرات مصر إلي المستهلك الأمريكي من الصناعات النسيجية والملابس الجاهزة تمثل نسبة كبيرة وهو ما يترتب عليه حدوث حالة انكماش شديدة في هذه السوق مؤكدا أن دولا عديدة تعي جيدا كيفية الاستفادة من هذه الأزمة لكن في مصر لا يوجد تنسيق أو إدارة للأزمات ومواجهتها مشيرا إلي أن صادرات ب2,4 مليار جنيه سنويا في مهب الريح بعد أزمة تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة. يضيف أن المستوردين الأمريكيين خفضوا وارداتهم من الملابس الجاهزة والصناعات النسيجية بعد ثورة52 يناير إلي03% بسبب عدم انتظام الشحن البحري وغياب الاستقرار الاسياسي والأمني داخل المجتمع المصري إضافة إلي اهتزاز الجودة في الصناعة نتيجة الاعتصامات والاضرابات العمالية مما ترتب علي ذلك أيضا ارتفاع التكلفة لكن بعد انخفاض التصنيف الائتماني فان المستهلك والمستورد الأمريكي سوف تتجه انظارهما إلي المنتج البنجلاديشي وموردي دول جنوب شرق آسيا من الملابس الجاهزة والصناعات النسيجية ذات الأسعار الرخيصة مقارنة بأسعار المنتجات المصرية العالية. الجهاز المصرفي صامد بفضل اصلاحات المركزي يري الدكتور شريف دلاور أستاذ الاستثمار والاقتصاد الدولي أن ما حدث للولايات المتحدة يعد حدثا اقتصاديا عالميا يحدث لأول مرة منذ الكساد العالمي في مطلع القرن الماضي فهذا الانخفاض في التصنيف الائتماني يعني أن أمريكا أصبحت عاجزة عن سداد ديونها وعوائد سندات واذون الخزانة التي تكتتب فيها معظم حكومات دول العالم وهو ما يعني أيضا أن الولاياتالمتحدة لكي تقترض مرة أخري من خلال هذه السندات لابد أن تطرح عائدا علي هذه السندات بسعر أعلي لكي تقترض لمواجهة العجز في سداد ديونها وهو ما يعني زيادة حجم هذه الديون وانتشار البطالة وحدوث تباطؤ شديد في نشاط الاقتصاد الأمريكي مشيرا إلي أن الناتج القومي السنوي الأمريكي يصل إلي51 تريليون دولار وان الديون تعدت سقف هذا الناتج وان رفع حد السقف لهذه الديون يعني المزيد من تورط الاقتصاد الأمريكي في الأزمات الاقتصادية وهذا ينبيء بحدوث كارثة اقتصادية عالمية خصوصا وأن دول اليورو تعاني أيضا من كارثة اقتصادية بسبب أزمة ديون اليونان والبرتغال وإيطاليا في الطريق. ويؤكد أن هذه الأزمة التي تعاني منها أمريكا وأوربا هي من تداعيات الأزمة المالية العالمية التي حدثت أواخر عام8002 وأن الولاياتالمتحدة لم تأخذ حلولا جذرية لمواجهة المشكلة لذا فانها ستظل تعاني من تداعياتها بل إن الحل الأعرج الذي يقترحه الأمريكيون برفع حد سقف الديون هو بمثابة مخدر وقتي لنقل الأزمة للعام المقبل وهو ما يترتب عليه تفاقم الأزمة وهو ما يعكس عدم جدية كبار الساسة والاقتصاديين في حل المشاكل لأن النظام المالي والنقدي العالمي بحاجة إلي اصلاحات جدية وليس مجرد تصريحات وردية. أما تأثير تلك الأزمة علي الاقتصاد المصري فان الصادرات المصرية هي الأكثر تأثرا لانها تعتمد علي القيمة المضافة المنخفضة وفي مثل هذه الظروف فان المستهلك الأمريكي يلجأ إلي المنتجات الأرخص نتيجة انخفاض دخله الناتج عن البطالة وتصاعد نسبة الضرائب التي قد تلجأ إليها أمريكا لتعويض جزء من أزمتها بالرغم من انها تحرص علي زيادة الدعم للفئات غير القادرة. أما الجهاز المصرفي المصري فانه لن يتأثر بفضل الاصلاحات النقدية التي لايزال البنك المركزي المصري يمارسها لدعمه مشيرا إلي أن الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية لن يتأثر أيضا. انخفاض حجم المعونات والقروض ويشير الدكتور محمود عبدالحي مدير معهد التخطيط الأسبق إلي أن هذا التأثير ينعكس بوضوح علي حجم المنح والاعانات والقروض التي تقدمها أمريكا للدول الفقيرة ومؤسسات التمويل الدولية التي تساهم فيها الولاياتالمتحدة ودول أوروبا فينعكس ذلك في أزمة سيولة وتتأثر المؤسسات النقدية والمالية العالمية فتصاب بالشلل والافلاس خصوصا أن شركات التأمين العالمية ترفض التأمين علي هذه المؤسسات وبالطبع ينعكس ذلك بالسلب علي حركة التجارة الدولية. يختتم قائلا أن مؤسسات التصنيف العالمية يسيطر عليها رجال المال والاقتصاد من الصهاينة الذين تسيطر علي قراراتهم لعبة السياسة للتأثير علي المصداقية في الاقتصاد الأمريكي لذا فان مثل هذه الهزات يمكن أن تكون نذيرا قويا للمستثمرين العرب الذين يودعون استثماراتهم في بنوك ومؤسسات أمريكية وأوروبية لاستثمارها لكي يغيروا قبلتهم الاستثمارية إلي دول إفريقيا لتنميتها بدلا من ايداعها في مهب الريح خصوصا أن أمريكا تعلن عن أسعار رسمية لسعر الفائدة علي هذه الأموال المودعة وفي ذات الوقت تدفع أسعار فائدة أكبر بشكل غير معلن للجنسيات الأوروبية والأمريكية من المستثمرين. ويطالب وزارات المجموعة الاقتصادية بضرورة تنسيق جهودها وتشكيل إدارة لهذه الأزمة لاستغلالها إيجابيا لمصلحة مصر من خلال الاستيراد للخامات ومعدات الإنتاج بأسعار منخفضة نتيجة أزمة السيولة في دول أوروبا وأمريكا.