تسجيل الناخبين وإدارة العملية الانتخابية والتصويت الإلكتروني ومشاركة المغتربين ومراقبة الانتخابات وغيرها من العناوين كانت محور نقاشات استمرت ثلاثة أيام في الملتقي الذي دعت إليها وزارة الخارجية الرومانية بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي. وشارك فيه خبراء في الانتخابات من دول مختلفة بحضور مميز من مصر وتونس لتبادل الخبرات في التحول نحو الديمقراطية عبر تنظيم انتخابات حرة شفافة. الملتقي حمل عنوان التحول نحو الديمقراطية: شمال إفريقيا وشرق أوروبا.. تبادل الرؤي والخبرات ويأتي في إطار حرص رومانيا علي نقل تجربتها في اجتياز الفترة الانتقالية إلي كل من مصر وتونس وإلقاء الضوء علي المساهمات التي قدمها برنامج الأممالمتحدة الإنمائي لمساعدة دول أوروبا الشرقية في بداية تسعينيات القرن الماضي. وفي بادرة تؤكد الرغبة الحقيقية بالاستفادة من التجارب والخبرات السابقة للدول المختلفة لإدارة أول انتخابات عقب قيام ثورة25 يناير وسقوط نظام مبارك, شارك في الملتقي وفد مصري رفيع المستوي ضم المستشار عبد المعز إبراهيم رئيس اللجنة العليا المشرفة علي الانتخابات البرلمانية المقبلة والمستشار علي الصادق عثمان مساعد أول وزير العدل والمستشار عمر الشريف علي الشريف مساعد وزير العدل للتشريع ومن وزارة الداخلية اللواء محمد رفعت قمصان مساعد الوزير للشئون الإدارية بالإضافة إلي عدد من ممثلي المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية. ومن تونس شارك عدد من أعضاء لجنة الانتخابات الدائمة هناك ومجموعة من القضاة وممثلو المنظمات غير الحكومية والإعلاميين حيث تحدثوا عن الاستعدادات التي تجري في تونس لإجراء أول انتخابات بعد سقوط بن علي بداية من تنقية الجداول الانتخابية وتسجيل المغتربين في الخارج تمهيدا لمشاركتهم في تلك الانتخابات. مجهودات الديمقراطية في مداخلته تحدث تيودور باكونسكي وزير خارجية رومانيا فأكد أن هناك فرصة تاريخية لكي تقضي دول الشمال الإفريقي العربية علي الفكرة المغلوطة بأن النظام الديمقراطي لا يناسب الدول العربية وأن تحول هذه الدول نحو الديمقراطية خطوة في سبيل' دمقرطة العالم'. وأشار باكونسكي إلي أهمية مثل هذه اللقاءات في تبادل الخبرات بين الدول حيث أن الديمقراطية قابلة للتطوير والتحسين الدائمين, موضحا أن النجاح في تطبيق الديمقراطية يتطلب مجهودات كبيرة وأن الانتخابات الأولي بعد سقوط النظم الديكتاتورية تمثل تحديا حقيقيا لأنها تجري عادة في فترة حرجة تتفاعل فيها عناصر كثيرة. وأضاف وزير خارجية رومانيا أن بلاده استفادت كثيرا من التجارب الديمقراطية التي سبقتها وتمكنت من تحقيق تطلعات المواطنين وقضت علي تهميش بعض الفئات حيث شارك في الانتخابات البرلمانية الرومانية الأخيرة ثلاثة ملايين روماني يقيمون بالخارج عن طريق البريد في محاولة لإزالة جميع العوائق والصعوبات التي قد تعوق حصول كل مواطن علي حقه في المشاركة والتصويت في الانتخابات. هيئة عليا مستقلة من جانبه اعتبر أوكتافيان أوبريش رئيس هيئة الانتخابات الدائمة في رومانيا أن الصعوبات التي تواجه بعض الدول العربية في التحول نحو الديمقراطية طبيعية الحدوث مشيرا إلي أن' دمقرطة' أنظمة الحكم في بلدان أوروبا الشرقية التي بدأت منذ حوالي20 عاما واجهت مثل هذه الصعوبات, وأن رومانيا استطاعت أن تتغلب عليها بتنظيم انتخابات حرة نزيهة وتوفير المناخ المناسب لاستيعاب التغيرات التي طرأت علي المجتمع الروماني ووضع أسس ديمقراطية جديدة. وأكد أوبريش أهمية تشكيل هيئة عليا مستقلة للإشراف علي الانتخابات وأن يتم تشكيلها بناء علي قواعد واضحة وشفافة وألا يتوقف دورها علي العمل في فترة الانتخابات فقط موضحا أن هيئة الانتخابات الدائمة في رومانيا التي يرأسها تتمتع بالاستقلال الكامل عن الحكومة الرومانية وأن لها صلاحيات واسعة في أداء عملها مشيرا إلي أن اللجنة تقوم إضافة إلي مهامها الرئيسية في العملية الانتخابية من رصد ومتابعة وفصل في الطعون والترشيح بمتابعة نشاط الأحزاب السياسية ومصادر تمويلها والكشف عن أي مخالفات ترتكبها تلك الأحزاب. خصوصية التجربة يسيم أوروك مديرة برنامج الأممالمتحدة الإنمائي في رومانيا أشارت إلي أن المجتمع الدولي وكذلك البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة لا يمكنهما أن يمنحا لمصر وتونس وصفة جاهزة للتحول نحو الديمقراطية وكل ما يمكن المساهمة به في هذا المجال هو تقديم التجارب السابقة ومنها التجربة الرومانية بعد الثورة للاسترشاد بها في الفترة الانتقالية مؤكدة أن البرنامج الإنمائي لا يريد أن يملي علي مصر أو تونس طريقة معينة لإدارة أمورها. من جانبها اعتبرت أني ديميريان المديرة الإقليمية لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي في أوروبا أن هناك فرصة لإنعاش الروابط التاريخية بين الدول العربية ودول أوروبا الشرقية من خلال دراسة تجارب مجتمعات دول أوروبا الشرقية في التحول نحو الانفتاح الاقتصادي والسياسي مشيرة إلي أن الانتخابات الحرة هي الخطوة الأولي لبناء مجتمعات شفافة وأنها من بين أهم تحديات الفترة الانتقالية. وأوضحت أن من بين أهم أسباب التقارب بين الدول العربية ودول أوروبا الشرقية وجود صلات وجود روابط اجتماعية حيث درس كثيرون من العرب في تلك الدول وتزوج بعضهم منها وهو مما يجعل نقل تجارب أوروبا الشرقية أكثر سهوله حيث عايشها عدد غير قليل من العرب. مشاركة المغتربين كانت مشاركة المواطنين المغتربين في الانتخابات من بين أكثر الموضوعات التي أثارت الجدل خلال نقاشات ملتقي بوخارست حيث تنوعت تجارب الدول في هذا الصدد فبينما لن يشارك المصريون المقيمون بالخارج في الانتخابات البرلمانية المقبلة لأسباب أوجزها المستشار عبد المعز إبراهيم رئيس اللجنة العليا للانتخابات في صعوبة التطبيق العملي حيث يقتضي القانون المصري أن يشرف قاضي علي كل صندوق وهو ما يجعل التطبيق مستحيلا خصوصا مع عدم توفر عدد كاف من أعضاء الهيئة القضائية والتكلفة المرتفعه في حال توفر العدد الكاف إضافة إلي ضرورة موافقة الدول المضيفة وتوقيع اتفاقيات معها بهذا الخصوص لكنه أكد أن مشاركة المغتربين حق لهم وستجري دراسة متطلبات تطبيقه. الجانب التونسي أكد أن المغتربين سيشاركون في الانتخابات المقبلة وأنه بالفعل تم فتح باب القيد في جداول الناخبين في ستة مراكز متفرقة من العالم إضافة إلي إمكانية تسجيل الناخب لاسمه في أثناء إجازته ببلده الأم تونس وأشار المسئولون الرومانيون إلي أن المغتربين شاركوا بكثافة في الانتخابات الأخيرة من خلال البريد. وقال كارلوس نافارو خبير الانتخابات المكسيكي إن هناك107 دول في العالم تطبق تصويت المقيمين بالخارج في انتخاباتها وأن أعلي نسبة مشاركة حققها المغتربون الإيطاليون بنسبة بلغت حوالي79% في الانتخابات العامة الماضية وأكد أنه كانت هناك بعض المخاوف من تصويت المغتربين بسبب إمكانية التلاعب في عمليات نقل الأصوات وقد اتبعت الدول عددا من الإجراءات لضمان عدم حدوث أي تلاعب. التصويت الإلكتروني اتفق معظم المشاركين في ملتقي بوخاريست علي أن التصويت الإلكتروني ينطوي علي كثير من السلبيات والمخاطر تتجاوز ما يمكن أن يحققه من فوائد فينما يمكن أن يكون التصويت بهذه الوسائل الإلكترونية موفرا لجهد الناخبية ولتكلفة العملية الانتخابية فإن من سلبياته سهولة اختراق الشبكات المستخدمة فيه وقد أثبتت الدراسات الدولية سهولة حدوث مثل هذا الاختراق. وفيما يتعلق بالحالة المصرية أكد المستشار عمر الشريف علي الشريف مساعد وزير العدل للتشريع أن التصويت الإلكتروني يخالف التشريعات المصرية التي تنص علي أن يكون الاقتراع سريا مباشرا بينما التصويت الإلكتروني سيجعل الشخص الذي يقوم بتفريغ الأصوات من الشبكة الإلكترونية يتعرف علي اختيار كل ناخب بشكل فردي إضافة إلي أنه ليس كل مصري مغترب خبيرا في الإنترنت والتكنولوجيا الحديثة فلدينا عمالة مصرية غير متعلمة خصوصا في دول الخليج وبالتالي سوف لا يمكنهم المشاركة في حال التصويت الإلكتروني. المرحلة الانتقالية حظيت قضايا الفترة الانتقالية التي تسبق أول انتخابات بعد سقوط الأنظمة االديكتاتورية باهتمام كبير من جانب المشاركين في منتدي بوخاريست والتي تتمثل في تصميم الإطار الانتخابي وضمان شفافية العملية الانتخابية ومحاسبة كل من يتورط في محاولة إفسادها خصوصا أن الفترة الانتقالية عادة ما تتميز بعدم الثقة بين جميع أطراف العملية الانتخابية بتأثير من تجارب الماضي كما أن الهيئات التي يتم إنشاؤها للإشراف علي الانتخابات تكون في بداية عملها وتتعرض للنقد من الجميع. وأكد الملتقي أن القضايا الرئيسية التي يجب معالجتها في الفترة الانتقالية تتمثل في: 1- إنشاء هيئة مستقلة للإشراف علي الانتخابات. 2- تنظيم العلاقة بين الهيئة المشرفة علي الانتخابات وباقي هيئات الدولة. 3- تعزيز الممارسات السليمة لإدارة الانتخابات. 4- تنقية الجداول الانتخابية ووضع معايير واضحة للترشح والإدلاء بالأصوات وقد أكد اللواء محمد رفعت قمصان مساعد وزير الداخلية للشئون الإدارية أن الجداول الانتخابية القديمة في مصر لن يعتد بها وأنه يجري وضع الجداول الجديدة بناء علي قاعدة بيانات بطاقة الرقم القومي ليكون لكل مواطن يحمل بطاقة الرقم القومي الحق في التصويت في محل إقامته المثبت بالبطاقة. 5- منع التزوير الانتخابي وهو التحدي الرئيسي للانتخابات الأولي حيث أن التزوير قد يحدث في مختلف مراحل العملية الانتخابية وتحت أشكال متنوعة وهو ما نفي المستشار عبد المعز إبراهيم إمكانية حدوثه في الانتخابات المصرية المقبلة حيث ستكون تحت إشراف قضائي كامل وهذا الإشراف كان مطلبا شعبيا لأسباب تاريخية وهي مسئولية كبيرة قبلت الهيئة القضائية تحملها بوصفها واجب وطني ومشاركة في بناء دولة ديمقراطية. كما ناقش الملتقي أهمية دور المرأة في الانتخابات وضرورة أن يكون استخدام الكوتة في إطار قانوني في حال اللجوء إليه كما تطرق إلي أهمية الحملات الانتخابية في تثقيف المواطنين وتوعيتهم بأهمية المشاركة في العملية الانتخابية خصوصا مع ارتفاع أعداد غير المتعلمين في كل من مصر وتونس وأهمية دور منظمات المجتمع المدني في هذا المجال.