قرار مد حالة الطواريء لمدة عامين الذي وافق عليه مجلس الشعب و قصر تطبيقها علي مواجهة أخطار الارهاب والمخدرات أدي لحالة من الارتياح في الشارع السياسي المصري. بكل طوائفه وأحزابه. وجاء القرار ليؤكد أن حرية الرأي والصحف لن تتأثر اطلاقا بمد حالة الطواريء التي اتفق الجميع علي أن الارهاب والمخدرات في حاجة لاجراءات استثنائية لا تتوافر في القوانين العادية. تحقيقات الأهرام استطلعت آراء خبراء ورجال القانون والنشطاء السياسيين حول قرار مد العمل بقانون الطواريء مع الضوابط الجديدة. المستشار فتحي رجب وكيل اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس الشوري يصف المجتمع الآن بأنه يعيش حالة انتفاضة وينقصه كثيرا من التنظيم, وعلي سبيل المثال فقد صدر تشريع وتعديل دستوري يسمح للمرأة بشغل64 مقعدا في مجلس الشعب ونحن نعلم تماما أن الشارع الانتخابي مملوء بالبلطجة والرشوة وعوامل الإنفاق الزائد عن الحد, وخداع الناخبين, والاتصالات الأجنبية ببعض المرشحين لضمان ولاءات معينة لاتجاهات معينة, فإذا كانت هناك دولة تريد أن تحتل دولة أخري دون قتال واستوعبت درس العراق وأفغانستان وغيرهما والتكلفة الدموية والمادية, فماذا لو استطاعت أن تجذب نحوها عددا مؤثرا من المرشحين عن طريق الإنفاق عليهم في المعارك الانتخابية في دولة أخري بحيث تضمن برلمانا مواليا لاتجاهاتها؟! هذا أمر يخشي منه.. فالبلطجة والرشوة والاستمالة الاجنبية أو الطائفية أو المتطرفة.. أصبحت الحكومات في عجز عن مقابلة هذه التصرفات والبلطجة من خلال التشريعات العادية.. ولذلك رأي واضعو مشروع مد إعلان حالة الطواريء أن يحيطوا هذا المد الجديد بضوابط لا تكتفي بمجرد التصريحات, وإنما أيضا أن يتضمن قرار رئيس الجمهورية بالمد بعض هذه الضوابط وأهمها, وذلك بأن ينص صراحة علي قصر التطبيق يشكل صريح, وكالتزام قانوني علي مواجهة الارهاب وتمويله وجلب وتصدير المواد المخدرة والاتجار فيها. حرص الرئيس وكان ذلك النص الجديد يؤكد حرص الرئيس مبارك علي عدم استخدام التدابير التي يسمح بها إعلان حالة الطواريء إلا في هذا المجال.., فضلا عن أن قانون الطواريء نفسه يضع قيودا قضائية وقانونية علي التطبيق طبقا لأحكام الدستور الصادر سنة71 في نص مادته148, والذي ينص علي أن إعلان حالة الطواريء يكون لمدة محدودة, ولا يجوز مدها الا بموافقة مجلس الشعب, فضلا عن أن القانون وضع قواعد قضائية حاكمة للحد من أي خطأ في تطبيق هذا القانون وهي واجبة التطبيق.. ليس يبقي بعد كل ذلك ليطمئن الناس إلا أن نناشد السلطات سرعة الاستجابة لأحكام محكمة جنايات أمن الدولة التي تنظر الطعون في قرارات الاعتقال بما قد تصدره من أحكام للإفراج عن المعتقلين, فعلي السلطات أن تسارع بالافراج عنهم ولا تعاود اعتقالهم بعد أحكام هذه المحاكم أو محاكم مجلس الدولة.. وبهذا الاشراف القضائي المتميز وتعاون السلطات التنفيذية في تنفيذ روح القانون والدستور يمكن القول ان هناك توازنا بين حقوق الانسان في مصر وبين تشريعات الطواريء وإعلان مد العمل بها طبقا لما صدر في مجلس الشعب.. .. مع رجاء أن تسارع الحكومة بعمل تشريع جديد للبلطجة. خطوة جيدة ويري حافظ أبو سعدة أحد النشطاء بحقوق الانسان أن هذه خطوة جيدة لكنها تستوجب أن تكون محددة زمنيا لمدة محددة للانهاء الكامل لحالة الطواريء, وأن يكون هناك ضمانات قضائية لعدم التجاوز في تنفيذ قانون الطواريء.. بمعني أن المواطن يستطيع بموجب هذه الضمانات أن يأخذ حقه باللجوء إلي القضاء الطبيعي اذا تم التعدي علي هذا الحق.. عمر طاهر وكيل اللجنة التشريعية بمجلس الشعب يؤكد أن قانون الطواريء موجود في كل مدن العالم, اذا اقتضي الحال أن تعلن أي دولة حالة الطواريء فمعني ذلك أن يطبق هذا القانون, وأي قانون طواريء يشمل تدابير غير عادية لمواجهة الأخطار التي من أجلها أعلنت حالة الطواريء في أي دولة.. في مصر وهي دولة تحيط بها الأخطار من كل جانب اقتضي الأمر أن تعلن حالة الطواريء لمواجهة الأخطار بتدابير منصوص عليها في هذا القانون. من هذه التدابير ما يشمل مكافحة الارهاب والمخدرات والخروج علي الأمن العام والبلطجة.. وقد تعهدت الحكومة في الدورة السابقة بالتقدم بمشروع مكافحة الارهاب, فإن هذا المشروع قد تم تأجيله لمزيد من الدراسة حتي يمكن مواجهة الارهاب بنصوص هذا القانون, فإن هذه الدراسات لم تستكمل بعد حتي يخرج القانون بالصورة التي تضمن حصار ومكافحة الارهاب, فجاء قرار رئيس الجمهورية بمد حالة الطواريء, ولكن تم قصر هذا المد علي التدابير التي تواجه الارهاب والمخدرات.. وانتهت حالة الطواريء بالتدابير الأخري.. .. هذا بالاضافة إلي أن الاتجار في المخدرات قد أصبح وسيلة لكسب أموال يدفع بها لتقوية الارهاب ويستغلها في كل أفعاله ومخططاته, ومن ثم كانت التدابير لمواجهة المخدرات ضرورة لارتباطها بالارهاب ويمكن في مجمل القول أن نقول انه ان كان القرار في ظاهره مدا لحالة الطواريء فإنه في حقيقته انهاء لها باستثناء الارهاب والمخدرات.. ويمكن القول إن النظام قد أوفي بما وعد به.. ولكن المعارضة تزايد علي هذه التدابير رغم انها من المفروض ان كل القوي السياسية ترتفع عن انتمائها الحزبي وأهوائها السياسية للتصدي للارهاب والمخدرات وأن المزايدات التي نراها الآن هو مجرد مزايدات لا يقصد بها إلا التشهير بالنظام.. وقد رأي بعض من أعضاء المجلس القومي لحقوق الانسان أن مد حالة الطواريء بالنسبة للارهاب والمخدرات هي الضمان الرئيسي لحقوق الانسان.. وينهي عمر طاهر كلامه بأنه كان يحبذ أن تشمل التدابير البلطجة لانها نوع من أنواع الارهاب, ولكن هذا يؤكد وفاء النظام بتعهده.. لا توجد ظروف طارئة الدكتورة فوزية عبد الستار رئيس اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب سابقا تؤيد إلغاء حالة الطواريء لسبب بسيط أنه لا توجد ظروف طارئة تقتضي وجود هذه الحالة, لأن حالة الطواريء معناها وجود ظروف طارئة استثنائية طرأت علي المجتمع, يريد أن يواجهها بتدابير معينة, وأن هذه الظروف الطارئة لم يعد لها وجود في مصر الآن, ومن ثم فهي تقتضي الغاء حالة الطواريء, وإلغاؤها المفروض أن يتضمن الغاء قانون الطواريء.. ولذلك فكيف نلغي حالة الطواريء ونبقي علي قانون الطواريء المنبثق منها ولو في حدود معينة.؟ وكانت تفضل فوزية عبد الستار أن تتخذ الحكومة خطوة أكثر بعدا وتتجاوب مع مطالب المواطنين, فتلغي حالة الطواريء بكل صورها, بما يترتب علي ذلك من إلغاء قانون الطواريء. أما فيما يتعلق بالمخدرات, فلدينا قانون كامل ودائم اسمه قانون مكافحة المخدرات, وهذا القانون فيه من النصوص التي تجرم جميع الأفعال المتعلقة بالمخدرات, وتقرر أشد العقوبات لهذه الأفعال.. وبالتالي كما تقول فوزية عبد الستار فلسنا بحاجة اطلاقا إلي قانون الطواريء في هذا الشأن, لا سيما أن قانون الاجراءات الجنائية قانون متميز وقادر علي مواجهة مرتكبي هذه الجرائم في إطار ضمانات حقوق الانسان التي ينص عليها الدستور المصري. أما جرائم الارهاب فأين هي؟ فمصر من أكثر الدول تمتعا بالأمن والاستقرار, وحدوث جريمة من وقت إلي آخر لا يعني اطلاقا وجود ظاهرة اسمها الارهاب.. ومن ثم لا يجوز أن نضع في أذهاننا أمرا غير واقعي ونبني عليه نصوصا قانونية, ولذلك فهي تري انه لا داعي لاستمرار الطواريء في الارهاب.. كما ترفض أيضا إصدار قانون خاص بالارهاب لا سيما أن الدستور المصري في تعديله الأخير الصادر26 مارس سنة2007 قد نص في المادة179 منه علي وضع اجراءات خاصة للتحقيق والاستدلال بحيث لا تتقيد هذه الاجراءات بضمانات الحرية الشخصية وحرمة المساكن, وحرمة الحياة الخاصة للمواطنين التي تعتبر من أهم الضمانات التي نص عليها الدستور المصري, والتي يعتز بها المواطنون.. ولكن النص الدستوري179 يسمح لسلطات الاستدلال والتحقيق بإهدار هذه الضمانات, ومن ثم فلا داعي للإبقاء علي قانون الطواريء في حدود جرائم المخدرات والارهاب, لأنه غير منطقي إلغاء حالة الطواريء والابقاء علي قانون الطواريء في مجال هذه الجرائم, كذلك لا داعي أيضا لإصدار قانون خاص بالارهاب مدعم من الدستور بعدم التقيد بضمانات الحقوق الفردية.. د. شوقي السيد أستاذ القانون وعضو مجلس الشوري يؤكد أن الحكومة لم تكن كاسبة بل كانت خاسرة في الفترة الطويلة السابقة التي كانت فيها حالة الطواريء معلنة, ومع ذلك فإن نصوص القانون وسلطات الحكومة الاستثنائية خلال إعلان حالة الطواريء غير منفذة في الواقع, فلم نشاهد حالة من حالات حظر التجوال ولا مراقبة التليفونات ولا غلق المحلات وغيرها من التدابير الاحترازية والوقتية التي تواجه حالة الطواريء بصفة عامة.., لأنه في كل الدنيا يوجد قانون طواريء, ولكن المشكلة في إعلان حالة الطواريء.. فإذا كانت هناك دواع لاعلان حالة الطواريء ووجود مقتضاها تعلن حالة الطواريء, وتكون لمدة معينة, إنما الفترة الماضية منذ81 وحتي الآن لم نشهد تطبيقا فعليا لقانون الطواريء رغم إعلانها.. وبالتالي كما يقول د. شوقي فإن الفترة السابقة كانت الحكومة خاسرة.., ولكن وبعد القرار الصادر بإلغاء حالة الطواريء فيعتبر نقلة كبيرة جدا تعلن عن حالة الأمان والسلام والاستقرار القائمة فعلا في البلاد, وبالتالي فإن قانون الطواريء لاتطبق أحكامه وتدابيره بصفة عامة, فإذا اقتصر تطبيقها علي جرائم الارهاب والمخدرات فالأمر كاشف لذاته, انه محدود للغاية لجرائم بذاتها تقتضي المحافظة علي أمن الدولة في الداخل, ومواجهة المساس بأمن الدولة سواء في الخارج أو الداخل, وكذلك جرائم المخدرات المدمرة وبذلك يعتبر تطورا كبيرا وفطنة وذكاء من الحكومة تداركته بعد زمن طويل.. ونطالب الحكومة بالانتهاء من إعداد مشروع قانون الارهاب, وطرحه علي الرأي العام لمناقشته.