طلعت فهمي: حكام العرب يحاولون تكرار نكبة فلسطين و"الطوفان" حطم أحلامهم    وزير النقل يكشف موعد افتتاح محطة قطارات الصعيد الجديدة- فيديو    تعرف على أسباب نقص معاش الضمان الاجتماعي 1445    د.حماد عبدالله يكتب: تراكم التجارب "رصيد للأمة المصرية "    فصائل عراقية تعلن استهداف موقع إسرائيلي في إيلات باستخدام الطيران المسير    الرئيس السيسى يصل البحرين ويلتقى الملك حمد بن عيسى ويعقد لقاءات غدًا    عماد الدين حسين ل«الشاهد»: إسرائيل تستغل أحداث 7 أكتوبر لتنفيذ مخططات الصهيونية    غارات إسرائيلية انتقامية تستهدف حزب الله شرقي لبنان (فيديو)    بقيادة الملك الغاضب أليجري.. يوفنتوس يتوج بلقب كأس إيطاليا على حساب أتالانتا    تين هاج: لا نفكر في نهائي كأس الاتحاد ضد مانشستر سيتي    رئيس الترجي يستقبل بعثة الأهلي في مطار قرطاج    أبرزها إنبي أمام فيوتشر، حكام مباريات اليوم في الدوري المصري    وزير الرياضة يطلب هذا الأمر من الجماهير بعد قرار العودة للمباريات    4 سيارات لإخماد النيران.. حريق هائل يلتهم عدة محال داخل عقار في الدقهلية    دفنه في حظيرة المواشي.. مقتل طالب إعدادي على يد صديقه لسرقة هاتفه المحمول في الإسماعيلية    حظك اليوم برج العذراء الخميس 16-5-2024 مهنيا وعاطفيا    ماذا قال نجل الوزير السابق هشام عرفات في نعي والده؟    طريقة عمل الدجاج المشوي بالفرن "زي المطاعم"    منها البتر والفشل الكلوي، 4 مضاعفات خطرة بسبب إهمال علاج مرض السكر    «فوزي» يناشد أطباء الإسكندرية: عند الاستدعاء للنيابة يجب أن تكون بحضور محامي النقابة    سعر الفراخ البيضاء وكرتونة البيض بالأسواق فى ختام الأسبوع الخميس 16 مايو 2024    كم متبقي على عيد الأضحى 2024؟    مباشر الآن.. جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya في محافظة القليوبية    «البحوث الفلكية» يعلن عن حدوث ظاهرة تُرى في مصر 2024    تأجيل أولى جلسات مُحاكمة المتهمين في حريق ستديو الأهرام ل 26 يونيو    الصحة الفلسطينية: شهيد ومصابان برصاص قوات الاحتلال في مدينة طولكرم بالضفة الغربية    أسما إبراهيم تعلن حصولها على الإقامة الذهبية من دولة الإمارات    قمة البحرين: وزير الخارجية البحرينى يبحث مع مبعوث الرئيس الروسى التعاون وجهود وقف إطلاق النار بغزة    عاجل - الاحنلال يداهم عددا من محلات الصرافة بمختلف المدن والبلدات في الضفة الغربية    الدوري الفرنسي.. فوز صعب لباريس سان جيرمان.. وسقوط مارسيليا    أحذر تناول البطيخ بسبب تلك العلامة تسبب الوفاة    شريف عبد المنعم: مواجهة الترجي تحتاج لتركيز كبير.. والأهلي يعرف كيفية التحضير للنهائيات    بداية الموجه الحارة .. الأرصاد تعلن حالة الطقس اليوم الخميس 16 مايو 2024    «الخامس عشر».. يوفنتوس يحرز لقب كأس إيطاليا على حساب أتالانتا (فيديو)    وزير النقل يكشف مفاجأة بشأن القطار الكهربائي السريع    قصور الثقافة تطلق عددا من الأنشطة الصيفية لأطفال الغربية    مشهد مسرب من الحلقات الجديدة لمسلسل البيت بيتي 2 (فيديو)    ماجدة خير الله : منى زكي وضعت نفسها في تحدي لتقديم شخصية أم كلثوم ومش هتنجح (فيديو)    تعرف على رسوم تجديد الإقامة في السعودية 2024    رئيس تعليم الكبار يشارك لقاء "كونفينتيا 7 إطار مراكش" بجامعة المنصورة    هولندا تختار الأقصر لفعاليات احتفالات عيد ملكها    سعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن الخميس 16 مايو 2024    حسن شاكوش يقترب من المليون بمهرجان "عن جيلو"    كريم عفيفي يتعاقد على بطولة مسلسل جديد بعنوان على الكنبة    فرقة فاقوس تعرض "إيكادولي" على مسرح قصر ثقافة الزقازيق    وزير التعليم العالي ينعى الدكتور هشام عرفات    ننشر فعاليات الاجتماع التشاوري بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال    عصام صاصا التريند الثالث على اليوتيوب    تعرف على أسعار الحديد والأسمنت في سوق مواد البناء اليوم الخميس 16 مايو 2024    انطلاق معسكر أبو بكر الصديق التثقيفي بالإسكندرية للأئمة والواعظات    جامعة كفر الشيخ تطلق قافلة طبية وبيطرية بقرى مطوبس    أمين الفتوى يكشف عن طريقة تجد بها ساعة الاستجابة يوم الجمعة    هل الحج بالتقسيط حلال؟.. «دار الإفتاء» توضح    أمين الفتوى يحسم الجدل حول سفر المرأة للحج بدون محرم    محافظ مطروح: ندعم جهود نقابة الأطباء لتطوير منظومة الصحة    «تضامن النواب» توافق على موازنة مديريات التضامن الاجتماعي وتصدر 7 توصيات    ب عروض مسرحية وأغاني بلغة الإشارة.. افتتاح مركز خدمات ذوي الإعاقة بجامعة جنوب الوادي    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جردة حساب مع هامش الحريّة

رغم أن الكثيرين يرددون أن التحول السلمي نحو الديموقراطية يحتاج إلي متغيرات كثيرة في بنية النظام السياسي، وبنية البشر المواطنين، إلا أنهم سريعًا ما يتجاهلون ذلك أو ينسونه بالمرة. وإذا كنا وبأكثر مما كنا في العهود السابقة، لم نعد نقدر أن نتنحي تمامًا ونهائيًا عن الاهتمام بالشأن العام المصري ومتابعة ما يجري علي لسان الفضائيات الخاصة والعامة وما تكتبه ما تسمي بجرائد المعارضة والمستقلة، فقد كنا ولا زلنا مجرد قليلي الذكاء! واستطاعت حفنة يعرفهم كل قارئ وكل مشاهد عاقل، أن يخلقوا حولنا ثقافة مفرغة. تنتج «مثقفين» غير مثقفين. يغرقون مجتمعنا وناسنا في السطحية، يغروننا بالانغلاق علي الأحوال السيئة، بينما يحشون هم جيوبهم كل يوم بممارستهم التضليل السياسي والديني بمزيد من الأموال تحسبا للأيام الصعبة التي يتهددون بها مصر والمصريين! إنها الحقيقة العارية التي سنكتشفها بعد سنوات التيه والضياع في بحر هؤلاء. إذا نجوا ليتمتعوا بمكاسب تجارتهم في آلامنا، فلن تكون سوي بدايات الفوضي الخلاّقة!
بأسرع مما نتوقع سنعبر فوضي البداية، وظهرت علي القنوات المصرية «برامج التوك شو» كأحد أهم الظواهر اللافتة في عالم الإعلام المرئي خلال العشرة أعوام الماضية. ورغما عنها وبعيدًا عن الأهداف الخاصة والعامة، تقوم هذه البرامج بتحطيم حالة الجمود بين المشاهد والإعلام وتأخذ في تذويب جبل الجليد بين المشاهدين والتليفزيون. وبالضرورة، يتفاعل المرئي مع المكتوب، وتظهر مساحات زمنية لجرائد بعينها علي الشاشات، وفي المقابل تتصدي الصحافة المكتوبة للقضايا التي تتناولها هذه البرامج في ممالأة أو نقد أو هجوم أو تفاعل حقيقي يساهم بشكل مباشر وأساسي في زيادة شهرة هذه البرامج علي نطاق واسع. وحيث لا يمكن مقاومة التليفزيون وشبكة الإنترنت وهي تفرض نفسها كأسرع وسائل إعلامية في التواصل بالصوت والصورة، تجتذب هذه الوسائل نسبة مشاهدة عالية جدًا كما تؤكد كل استطلاعات الرأي التي أجريت في هذا الشأن.
إذ يكون الأمر كذلك، فمعرفتنا الحقيقية سوف تبدأ في نفس اللحظة التي نتخلي فيها عن سذاجتنا، نحاول أن نستشف النظام الخفي المضمر في هذه العشوائية الظاهرة. نهرب من الغرق في بحر إبراهيم عيسي خصوصًا بعد أن ارتدي الجلباب وأخذ في البحث في عبقرية أبي بكر وعمر من جديد، نهرب ونملّ من وائل الإبراشي وخضم البحث عن الحقيقة في أحداث عارضة، من مني الشاذلي ومعتز الدمرداش ومحمود سعد ومجدي الجلاد.. وقد جمع عمرو الليثي بعضا منهم، في برنامج رمضاني لمزيد من التسلي بشهرتهم والتطفل علي أحوالهم في الحب والزواج والثقة بالنفس وتحقيق الذات في رفع ضغط وسكر المصريين ببرامج ومناقشات لا تفسر شيئًا كبيرًا بالبكاء علي أحوال مصر.
حتي لحظتنا هذه ينتج هامش الحرية ليبرالية لا يقبلها العقل، ركيزتها اللعب علي المشاعر الدينية لأغلبية الفقراء أو علي مشاكلهم الاجتماعية والمعيشية. والنتيجة في هذا الطوفان من الإثارة والدهش والتهريج التي بدت واضحة في مسلسلاتنا لهذا العام. والأمر ليس مؤامرة دبرها النظام تحدد معالم السياسة والمجتمع وتربطها بالخيوط السرية التي تحرك الأراجوز، يقول ما يحلو له، يعتصم ويتظاهر ويضرب ويجري وراء جمع التوقيعات.. حتي لمن يقبل مثل هذا التحليل، فالانغمار ليس مطلقا، والإغراق لا يلغي قانون الطفو بل يدعمه! وعلي عاتق الفكر العقلاني في هذا البلد أن ينجو بالمصريين من التجهيل والتعمية والتعجيز «مفيش فايدة»! نبحث في الشواش، في أمور شديدة التناقض، الشكوي من الفقر، وفي نفس الوقت انتشار السيارات السيراتو ذات المائة ألف جنيه وقد أصبحت السيارة الشعبية الأولي في مصر بدلاً من الفيات بأرقامها 128 و127 الهاتشباك. والموبايلات علي آذان كل المصريين، يدردشون بالمليارات، وجوقة الإعلان تحتشد بالنجوم تغني «الدنيا فيها أكتر»! وقد عاش البشر آلاف السنين يلاحظون أن أسبابًا صغيرة يمكنها أن تحدث نتائج كبيرة غير متوقعة والأمر يلازم الطبيعة كما يلازم المعرفة.
أطرح في نهاية هذه العجالة فكرة أن العلاقة الخطية بين الشعب والحكومة، التي عشناها في عهد عبدالناصر، والتي لايزال البعض يهفو إليها كما يهفو آخرون إلي عهد أبي بكر وعمر، قد انتهت. لتبدأ مرحلة استطلاعية وتجريبية وتدريبية جديدة، هي بلا شك مرحلة انتقالية في خلق وعي سياسي وثقافي وحقوقي لدي المواطن العادي، بعد سنوات طويلة من الاستبداد والانكماش والاستضعاف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.