الإسكان تتسلم جائزة عبداللطيف الحمد التنموية عن مشروع إنشاء منظومة مياه مصرف بحر البقر    وزير الري يشارك في جلسة "نحو نهج عالمي واحد للصحة" بمنتدى المياه.. صور    وزارة الدفاع الروسية تعلن استعادة السيطرة على قرية بالقرب من باخموت    كيليان مبابى يتوج بجائزة هداف الدورى الفرنسى للمرة السادسة توالياً    لاعب الترجي: لدينا الخبرة والشباب لمواجهة الأهلي في القاهرة    ختام امتحانات الشهادة الإعدادية الأزهرية في معاهد شمال سيناء    عمر عبدالحليم مؤلف «السرب» ل«الشروق»: قدمنا عملًا فنيًا يوثق التاريخ دون تزييف    وزارة الصحة تقدم نصائح للحماية من سرطان البروستاتا    خبراء أمريكيون: تراجع حملة بايدن لجمع التبرعات عن منافسه ترامب خلال أبريل الماضى    موعد وقفة عيد الأضحى وأول أيام العيد 2024    ضبط المتهمين باختطاف شخص بسبب خلاف مع والده فى منطقة المقطم    6 يونيو المقبل الحكم بإعدام المتهمة بقتل طفلتيها التوأم بالغردقة    سام مرسي يتوج بجائزة أفضل لاعب في «تشامبيونشيب»    هلا السعيد تكشف تفاصيل جديدة عن محاوله التحرش بها من سائق «أوبر»    رئيس لجنة الحكام يحضر مباراة الترسانة وحرس الحدود فى دورة الترقى    رئيس هيئة تنمية صناعة التكنولوجيا: التصميمات النهائية لأول راوتر مصري نهاية العام    وزير التعليم العالي يبحث مع مدير «التايمز» تعزيز تصنيف الجامعات المصرية    تضامن الفيوم تنظم قوافل طبية تستهدف الأسر الفقيرة بالقرى والنجوع    السكة الحديد: تخفيض سرعة القطارات على معظم الخطوط بسبب ارتفاع الحرارة    صحيفة عبرية توضح عقوبة إسرائيل المنتظرة للدول الثلاث بعد اعترافهم ب«دولة فلسطينية مستقلة»    مجلس الوزراء يبدأ اجتماعه الأسبوعي بالعاصمة الإدارية لبحث ملفات مهمة    لمواليد برج الجوزاء.. توقعات الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024 (تفاصيل)    وزير الصحة يفتتح الجلسة الأولى من تدريب "الكبسولات الإدارية في الإدارة المعاصرة"    مصر والصين تتعاونان في تكنولوجيا الأقمار الصناعية    مسابقة 18 ألف معلم 2025.. اعرف شروط وخطوات التقديم    «جولدمان ساكس»: تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة لمصر ستصل إلى 33 مليار دولار    موعد نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بورسعيد    مصدر مصري رفيع المستوى: من الغريب استناد وسائل إعلام لمصادر مطلعة غير رسمية    "لحصد المزيد من البطولات".. ليفاندوفسكي يعلن البقاء في برشلونة الموسم القادم    أبرزهم بسنت شوقي ومحمد فراج.. قصة حب في زمن الخمسينيات (صور)    فرقة طهطا تقدم "دراما الشحاذين" على مسرح قصر ثقافة أسيوط    أدعية الحر.. رددها حتى نهاية الموجة الحارة    العمل تنظم فعاليات "سلامتك تهمنا" بالمنشآت الحكومية في المنيا    عاجل..توني كروس أسطورة ريال مدريد يعلن اعتزاله بعد يورو 2024    افتتاح ورشة "تأثير تغير المناخ على الأمراض المعدية" في شرم الشيخ    تريزيجيه جاهز للمشاركة في نهائي كأس تركيا    «مواني البحر الأحمر»: تصدير 27 ألف طن فوسفات من ميناء سفاجا ووصول 742 سيارة لميناء بورتوفيق    الأزهر يطلق صفحة مستقلة بفيس بوك لوحدة بيان لمواجهة الإلحاد والفكر اللادينى    بروتوكول تعاون بين نقابة السينمائيين واتحاد الفنانين العرب و"الغردقة لسينما الشباب"    مرفق الكهرباء ينشر ضوابط إستلام غرفة المحولات للمنشآت السكنية    فدوى مواهب تخرج عن صمتها وترد على حملات المهاجمين    الأكبر سنا والمربع السكني.. قرارات هامة من «التعليم» قبل التقديم للصف الأول الابتدائي 2024    سفير الاتحاد الِأوروبى بالأردن: "حل الدولتين" السبيل الوحيد لحل القضية الفلسطينية    بإجمالي 37.3 مليار جنيه.. هيئة قناة السويس تكشف ل«خطة النواب» تفاصيل موازنتها الجديدة    الصحة: برنامج تدريبي لأعضاء إدارات الحوكمة في مديريات الشئون الصحية ب6 محافظات    تعديلات جديدة على قانون الفصل بسبب تعاطي المخدرات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 22-5-2024 في المنيا    حفظ التحقيقات حول وفاة طفلة إثر سقوطها من علو بأوسيم    رئيس جهاز مدينة 6 أكتوبر يتابع أعمال التطوير بالقطاعين الشرقي والشمالي    هكذا تظهر دنيا سمير غانم في فيلم "روكي الغلابة"    طلاب جامعة القاهرة يحصدون المركزين المتميز والأول فى مسابقة جسر اللغة الصينية    5 نصائح غذائية للطلاب خلال فترة الامتحانات من استشارية التغذية    البيت الأبيض: إسرائيل وافقت على طلبات أمريكية لتسهيل إيصال المساعدات إلى غزة    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    اجتماع الخطيب مع جمال علام من أجل الاتفاق على تنظيم الأهلي لنهائي إفريقيا    جوميز: أحتاج 8 صفقات.. وأتمنى مواجهة الأهلي في السوبر الإفريقي    خبير في الشأن الإيراني يوضح أبرز المرشحين لخلافه إبراهيم رئيسي (فيديو)    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى الإسماعيلية انكشفت نيات إسرائيل

روي الوزير أحمد أبو الغيط في الفصل الأول من مشاهداته شاهد علي السلام كيفية انتقال السجال المصري‏-‏ الإسرائيلي من مرحلة الحرب إلي مرحلة السلام‏. بعد زيارة الرئيس السادات إلي القدس والخطاب التاريخي الذي ألقاه في مثل هذه الأيام من عام‏1977‏ في الكنيست الإسرائيلي وبدء إعداد مصر للمعركة الدبلوماسية والتي بدأت جولاتها في فندق مينا هاوس الشهير‏...‏ واليوم يمضي وزير الخارجية في سرد مشاهداته عن الأجواء المحيطة ببداية الجولة الأولي والأخيرة من هذه المباحثات علي حد قوله ودلالة الملابسات المحيطة بها‏,‏ والأشخاص الذين شاركوا فيها‏..‏
‏..‏ وفي مؤتمر الإسماعيلية انكشفت النوايا الحقيقية لإسرائيل‏!‏
وأعود إلي فعاليات مؤتمر مينا هاوس التحضيري الذي دعيت إليه كل من الأمم المتحدة‏/‏ الولايات المتحدة‏/‏ إسرائيل‏/‏ الأردن‏/‏ منظمة التحرير الفلسطينية‏/‏ سوريا‏/‏ لبنان والاتحاد السوفيتي‏...‏ ورفعت أعلام هذه الأطراف‏...‏ إلا أن الأطراف الثلاثة الأولي هي التي حضرت فقط‏(‏ الأمم المتحدة‏/‏ الولايات المتحدة‏/‏ إسرائيل‏).‏ وغابت كل الأطراف العربية والسوفيت‏.‏ وكان إحساسنا جميعا بأن منظمة التحرير الفلسطينية قد خسرت فرصة هائلة لإحراج إسرائيل والجلوس أمامها‏...‏ إلا أن المنظمة للأسف الشديد فقدت هذه الفرصة‏.‏ وترك مقعدها خاليا بقاعة الاجتماع‏.‏ وكان من الأمور التي تندر بها البعض أن العلم الذي رفع علي الساري الخاص بفلسطين أمام قاعة المؤتمر ومبناه كان هو علم دولة اليمن‏...‏ وكان خطأ سخيفا تم تصحيحه بعد ذلك‏.‏
وطلب الياهو بن اليسار رئيس الوفد الإسرائيلي وفور وصوله الالتقاء برئيس الوفد المصري‏...‏ ووافق الدكتور عصمت عبد المجيد‏...‏ وتم اللقاء في جناح رئيس الوفد المصري وجلس الإسرائيلي مشدودا وكان يتقن الفرنسية والانجليزية‏...‏ وبعد تبادل الكلمات الرقيقة والمجاملات التقليدية‏...‏ قام بفتح حقيبة يده التي كانت معه واخرج ملفا كبيرا منها وقال أنه يسعده أن يقدم هذا المشروع لاتفاقية سلام مقترحة من قبل إسرائيل إلي مصر‏...‏ ونظر إليه الدكتور عصمت عبد المجيد ببرود شديد وقال له أن عليه إعادة الملف إلي حقيبته وإغلاقها وأنه غير مخول باستلام أي وثائق من الجانب الإسرائيلي خاصة وأن هدف هذا المؤتمر التحضيري في مينا هاوس هو الإعداد للشق التنظيمي والاجرائي للعودة إلي اجتماع السلام امتدادا لمؤتمر جنيف وليس مناقشة مضمون أو محتوي السلام المصري الإسرائيلي أو أي معاهدة إسرائيلية مصرية للسلام‏.‏
كان الدكتور عصمت عبد المجيد قد استفاد كثيرا من الوثائق والمستندات التي أمضي أياما في الاطلاع عليها والتدقيق فيها وقراءتها بإمعان ومن بينها مشروع هذه الاتفاقية الإسرائيلية التي كان الأمريكيون قد قدموها للوزير إسماعيل فهمي في سبتمبر‏77‏ باعتبارها طرحا إسرائيليا ينبغي أن تنظر فيه مصر وتقوم بالرد عليه بمقترح مقابل‏,‏ وهو ما تم فعلا في حينه‏.‏
لقد سببت هذه الاتفاقية المقترحة من إسرائيل الكثير من الضيق لبعض أعضاء مجموعة العمل المصرية وحيث لم يكونوا علي إطلاع عليها طوال فترة الشهور السابقة علي كشفها من قبل بن اليسار‏...‏ وتحدث بعضهم بهذا الضيق مع الدكتور أسامة الباز الذي برر عدم إطلاعهم عليها في ضوء رغبة الوزير إسماعيل فهمي في عدم الكشف عنها أو المقترح المصري المقابل الذي تم تقديمه عندئذ‏.‏
لقد كان المقترح الإسرائيلي للسلام والذي رفض الدكتور عصمت عبد المجيد استلامه اعتمادا علي وجوده لدينا سابقا‏...‏ يحمل الكثير من الأفكار السلبية التي اعتاد الإسرائيليون البدء دائما في طرحها في المفاوضات مع العرب‏...‏ تضمن المقترح الإسرائيلي في أهم عناصره الرئيسية‏...‏ أن الهدف هو عقد معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل تؤدي إلي تطبيع العلاقات بين مصر وإسرائيل وإقامة علاقات دبلوماسية وعدم التهديد بالدخول في الحرب مستقبلا وأن تعترف كل دولة بحق الأخري ودول المنطقة في السيادة والاستقلال داخل حدود آمنة ومعترف بها‏...‏ وطلبت المادة الأولي من المعاهدة بالتالي إعلان الجانبين إنهاء حالة الحرب‏...‏ كما نصت المادة الرابعة منها أن الحدود بين مصر وإسرائيل سيتم الاتفاق عليها بين الطرفين وفق بروتوكول وخريطة تلحقان بالمعاهدة‏...‏ وأن الطرفين سيحترمان دون أي تحفظ وحدة أراضي الطرف الآخر داخل حدوده الجديدة‏...‏ وكشفت هذه الفقرة أن إسرائيل كانت وحتي بعد مبادرة الرئيس السادات وضربة أكتوبر الموجعة تتصور أنها يمكنها تغيير خط الحدود المصرية أو الحصول علي اراض من مصر تحت ضغط الغزو‏...‏ وبطبيعة الحال فلقد كان عودة إسرائيل إلي طرح مشروع اتفاقية معوجة معيبة سبق أن قدمت إلي مصر في سبتمبر‏...77‏ برغم مبادرة الرئيس المصري‏...‏ مؤشرا سلبيا لما هو قادم في أنبوب المفاوضات القادمة‏.‏
وعقدت الجلسة الأولي والأخيرة للمؤتمر في يوم الخميس‏15‏ ديسمبر وحيث تحدث الدكتور عصمت عبد المجيد من البيان الذي أعددناه له‏,‏ صلاح الهنداوي و أحمد أبوالغيط‏...‏ بناء علي توجيهاته والذي تضمن مطالبة مصر بالانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة طبقا للقرار‏242‏ وتأمين حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وحق جميع الدول بالمنطقة في العيش في أمن وسلام‏...‏ ورد الجانب الإسرائيلي بطرح كل عناصر معاهدة السلام المقترحة من جانبه‏...‏ وانتهي الاجتماع دون نتائج وتوقفت أعمال المؤتمر وبقينا في فندق مينا هاوس كوفد مصري نتدبر الموقف ونبحث في السيناريوهات المتاحة ونتابع التطورات‏.‏ ولقد لاحظت بالكثير من الاستغراب قيام رئيس الوفد الإسرائيلي بالكتابة إلي الدكتور عصمت عبد المجيد يوم‏16‏ ديسمبر لكي ينقل إليه رسالة من رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجين تقطر عسلا‏...‏ ولم يكن بالطبع يقدر الصعوبات التي ستواجهه في مبارزة قانونية بين رئيس الوزراء الإسرائيلي من ناحية ومندوب مصر الدائم لدي الأمم المتحدة من ناحية أخري بعد تسعة أيام فقط في اجتماع الإسماعيلية بين الرئيس السادات ورئيس الوزراء مناحم بيجين يوم‏25‏ ديسمبر‏.‏
كتب مناحم بيجين إلي عصمت عبد المجيد يقول أنه اليوم وهو في طريقه إلي الولايات المتحدة في مسعي لتحقيق السلام فإنه يرسل بالنيابة عن شعب إسرائيل كل تمنياته إلي مؤتمر القاهرة وأن الجميع في كل مكان يصلون ويأملون بصدق أن يكون المؤتمر قاعدة للسلام بين إسرائيل وجيرانها العرب العظماء‏...‏ ولم يكن هناك ذكر بالرسالة للشعب الفلسطيني أو حقوقه‏.‏
وعاد مناحم بيجين من زيارته للولايات المتحدة وحيث دعاه الرئيس السادات للحضور إلي مصر للمزيد من المناقشات حول تحقيق السلام بين البلدين‏...‏
وكنت أجلس في حجرتي بالفندق بعد ظهر يوم‏24‏ ديسمبر‏77‏ أعد بعض الأوراق للعرض علي رئيس وفد المفاوضات الذي كان يستعد للسفر فجر اليوم التالي إلي الإسماعيلية للمشاركة في مؤتمر الإسماعيلية بين مصر وإسرائيل وإذ براديو ال‏BBC‏ باللغة العربية يقول أن هناك أخبارا من القاهرة أنه تم تكليف السفير محمد إبراهيم كامل سفير مصر في ألمانيا بشغل منصب وزير الخارجية المصرية الجديد‏...‏ وهرولت حاملا الراديو إلي الدكتور عصمت عبد المجيد بغرفته وطرقت الباب متوترا‏...‏ وأطل الدكتور برأسه عبر الباب لكي أقول له بقدر من التهيج أنه تم تعيين محمد إبراهيم كامل وزيرا للخارجية‏...‏ واستشعرت لحظتها قوة كبرياء هذا الرجل الكبير‏...‏ فلقد كنا جميعا‏...‏ أو علي الأقل أحمد أبو الغيط وصلاح الهنداوي ننتظر أن يحظي بتكليف الرئيس السادات لقيادة العمل الدبلوماسي في هذه اللحظة الفارقة من العمل الدبلوماسي والسياسي المصري‏...‏
وقال عصمت عبد المجيد بهدوئه المعروف‏...‏ محمد‏...‏ صديقي واستطيع أن أعمل معه بكفاءة وفاعلية لخدمة البلد وأهدافها‏...‏ رأيته رابط الجأش‏...‏ علي استعداد دائم لخدمة بلاده في الموقع الذي تختاره له‏...‏ ومضت سنوات سبعة ولكي يحظي بتكليف الرئيس مبارك بقيادة العمل الدبلوماسي المصري في يوليو‏84‏ بعد تخلي كمال حسن علي عن منصبه توطئة لتحمله مسئوليات رئيس مجلس الوزراء‏...‏ ووجدتني وقتها بين رجلين من الكبار والعظام‏...‏ كمال حسن علي الذي كلفني بالذهاب معه من الخارجية حيث كنت أعمل معه مستشارا دبلوماسيا وسكرتيرا خاصا‏...‏ إلي مجلس الوزراء‏...‏ وعصمت عبدالمجيد الذي طلبني للعمل معه في نفس المهمة‏...‏ واعتذرت بحرج شديد‏...‏ ومع ذلك استمر عصمت عبد المجيد‏...‏ في السنوات التالية يدفع بي إلي المناصب الرئيسية بالوزارة وأعادني للعمل معه في وظيفتي القديمة مع سابقه كمال حسن علي في الفترة من‏89‏ وحتي‏.1991‏
وأعود إلي هذه الأيام الحاسمة‏...‏ فبتعيين محمد إبراهيم كامل كنت أعلم أنه سوف يسعي وفورا للاستفادة من قدرات وإمكانيات ومعرفة وثقافة أحمد ماهر السيد‏...‏ صديقي ونصيري‏...‏ فقمت بالاتصال تليفونيا به في منزله بالزمالك حيث أكد الأخبار وقال أنه تلقي اتصالا تليفونيا من الوزير الجديد للذهاب إليه فورا في منزله وحيث كلفه بمسئولية مكتب الوزير وإدارة أعمال الوزارة‏...‏ وأضاف أحمد ماهر‏...‏ أن عليك الاستعداد لكي نعمل معا مرة أخري وذلك في إشارة إلي سابق عملنا سويا مع مستشار الأمن القومي المصري محمد حافظ إسماعيل في الفترة من‏72‏ حتي‏...1974‏ مضيفا أنني مضطر مرة أخري للمعاناة من الاستماع إلي سيل أفكارك ومبادراتك؟‏!‏ وبالنسبة لباقي أعضاء مجموعة العمل فلقد كانت مرحلة جديدة من التدبر والتأقلم مع رئيس جديد للدبلوماسية المصرية‏.‏ وبالنسبة لي شخصيا فلم أجد صعوبة في الانطلاق في العمل مع أحمد ماهر من ناحية والوزير محمد إبراهيم كامل من ناحية أخري‏...‏ فقد كنت أعرفه جيدا منذ خدمت تحت رئاسته في إدارة الصحافة بوزارة الخارجية في عام‏66‏ قبل نقله إلي كينشاسا عاصمة زائير الكونجو الديمقراطية اليوم سفيرا لمصر بها‏.‏ لقد كان محمد إبراهيم كامل وطنيا مصريا مخلصا‏...‏ تجاور مع الرئيس السادات في أحد زنزانات السجن في قضية سياسية قبل الثورة‏...‏ كان دمث الأخلاق‏...‏ يدخن بشراهة‏...‏ يقيم علاقات طيبة مع كل البشر وان كان له رأي سديد في الكثير منهم‏...‏ جاء إلي وزارة الخارجية‏...‏ وزيرا لها رغم أنفه‏...‏ واعتقادي بعد العمل الممتد معه أنه لم يكن يعد نفسه إطلاقا لهذه المهمة الثقيلة‏...‏ وفي هذه الظروف بالغة الصعوبة والمليئة بالتحديات‏.‏
وأجد أن من المناسب في هذه المرحلة أن أعود إلي سرد وقائع اجتماع الإسماعيلية‏...‏ إذ أنه ورغم عدم مشاركتي فيه بأي شكل من الأشكال فإن الدكتور عصمت عبد المجيد وبمشاركته فيه مع الدكتور أسامة الباز‏...‏ فقد عادا إلي القاهرة في مساء هذا اليوم‏25‏ ديسمبر فور انتهاء القمة لكي يطلعا أعضاء مجموعة العمل علي الترتيبات وما تم الاتفاق عليه ومهام المرحلة القادمة وما وقع من أحداث خلال مناقشات اجتماع الإسماعيلية يوم‏25‏ ديسمبر‏.‏
وأخطرت عصمت عبد المجيد بأن محمد إبراهيم كامل قد اختار أحمد ماهر السيد لكي يرأس هيئة مكتبه ورد عصمت عبد المجيد‏...‏ أن هذا اختيار ممتاز وأنه كان ينوي أن يفعل نفس الشئ لو أن الاختيار قد وقع عليه وزيرا للخارجية‏.‏ وقلت وقتها‏...‏ مثلما أقول اليوم أنها شهادة رائعة في حق أحمد ماهر الدبلوماسي الفيلسوف المتمرس الذي فقدناه منذ عدة أسابيع بعد أن غيبه الموت‏.‏
اجتمعت مجموعة العمل الدبلوماسية المصرية بكل من الدكتور عصمت عبد المجيد والسفير أسامة الباز‏...‏ وأوضحت شروحهما الأولية مدي الإحباط الذي يستشعرانه من جراء هذه المواجهة الأولي علي مستوي القمة للمفاوضات مع الجانب الإسرائيلي‏.‏ فلقد قام الجانب الإسرائيلي وفور افتتاح الاجتماع الأول للقمة بعد ظهر يوم‏25‏ ديسمبر‏...77‏ بتقديم مشروع جديد لمعاهدة سلام بين مصر وإسرائيل مؤرخة في‏24‏ ديسمبر‏...‏ أي اليوم السابق لقمة الإسماعيلية وكانت إلي حد كبير تماثل مشروع المعاهدة الذي قدمه الأمريكيون إلي الوزير إسماعيل فهمي في‏19‏ سبتمبر من نفس العام وحاول الياهو بن اليسار تسليمه إلي الدكتور عصمت عبد المجيد مساء يوم‏14‏ ديسمبر‏.77‏ ومع ذلك أدخل الإسرائيليون تعديلا رئيسيا علي مشروعهم لكي يسيل لعاب الجانب المصري‏...‏ وبذا يوافق علي المقترح المعيب الجديد‏...‏ إذ تضمن المشروع أن إسرائيل ستسحب قواتها إلي الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب‏...‏ وهي أول إشارة لاعتراف إسرائيل بهذه الحدود الدولية منذ عام‏...67‏ وسوف يتم هذا الانسحاب علي مرحلتين‏...‏ أولهما الانسحاب إلي خط العريش‏/‏ رأس محمد‏,‏ شرق العريش وإلي الغرب من رأس محمد‏].‏ والثانية هي الانسحاب إلي خط الحدود الدولية المشار إليها مع إتمام هذا الانسحاب الأخير في خلال‏5/3‏ سنوات من يوم توقيع المعاهدة‏.‏ ويمضي مشروع المعاهدة ليكشف الهدف الإسرائيلي الحقيقي والذي تناور به إسرائيل دائما في مفاوضاتها المختلفة مع العرب‏...‏ ألا وهو البقاء في الأرض والمراوغة حول عدم ضرورة الانسحاب منها‏...‏ إذ نص المقترح علي بقاء القواعد الجوية الإسرائيلية الموجودة علي أرض مصر في سيناء بين خط العريش‏/‏ رأس محمد والحدود الدولية المصرية مع فلسطين تحت الانتداب‏,‏ إسرائيل‏]‏ وهي القواعد الجوية التي ضربت ضربات مبرحه من قبل مصر في عام‏73‏ القاعدة الجوية اتزيون وكذلك الأخريان وهما إيتام واوفيرا وكذلك الإبقاء علي محطات الرصد الالكتروني في جبل هلال وجبل حريم مع تأمين تواجد قوات متحركة بحرية وبرية داخل الأراضي والمياه المصرية الإقليمية‏.‏ ويصل بعد ذلك المشروع الإسرائيلي لمعاهدة السلام مع مصر إلي قمة التبجح والاستهزاء بالموقف المصري وحيث ذكر المشروع أنه وبعد تمام الانسحاب وتنفيذه حتي الخطوط الدولية‏...‏ هكذا‏...‏ فان التواجد الاستيطاني الإسرائيلي في هذه المنطقة‏...‏ وهو مدني الطابع؟‏!...‏ سوف يبقي علي أرض مصر في ظل تواجد الأمم المتحدة التي ستقيم تواجدها في منطقة منزوعة السلاح بين الخطين المشار إليهما بعاليه‏,‏ أي بين رأس محمد‏/‏ العريش وإلي الحدود الدولية‏].‏ كما ستحتفظ هذه المستوطنات المدنية بقوة دفاعية علي أرض مصر لحماية نفسها وسوف يخضع هذا التواجد للقانون الإسرائيلي والمحاكم الإسرائيلية‏.‏ ويستمر المقترح الإسرائيلي في هذا الاستخفاف السخيف بالموقف المصري وحيث يشير إلي حق المدنيين الإسرائيليين والعرب المقيمين في سيناء بحرية الحركة في المنطقة الخاضعة للأمم المتحدة وقواتها التي لا يمكن إخراجها من سيناء إلا بموافقة الجانبين المصري والإسرائيلي ومع صدور قرار اجماعي من مجلس الأمن باتخاذ هذه الخطوة‏.‏
ولا شك أن هذا المقترح كشف‏...‏ مرة أخري الأسلوب التفاوضي الفج الذي تنطلق فيه إسرائيل في مفاوضاتها مع العرب إذ تسعي لتطويق وربط الأوضاع المقبلة بالكثير من الصياغات القانونية التي يمكن أن تضع أي طرف عربي في ضائقة وصعوبات جمة إذا ما قبل بها‏...‏ وحقيقة الأمر فلقد كان من المستحيل أن يقبل المصريون بهذا الطرح الذي جاء به مناحم بيجين‏...‏ لقد فاته أن مثل هذا المشروع يمكن أن يطرح من قبل طرف منتصر إلي آخر مهزوم‏...‏ وهو مالا يعكس حقيقة علاقات القوي عندئذ وحتي اليوم‏...‏ لقد كان لمصر‏...‏ مثلما سبق أن أوضحت في خلاصات مقالات شاهد علي الحرب‏...‏ قوات مسلحة قادرة علي العمل النشط الفاعل ضد إسرائيل‏...‏ كما كان لها وضعيتها العربية والأفريقية والدولية وتحالفاتها الممتدة في كل الاتجاهات‏...‏ كما أن مبادرة السلام قد أطلقت عندئذ فعاليات وتطورات غير مسبوقة في الفكر الأمريكي والغربي بشكل عام واليهودي الدولي والإسرائيلي علي وجه الخصوص‏...‏ وفي هذا السياق يجب أن أعترف أنني عندئذ فقط بدأت أقترب من الاقتناع الكامل بالمبادرة وتوجهاتها وأهدافها وما يمكن أن نحققه لأنفسنا من خلالها إذا ما أديرت بشكل حرفي متزن ومتعمق‏...‏
وأخذ السفيران المصريان عصمت عبد المجيد وأسامة الباز يشرحان تفاعلات القمة‏...‏ وقال عصمت عبد المجيد أنه اشتبك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي عندما تطرق أثناء الاجتماع إلي حق إسرائيل في الإبقاء علي الأراضي المصرية والفلسطينية تحت سيادتها إذ أن مصر والعرب قاموا من وجهة نظر بيجين‏-‏ بحرب عدوانية هجومية ضد إسرائيل في عام‏...67‏ وبذا يحق للطرف المعتدي عليه‏...‏ هكذا؟‏...‏ الاستمرار في السيطرة علي الأراضي التي أصبحت أراضي متنازعا عليها‏...‏ وتصدي عصمت عبدالمجيد بقوة وقام بتسفيه رؤية رئيس الوزراء الإسرائيلي سواء بالنسبة لمفهوم الحروب العدوانية أو فيما يتعلق بالقرار‏242‏ الصادر عن مجلس الأمن في نوفمبر‏67‏ عندما ادعي الإسرائيلي أنه يتيح لإسرائيل استبقاء الأراضي المصرية والعربية تحت سيطرتها‏.‏ وكان جدالا حادا أدي في الأيام والسنوات التالية إلي تأكيد إسرائيل‏...‏ بعدوانية الخارجية المصرية‏...‏ التي تعيق التسوية‏...‏
لقد كشفت الأفكار والأطروحات والتسميات التي تحدث بها رئيس الوزراء الإسرائيلي مدي الخلط والتضارب الذي كان يدفع به‏...‏ كما أن استعادة هذه الأطروحات اليوم‏...‏ والجانب الفلسطيني يخوض معركة تفاوضية مماثلة تفرض علينا جميعا مراجعة ما دار عندئذ وما يحدث اليوم‏...‏ وأحيل القارئ الكريم هنا إلي كتابي الدكتور عصمت عبد المجيد زمن الانتصار والانكسار والوزير محمد إبراهيم كامل في السلام الضائع‏.‏ لقد تحدث مناحم بيجين عندما تناول علاقة اليهود بالفلسطينيين داخل دولة إسرائيل بقوله أن لدينا الفلسطينيين العرب من سكان إسرائيل‏...‏ كما أن لدينا الفلسطينيين اليهود من مواطني إسرائيل‏...‏ واليوم تطرح إسرائيل في مفاوضاتها مع الفلسطينيين وبعد ما يقرب من ثلاثين عاما من بدء المفاوضات بين العرب وإسرائيل‏...‏ فكرة الدولة اليهودية والاعتراف بها‏...‏ من هنا أحيلهم إلي حديث رئيس وزراء إسرائيل وقتذاك‏...‏ بل أمضي إلي جذب النظر‏...‏ في هذا السياق إلي سابق تحدثت به السيدة جولدا مائير‏...‏ عند تناولها للموقف بين الفلسطينيين وإسرائيل بقولها‏:‏ من هؤلاء الفلسطينيون الذين تتحدثون عنهم؟‏!...‏ نحن الفلسطينيون؟‏!...‏ ونعود إلي قمة الإسماعيلية وحيث طرح الإسرائيليون فلسفة الحكم الذاتي للفلسطينيين بشكل واضح ومباشر لأول مرة‏...‏ وحيث تم تسمية الفلسطينيين بالأراضي الفلسطينية في غزة والضفة الغربية بأنهم الفلسطينيون العرب من سكان جوديا وسامريا وقطاع غزة‏.‏
لقد تضمن المقترح الفكرة التي استمرت إسرائيل تتمسك بها منذ‏25‏ ديسمبر‏77‏ حتي سنوات قليلة مضت عندما اضطرت تحت الضغط العربي‏/‏ والدولي والتطورات الإقليمية والديموجرافية إلي تطوير مواقفها من فكرة الحكم الذاتي ولكي تقبل بمفهوم الدولة الفلسطينية مع الاستمرار في السعي إلي تقزيمها وعدم تفعيلها مع وضعها في أضيق الأطر والأحزمة القابضة علي عنقها‏.‏ والمؤكد اليوم أنها ستكون معركة طاحنة وممتدة‏...‏ إلا أنني أثق أن الفلسطينيين وبدعم من مصر والأمة العربية قادرون علي تحقيق هدف إقامة الدولة الفاعلة علي كامل الترابط الوطني الفلسطيني داخل خطوط عام‏.67‏ لقد كان لمصر دائما قواتها المسلحة القادرة علي فرض رؤيتها والدفاع عن مصالحها‏...‏ واليوم قد لا يكون لدي الفلسطينيين هذه القدرة التي تأخذها إسرائيل في حسبانها عند التفاوض معهم‏...‏ إلا أن قدرة الفلسطينيين علي رفض محاولة إسرائيل فرض الأمر الواقع عليهم وارتكانهم إلي دعم الأمة والدول العربية من ناحية والقوي الإسلامية من ناحية أخري سوف يفرض علي إسرائيل في نهاية المطاف‏...‏ مثلما تحقق لمصر‏...‏ تحقيق تسوية ترضيهم‏...‏ وإلا فإن البديل‏...‏ هو استمرار النزاع لعقود إن لم يكن لقرون ممتدة‏.‏
لقد تضمن المشروع الإسرائيلي عندئذ في ديسمبر‏77‏ علي أفكار محددة من بينها‏:‏
‏-‏إلغاء الإدارة التابعة للحكم العسكري الإسرائيلي في جوديا وسماريا وغزة‏(‏ الضفة الغربية وغزة‏).‏
‏-‏إقامة إدارة للسكان للحكم الذاتي في هذه المناطق من خلال انتخاب مجلس للحكم‏.‏
‏-‏حق جميع المقيمين‏,‏ السكان‏-‏ في انتخاب هذا المجلس لهؤلاء الذين يزيد سنهم عن ثمانية عشر عاما‏...‏ وسوف تنشئ هذه الإدارة ومجلسها‏...‏ هيئات مختلفة لكل مجالات الإدارة الذاتية من تعليم‏/‏ صحة‏/‏ صناعة وخلافه‏.‏
‏-‏سوف تبقي إسرائيل علي سيطرتها الأمنية والدفاعية علي الإقليم‏.‏
لقد كشف هذا المشروع الإسرائيلي‏...‏ في أجلي صوره الهدف الحقيقي لإسرائيل في استمرار البقاء في الأراضي الفلسطينية المحتلة بالضفة الغربية وغزة مع إعطاء حقوق كاملة للمدنيين الإسرائيليين في هذه الأراضي‏.‏ كما كشف الإسرائيليون أيضا عن مخططهم في استمرار الإبقاء علي سيطرتهم علي هذه المناطق بطرح نفس المواقف التي نسمعها اليوم عندما تحدثوا عن التهديدات العربية الصادرة عن الأردن أو ما وراء الحدود الأردنية في العراق‏...‏ واليوم يتحدثون عن التهديدات فيما وراء الحدود الأردنية في مقاومتهم لإقامة الدولة الفلسطينية القادرة عن طريق الإشارة إلي التهديدات الإيرانية والإسلام المتشدد الذي يمكن أن يسيطر علي مصر أو الأردن‏...‏ وكلها أطروحات لا شك أنها تستهدف فقط الإبقاء علي السيطرة وثقل الغزو‏.‏
لقد كان هناك حديث مستفيض من الدكتور عصمت عبد المجيد وموشي ديان وزير الخارجية الإسرائيلي في قمة الإسماعيلية أثناء فترة راحة بين اجتماعي القمة‏...‏ إذ سأل الدكتور عصمت عبد المجيد الوزير الإسرائيلي عما إذا كان اهتمامهم أو مطلبهم في الضفة الغربية يقوم علي البعد التاريخي أم البعد الأمني‏...‏ ورد موشي ديان الاثنين معا‏...‏ نحن فلسطينيون يهود‏...‏ لنا الحق في الأرض كما أننا يجب أن نحمي أنفسنا من غلواء العرب وهجماتهم وتهديداتهم لنا‏...‏ وعلق الدكتور عصمت عبدالمجيد‏...‏ بأن العرب لن يقبلوا بذلك الطرح وسوف تستمر المواجهة‏...‏ والحقيقة فلقد استمرت المواجهة‏...‏ وزادت حدة وجذبت عناصر إسلامية لم تكن في الميزان من قبل‏...‏ وطالما لم يتعدل الموقف الإسرائيلي من التسوية السلمية مع الفلسطينيين‏...‏ فسوف تستمر هذه المواجهة وهذه الأوضاع الضاغطة علي الجميع‏.‏
وأتذكر أنني حضرت نقاشا ممتدا آخر بين الوزيرين المصريين اللذين شاركا في أعمال اجتماعات القدس لمفاوضات اللجنة السياسية التي سوف أتي لذكرها‏...‏ وهما محمد إبراهيم كامل وبطرس بطرس غالي‏...‏ ووزير الخارجية الإسرائيلية‏...‏ في مطار اللد في انتظار عودة الطائرة المصرية لحمل الوفد المصري في طريقه إلي القاهرة مساء يوم‏18‏ يناير‏78‏ إذ تناول الوزيران المصريان نفس النقاط التي استعرضها الدكتور عصمت عبد المجيد مع موشي ديان بالإسماعيلية وعاد الإسرائيلي لكي يؤكد اقتناعه بحق اليهود الفلسطينيين في الإقامة في كل اراضي الضفة الغربية وأهمية تواجد الجيش الإسرائيلي لحمايتهم ضد عدوانية الأطراف العربية الخارجية وما وراء الحدود‏...‏ وهو نفس المنطق الذي يساق اليوم لتأكيد تواجد القوات المسلحة الإسرائيلية في غور الأردن حتي في إطار اتفاق سلام يتيح إقامة الدولة الفلسطينية المنزوعة السلاح‏...‏ وأثق اليوم مثلما وثقت حينها أن الفلسطينيين لا يمكن لهم القبول بالأطروحات المساقة إليهم إسرائيليا‏...‏ كما أقدر أن الفلسطينيين سينجحون‏-‏ مثلما فعلت مصر قبلهم‏-‏ في تحقيق أهدافهم‏...‏ في إخلاء كل الأراضي الفلسطينية من التواجد الإسرائيلي العسكري و‏/‏ أو السكاني الاستيطاني‏.‏
وأصل الآن إلي نشاط مجموعة العمل المصرية تحت إدارة وإشراف الدكتور عصمت عبد المجيد وبالمساهمة النشيطة للدكتور أسامة الباز‏...‏ إذ أعددنا مقترحا مصريا للسلام من وجهة النظر المصرية لكي يطرحه الجانب المصري علي الإسرائيليين في قمة الإسماعيلية ولا يترك الأمر فقط للمبادرات الإسرائيلية‏...‏ وكان المقترح يدور حول فكرة إصدار بيان عن التسوية كإعلان للمبادئ الحاكمة لها‏...‏ وتضمن في أهم نقاطه‏:‏
‏-‏انسحاب إسرائيل من سيناء‏/‏ الجولان‏/‏ الضفة الغربية وغزة تنفيذا لقرار مجلس الأمن‏242‏ ومبدأ عدم جواز الاستيلاء علي أراضي الغير بالقوة‏.‏
‏-‏ضمان سيادة كل دولة علي كامل أراضيها من خلال إجراءات يتم التوافق عليها بين الأطراف‏.‏
‏-‏التوصل إلي تسوية عادلة للقضية الفلسطينية في كل جوانبها من خلال الحق في تقرير المصير وبمشاركة كل من مصر‏/‏ الأردن‏/‏ وممثل الشعب الفلسطيني في المفاوضات مع إسرائيل‏.-‏ الدعوة إلي استئناف الاجتماعات الوزارية بين الجانبين وتشكيل لجنتين إحداهما عسكرية والأخري سياسية للتفاوض حول تنفيذ هذه الالتزامات‏.‏
وكانت هذه الفقرة الأخيرة إضافة جاءت بعد اتفاق كل من الرئيس السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي علي إنشاء هاتين اللجنتين فور جلوسهما معا في بداية الاجتماع المنفرد الذي عقد بينهما قبل خروجهما إلي الاجتماع الأوسع في الإسماعيلية بمشاركة أعضاء الوفدين‏.
و إلى الحلقة القادمة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.