بينما كشف أحدث تقرير للبنك المركزي عن تراجع الصادرات غير البترولية بمعدل 4.8% أرجعها لانخفاض صادرات مجموعتي المواد الخام والسلع تامة الصنع، فإن بيانات هيئة الرقابة علي الصادرات والواردات أوضحت تراجعها بنسبة 2% فقط خلال العام المالي 2008/،2009 وذلك مقارنة بالعام السابق حيث بلغت حوالي 16.4 مليار دولار.. وبعيدا عن الخلاف في حجم التراجع وفقا لبيانات "المركزي" وهيئة الرقابة علي الصادرات فالأهم أن التراجع بدأ، في حين ثار الجدل حول ما إذا كانت الأزمة العالمية هي السبب وراء انخفاض صادراتنا وانعكس ذلك علي رأي المصدرين الذين اختلفوا حول الأسباب الحقيقية لذلك التراجع. وبتفحص البيانات نلاحظ أن تأثيرات الأزمة تباينت من قطاع لآخر ومن وقت لآخر خلال العام الماضي حيث شهد الربع الأول زيادة في حجم الصادرات بلغت 34% والثاني شهد ارتفاعا طفيفا بلغ 0.3% لكن التراجع بدأ مع الربع الثالث حيث سجلت الصادرات انخفاضا بنسبة 15% واستمر في الربع الرابع ليسجل تراجعا بنسبة 17% خاصة بعد تراجع إجمالي صادراتنا خلال نفس الربع بنسبة 20% إلي الاتحاد الأوروبي بمفرده.. ويبدو أن منحني الصادرات المصرية بدأ في التراجع كما توقع الدكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية.. والسؤال المهم الآن: كيف يمكن التخفيف من حدة هذه التأثيرات والأهم معرفة الأسباب الحقيقية لمحاولة علاجها والتخفيف عنها؟ بداية يؤكد حسين العجيزي رئيس مجلس إدارة جمعية تنمية تصدير الحاصلات البستانية أن الأزمة لم تؤثر بشكل كبير علي حجم صادراتنا من الحاصلات البستانية التي بلغت حوالي 5.2 مليار دولار ولكن هناك بعض المحاصيل التي تأثرت مثل الفراولة نتيجة لدخول منافسين جدد معنا للسوق الأوروبي.. مشيرا إلي أن التأثير الحقيقي للأزمة هو عدم تحقيق معدلات النمو التي كانت متوقعة للقطاع والتي كانت تتراوح بين 10 إلي 20% حسب المحصول والطلب العالمي. وأرجع العجيزي "الفضل" في عدم الانخفاض للقطاع إلي الدعم الذي قدمته الحكومة والذي يصل إلي 20% من قيمة الصادرات مستبعدا أن يحدث انخفاض في صادرات قطاع الحاصلات الزراعية خلال النصف الأول من 2009/2010 خاصة مع بداية انفراج الأزمة خاصة المؤشرات الأوروبية الأخيرة عند ارتفاع معدلات النمو بالعديد من دول الاتحاد الأوروبي. انخفاض الأسعار العالمية ويتفق مع الرأي السابق المهندس شريف راشد المدير التنفيذي للمجلس التصديري للحاصلات الزراعية ويضيف أن بعض السلع صدرت أكثر من الكميات التي كانت تصدرها قبل الأزمة وأرجع سبب عدم زيادة أرقام صادرات القطاع إلي انخفاض الأسعار العالمية وليس حجم الاستهلاك.. وتوقع راشد أن يتجاوز حجم صادرات الحاصلات الزراعية خلال العام القادم حاجز ال 3 مليارات دولار مع بداية انفراج الأزمة. المنسوجات وبالنسبة لصادراتنا من المنسوجات كان آخر تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن صادراتنا من الأقطان خير دليل علي ما يعانيه القطاع حيث انخفضت صادراتنا من الأقطان بحوالي 400 مليون جنيه خلال الموسم الماضي. ويؤكد حمادة القليوبي الرئيس السابق لغرفة الصناعات النسجية أن القطاع كان من أكثر القطاعات تأثرا بالأزمة العالمية حيث انخفضت صادرات المفروشات بنسبة 35% والنسيج بحوالي 52% بخلاف الملابس الجاهزة التي لم تتأثر بشكل كبير ولكنها بدأت تتراجع خلال الشهرين الماضيين، مشيرا إلي أن تأثر صادرات المنسوجات يرجع إلي الأزمة وانخفاض قدرتنا التنافسية أمام المنافسين خاصة الهند وبنجلاديش وباكستان وفيتنام والصين والتي انخفضت عملاتها بعد الأزمة بحوالي 25% وهو ما يعني ميزة تنافسية لمنتجاتها أمام المنتج المصري في الأسواق العالمية. حرب أسعار وأضاف القليوبي أن ما يحدث في الأسواق العالمية هي "حرب" بين الدول علي حد تعبيره لا تقدر عليها الشركات بدون مساعدة حكومتها، مشيرا إلي أن الخطوات التي اتخذتها الحكومة ومنها الدعم والأسعار الاسترشادية للجمارك لتقليل التهريب ساعدت علي التقليل من حدة الآثار للأزمة علي قطاع المنسوجات.. وتوقع القليوبي أن تنخفض صادرات القطاع خلال العام الحالي إلي 1.8 مليار دولار بعد أن كان حجم صادرات القطاع 2.2 مليار دولار خلال 2008. الملابس الجاهزة أوضح مجدي طلبة رئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة أن صادرات الملابس الجاهزة تبلغ حوالي 60% من صادرات المنسوجات حيث سجلت مليارا و250 مليون دولار من حوالي 2.4 مليار دولار إجمالي صادرات المنسوجات.. مشيرا إلي أنه رغم ثبات صادرات الملابس إلا أن القطاع تأثر بالأزمة والدليل انخفاض الاستثمارات خاصة التركية في قطاع المنسوجات مما أدي إلي عدم وصولنا إلي الأرقام التي استهدفتها استراتيجية تطوير قطاع المنسوجات للوصول بصادراتها إلي 3.5 مليار دولار في 2009 وهو ما لم يتحقق رغم أنه رقم ضئيل بالنسبة لقدرات القطاع ومقارنة بالعديد من الدول المجاورة. التغطية علي الأزمة الداخلية وأوضح مجدي طلبة أن المنسوجات لم تكن السبب الرئيسي في تراجع صادراتنا يعود إلي الأزمة العالمية خاصة اننا كنا من الدول المهيأة للاستفادة منها وتحقيق مكاسب ولكن يبدو اننا كنا مصرين علي الدخول في الأزمة للتغطية علي المشكلات التي تواجه المصانع وخاصة في قطاع المنسوجات. وكشف عن الدراسة التي أجراها المجلسين مؤخرا وأوضحت ان هناك تكلفة غير مبررة علي المنتج المصري حيث تبلغ تكلفة الساعة مقاسة علي الأجور في مصر حوالي 88 سنتا بينما تبلغ تلك التكلفة في دول شرق آسيا حوالي 32 سنتا بمعني أن هذه الدول أصبحت لديها ميزة تنافسية أكثر من مصر بحوالي 50% إضافة إلي أن إنتاجية العامل المصري انخفضت بنسبة 50% مقارنة بإنتاجية العامل في تلك الدول، وطالب مجدي طلبة بالحد من البيروقراطية غير المبررة والتي ظهرت خلال الثلاث سنوات الأخيرة حتي يمكن الحفاظ علي مستوي صادراتنا مع السعي إلي تطوير المصانع.