طلب مناقشة أمام «الشيوخ» بشأن جودة التعليم العالي | الإثنين المقبل    تعزيز التعاون الاقتصادى وحرب غزة تتصدر مباحثات السيسي ورئيس البوسنة والهرسك بالاتحادية    بدء جلسة الشيوخ لمناقشة سياسة الحكومة بشأن تحقيق جودة التعليم العالي    ورشة عمل حول القصص الصحفية عن الأحداث العربية ب "إعلام بني سويف"    محافظ المنوفية يستقبل رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية    وزارة العمل تنظم ورشة لمناقشة أحكام قانون العمل بأسوان    ضوابط تحويل الإجازات المرضية ل سنوية وفقا للقانون    غدا.. انتهاء مهلة تقديم الإقرارات الضريبية إلكترونيا للممولين من الأشخاص الاعتباريين    أسعار الريال السعودي في البنوك اليوم الإثنين    "المؤتمر": كلمة السيسي بافتتاح مركز الحوسبة السحابية رسمت صورة متكاملة للمستقبل الرقمي    وزير الإسكان يتابع مشروعات الخدمات ورفع الكفاءة والتطوير بالمدن الجديدة    بعد بيان الضرائب.. صعود جماعي لمؤشرات البورصة في مستهل التعاملات    «معلومات الوزراء» يصدر تقريراً حول الإطار العام لتخضير النظام المالي العالمي    إعلام إسرائيلي: مطلب انسحاب حزب الله شمال الليطاني حذف من مقترح فرنسا للتسوية    رئيس الوزراء الأردني: على إسرائيل تمكين النظام الأممي من ممارسة مهامه لإدخال مزيد من المساعدات    مدبولي: يجب بذل أقصى الجهود لتفادي أي اعتداء على رفح الفلسطينية    ضحايا بأعاصير وسط أمريكا وانقطاع الكهرباء عن آلاف المنازل    شوبير عن احتفال مصطفى شلبي أمام دريمز: كل تصرفاتك محسوبة عليك    برشلونة يسعى لاستعادة نغمة الانتصارات أمام فالنسيا بالدوري الإسباني    الخطيب غاضب من السولية والشحات" ويطالب خالد بيبو بأمر عاجل    الداخلية تضبط عنصرًا إجراميًا بحوزته «ترسانة أسلحة» بالجيزة    «جثة في جزيرة مطيرة».. كواليس جريمة راح ضحيتها شاب بقنا    انطلاق اختبارات المواد غير المضافة للمجموع لصفوف النقل بالقاهرة    احالة 373 محضرًا حررتها الرقابة على المخابز والأسواق للنيابة العامة بالدقهلية    مصرع شخض مجهول الهوية دهسا أسفل عجلات القطار بالمنيا    ضبط شخصين لقيامهما بإضرام النيران عمدا بإحدى الصيدليات بالقاهرة    قنوات ART تنعي المخرج والسيناريست عصام الشماع: أعماله ستظل خالدة في وجدان المشاهد العربي    «الرعاية الصحية» تشارك بمؤتمر هيمس 2024 في دبي    ختام فعاليات الدورة التدريبية لإعداد المثقفين الصحيين بدمياط    طلب من حسام حسن.. عامر حسين يكشف موعد توقف الدوري المصري    خسائر جديدة في عيار 21 الآن.. تراجع سعر الذهب اليوم الإثنين 29-4-2024 محليًا وعالميًا    رمضان السيد: الأهلي قادر على التتويج بدوري أبطال إفريقيا.. وهؤلاء اللاعبين يستحقوا الإشادة    احتفاء بفوز باسم خندقجي بالبوكر: فلسطين ملء العين والسماء دائما    تعرف على الجناح المصري في معرض أبو ظبي للكتاب    أول تعليق من ياسمين عبدالعزيز على طلاقها من أحمد العوضي    فضل الدعاء وأدعية مستحبة بعد صلاة الفجر    مجموعة الصعود.. بتروجت يستضيف وادي دجلة بدوري المحترفين    اتحاد الكرة: قررنا دفع الشرط الجزائي لفيتوريا.. والشيبي طلبه مرفوض    مصرع عامل وإصابة آخرين في انهيار جدار بسوهاج    من هي هدى الناظر زوجة مصطفى شعبان؟.. جندي مجهول في حياة عمرو دياب لمدة 11 سنة    لأول مرة.. تدشين سينما المكفوفين في مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    مدبولي: أكثر من 85% من المساعدات الإنسانية لغزة كانت من مصر    أمين لجنة الشئون الدينية بمجلس النواب: هذا أقوى سلاح لتغيير القدر المكتوب    رئيس كوريا الجنوبية يعتزم لقاء زعيم المعارضة بعد خسارة الانتخابات    مطار أثينا الدولي يتوقع استقبال 30 مليون مسافر في عام 2024    "استمتع بالطعم الرائع: طريقة تحضير أيس كريم الفانيليا في المنزل"    مفاوضات الاستعداد للجوائح العالمية تدخل المرحلة الأخيرة    أموك: 1.3 مليار جنيه صافي الربح خلال 9 أشهر    البحوث الفلكية: غرة شهر ذي القعدة فلكيًا الخميس 9 مايو    سامي مغاوري: جيلنا اتظلم ومكنش عندنا الميديا الحالية    علييف يبلغ بلينكن ببدء عملية ترسيم الحدود بين أذربيجان وأرمينيا    مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    سامي مغاوري يكشف سبب استمراره في الفن 50 عامًا    أول رد رسمي من الزمالك على تصرف مصطفي شلبي أمام دريمز    "السكر والكلى".. من هم المرضى الأكثر عرضة للإصابة بالجلطات؟    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضجيج الفكر اليومي‏(2):‏
رجال الأعمال والاعلام والحرية
نشر في الأهرام اليومي يوم 04 - 11 - 2010

موجات تلو أخري من الضجيج والصخب والعنف اللفظي ينتجها يوميا الإعلام المرئي وبعض البرامج االحواريةب‏,‏ والأحري برامج إشاعة السطحية والتضليل‏,‏ وصناعة الفكر المحلي اليومي الذي يحاول التعمية والتستر علي القضايا والمشاكل الهيكلية التي تواجه مصر‏.‏ غلبة الفكر اليومي الصاخب والغائم والغامض واستمراريته وتسارع وتائره يشير إلي عديد الأسئلة ما هي المصالح والأهداف التي يرمي إليها كل الأطراف من هذه الحالة؟ لماذا يستهدف بعض رجال الأعمال إنشاء وشراء بعض الصحف الخاصة‏,‏ والقنوات التلفازية الفضائية؟ وتزداد أهمية هذا التساؤل عندما يلاحظ البعض أن هذه القنوات وبعض الصحف لا تحقق الربح المطلوب بوصفها شركات تستهدف الربح بالإضافة إلي الوظيفة السياسية والإعلامية من شرائها أو تأسيسها؟
ما الذي قدمته الصحف الخاصة إلي التجارب الصحفية والسياسية في مصر؟
هل استفادت السلطة السياسية وبعض أجهزة الدولة من الصحف الخاصة؟
بداية لا نستطيع التعميم بين كل رجال الأعمال وصحفهم وقنواتهم التلفازية‏,‏ فثمة استثناءات لبعضهم ممن يمتلكون من الذكاء السياسي والحس العملي بحيث لا يظهرون أهدافهم ومصالحهم السياسية المباشرة من وراء تأسيس وإصدار الصحف‏,‏ ويبدون كأصلاحيين وليبراليين‏.‏
من هنا يثار سؤال لماذا يؤسس أو يشتري بعض رجال المال والأعمال الصحف والقنوات الفضائية؟ ولماذا يسعي بعضهم إلي استمرارية ضوضاء الفكر اليومي السائد فيها؟ لعديد الأسباب نذكر منها ما يلي‏:-‏
‏1‏ الصحف والأقنية التلفازية الفضائية تمثل أحد أوراق القوة الناعمة والمالية في التعامل مع البنوك وفي تيسير أعمالهم المالية والعقارية والاستثمارية‏.‏
‏2‏ أداة لبناء مكانة ووجاهة سياسية ونفوذ في الحياة العامة‏,‏ وهي قوة مضافة ومؤثرة مع القوة المالية والاقتصادية‏.‏
‏3‏ ميل بعضهم لا كلهم في تبييض وجوههم التي طالها التشويه الإعلامي بحق أو بغيره والإعلام يمثل أهم ماكياج سياسي يحدث تغييرا في الصور النمطية الشائعة عن ارجل الأعمالب المصري‏.‏
‏4‏ أداة فعالة لمواجهة الانتقادات الموجهة لبعضهم بشأن بعض سلوكه الاقتصادي والمالي وتشابكاته وعلاقاته مع بعض أجهزة الدولة‏,‏ وما قد يطول بعض عقودها أو عملياتها من شبهات الخروج علي قواعد القانون‏.‏
‏5‏ أداة فعالة تستخدم في عمليات التضاغط المتبادل والصراعات البينية بين رجال الأعمال بعضهم بعضا ولاسيما حول بعض الصفقات الكبري‏,‏ أو بعض الاحتكارات الواقعية‏,‏ أو ببعض العلاقات التي تثور حولها ريبة أو شكوك تمس نزاهتها‏,‏ مما يسر لبعضهم الحصول علي قروض أو تسهيلات ائتمانية‏,‏ أو مساحات شاسعة من أراضي الدولة‏,‏ أو رفع أسعار بعض السلع الاستراتيجية أو احتكارها واقعيا‏,‏ دون وجه حق‏!‏
‏6‏ بناء شبكة علاقات مع بعض الصحفيين وعناصر من المعارضة وبعض الوزراء علي نحو يسمح لهم بالإفلات من دوائر المساءلة وضرورات الشفافية بشأن أنشطتهم وثرواتهم‏,‏ والابتعاد عن دائرة السؤال البسيط من أين لهم هذه الثروات؟ وكيف ومتي تحققت وتراكمت؟
من هنا لا نستطيع الفصل بين حالة الصياح والضوضاء والفكر اليومي العنيف الحامل لها‏,‏ وبين موقف بعض رجال الأعمال المالكين لها ولأسهمها في تحبيذ هذا التوجه الذي يصرف انتباه وإدراك القراء والمشاهدين عن اأسئلة الحقيقةب فيما يخص دورهم الاجتماعي الغائب والأسئلة التي تطول الثروة ومشروعية تكوينها وتراكمها وازديادها‏.‏ وقد يتساءل بعضهم هل كان ولا يزال أداء بعض الصحف الخاصة التي يهاجمها بعضهم عن حق أو بدونه سلبيا تماما ولم يكن إيجابيا في بعض المجالات؟
بالطبع لا‏,‏ لأن بعضها حقق نجاحات لا يمكن نكرانها‏,‏ ويمكن رصدها فيما يلي‏:‏
أ خلخلت الوضع شبه الاحتكاري للصحف االقوميةب‏,‏ وأضعفت جرائد المعارضة التي لا تعبر ولا تدافع سوي عن رئيس الحزب والموالين له‏.‏
ب استيعاب بعض من الأجيال الشابة من الصحفيين وقدمت لهم خبرة جديدة هي ارتباط العمل التحريري في الصحف بالتنافس والحرية وبذل الجهد والاجتهاد‏.‏
ج رفع أسقف الحرية والحق في التعبير ووسعت من نطاقاتها بما يتجاوز االخطوط الحمراءب التي كانت ذات حرمة وتشكل أحد تابوهات السياسة المصرية‏.‏ ومن الجدير بالذكر أن ظاهرة النقد الموضوعي المستقل ظهرت تاريخيا في إطار صحيفة الأهرام بالنظر إلي الوزن النسبي والتاريخي لها في الصحافة المصرية والعربية‏,‏ ومكانة بعض كتابها وصحفييها وخبرائها البارزين الذين يحظون باحترام ومصداقية‏.‏
د كسرت اللغة والكتابات النمطية السائدة في بعض الصحف القومية والحزبية والأهم أنها شكلت مختبرا للتجريب الكتابي‏,‏ بمعني السعي إلي خلطة أسلوبية بين بعض من الفصحي والعامية والهتافات والشعارات وتجمع بين بعض مستويات الفكر اليومي لمخاطبة شرائح قرائية متعددة في تعليمها ووعيها وانتمائها الاجتماعي‏.‏
هذا المختبر الصحفي محلي الصنع والهوي والاهتمامات وذو تحيزات سياسية ودينية وقومية والأهم مالية تتصل بالتوزيع والإعلانات ومعدلات الأجور والمكافآت والمزايا والنفوذ أكثر من بعض القنوات الذائعة كالجزيرة والعربية حيث بعض الأجور هنا تتجاوز هيكلها لدي الفضائيات العربية‏.‏ ولا يخفي هدف بعض رجال الأعمال وربما جهات أخري من وراء ذلك‏,‏ وهو الاستتباع المالي بكل مؤثراته علي الأداء المهني والتلاعب بمعاييره عندما يريدون‏.‏
ه إعادة الاهتمام بفن الكاريكاتير‏,‏ وبروز بعض من شباب الرسامين الموهوبين علي قلتهم ,‏ فضلا عن الفرص التي أعطيت لبعض الشباب لإظهار مواهبهم الصحفية علي ندرتهم في حالة الزحام في الوسط الصحفي الذي بات مفتوحا علي مصراعيه بلا معايير وتتوارث فيه المهنة من بعض الآباء إلي الأبناء‏,‏ وإلي دخول بعض ممن لا عمل لهم في مهن أخري إلي السوق الصحفية والإعلامية المرئية‏.‏
و كسرت الجمود الجيلي في الصحف االقوميةب والمعارضة التي سيطر عليها اعواجيزب أجهزوا علي الصفوف التالية وسيدوا قيم الولاء الشخصي لا السياسي للدولة أو الحزب الحاكم أو المعارضة أو المعايير المهنية‏...‏ إلخ‏,‏ وهو ما أدي إلي الترهل والجمود والفساد الوظيفي‏,‏ وبروز الوسطات وتحول بعض الصحفيين إلي مندوبي إعلانات إلي آخر نتائج هذا التخليط الوبيل‏.‏
ز ساهمت في رفع أجور بعض الصحفيين مقارنة بالأجور المتدنية السائدة في الصحف القومية‏.‏
ح ساهمت في الحراك السياسي النسبي في البلاد ودافعت عن حقوق الإنسان المصري‏.‏
وجيز ما سبق أن مخاطر الفكر اليومي وعنفه ومحليته وتبسيطاته المخلة ولا مهنية بعضه كما يبدو في مرآيا بعض الصحف الخاصة لا كلها ليس شرا مطلقا‏,‏ وإنما ينطوي علي بعض الإيجابيات المؤثرة علي المشهد الصحفي والإعلامي المحلي‏.‏ والسؤال هل الصحف الخاصة والإعلام المرئي وبرامجه االحواريةب تشكل علي حالتها هذه خطرا علي المتلقين أو النظام؟ نعم تشكل خطرا علي مستويات الوعي الاجتماعي والسياسي والجمالي لبعض المواطنين‏,‏ ولكنها لا تشكل قط خطرا بأي حال علي السلطة السياسية وأجهزة الدولة‏,‏ وذلك لعديد الأسباب أشير إلي بعضها تمثيلا لا حصرا فيما يلي‏:‏
‏1‏ استفادت النخبة الحاكمة والسلطة السياسية وبعض أجهزة الدولة من الصحافة الخاصة المكتوبة والمرئية في تجديد صورتها السياسية والإعلامية في أجهزة الإعلام العالمي والمعولم‏,‏ وأمام الإدارات السياسية الغربية‏,‏ ومن ثم علي قراراتها السياسية والاقتصادية‏,‏ إزاء الحكومة المصرية بكل انعكاسات ذلك علي قرارات منظمات التمويل الدولية‏.‏
‏2‏ توزيع فائض العنف الاجتماعي والسياسي علي نحو سلمي واستيعابه بل وضبطه في بعض الأحيان‏.‏
‏3‏ استخدام احرية الصحافةب وبعض هوامش حرية التعبير أو تجاوزاتها كمفردة في خطاب الدفاع السياسي عن النظام‏.‏
‏4‏ شكلت أداة للسلطة السياسية في التعامل مع بعض مظاهر الفساد السياسي والإداري وعدم الكفاءة المهنية علي نحو يسمح ببعض التصحيحات والمعالجات الحكومية لها‏.‏
‏5‏ تسريب بعض الأخبار والمعلومات إلي بعض الصحف أحيانا واستخدامها في الهجوم علي بعض الشخصيات لأسباب ذات طبيعة سياسية أو تنافسية واقتصادية‏.‏
محصلة ضوضاء الفكر اليومي في الصحف والإعلام المرئي أنها باتت تحتاج إلي معالجة في العمق لعديد جوانبها وأبعادها علي اختلافها‏,‏ خاصة أن الصحافة والإعلام المرئي يحتاج إلي تقييم يدعم الإصلاح في هياكلهم ونوعية الصحفيين والإعلاميين‏,‏ والأهم احترام حرية الرأي والتعبير وشرط الضمير شبه االمقدسب كونيا‏,‏ والسياسة التحريرية للصحف‏.‏ خاصة في ظل هيمنة الصحافة المرئية والرقمية‏,‏ وتراجع متنام للورقية وعالمها وأفكارها وممارساتها وقيادتها للفكر اليومي وفوضاه وضوضاءوه ومحليته‏!‏

المزيد من مقالات نبيل عبدالفتاح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.