أطفأوا أنوار حجراتهم.. أغلقوا أجهزة اللاب توب ونزلوا لينيروا مصر إنطلاقا من ميدان التحرير.. فتحوا صدورهم ليتلقوا رصاص من كان يفترض فيه حمايتهم.. حملوا حياتهم علي أكفهم ليطالبوا بحقهم وحق مجتمعهم في صياغة القرار وتحديد مستقبل وطن ظلوا يحلمون به ويحلم به كثيرون غيرهم إلا أن الإختلاف أصبح الآن واضحا: فهم القادرون أما الآخرون فقد آثروا الإنتظار.. إنهم شباب ثورة25 يناير من جيل الثمانينيات الذين أشعروا بعضا من أبناء أجيال سبقتهم بأنهم عاشوا عاجزين.. سلبيين.. منكسرين.. صمتهم كان أقرب إلي صمت الحملان.!! ثوار تحملوا الكثير من الإنتقادات بأنهم غير جديرين بتحمل المسئولية أثبتوا أنهم بالفعل قادرون علي حملها بل وحتي علي تغيير مصر.. لفوا أجسادهم ب علم الوطن وظللوا رؤوسهم ب نسر صلاح الدين ونزلوا الي الشارع.. إحتموا بدرع الأمة وسيفها القوات المسلحة التي أعلنت إنحيازها لمطالب الشعب.. وإن كان الثوار قد خرجوا ظهر25 يناير بصورة عفوية لم تقدهم مجموعة أو زعيم ولم يلفوا أنفسهم بأسوار الحزبية إلا أنهم نجحوا في أن يقودوا مختلف فئات المواطنين من مختلف الأعمار إلي ميدان التحرير ورفضوا أن يختطف أحد منهم ثورتهم.. شباب حددوا طريق المستقبل وقطعوا ما خلفهم حتي لا تكون هناك فرصة للتراجع.. خرج من بينهم طارق بن زياد فأحرق السفن.. ولم يعد أمامهم سوي نظام رافضين له.. خرجوا ثائرين ولكنهم حتي في ثورتهم كانوا متحضرين.. غاضبين ولكنهم كانوا في غضبهم نبلاء.. ساخطين علي ما عانوا منه ولكنهم في سخطهم كانوا مسالمين.. لم يحرقوا.. لم يسرقوا.. لم يقتلوا أو حتي يجرحوا.. فقد تركوا تلك المهام لمن وقف ضدهم ولم يكن معهم.. أقاموا صلاة الجنازة و أدوا القداس علي أرواح الشهداء! ولأن فقدان الثقة في الحكومة أو النظام قد وقف حائلا بين الطرفين فإن المشهد السياسي كان حتي السادسة من مساء أمس أشبه بإدارة الأمر باسلوب معجون الأسنان فكل طرف يضغط علي الآخر.. من كان رئيسا يضغط علي الثوار بالعناد مراهنا علي عامل الوقت فيخرج ثورتهم أكثر.. والثوار يضغطون عليه فيخرج مكاسب جديدة للثورة حتي خضع اخيرا لصوت الشعب.. لينتصر اصحاب الارض والوطن. ولأن للمؤسسة العسكرية المصرية مكانا واضحا في قلوب المواطنين فإن آمالهم تتعلق الآن بإقدام المجلس الاعلي للقوات المسلحة علي إنهاء تلك الحالة التي دامت18 يوما والنهوض بمصر والخروج بها الي بر الأمان.. واستثمار مكاسب الثورة في إحداث التغيير المطلوب الذي شرخ ثوار25 يناير حناجرهم للمطالبة به.. ووقتها سيبعث أحمد عرابي زعيما وطنيا.. وستطل روح عباس العقاد من جديد فيلسوفا عبقريا وليسا مجرد شارع في منطقة المهندسين.. وآخر في مدينة نصر!! [email protected] المزيد من مقالات عبدالعظيم درويش