بالرغم من تأكيد د. حازم الببلاوي نائب رئيس الوزراء ووزير المالية علي أن الديون الأمريكية سوف يكون لها تأثير محدود علي الاقتصاد المصري باعتباره غير مندمج بشكل كامل في الاقتصاد العالمي أنها سوف تخدم مصر بصورة كبيرة مع تراجع ضم الدولار لأن مصر مدينة بالدولار إلا أن العديد من رجال الأعمال والصناعة والخبراء الاقتصاديين لهم آراء مختلفة حول مدي الاثار السلبية والأيجابية حول هذه الأزمة وتداعياتها علي الاقتصاد المصري. وأكد محمد السويدي وكيل اتحاد الصناعات المصرية أن هذه الأزمة وإن كان لها عدد من الجوانب السلبية إلا أن هناك اثارا ايجابية تأتي في مقدمتها اتجاه رءوس الأموال الطائرة إلي ضخ المزيد من الاستثمارات في الاقتصاد المصري باعتباره من الدول الاستثمارية الواعدة وبصفة خاصة بعد التغيرات الجذرية في النظم السياسية والاقتصادية في مصر حاليا واستعادة الاستقرار الأمني والذي سوف يجعل مصر من أفضل الدول الجاذبة للاستثمار. وأوضح أن انخفاض قيمة الدولار المتوقعة عالميا سوف يؤدي إلي تقليص حجم الدين الخارجي والفوائد المستحقة عليه خلال الفترة القادمة وإن لم يتأثر سعر الدولار محليا كثيرا فضلا عن زيادة الضرر علي الاستيراد للسلع والمنتجات التي يتم استيرادها بالدولار وبصفة خاصة من الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأشار إلي أن أول الآثار السلبية للأزمة الاقتصادية الأمريكية هبوط أسعار الأسهم بالبورصة المصرية أمس الأول بنسبة4% فضلا عن اتجاه المساعدات الأمريكية لمصر إلي الانخفاض بنسبة كبيرة سواء في المجال العسكري أو الاقتصادي. كما أكد أحمد الوكيل رئيس الاتحاد لعام للغرف التجارية أن الأزمة الاقتصادية الأمريكية اثرت في اقتصاديات دول العالم وليس مصر فقط ولكن بنسب متفاوتة تبعا لارتباط كل دولة بها اقتصاديا وسياسيا. وأوضح ان الولاياتالمتحدة باعتبارها الشريك التجاري الثالث لمصر سوف تؤثر علي قطاعات مختلفة وتأتي في مقدمتها الصادرات المصرية وبصفة خاصة الملابس الجاهزة في ظل اتفاقية الكويز. وأعرب عن اعتقاده بأن الضعف الذي يمر به الاقتصاد المصري حاليا ليس له علاقة بالأزمة الأمريكية وإنما نتيجة للأوضاع الداخلية المصرية, مشيرا إلي أن الأزمة سوف تبدأ اثارها خلال الفترة القادمة ولكن بنسبة بسيطة نظرا لعدم إندماج الاقتصاد المصري بصورة كبيرة مع الاقتصاد العالمي. وأكد الدكتور صلاح جودة مدير مركز الدراسات الاقتصادية أن الأزمة الحالية التي يعاني منها الاقتصاد الأمريكي تنعكس تداعياتها السلبية علي الاقتصاد المصري خاصة ان الاحتياطي النقدي المصري يتم استثماره في اقوي اذون خزانة موجودة وهي اذون الخزانة العامة الأمريكية, وبالتالي فمعني أن وكالة ستاندرد آند بورز تخفض التصنيف الائتماني للاقتصاد الأمريكي ان الحكومة الأمريكية لا تستطيع سداد ما عليها من مستحقات في المواعيد المحددة. واشار إلي أن نحو60% من الاحتياطي النقدي المصري متوقف علي أذون الخزانة الأمريكية وهي النسبة المستثمرة هناك وبالتالي فأن أي اهتزاز في الاقتصاد الأمريكي يؤثر علي العالم بأكمله بما فيه مصر نظرا لأن معظم الاحتياطيات النقدية لدول العالم بالدولار وهو ما حدث في الأزمة المالية العالمية فاقتصاديات العالم تأثرت بها ولكن بنسب متفاوتة. وطالب الحكومة المصرية بسرعة استعادة الأموال المصرية المستثمرة في اذون الخزانة الأمريكية واستثمارها في مجالات اكثر امانا وضمانا, وذلك لتفادي أي تطورات سلبية يمكن ان تطرأ علي الاقتصاد الأمريكي وتحدث أزمة حقيقية ستؤدي إلي انتكاسة كبري للاقتصاد المصري. وأوضح الدكتور عبدالرحمن عليان استاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس ان مصر لن تتأثر بالأزمة الحالية الخاصة بالاقتصاد الأمريكي, خاصة ان لديها ظروفا طبيعية تفصلها عن دول العالم المتقدمة لأنها لا تصنف ضمن الاقتصاديات العالمية المرتبطة ببعضها وهو ما كان واضحا خلال الأزمة المالية العالمية عام2008 وازمة دول جنوب شرق آسيا فقد جاء التأثر بتلك الاحداث ضعيفا جدا. وفيما يتعلق بالاحتياطي النقدي المصري المستثمر في أذون الخزانة الأمريكية قال إن نسبة تأثر الاقتصاد المصري في هذا الصدد تتوقف علي حجم الاحتياطي النقدي المستثمر فيها فكلما زادت نسبة الأموال المستثمرة كلما زادت الاستجابة للظروف الأمريكية من قبل الاقتصاد المصري لأن نسبة المخاطرة تزيد والتأثير يكون ملحوظا. واشار إلي أنه من المفترض وضع سلة توظيف للاحتياطي النقدي متنوعة فلا تقتصر علي دولة واحدة خاصة ان الاستثمار بشكل كبير في مكان واحد هو مؤشر خطير, فلابد أن تكون سلة دول عديدة مستثمر بها كما يكون هناك سلة متنوعة من العملات. وفيما يخص تأثر الاستثمارات الأمريكية الوافدة لمصر أوضح ان الأزمة الحالية للاقتصاد الأمريكي لا تؤثر علي الاستثمارات الأمريكية خاصة في ظل الظروف الداخلية التي تشهدها البلاد التي تؤدي بدورها إلي تراجع حجم الاستثمارات من جميع الدول فحركة الاستثمارات بطيئة في ضوء غياب الاستقرار السياسي والانفلات الأمني, كما ان الاستثمار الأمريكي في مصر نسبته ضئيلة مقارنة باستثمارات الدول الأخري. واكدت عنايات النجار الخبيرة المصرفية ان التصنيف وتنوع الاستثمار والاحتياطي الاجنبي وعدم التركيز علي عملة واحدة هو الملاذ الآمن لمواجهة أي تأثيرات سلبية خارجية خاصة فيما يتعلق بالأزمة المالية مؤكدة أن الذهب سيظل هو الملاذ الآمن والأكثر بريقا. وأوضحت أن هناك مخاطر سياسية واقتصادية تحيط الآن بالجانب الأمريكي مما يزيد المخاطر للعديد من الدول التي كانت تعتقد أن الاقتصاد الأمريكي لن يتأثر بأي أزمة اقتصادية فزادت سنداتها بالبنوك الأمريكية لأنها لم تتخيل يوما ان الاقتصاد الأمريكي لن يستطيع أن يسدد مديونياته, بينما تواجه الحكومة الأمريكية عجزا واضحا في عدم الوفاء بالتزاماتها المالية لأول مرة في تاريخها, واشارت إلي أن سقف الدين الأمريكي من المتوقع ان يرتفع بمقدار2.4 تريليون دولار, وهذا سيجعل الحكومة الأمريكية تخفض الإنفاق خلال السنوات العشر المقبلة بنفس قيمة رفع سقف الدين وهذا بالطبع سيؤثر علي حجم المعونات الأمريكية لمصر. ومن جانبه أكد محمد الأبيض رئيس شعبة الصرافة باتحاد الغرف التجارية بالقاهرة ان تأثير الأزمة الأمريكية علي السوق المصرفية المصرية لن تتضح ملامحها خلال الفترة الحالية, مشيرا إلي أن أهم مايؤثر بالسوق المصرية للعملات عدد من العوامل أهمها حجم الموارد والاحتياطي, بالإضافة إلي العرض والطلب. وأوضح انه بالرغم من تعرض الاقتصاد الأمريكي لأزمة طاحنة الا ان السوق المصرية لم تشهد تغيرا كبيرا في سعر الدولار الأمريكي فمازال سعر الدولار يشهد تغيرا طفيفا فقد ارتفع سعر الدولار من5.96 إلي5.96.25 جنيه للشراء. ومن جانبه اكد حسام ابوشملة خبير الأوراق المالية ان أي أزمة اقتصادية خارجية تتأثر بها سوق الأوراق المالية في مصر بشكل كبير دون أن نعالج هذه الأزمة بالأسلوب العلمي فبعد ان خفضت وكالة ستاندار أند بورز التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من الدرجة القصويAAA إلي درجة أدني وهي+AA تأثرت البورصة المصرية بشكل كبير. وطالب ابوشملة المسئولين بدراسة الأزمة الأمريكية دراسة متأنية واتخاذ الاجراءات اللازمة لمواجهتها وإصدار البيانات الموضحة لمدي التأثير الاقتصادي منها علي المدي القريب والبعيد والخطوات التي تم اتخاذها لتجنب سلبيات هذه الأزمة وعرضها علي الرأي العام.