من الأمور البديهية لدي الفاقهين حقائق الرسالة الإسلامية الخاتمة ان جوهرها ومقصودها الأمن والأمان والسلم والسلام والتسامح وقبول الآخر والتعايش والتعاون وعدم السعي لمحو الغير وقيامها علي مبادئ سابقة لكل التشريعات المعاصرة من المساواة بين الناس والحرية بشعبها الثلاثة: الفكر والاعتقاد والقول والعدالة المطلقة. * وان الأزهر الشريف الجامع والجامعة بهيأته عبر تاريخه الذي جاوز الألف سنة أمين علي ثقافة الوسطية الإسلامية بالتعدد والتنوع الفكري في العلوم الشرعية أصول الدين والشريعة الإسلامية والعربية وادابها دون احتكار لحق مطلق أن مذهبية عقائدية أو فقهية ودون نزوع إلي تشدد أو مغالاة أو عنف فكري أو مسلح. * وعرف العالم في الماضي والحاضر خبرة ودربة "الأزهر الشريف" واتخذوه مرجعية علمية دعوية معتمدة ولله المنة والفضل. * وتعرض "الأزهر" فيما مضي لمكائد من ملاحدة ومن مفتونين بالغرب وبقي سالما يؤدي رسالة الوسطية روح الدين الحق ويتعرض حاليا لحركات مناهضة لرسالته لمطامع سياسية تغلفها مذهبية ساعية لاحتكار الدين في أطر ضيقة وهذه الحركات أخطرها من ضفتي "الخليج العربي" من "شيعية" و"وهابية سنية" وكلتاهما مع تبيانهما إلا أن الوسائل من مذهبية والمقاصد مطامع سياسية تتفقان في إقصاء الأزهر عن دوره ورسالته ومع ملكية المال والتقدم الهائل في "الاتصالات" خاصة الفضاء والمفتوح تم التجييش لصبغ الدين الحق بالشيعة بدثار "آل البيت" والوهابية بدثار "السلف" وفي سوق النخاسة الفكرية ترويج بضاعة مذهبية تفرغ الدين الحق من صحيحه وجوهره!! * من هنا تأتي الحاجة الماسة لتفعيل تدابير "وقائية" و"زجرية" للحفاظ علي الوسطية الإسلامية التي يقدمها الأزهر الشريف تعلما وارشادا تأصيلا وتنظيرا رغم شذوذ قلة من منسوبيه بفعل الإعارات العلمية وتواضع المستوي العلمي والاجتماعي وبعض الدارسين لتدني المستوي الاجتماعي والعلمي ولاقتحام قنوات فضائية الأماكن الحياتية تعرض أفكار الوهابية بشعارات "سنة" و"سلف صالح" و"صحابة" و"فرقة ناجية ومنصورة" مع التشكيك في ثقافة الأزهر من الاتهام بأشعرية العقيدة من فساد وزيغ وضلال وسلوك علمائه من العمالة والنفاق للسلطة الحاكمة. * أما الشيعة فمع نزوح أعداد غفيرة من العراقيين إلي مصر وخطط النشر والترويج بين طبقات مثقفين وساعد علي هذا عاطفة "نصرة آل البيت" ورد فعل تزايد المد الوهابي وتقاربها من أفكار غلاة متصوفة واتفاق قوي سياسية دينية مع مقاصدها الدولة الدينية كالإخوان. ان التدابير الوقائية تستدعي أموراً مهمة أهمها إنشاء مجلس أعلي للدعوة الإسلامية يدار من علماء الدعوة والثقافة الإسلامية بجامعات مصر وخبراء الدعوة والارشاد بمراكز أهلية وتنسيق حقيقي بين "الأزهر" و"الأوقاف" و"الثقافة" و"الشباب" والرياضة لعمل خطة عمل وقوافل دعوية تجوب البلاد ومطبوعات مبسطة والتبادل مع مؤسسات دعوية دولية. وإنشاء قناة فضائية "الإسلام" تبث بواسطة مجلس الدعوة بخطة علمية رصينة مع اسناد مهمة العمل إلي الدعاة المتجردين لله تعالي مقبولين شعبيا لا علامات استفهام ولا تقليد لاتجاه مذهبي وسياسي وتمول بأموال الدعوة في الأوقاف وهبات محسنين "صدقات جارية" ويمكن لكلية الإعلام بالأزهر المساهمة الإعلامية مع أقسام الدعوة بجامعة الأزهر الشريف. وإنشاء مراكز بحثية "الوسطية" لرصد وإعداد أبحاث علمية ونشرها جماهيريا وترجمتها ومعالجة فتاوي وقضايا التشدد والمغالاة. وحسن انتقاء مسئولي الدعوة بالأزهر والأوقاف بعيدا عن "ترضية" و"شللية" و"محسوبية" وما لا يحسن ذكره. ومنع إنشاء قنوات دينية لغير "الأزهر" وحجبها تماما وعدم السماح بالبث من مصر مطلقا حيث ان تأثيرها لا يستهان به فالواعظ والإمام الكفء قد يؤثر في عدة أشخاص في محيط ضيق لا يتعدي نطاق المسجد أو الحي بينما القناة الفضائية تؤثر في ملايين من بسطاء وعوام وأشباه متعلمين بمظاهر التدين والخشوع والأزياء وألقاب علمية علي غير الواقع! محاكمة أدعياء العلم من مدعي العلم "بالتلقي" من أشياخ المغالاة والتشدد وحاملي ألقاب علمية من غير المؤسسات التعليمية المعتمدة والمعتبرة وتفعيل وتطبيق قانون "أين لك هذا؟" وفحص الموقف المالي لممارسي الدعوة من غير أهلها بواسطة الجهات الرقابية. وسحب درجات ومؤهلات علمية من أزهريين بالأزهر والأوقاف والإعلام ممن يناهضون الثقافة الأزهرية التي بواسطتها حصلوا علي درجات وألقاب علمية تؤهلهم للعمل الدعوي في القطاع الحكومي وغيره في الداخل والخارج. ويبقي غير ما ذكر عقد مؤتمر جاد بمصارحة ومكاشفة مع قوي الشيعة والوهابية للكف عن التصدير المذهبي ومخاطبة وإعلام المؤسسات السياسية والأمنية بها وارسال نشرة عالمية لدول العالم بالبراءة من دعوات التشدد والمغالاة والتحذير من ممارسات هؤلاء بمراكز دينية تفرخ منظمات العنف المسلح المنسوب إلي الدين الحق ظلما وزورا. ان الادعاء بالحرية فيما يتصل بالدين ادعاء مرفوض شرعا لمناهضته صحيح الدين ووجوب المحافظة علي شكلياته ومصالحه الكبري: الدين. النفس. العرض. العقل. المال. فدعوات التشدد والمغالاة والتعصب والتمذهب والتحزب تغير صفة الدين وتغتال "العقل" وتؤدي في مرحلة العنف المسلح بعد العنف الفكري إلي استحلال الدماء والأموال والأعراض.