ما أحوجنا هذه الأيام إلي إعلان ثوري ذكي وهادف يقود سفينة مبادئ وأهداف ورؤي ثورة52 يناير التي أيدها الشعب كل حسب هواه, ووفق حساباته العامة والخاصة إلي ما نبتغيه منها. إننا إذا اكتفينا بإسقاط النظام ورموزه وحل المجالس النيابية التي تم الاعتراف بتزويرها ثم تقديم من تصدوا للثورة وأراقوا الدماء واغتالوا مئات الشهداء في معركة الحرية والكرامة إلي المحاكمة, ثم قدمنا رءوس الفساد إلي القضاء العادل, فإننا برغم هذه المكاسب الكبيرة نكون قد أخطأنا خطأ جسيما, إذ سرعان ما تبدأ الانتخابات البرلمانية بعد فترة قصيرة قد تفرز علي أرض الواقع مجلسا لا يتغير في مضمونه كثيرا عما سبقه من مجالس. ونحن نتوقع من هذه الثورة الكثير بعد ركود سياسي واجتماعي وأخلاقي استمر أكثر من نصف قرن ونريد أن تنتشر آثارها في ربوع مصر, وأن تعم آثارها الجانبية كل منحي من مناحي حياتنا اليومية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وقانونيا, وهذا كله لا يأتي بطبيعة الحال عبر مناشدات المجلس الأعلي للقوات المسلحة, ولا بيانات الحكومة عقب اجتماعات مجلس الوزراء, إنما من صميم مهمة الإعلام بكل ألوانه وصوره. والقضية الآن ليست قضية تغيير القيادات الإعلامية والصحفية, وإنما في قضية اختيار القادرين علي تحمل المسئولية الكبري للفترة المقبلة, ومن يؤمن إيمانا عميقا بأننا مازلنا في بداية الطريق, وأن المشوار مازال بعيدا ويحتاج إلي نفس طويل وصولا إلي منتهاه. أيضا اختيار هذه القيادات لابد أن يكون مصاحبا لخطة إعلامية مفادها أن المصلحة العليا للبلاد لها أولوية عن قضايا الإثارة والفتنة ونسب المشاهدة, فبرامج التوك شو مثلا ليست مجرد حديث شخصي بين الحاضرين فيها, وإنما يجب أن يدور فيها نقاش جاد حول مختلف القضايا, وأن تعكس انطباعات الملايين من المشاهدين, وكم شاهدنا في الداخل والخارج برامج نقاشية يعلو بها صوت الموضوعية وحققت نجاحات كثيرة وكبيرة بالقضايا المطروحة ومن يتحدث فيها عن علم واختصاص. إن الخطة التي نتحدث عنها لفترة مقبلة تضم عناوين كثيرة تتحمل مسئوليتها الخطيرة وسائل الإعلام المرئي والمكتوب, ومنها علي سبيل المثال لا الحصر, دور كل منها في العملية الانتخابية وتعميق معاني الديمقراطية والاختيار العقلاني لا العاطفي للمرشحين, وبالتالي أهمية دراسة البرنامج الانتخابي لكل مرشح, وعدم الخلط بين السياسة والدين, ثم قضية الوطن الكبري, والحفاظ علي وحدته, وإنهاء أسباب الاحتقان الطائفي, وليس بتهدئة النفوس مرة بعد أخري, وترك ما بداخلها يتراكم بمرور الأيام, ثم احترام القوانين وضرورة تطبيقها علي الجميع دون تفرقة, ثم قضايا الإخاء والتسامح بدلا من العنف وإثارة الأحقاد, وإيقاف دعاوي الانتقام التي انتشرت في ربوع البلاد, هذه هي بعض أدوار الإعلام في الفترة المقبلة. [email protected]