الصحراء الشرقية ظلت مأوي لمطاريد الجبل لسنوات طوال عبر تضاريسها القاسية ودروبها الوعرة.. وبينما أهملت الحكومات المتعاقبة هذه المناطق فإن المستثمرين قد هربوا أيضا نحو الشواطئ البحرية دون باقي مساحاتها النائية حتي خرج علينا الخبراء في السنوات الأخيرة، ليزفوا لنا أن هذه الجبال والصحاري تخفي أكثر مما تبطن وانه قد آن الأوان للبحث عن ثرواتها وازاحة الرمال عن خيراتها حتي انتهي هؤلاء إلي حقائق لا تقبل الجدال وهي أن الصحراء الشرقية وأراضي محافظة البحر الأحمر هي المستقبل الحقيقي لأهل الصعيد, وأن الثروات البكر لهذه المنطقة يمكنها أن تضع مصر علي أعتاب رخاء دائم.. وبالورقة والقلم نقول ان المنطقة بها 125 موقعا للذهب و3300 كيلومتر مربع من الرخام والجرانيت المميز ونحو ما يعادل 400 مليار دولار من الخامات المعدنية!! صحيح أن ساحل البحر الأحمر قد تمكن من جذب الانتباه العالمي بما حققه من رواج لشواطئ الساحل في عدة مدن وقري سياحية إلا أن قصر الاهتمام علي السياحة فقط بهذه المنطقة مفهوم خاطئ, وهذا ما يراه عصمت الراجحي مدير مصنع الذهب بمنجم السكري بمرسي علم, ويشير إلي أن الخريطة التي عثر عليها خلال السنوات الأخيرة بمتحف ترينو بايطاليا وهي من ورق البردي أكدت أن الصحراء الشرقية بها 125 منجما للذهب ونجح الفراعنة في استغلال بعضها, بينما لايزال هناك الكثير الذي لم يكتشف بعد, بل اننا لم نستغل حتي الآن سوي جبل واحد هو جبل السكري بمرسي علم, حيث يحتوي هذا الجبل علي 20 مليون أوقية ذهب,. بينما يؤكد اللواء سعدالدين أمين رئيس الوحدة المحلية لمدينة رأس غارب أن الجزء الجنوبي للمحافظة غني بكميات هائلة من خامات الحديد والفلزات الحديدية وغير الحديدية, وهناك كميات هائلة من خامات الصناعات الكيميائية ومواد البناء والطاقة والأحجار الكريمة وشبه الكريمة وكميات كبيرة من المنجنيز في منطقة عش الملام وجبل علبة وأبورماد. وبسخاء شديد أجاد المولي عز وجل علي جبال المنطقة بمساحات هائلة من أجود أنواع خامات الرخام والجرانيت علي مستوي العالم. ويضيف ان الدراسات أكدت أن الصحراء الشرقية خاصة صحراء مدينة رأس غارب بها نحو 3300 كم متر مربع من أجود الرخام والجرانيت التي يتركز معظمها في 31 منطقة. والرخام بهذه المناطق من النوعية عالية الجودة وإن كانت هناك استثمارات قائمة في هذا القطاع, خاصة في منطقة قشر الرقبة ومجاوراتها, ولكن استغلالها محدود. ويضيف رئيس مدينة رأس غارب بأن منطقة شمال المحافظة بها جبال من الرمال البيضاء التي تصنع منها جميع أنواع الزجاج وبها مساحات مماثلة مليئة بخامات ملح الطعام. أما الدكتور محمود حنفي الأستاذ بكلية العلوم جامعة قناة السويس وصاحب الخبرة الكبيرة عن ثروات المحافظة البحرية والبرية فيؤكد أن الممر الحقيقي والأقرب لتنمية محافظات الصعيد وغيرها من محافظات مصر يبدأ من الصحراء الشرقية وتحديدا من طريق القطامية ويمتد بشكل بيني ومواز للطريق الساحلي, حيث يمكن من خلال هذا المحور ايجاد مراكز عمرانية تقوم علي التوطين الصناعي بمناطق توافر المواد الخام المعدنية والمحجرية والبترولية والبتروكيماويات. وفي مجال التجارة الخارجية تتمتع هذه المناطقة بمقومات قوية لاقامة علاقات تجارية من خلال انشاء طريق دولي للنقل البري لتنشيط التجارة البينية مع القارة الافريقية مرورا بالسودان, وكذلك إقامة علاقات تجارية مع دول أخري من خلال حركة النقل البحري, وتتميز المنطقة بتعدد مصادر الطاقة اللازمة لإقامة المراكز الصناعية كالبترول الذي يوجد بها ويمثل 43% من الانتاج القومي والغاز الطبيعي المتمركز بمنطقتي الزعفرانة ورأس غارب إلي جانب الامكانات الواعدة لانتاج الطاقة الكهربائية من خلال طاقة الرياح, حيث أن منطقة رأس غارب خاصة الزعفرانة التي تعد المنطقة الأولي في الشرق الأوسط المؤهلة لأكبر مناطق إنتاج الكهرباء عن طريق طاقة الرياح وبها كم هائل الآن من مزارع توليد الكهرباء بالرياح. ويري د. حنفي أن أبرز مقومات التنمية بتلك المحافظة هو وجود موانئ بحرية قائمة علي رأسها ميناءي سفاجا والغردقة وموانئ أخري قابلة للتطوير مثل ميناء القصير القديم وميناء برانيس, ويوجد بالمنطقة ثلاثة مطارات هي الغردقة ومرسي علم الدوليين ومطار برانيس العسكري, وهذه المطارات يمكن تطويرها لتستوعب حركة الشحن, إلي جانب حركة نقل الركاب,. ورغم أهمية القطاع السياحي إلا إننا لم نستغل حتي الآن سوي القدر اليسير من الامكانات المتاحة, ويمكن لهذا القطاع أن ينطلق لآفاق أوسع ويسهم بقدر كبير جدا في تنمية محافظات الصعيد, حيث يجب أن يعاد التخطيط السياحي بما يتوافق مع التنمية المستدامة والحفاظ علي الموارد.