تبحث إسرائيل منذ التوقف الاضطراري لحرب صيف2006 عن ذريعة جديدة لشن عدوان علي لبنان لاصطياد المقاومة, ولم تعط المقاومة حتي الآن لها فرصة, وعندما فشلت إسرائيل سعت للضغط علي المؤسسات اللبنانية والتيارات المعارضة لحزب الله وتهديد لبنان حكومة ومؤسسات بالتدمير. , علها تتحرك لفتح ملف نزع سلاح المقاومة تحت مظلة القرار الدولي1701 تحت هذا الضغط الذي استمر منذ تبنت الحكومة الحالية برئاسة سعد الحريري في ديسمر الماضي دعم المقاومة الشرعية في البند السادس من بيانها الوزاري. وبعد ما فشلت إسرائيل مجددا اخترعت رواية نقل سوريا أسلحة إلي حزب الله في لبنان, وهي الرواية التي وصفها وزير خارجية مصر أحمد أبو الغيط خلال زيارته بيروت في أبريل الماضي بأنها أكذوبة كبيرة. وأخيرا قررت إسرائيل أن تلعب بورقة أخري لن تكون الأخيرة هي ورقة الجيش اللبناني الذي يمثل إلي جانب فيروز وحرية الإعلام ثالوثا مقدسا لدي اللبنانيين, وذلك باستهدافه وقصف مواقعه في الجنوب ومراكزه العسكرية في بلدة العدية في محاولة لتفكيك معادلة الشعب الجيش المقاومة التي اعتمدتها الرئاسة والحكومة ومؤسسة الجيش نفسها صيغة وطنية للدفاع عن لبنان ضد العدوان والاعتداء علي سيادة لبنان واستقلاله وأرضه, وفق تصور أن ضرب الجيش اللبناني هو نوع من العقاب له لاعتماده هذه المعادلة وموافقته عليها, وهو أيضا ضغط عليه وعلي الشعب لفك الارتباط بهذه المعادلة لإنقاذ الجيش من مواجهة عسكرية غير متكافئة مع أقوي جيوش المنطقة وأشرسها. لكن ما حدث جاءت نتائجه عكسية تماما مثلما جاءت نتائج قرار حرب صيف2006 مما ترتب عليه أولا أسقطت إسرائيل من يدها ومن يد آخرين ورقة استخدام المقاومة وسلامها ذريعة, فقد اعتدت إسرائيل علي الجيش اللبناني واستهدفته بشكل مباشر, ولم تستهدف مواقع للمقاومة أو مخازن أسلحة ادعت أنها تملك صورا من أقمارها الصناعية لها, وشنت إسرائيل عدوانها دون ذريعة وفرها الجيش أو وفرتها المقاومة لها لشن العدوان. ثانيا: أن إسرائيل برأت المقاومة من اتهامها بقصف مدنيين في حرب صيف2006, وربما بدرت لها ذلك في أي اشتباك قادم, فبعض القذائف التي استهدفت الجيش اللبناني انطلقت من مستوطنة مسكاف عام في الجليل, ورد الجيش اللبناني علي مصادر النيران, ما يعني أن إسرائيل ربما تستخدم مدنييها دروعا بشرية, وجعلت مستوطناتها في الشمال أهدافا عسكرية, وبالعدوان أعطت هي المقاومة ذريعة. ثالثا: أن إسرائيل أسهمت في تكريس معادلة( الشعب والجيش والمقاومة) ولم تضربها, حيث جاء تعامل الجيش اللبناني بشجاعة وجرأة دون رهبة مع العدوان كأول تطبيق عملي لهذه المعادلة, وتعززت المعادلة كذلك بإشادة كل الأطياف اللبنانية بالجيش وبارتفاع الروح المعنوية للجيش ضباطا وجنودا. وتجلي تكريس هذه المعادلة في تصريحات الرئيس ميشال سليمان والبيان الصادر عن المجلس الأعلي للدفاع وتصريحات وزير الدفاع إلياس المر, والتي أكدت جميعها وفي توجيهات الرئيس لقائد الجيش جون قهوجي استعداد الجيش للدفاع عن لبنان ضد أي عدوان إسرائيلي( من الآن وصاعدا) مهما كانت التضحيات, هذه العبارة تتكرر كثيرا علي لسان الرئيس ووزير الدفاع والعسكريين هذه الأيام. رابعا: أن إسرائيل أسهمت في تقديم حلول لمشكلة أسباب انعدام الثقة بين اللبنانيين والقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان بمقتضي القرار1701 فقد شهدت الأسابيع الماضية احتكاكات بين الأهالي في الجنوب وقوات يونيفيل علي خلفية تحركات اعتبرها الأهالي اعتداء علي ممتلكاتهم وخصوصياتهم تحت مظلة تطبيق القرار, واتهامات من الأهالي للقوات بأنها لا تقوم بواجباتها تجاه حماية اللبنانيين في الجنوب من انتهاكات إسرائيل للقرار الذي بلغ حد خطفها مواطنين من داخل الأراضي اللبنانية تحت سمع وبصر يونيفيل دون تدخل, وزاد علي ذلك انسحاب قوات يونيفل من بلدة العدية يوم الثلاثاء الماضي أثناء العدوان الإسرائيلي علي الجيش اللبناني وتعرضه للقصف إلي بلدة كفر كلا لمدة ساعتين خوفا علي جنودها, بينما يري الأهالي أن بقاء القوات كان يمكن أن يشكل مانعا أمام الجيش الإسرائيلي لقصف مواقع الجيش اللبناني أو حائلا دون استمراره, علاوة علي أنها اتهمت ضمنيا الجيش اللبناني بالاعتداء علي الجيش الإسرائيلي بإدعاء أن الشجرة التي كان الأخير يريد اقتلاعها( السبب) تقع في الجانب الإسرائيلي من الحدود بدعوي أنها وراء الخط الأزرق. لكن بعد العدوان بدت يونيفيل تحت ضغوط وحسب مصادر أمنية تعيد خطة تحركاتها في المنطقة وفق قواعد الاشتباك المبرمة مع الجيش اللبناني لتنظيم عملها وسط آمال بأن تعمل يونيفيل علي كسب ثقة الشعب اللبناني بعدم الصمت علي انتهاكات إسرائيل للقرار1701 وموافاة مراجعها الدولية بذلك, والتي بدورها عليها أن تتعامل مع خط الحدود الدولية وليس الخط الأزرق( وهمي) الذي رسمته الأممالمتحدة عام2000 دون تدليس. خامسا: أسهم العدوان الإسرائيلي وسقوط نظرية الذريعة وتكريس معادلة( الشعب والجيش والمقاومة) في خلق مناخ جديد لمناقشة سبل مواجهة العدوان الإسرائيلي والتهديد بالعدوان وفيها( هذه السبل) المقاومة, وذلك بين أنصارها وبين المطالبين بنزع سلاحها بوصفه ذريعة للعدوان. في هذا الصدد يقول النائب سعير الجسر عضو كتلة لبنان أولا النيابية( قوي4 آذار): إن السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله طرح معادلة جديدة مهمة جدا تصب في روح القرار1701 باعتبار الدفاع عن لبنان من اختصاص الجيش, وفي حالة عدم قيام الجيش بمهامه تتدخل المقاومة, وكان الجسر دعا إبان العدوان الإسرائيلي علي أسطول الحرية في نهاية شهر مايو الماضي, إلي ضرورة إعادة النظر في الموقف من( سلاح) المقاومة دفاعا عن النفس ضد همجية إسرائيل. صحيح أن المناخ لم يصل بعد إلي تقارب في وجهات النظر إلا أن عدوان إسرائيل وانتهاكها للسيادة اللبنانية وحرمة أراضي لبنان تسهم في تخفيف حدة الخلافات تدريجيا بين أنصار المقاومة ومعارضي سلامها, والموضوع مطروح علي جلسة الحوار الوطني حول الاستراتيجية الدفاعية يوم19 من الشهر الحالي برئاسة ميشال سليمان. سادسا: وفر العدوان الإسرائيلي فرصة لإثبات الجيش اللبناني استعداده وجاهزيته للتعامل مع أي عدوان إسرائيلي, كما رجح العدوان احتمالات التنسيق بين الجيش والمقاومة في أي مواجهة قادمة تفرضها إسرائيل علي الطرفين معا. سابعا: رفع العدوان الإسرائيلي عن حزب الله اتهامه باحتكار قرار السلم والحرب, وأثبت العدوان أن إسرائيل بيدها هي قرار السلم والحرب( الهجوم), وأن قرار السلم والحرب( الدفاع) من الجانب اللبناني في يد الجيش أولا. وفي هذا الصدد تقول مصادر أمنية إن معادلة الاعتداء علي الجيش ستدعو المقاومة للتدخل باتت حقيقية, ومعادلة الاعتداء علي المقاومة لن تدفع الجيش للتدخل مثلما حدث في حرب صيف2006 باتت محل شك. ثامنا: أوجد العدوان الإسرائيلي نقاشا في الساحة السياسية اللبنانية حول ضرورة تسليح الجيش ووضع هذه المسئولية أمام الدولة والحكومة, ويشارك في هذا النقاش سياسيون كانوا يؤمنون بنظرية قوة لبنان في ضعفه تلك النظرية التي تخسر كل يوم أنصارا. تاسعا: فشلت إسرائيل في استدراج المقاومة, واستدعت الجيش اللبناني إلي ساحة المعركة لأول مرة بعد ما كانت لا تقيم له وزنا. حتي الأكاذيب الإسرائيلية لم تصمد أيضا, فقد ادعت إسرائيل أن الضباط والجنود اللبنانيين الذين تصدوا للعدوان ينتمون إلي لواء شيعي في الجنوب في محاولة لإثارة فتنة مذهبية في الشارع وداخل صفوف الجيش عبر الإيحاء بأن عناصر المقاومة الشيعية اخترقت الجيش أو أن الطائفة الشيعية سيطرت عليه, برغم أنه ليس كل الشيعة ينتمون أو يدعمون هذا الحزب. وقد كان دحض هذه الكذبة بليغا, فقد شيع اللبنانيون جثماني شهيدين لبنانيين من ثلاثة في العدوان أحدهما من كنيسة البشارة والآخر من كنيسة جاور جيوس.