نتيجة الصف الرابع الابتدائى الترم الثانى.. موعد وطريقة الحصول عليها    الفيوم تستضيف الجلسة ال26 للجنة قطاع العلوم الأساسية على مستوى الجامعات    شاهد.. انطلاق فعاليات قمة رايز أب لريادة الأعمال بحضور وزيرة التخطيط    إحلال الصالات اليدوية بكباري مشاة ترعتيِّ السويس وبورسعيد بالإسماعيلية    "التعليم" تعقد ورشة عمل بعنوان "الذكاء الاصطناعي مدخلاً لإعادة هندسة منظومة التعليم"    الإعلام الحكومي بغزة ينشر أسماء 100 أكاديمي فلسطيني قتلهم الاحتلال    شريف يشارك في تعادل الخليج مع اتحاد جدة بالدوري السعودي    الشباب والرياضة: مشروع قومي لتطوير مدربي منتخبات كرة القدم    العثور على جثة غريق بمياه البحر في المنشية بالإسكندرية    ضمن مسرح الطفل.. فرقة أحمد بهاء الدين ب أسيوط تقدم عرض «الفنان»    المؤلف نادر صلاح الدين: عادل إمام لا يتدخل في كتابة السيناريو إلا بطريقة احترافية شديدة    أستاذ قانون دولي: يجب على محكمة العدل إصدار قرار بوقف إطلاق النار في غزة    لا عملتها ولا بحبها ولن نقترب من الفكر الديني.. يوسف زيدان يكشف سر رفضه «مناظرة بحيري ورشدي»    توقيع الكشف الطبي على 1161 مواطنا في قافلة لصحة البحيرة    من المطبخ الإيطالي .. طريقة تحضير عجينة البيتزا المطاطية    أعراض ضربة الشمس، وطرق العلاج في البيت والوقاية    خمسة معارض في فعاليات مهرجان ايزيس الدولي لمسرح المرأة (تفاصيل)    قومية المنيا تقدم «دون كيشوت» ضمن عروض الموسم المسرحي ب أسيوط    نتنياهو: معركة رفح "حاسمة" واكتمالها سيقطع بإسرائيل مسافة كبيرة نحو هزيمة "حماس"    حقيقة إيقاف شهادة 23.5 من بنك مصر بعد قرار التعويم الأخير    الناتو: القوات الروسية أثبتت قدرتها على التقدم بمرونة كبيرة    الاتحاد يتأهل إلى نهائي المربع الذهبي لكرة السلة    بعد وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية- كيف يسبب السكري الموت؟    إنطلاق المشروع القومي لتطوير مدربي المنتخبات المصرية لكرة القدم NCE    جامعة بني سويف من أفضل 400 جامعة عالميا.. والرابعة محليا    بالفيديو.. نصيحة هامة من الشيخ خالد الجندي إلى الأباء والأمهات    بالفيديو.. خالد الجندي: أركان الإسلام ليست خمس    مدفيديف يصف زيارة زيلينسكي إلى خاركوف ب«الوداعية»    في غياب ميسي إنتر ميامي يتعثر بتعادل سلبي أمام أورلاندو سيتي في الدوري الأمريكي    وزيرا التعليم والأوقاف يصلان مسجد السيدة نفيسة لتشييع جثمان وزير النقل السابق - صور    أحلام الشباب في اقتناص ثروات الذكاء الاصطناعي تتحطم على صخرة الجامعات الحكومية    نقابة المهن الموسيقية تنعي زوجة المطرب أحمد عدوية    مترو التوفيقية القاهرة.. 5 محطات جديدة تعمل في نقل الركاب    سكاي: فونيسكا الخيار الأول لخلافة بيولي في ميلان    «كارثة متوقعة خلال أيام».. العالم الهولندي يحذر من زلازل بقوة 8 درجات قبل نهاية مايو    لجنة مركزية لمعاينة مسطح فضاء لإنهاء إجراءات بناء فرع جامعة الأزهر الجديد في برج العرب    نائب محافظ الجيزة يتابع ميدانيا مشروعات الرصف وتركيب بلاط الإنترلوك بمدينة العياط    "الصحة" تنظم فاعلية للاحتفال باليوم العالمي لمرض التصلب المتعدد .. صور    "هُتك عرضه".. آخر تطورات واقعة تهديد طفل بمقطع فيديو في الشرقية    15 يوما إجازة رسمية بأجر في شهر يونيو المقبل 2024.. (10 فئات محرومة منها)    إطلاق مبادرة لا للإدمان في أحياء الجيزة    نجم الأهلي مهدد بالاستبعاد من منتخب مصر (تعرف على السبب)    رسميًا.. إشبيلية يُعلن رحيل أسطورة الفريق «خيسوس نافاس»    الخارجية الكورية الجنوبية تعرب عن تمنياتها بالشفاء العاجل لرئيس الوزراء السلوفاكي    هل يجوز الجمع بين الأضحية والعقيقة بنية واحدة؟.. الإفتاء توضح    ببرنامج "نُوَفّي".. مناقشات بين البنك الأوروبي ووزارة التعاون لدعم آفاق الاستثمار الخاص    بمشاركة مصر والسعودية.. 5 صور من التدريب البحري المشترك (الموج الأحمر- 7)    قرار قضائي جديد بشأن سائق أوبر المتهم بالاعتداء على سيدة التجمع    جولة جديدة لأتوبيس الفن الجميل بمتحف الفن الإسلامي    رئيس جامعة المنيا يبحث مع الجانب الإيطالي تطوير معامل ترميم الآثار بالجامعة لخدمة الباحثين    الطاهري يكشف تفاصيل قمة البحرين: بدء الجلسة الرئيسية في الواحدة والنصف ظهرا    محافظ المنوفية يتفقد أعمال التطوير بكورنيش شبين الكوم الجديد وشنوان    «الداخلية»: ضبط 13 ألف قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    دون إصابات.. تفاصيل نشوب حريق داخل شقة في العجوزة    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟.. أمين الفتوى يوضح    محكمة العدل الدولية تستمع لطلب جنوب إفريقيا بوقف هجوم إسرائيل على رفح    نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني 2024 عبر بوابة التعليم الأساسي (الموعد والرابط المباشر)    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 13166 قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة لشروط التعاقد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قوافل التوعية الدينية‏..‏ ضرورة عصرية

يخطيء من يظن بأن جماعة أو لغة خطاب أو فصيلا أو تيارا أو حزبا واحدا بعينه‏,‏ قادر علي ان يحمل أعباء الدعوة وحده‏,‏ وسط أنواء وأمواج متلاطمة لبحر التيارات والآراء الفكرية المختلفة‏,‏ وحالات الاستقطاب الديني الحادة‏,‏ وفوضي الفتاوي والفرقة والتناحر والانشقاق‏,مع ما يصاحب ذلك من تطرف وتشدد في الرأي والفكر, وانفلات في الأخلاق, وإزهاق في الأرواح, والاعتداء علي الممتلكات العامة والخاصة. لكل هذه الأسباب وغيرها, دعا علماء الدين وفي مبادرة من صفحة الفكر الديني بالأهرام الي إحياء مشروع قوافل التوعية الدينية التي كانت تجوب القري والنجوع وقدمت مواهب دعوية وإعلامية تركت بصماتها الواضحة في ساحة الدعوة, وبثوب جديد يناسب مستجدات ومتطلبات العصر,بحيث تصل هذه القوافل الي كل ربوع مصر للتعرف عن قرب علي مشكلات الناس الدعوية,والأخذ بأيديهم من براثن الأمية الدينية التي هي أشد خطرا علي العقول والعقيدة الصحيحة, وذلك بالإضافة إلي تصحيح المفاهيم الدينية الخاطئة لدي البعض,من خلال علماء يتسمون بالوسطية والاعتدال والحكمة والقبول الجماهيري, وذلك بالتنسيق الكامل مع المؤسسات الدينية تحت قيادة الأزهر الشريف وأيضا المؤسسات الإعلامية والثقافية المختلفة حتي يتحقق الهدف المرجو من تلك القوافل,وشدد العلماء علي ان يكون منهج هذه القوافل هو الدعوة الي الله بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن, بعيدا عن السياسة وأهدافها.
يقول الدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء إن قوافل التوعية الدينية كانت تتم في السابق بالتنسيق بين المؤسسات الدينية وفي مقدمتها الأزهر ووزارة الأوقاف والمؤسسات الإعلامية وكانت تجوب أنحاء مصر من أقصاها إلي أقصاها, ومن أدناها الي أدناها في القري والنجوع والمراكز والمدن والمحافظات وكانت تضم أخيار العلماء وأكثرهم علما وقبولا مع الناس,وذلك بهدف تصحيح المفاهيم الدينية المغلوطة ومناقشة القضايا الملحة للجماهير وجها لوجه,مما كان له الأثر المباشر في توجيه الناس الي الطريق القويم ومنهج الإسلام الوسطي الصحيح, وقد شارك في تلك القوافل التي كانت تتمثل في الندوات والمؤتمرات واللقاءات الجماهيرية الي جانب علماء الدين,كوكبة من نجوم الإعلاميين في ذلك الوقت,أمثال الأستاذ احمد فراج والأستاذ حلمي البلك رحم الله الجميع وكانت تذاع تلك الندوات والمؤتمرات إعلاميا في مختلف وسائله المقروءة والمرئية والمسموعة علي مدي ايام الأسبوع فيما كان يحقق الربط بين الجميع لتحقيق الفائدة من وراء تلك القوافل الدعوية,وقد آتت ثمارها والحمد لله علي جميع الأصعدة مما كتب لها النجاح حينا من الزمن,ولكن لأسباب لايعلمها إلا الله وحده توقفت تلك القوافل عن مسيرتها في وقت نحن في أشد الحاجة اليه ولأجيالنا خاصة بعد ان انتشر كثير من المفاهيم الخاطئة بين الناس,وقد تلقف فكرة القوافل الدعوية كثير من الدول العربية حاليا ووفروا لها كل وسائل الدعم المادي والمعنوي,بعد ان أدركوا عظم فائدة تلك القوافل وجزيل فائدتها علي كل أطياف المجتمع لديهم.
وأشار د.هاشم الي ان غياب تلك القوافل لدينا في مصر ادي الي انتشار الأفكار الدينية المتشددة ودعوات التكفير في المجتمع, وظهور أنصاف وأشباه العلماء وأدعياء العلم, وفوضي الفتاوي في مختلف الوسائل الإعلامية مما أوقع الناس في حيرة واللجوء الي غير المتخصصين للفتوي, بالإضافة إلي الانفلات الاخلاقي واللفظي في البيوت والشوارع ومؤسسات العمل والمؤسسات التربوية والعلمية والاندية,وانتشار ظاهرة التراشق اللفظي والسباب والشتم بألفاظ نابية في مختلف الأماكن والتي يعف اللسان عن ذكرها,وما المشهد الحالي عن أعيننا بغائب,وساعد علي ذلك ايضا تراجع كبير للمؤسسات الدينية عن اداء دورها الدعوي مما أوجد بديلا يعاني من طريقة ادائه الجميع.
العودة في ثوب جديد
وأكد الدكتور احمد عمر هاشم ان الحاجة ماسة الآن الي عودة القوافل الدعوية مرة اخري في ثوب جديد حتي تواكب متطلبات العصر وتعالج أمراضه وعلله,ويتم طرح جميع الأفكار والرؤي علي بساط البحث,والاستماع الي الرأي والرأي الآخر بصدر رحب, من خلال علماء أكفاء تكون مهمتهم الدعوة الخالصة لوجه الله تعالي, ليست لحزب ولا لتيار بعينه, اومذهب اوطائفة او لجماعة وحدها, انما تكون الدعوة الي وحدة الصف ولم الشمل, والي كلمة سواء, دعوة تكون فيها مصلحة الوطن العليا فوق كل المصالح الخاصة ضيقة النظرة الي المستقبل, مطالبا جميع مؤسسات الدولة ذات الصلة بالشأن الدعوي وعلي رأسها أقدم الجامعات زمنا وأوسعها علما وهي مؤسسة الأزهر الذي حافظ علي التراث الاسلامي من التحريف والتبديل والتشويه بما لديها من علماء اجلاء حفظوا الله فحفظهم الله,توارثوا الرسالة كابرا عن كابر,وأدوا الأمانة باقتدار,لايخشون في حق الله لومة لائم,وايضا المؤسسات الاعلامية بمختلف آلياتها وعلي رأسها وزارة الاعلام,وكل المؤسسات الصحفية بمختلف اطيافها القومية والحزبية والمستقلة,وجميع القنوات الفضائية والاذاعات,ورجال الاعمال المخلصين لهذا البلد,والدعاة والعلماء الوسطيين من مختلف الانتماءات الذين لديهم القبول لدي رجل الشارع,والكتاب والمثقفين وأصحاب الرأي والكلمة والشخصيات العامة والخاصة,بالتنسيق فيما بينهم لعودة قوافل التوعية الدينية مرة اخري لتجوب جميع انحاء الجمهورية,بهدف تصحيح المفاهيم الدينية الخاطئة,ومخاطبة الناس بلغتهم بعيدا عن التطرف والغلو والغلظة في القول والدعوة والتقعر في الألفاظ,مسترشدين ومطبقين المنهج الاسلامي في الدعوة الذي جاء به القرآن الكريم ونشره سيد الخلق سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم جميعا, وهو قوله تعالي: ادع الي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهوأعلم بالمهتدين, وبهذه الطريقة ننشر المفاهيم والثقافة الاسلامية الاصيلة التي تدعو الي البناء والنهضة وليس الهدم,وتجمع ولا تفرق, وتعمر ولا تخرب,وبهذا نحقق وحدة الصف ووحدة الهدف الذي يجمع الكل تحت لوائه وهو تحقيق العدالة والكرامة والأمن والأمان للجميع في وطن ترفرف فيه أعلام الحرية والتنمية والرخاء.
تطبيق فقه الدعوة ضرورة
ومن جانبه يؤكد الدكتور أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر أن الدعوة الإسلامية ينبغي ان تكون الي الدين لا الي مذهب في الدين,فالداعية بحق يدعو الي الدين بالدين, ليصدق فيه قول الله تبارك وتعالي له دعوة الحق.... وقول الرسول صلي الله عليه وسلم إني أدعوك بدعاية الإسلام, مؤكدا ان الدعوة الاسلامية تكون في ارشاد الخلق الي الحق, قال تعالي كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلي النور بإذن ربهم إلي صراط العزيز الحميد وإنقاذ الناس من اسباب الهلاك والشرور والفجور ياأيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم..., وايضا تحقيق الغاية من الخلق وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون, وإقامة الحجة علي العباد لئلا يكون للناس علي الله حجة بعد الرسل وتكثير المطيعين الملتزمين,وتذكير العصاة والمنحرفين, والعودة بهم الي الصراط المستقيم, وتقليل المفاسد,وتحجيم المعاصي,وإزالة الشبهة, واعلاء القيم الفاضلة,ليحيا الناس في سلم وسلام وأمن وأمان, ولتمييز الحق عن الباطل,والأصيل عن الدخيل, ومجابهة الفتن.
وأشار الي انه لتحقيق ذلك فلابد من الالتزام بفقه الدعوة الإسلامية من سلامة الوسائل والنظر إلي الآثار والعواقب,والتحلي بآداب الإبلاغ والإرشاد. قال الله عز وجل ادع الي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن.
ويوضح أيضا الدكتور أحمد كريمة أن القوافل الدعوية يجب ان تشتمل علي كبار المشتغلين بالدعوة تخصصا وممارسة بجامعة الازهر الشريف,وقدامي العاملين بالمناطق الازهرية والأوقاف شريطة عدم الانقياد لتيارات مذهبية دينية او سياسية, مشيرا الي ضرورة وجود خطط توصيف لموضوعات مهمة تتكفل بها كلية واقسام الدعوة بكليات جامعة الأزهر(توصيف اكاديمي), وكلية التربية قسم الدراسات الإسلامية( توصيف تربوي), علي ان تكون الكوادر منتقاة بعيدا عن الشللية والوساطة والمحسوبيات ومن حسني السيرة راسخي العلم وتكون في كبريات مساجد مراكز وعواصم المحافظات ومراكز الشباب وقصور الثقافة مع عمل محاورات مباشرة مع رواد هذه الاماكن,وطرح نتاج هذه القوافل في كتب شعبية بواسطة مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر والمجلس الأعلي للشئون الإسلامية ونشرها تحت سلسلة دعوة الحق وذلك بمشاركة البث الاعلامي المقروء والمسموع والمرئي الحكومي والخاص حتي يستفيد بها اكبر قدر ممكن من الناس,وذلك امتثالا لقول الله تعالي ومن أحسن قولا ممن دعا إلي الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين وقوله تعالي ولتكن منكم أمة يدعون إلي الخيرو يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون وقول الرسول صلي الله عليه وسلم من دعا الي هدي كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لاينقص ذلك من أجورهم شيئا وقوله صلي الله عليه وسلم لسيدنا علي بن ابي طالب رضي الله عنه ان يهدي الله بك رجلا خير من حمر النعم.
القضاء علي انفلات الفتوي
وفي سياق متصل يوضح الدكتور عبدالغفار هلال الأستاذ بجامعة الأزهر ان القوافل الدعوية ضرورة شرعية لتبصير الناس بأمور الدين علي الوجه الصحيح,فقد كثرت في الأيام الأخيرة فوضي الفتاوي التي لاتبني علي اساس من صحيح الدين, فكل من قرأ ورقات من علي الأسوار ظن انه أصبح عالما وراح ينصب نفسه للفتوي أو لتفسير القرآن أو لإلقاء الدروس الدينية من غير أصل شرعي, فسمعنا تضاربا في الأقوال والآراء أضرت كثيرا بفكر المواطن, وتاهت الفتوي الصحيحة من العلماء في وسط هذا الركام من الفتاوي والأحاديث التي لا أصل لها.
وأشار الي ان المفتي في شرع الله يجب ان يكون عالما تلقي العلم علي يد شيوخ العلم, ومن مصادره الأصلية, فيكون حافظا لكتاب الله تعالي وسنة نبيه صلي الله عليه وسلم,وعالما بعلوم القرآن ولغة القرآن وكيفية استنباط الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة وأعمالهم,بالاضافة الي معرفة أصول الاجتهاد وشروطه وواجباته وهذا لايتوافر لغير العلماء المتخصصين ذوي الخبرة بالشريعة ومقاصدها.
وأكد الدكتور عبد الغفار هلال ان الوضع قبل ذلك كان سائرا بطريقة صحيحة بأن تقوم وسائل الإعلام( المقروءة والمسموعة والمرئية) باصطحاب قوافل العلماء علي مستوي الجمهورية وعقد الندوات التي يحضرها الجماهير في مختلف المحافظات بمدنها وقراها وفي اوقات مناسبة من الجمعيات والمؤسسات والنوادي والمدارس والجامعات,فيلتقي العالم او كوكبة من العلماء بالجمهور وجها لوجه,وتجري المناقشات والأسئلة والاجابة عليها في حوار ديني هادف حول ما يفيد المواطن في معالجة مشكلاته والنهوض بالوطن,وتصحيح الفكر وترشيد الرأي.
وطالب بعودة هذه القوافل علي اسس تعيد الكرة مرة اخري, بأن تقوم, والقائمون عليها, بدورها الرائد في هذا المجال, بأن تصحب نخبة من العلماء ذوي الاختصاص الي مكان الندوة التي يحدد زمانها ومكانها ويبلغ بها الناس وتكون في وقت يناسب اجتماعهم وسمرهم,وببرنامج محدد سابقا ومعلن عن موضوعه ومحاوره, وتنقل الصحيفة خلاصة وافية لما جرت مناقشته في الندوة ويكون ذلك أسبوعيا,كذلك علي التليفزيون الحكومي الوطني ان تعود له نشاطاته الدعوية باصطحاب نخبة من العلماء الي اماكن مختلفة في بلادنا, لمناقشة امورنا ورأي الدين الصحيح فيها, وان يفسح التليفزيون وقتا متسعا للجانب الديني,وان يقوم بعرض بعض الندوات علي الهواء مباشرة وبعضها يسجل ثم يذاع في اوقات مناسبة للمواطنين.
واشار الي ان القوافل الدعوية هي الحافز وهي المواكبة للنهضة الاجتماعية والزراعية والصناعية والفكرية, فلتعد القوافل الدعوية بفكر جديد وروح جديدة وثابة علي اساس من عهد الثورة التي فتحت عيوننا علي التقدم والحرية, وليكن التخطيط لهذه القوافل هو الاساس. ان وسائل الاعلام يجب ان تواكب الدعوة الي الله وان تفتح المجالات الواسعة لها وان تخصص الساعات الطوال للجانب الاسلامي ليعود نور الشمس فينقشع الظلام من حولنا بعد ان تواري النور خلف الظلمات.
الدعوة في القري والنجوع
ويشرح الدكتور عبد الفتاح عاشور استاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر حالة الدعوة في المجتمع المصري,حضره وبدوه, مراكزه ومدنه وقراه, ومدي حاجته الملحة في هذا الوقت العصيب الي قوافل التوعية الدينية, قائلا: يعيش أغلب المسلمين في القري والأرياف والبوادي, ومعظمهم إما أهل زراعة وإما حرف متدنية الرزق, والخدمات والتسهيلات التي توفرها الدولة لهذه الطبقة من الشعب دون ما توفره لسكان المدن الكبري, مما أدي ذلك الي تخلفهم في المجال الدعوي أسوأ منه في المجال المادي, لأن أغلب الدول الإسلامية لا تهتم بالجانب الديني من حياة الشعب, ولهذا انتشرت في هذه الطبقة عادات وتقاليد سيئة ومخالفة للشرع وبعضها يرتكب باسم الدين كما تنتشر فيهم منكرات وأمراض اجتماعية كثيرة, يختلف أكثرها عما عند أهل المدن الكبري.
وأشار إلي ان الدعاة إلي الله بعيدون عن تلك المناطق النائية, وعلاقتهم بها ضعيفة, ويقل حضورهم فيها واهتمامهم بها, فلذلك تراكمت علي أهلها الانحرافات, وفشي فيهم الجهل, وابتعدوا عن الدين الصحيح قليلا أو كثيرا. ولتقليل هذه الانحرافات والمنكرات ينبغي أن يقوم أكابر الدعاة المشهود لهم بالكفاءة والقدرة علي التواصل مع الناس,وايضا الأئمة والوعاظ وطلبة العلم بجولات دعوية إلي القري والأرياف يتعرفون من خلالها علي أحوال إخوانهم والوقوف علي المشاكل التي تقض مضاجعهم, والمساهمة في حلها. وأن يعلموهم أمور دينهم, ويرفعوا احتياجاتهم إلي الجهات الرسمية وأهل الخير من المسلمين لسدها, وأن يشجعوا غيرهم من أهل العلم والدعاة,علي المشاركة في ذلك, والدال علي الخير كفاعله,مؤكدا ضرورة عودة قوافل التوعية الدينية لمعالجة جميع المشكلات الدعوية في تلك المناطق.
مقترحات تخدم الفكرة
ومن جهته قدم الدكتور علوي أمين خليل استاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون في جامعة الأزهر بعض المقترحات والتوجيهات المتعلقة بإحياء مشروع قوافل التوعية الدينية لعلها تسهم في إنجاح الفكرة وتطويرها,منها: إعداد دروس ومحاضرات مناسبة لأهل المدن والقري النائية,واختيار مجموعة من الدعاة تتكون من3-5 لكل بعثة, ويصحبها داعية ممن له خبرة دعوية واجتماعية,وتركز البعثة في دروسها علي التوحيد ومحاربة الشرك, واتباع السنة وترك الابتداع, ومعالجة الانحرافات القائمة, ومكافحة المنكرات الشائعة في تلك المنطقة,وتهتم بتزكية النفس والمواعظ, وتحث علي الطاعة وتعظيم حرمات الله وشعائره, وتزهد عن المعاصي والذنوب.
وأشار إلي ان البعثة تدعو الناس إلي الخير بسمتها وفعلها قبل قولها; لتكون قدوة للمدعوين,علي ان ترسل البعثات المتجهة إلي المناطق القريبة مساء الأربعاء ثم تعود مساء الجمعة بعد إلقاء درس بعد العصر,أما المناطق النائية فإن البعثة تغيب فيها أسبوعا أو أكثر,كما تزود البعثة بمعلومات عن سكان المناطق التي تزورها, وعن عاداتهم وتقاليدهم, والأمراض المنتشرة فيهم; ليسهل عليهم فهم الواقع, ومواجهته بما يناسبه,ويفضل أن يكون في البعثة أحد أبناء القرية المزارة,و تصطحب البعثة بعض الهدايا وشهادات التقدير للأبناء المتفوقين دراسيا في القري التي تزورها, كما تصطحب بعض الأدوية, ويرافق البعثة داعية طبيب أو ممرض إن أمكن.
كما تتغلغل البعثة في السكان, وتخترق صفوفهم وتجالسهم في منتدياتهم, وتخاطبهم بلغتهم وعلي مستواهم; للوصول إلي ثقتهم ومن ثم التأثير عليهم, وتتصل البعثة بجميع شرائح المجتمع, وتخاطب كل شريحة منها بما يناسبها,مع وضع برنامج لزيارة مدارس تلك القري, ومقابلة الأساتذة وتوجيههم, وإشعارهم بمسئوليتهم, وإهداء الكتب والأشرطة لهم, وإجراء مسابقات بين الطلاب وتوزيع الجوائز علي الفائزين, وإهداء الحلوي لصغار الطلبة, ومقابلة الوالدين وتزويدهم ببعض الأفكار التربوية, وحثهم علي التعاون مع الأساتذة في تربية الأولاد وتعليمهم,كذلك الاتصال بالطلاب من أهل القرية في المدن, ومساعدة هؤلاء الطلبة وتوجيههم, والتعاون معهم في دعوة قريتهم,مع الاعتناء بدعوة النساء, وحل مشاكلهن.
وأكد د.علوي ضرورة توعية الناس أثناء السفر في المواصلات العامة, علي ان تتخذ البعثة المساجد مسكنا لها, وتعتمد علي نفسها في النفقات, ولكن لا تمتنع عن ضيافة أهل القرية ودعوتهم إن عرض عليها ذلك,وتستخدم البعثة كل الوسائل والأساليب التي تقرب قلوب الناس إليهم كالدعاء لهم, والرقية علي مرضاهم, وزيارتهم, وتعليمهم الأدعية والأذكار المشروعة, وإبداء محاسنهم, والثناء بها عليهم, والشكر لهم علي صنائعهم المعروفة, والرفق بهم, ومما يؤثر في العامة التدريس من الكتاب عند إلقاء الدروس والمحاضرات; لما للكتب من الهيبة في نفوس العامة.
كما تعقد البعثة لقاءات واجتماعات مع وجهاء القري وعلمائها, يقدمون لهم فيها أسباب ودواعي زيارتهم, وأخبار الأمة والدعوة الإسلامية, والمشكلات والمحن التي يتعرض لها المسلمون وأسبابها والحلول المناسبة لها, كما ينبهونهم إلي مسئوليتهم أمام الله وأمام أمتهم عن حماية دين الأمة ودنياها, ثم يطلبون منهم تقديم أخبار القرية, ويناقشون معهم تنمية القرية من كل النواحي, ويختمون لقاءهم بتقديم النصائح والمقترحات لهم لإصلاح القرية وأهلها,علي أن تهتم البعثة بتحسين علاقة شباب الدعوة في القرية بأهلها, وذلك عن طريق إزالة سوء التفاهم بينهم, وتوجيه الشباب علي حسن التعامل مع المدعوين, وتقدير علمائهم, واحترام كبارهم, وعن طريق حث أهل القرية علي الاستفادة من الدعاة وإن كانوا صغارا.
وأوضح الدكتور علوي امين خليل ان من مهام البعثات الدعوية توعية شباب الصحوة في المدن والقري, ورفع معنوياتهم, وتحميسهم وبعث روح التنافس فيما بينهم, وربطهم بإخوانهم من الدعاة, والتنسيق معهم في المستقبل.
كما تتعرف البعثة علي دعاة وأعيان القري المزارة من العلماء والوجهاء,لكسب ثقتهم وإقناعهم بقبول الدعوة ومساندتها, وتنشئ معهم علاقات طيبة, وتتبادل معهم وسائل الاتصالات; لضمان الاتصال بين الطرفين في المستقبل, ويطلبون منهم زيارة مكتب الدعوة إذا قدموا العاصمة; لاستضافتهم والاحتفاء بهم مما سيكون له أبلغ الأثر في مواقفهم من الدعوة والدعاة.
كما تهتم البعثة بدعوة العلماء التقليديين في تلك القري وربطهم بالدعوة والدعاة, وتزورهم في منازلهم وتهدي لهم بعض الكتب والتحف; لكسب ثقتهم, وإقناعهم بقبول اتخاذ طرق حديثة في الدعوة.
وتقدم البعثة تقريرا مفصلا يشمل الايجابيات والسلبيات عن رحلتها الدعوية إلي المكتب المختص الذي يكون مقره بالقاهرة, وتركز في تقريرها علي توصيف الأوضاع في المناطق التي تمت زيارتها, وعلي العقبات التي تعترض طريق الدعوة في تلك المناطق والفرص الدعوية المتاحة فيها, كما يشمل التقرير أيضا الآراء والمقترحات التي يمكن الاستفادة منها في المجال الدعوي, وتبدي الخبرات المكتسبة من الرحلة, وتقدم أحسن الطرق للوصول إلي قلوب المدعوين في المناطق المزارة.
أهداف القوافل
أما الدكتور عطية مصطفي استاذ الثقافة والدعوة الاسلامية بكلية أصول الدين في جامعة الأزهر, فيعرف مشروع القوافل الدعوية بتعريف مبسط مختصر من وجهة نظره قائلا:المشروع عبارة عن مجموعات دعوية من خيار العلماء والأكثر تأثيرا في نفوس الناس,متنقلة تجوب المدن وضواحيها والقري والنجوع,وتقصد الأماكن العامة سواء للشباب أو غيرهم من أجل التوعية العامة وتصحيح السلوكيات المنحرفة وغرس المفاهيم والقيم الإسلامية الصحيحة.
وأشار الي ان المشروع لابد له من أهداف,تتمثل في أولا: الهدف العام: تقويم السلوكيات المنحرفة لدي الشباب وتوعيتهم بدورهم في المجتمع, وثانيا: الأهداف الفرعية: وتشمل نشر الخير بين شرائح المجتمع سيما الشباب, وإشغال وقت فئة الشباب بما يعود عليهم وعلي المجتمع بالفائدة بدلا من ضياع الوقت, أو السهر علي آلات اللهو والمعاصي والأمور المضرة والمخلة بالآداب الإسلامية,مع المساعدة علي توجيه سلوك الشباب وتوعيتهم والحد من المشاكل الأمنية في مثل هذه المواقع,و التشجيع علي المشاركة الفعالة في حماية البيئة والمحافظة علي الممتلكات العامة والخاصة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.