من المؤكد أن هناك إرادة سياسية من قبل الدولة وقيادتها في أن تجري انتخابات مجلس الشعب المقبلة في اجواء ديمقراطية تضمن نزاهة العملية الانتخابية, وتسفر عن اختيارات شعبية تعبر عن رأي وإرادة الناخبين فيمن سيمثلهم في برلمان2010 الجديد. لقد شهدت الساحة الحزبية المصرية تطورا مهما صب في اتجاه تأكيد احزاب المعارضة نحو المشاركة في الانتخابات وعدم الاستجابة لدعوات الفوضي واصوات المقاطعة التي لم تجد لها صدي ملموسا في الشارع المصري. وفي الوقت الذي أعلن فيه الحزب الوطني عقب اجتماع هيئة مكتبه عن رؤيته حول هذه الانتخابات وضمان نزاهتها أعلن حزب الوفد مشاركته فيها في حين أكد حزب التجمع إصراره دخول المنافسة كاشفا اسماء عدد من مرشحيه, ويبدو أن الأمر نفسه سوف يشمل الحزب الناصري وحزب الجبهة برغم تردده في توضيح موقفه لاسباب تتعلق بتباين مواقف عدد من قياداته, في حين شكل المهندس موسي مصطفي موسي تحالفا ضم سبعة احزاب, وسيدفع هذا التحالف بنحو مائتي مرشح علي مستوي جميع الدوائر, وقد يكون إعلان الحزب الوطني لرؤيته حول الانتخابات القادمة واللقاء الذي تم بين السيد صفوت الشريف الأمين العام للحزب ود.رفعت السعيد رئيس حزب التجمع لمناقشة مطالب ائتلاف احزاب المعارضة الأربعة الوفد التجمع الناصري الجبهة أحد الاسباب المهمة التي دفعت أركان هذا الائتلاف لاتخاذ قرارها بالمشاركة فقد تعامل الحزب الوطني بتعبير د.رفعت السعيد مع هذه المطالب بحرفية سياسية. وفي البيان الذي أصدره الحزب اتضح اهتمام الوطني الشديد بالانتخابات التشريعية, وأعلن الحزب تمسكه بضمانات واضحة ومحددة تضمن أكبر قدر من النزاهة والحيدة في هذه الانتخابات, ودعا جميع الجهات المعنية بإدارة الانتخابات إلي الاضطلاع بمسئولياتها طبقا للدستور والقانون. ولعل ذلك يلقي علي الحكومة بوصفها السلطة التنفيذية مسئولية مباشرة وعاجلة في تنفيذ هذه الضمانات والالتزام الكامل بنصوص القانون, وتفعيل النصوص المنظمة للعملية الانتخابية خصوصا قانون مباشرة الحقوق السياسية بتعديلاته التي أدخلت عليه عام2007, ومن الضروري أن تعلن الحكومة بكل أجهزتها التزامها الكامل بنصوص القانون وتعهدها بتنفيذ الرؤية والمطالب التي توافقت عليها الأحزاب, أغلبية ومعارضة, فالحكومة مطالبة اليوم قبل الغد, بالإعلان عن ذلك, وتعيدتأكيد استقلالية اللجنة العليا للانتخابات باعتبارها لجنة مستقلة, تتولي الاشراف الكامل علي العملية الانتخابية, ولها شخصيتها الاعتبارية, وموازنتها المستقلة, وتتولي اختصاصاتها بالاستقلال والحيدة, وتتوافر لأعضائها حصانة قوية, وعلي الحكومة, كما طالب بيان الحزب الوطني, أن تسرع بتوفير الاعتمادات اللازمة لموازنة اللجنة للقيام بدورها وممارسة صلاحياتها باستقلالية تامة, وإذن سيكون الفيصل هنا للقواعد المعمول بها وفقا للدستور والقانون, وهذا ما يجعلنا نتساءل بعد تحديد دور الحكومة التنفيذي, وباعتباره احد مفاتيح نجاح التجربة ماذا تنتظر الحكومة حتي تعلن عن ذلك وتتخذ من الاجراءات ما يدعم عمل واداء اللجنة؟ اما السؤال الثاني فهو: ما المطلوب من اللجنة العليا للانتخابات وهي الجهة المنوط بها ادارة العملية الانتخابية. لقد أعطي القانون سلطات واسعة لهذه اللجنة في الادارة والاشراف علي الانتخابات ومن حقها وضع كل القواعد المنظمة لها. فالمطلوب من اللجنة بحكم دورها الاستجابة لمطالب الاحزاب اغلبية ومعارضة, وعليها البدء فورا في وضع القواعد الارشادية لسير العملية الانتخابية, واعلان معايير اختيار اعضاء لجان الاقتراع الفرعية وتسهيل وتنظيم عملية اصدار التوكيلات بالنسبة لمندوبي المرشحين امام اللجان العامة والفرعية ومندوبي الفرز, وتحديد القواعد المنظمة للدعاية الانتخابية قبل الموعد المحدد للحملات الانتخابية بوقت كاف, بشكل أو بآخر ينبغي علي اللجنة, تفعيل نصوص القانون واستخدام كافة صلاحياتها التي يفترض أنها تبدأ من الآن وحتي إعلان النتائج خصوصا فيما يتعلق بحق الأحزاب في الحصول علي فرص متساوية في الدعاية الانتخابية في وسائل الاعلام المملوكة للدولة وضبط النظام داخل اللجان, ومتابعة كل ما يخالف القانون في الدعاية الانتخابية, سواء أكان في تجاوز حد الانفاق المالي, وشراء الأصوات, أو استخدام العنف ورفع شعارات انتخابية ذات طابع ديني أو طائفي. دور مهم وقواعد يجب التمسك بها وتفعيلها وفقا للقانون, ويبقي في النهاية تحديد موقف الأحزاب تجاه عدد من الظواهر التي دائما ما ترافق الانتخابات وتجعل عدم الثقة هو المرادف لها, فإذا كانت الإرادة السياسية للدولة والحزب الوطني وأحزاب المعارضة قد توافقت علي إخراج هذه الانتخابات بالشكل الذي يليق بشعبنا, فإن علي الأحزاب, دون استثناء إصدار بيان مشترك أشبه بميثاق شرف انتخابي يتم التزام الجميع به, وتتفق فيه حول أساليب الدعاية الانتخابية, وحدود الانفاق المالي وتجريم شراء الأصوات واستخدام العنف والبلطجة, ودعوة وسائل الإعلام الخاصة هي الأخري بتوفير فرص متكافئة للجميع في الدعاية الانتخابية, والابلاغ فورا عن أي دعايات وشعارات غير انتخابية مع احترام كل اجراءات وقرارات اللجنة العليا للانتخابات, باعتبارها المرجعية النهائية المسئولة عن هذه الانتخابات, إن هذا البيان سيساعد علي الحد من ظواهر انتخابية, أثرت علي الأداء الديمقراطي في انتخابات سابقة, وسيكون بمثابة تعهد من الجميع أمام المصريين بإخراج هذه الانتخابات بالشكل الأمثل, وسيعطي الأمل في إجراء انتخابات يكون فيها المواطن والناخب هو الحكم, إن الانتخابات البرلمانية الجديدة ستكون اختبارا لتجربة التعددية السياسية, وعلي الجميع المشاركة فيها, والالتزام بالدستور والقانون وقواعد اللعبة الديمقراطية. المزيد من مقالات مجدي الدقاق