تحقيق:حنان حجاج: الجمعية العمومية التي عقدتها نقابة الصيادلة أمس الأول لم تكن سوي تلخيص ساخن لأسبوع مليء بالأزمات الداخلية, وبعد أن كانت نقابة الصيادلة طوال العام الماضي تشهد نضالا. مهنيا محترما من أجل الدفاع عن أعضائها, ومصالحهم, ومهنتهم, انقلب الكفاح لصراع داخلي معلن بين فريقين في مجلس النقابة العريقة التي تضم أكثر من130 ألفا من صيادلة مصر. الأسبوع الماضي شهد أكبر من واقعة ربما تكون بداية النهاية للمجلس الذي ظل يحكم النقابة لأكثر من ستة عشر عاما كاملة, وبداية أخري لمرحلة جديدة تدخل فيها النقابة نفق الحراسة المظلم لو حكم القضاء بهذا في مايو المقبل. السياسة والبزنس هما كلمتا السر في صراع الكبار في نقابة الصيادلة, وبغض النظر عما يبدو علي السطح من قضايا مهمة وحقيقية فإن أصابع السياسة وحسابات البزنس تظل هي المحرك الفاعل للتفجير الحادث الآن في النقابة التي غيب المرض نقيبها المحترم الدكتور زكريا جاد, فغابت عن مجلسها القدرة علي إدراك أن النقابة ليست مكانا لإدارة المصالح والصراع الحزبي. نقابة الصيادلة تغلي الآن ليس بسبب قضايا أصحاب المهنة ومعارك البقاء كما اعتدنا دوما, لكن بصراعات أعضاء مجلس نقابتها وحساباتهم السياسية والشخصية حكايات تتعارض, ووقائع لا تخلو من اتهام بتزييف هنا وهناك, ونقابة باتت علي سطح صفيح ساخن. أسبوع حافل من الصراع بين أعضاء مجلس النقابة بدأ بجلسة مجلس حضرها نصف أعضائه, وأغلبهم من جماعة الإخوان المحظورة تقرر فيها استبعاد الدكتور محمود عبدالمقصود أمين عام النقابة من منصبه, وانتهت بواقعة اختلفت روايتها بين عبدالمقصود وفريق الاستبعاد, كلاهما يتهم الآخر باقتحام النقابة والاستيلاء علي أوراقها وأختامها, وانتهي الموقف ببلاغات متبادلة, وتدخل أمني لإعادة موظفي النقابة لمكاتبهم وإعادة الأوراق والأختام التي تم تجميعها من المكاتب, وتحول الموقف لأوراق في ملفات تحقيق في النيابة, ودعوة دفعها فريق ثالث يقال إنه يلعب لمصلحة أحد كبار الصيادلة من أصحاب سلاسل الصيدليات تطالب بفرض الحراسة علي النقابة اعتراضا علي قرار إعادة تشكيل هيئة مجلس النقابة واستبعاد الدكتور محمود عبدالمقصود. تشابك غير عادي يحتاج لفك طلاسمه ومعرفة العلاقة بين كل هؤلاء المتصارعين, والأهم استشراف ما يمكن أن يحدث في النقابة العريقة في المستقبل القريب في نهاية أسبوع الانفجارات حيث شهدت نقابة الأطباء بشارع قصر العيني الفصل الأول من الصراع الساخن بعقد جمعية عمومية طارئة تأجلت من الأسبوع السابق الجمعية كانت قد وضعت علي رأس مناقشاتها ثلاثة ملفات ساخنة, أولها الاتفاق الذي عقده أمين عام النقابة المستبعد مع رئيس مصلحة الضرائب واعتبره البعض خيانة عظمي, وخروجا جامحا علي إجماع ما اتفق عليه أعضاء الجمعية العمومية وما تبعه من أحداث, والتصديق علي قرار استبعاد دكتور محمود وإعادة تشكيل هيئة المجلس, وثانيا التصديق علي قرار مقاطعة الشركة المتحدة للتوزيع التي ثبت أن الدكتور محمود استعان بموظيفها في عملية الاقتحام التي حدثت للنقابة, وذلك حتي تعتذر الشركة عما بدر منها, أما الملف الثالث فكان هو إقرار المجلس بالمطالبة بالاعتصام أمام محكمة جنوبالقاهرة للضغط لإعادة فتح باب الترشيح وإقرار انتخابات جديدة لمجلس النقابة بعد16 عاما من توقف الانتخابات. وأخيرا جاء الملف الذي يهم شريحة جديدة من الصيادلة من موظفي الدولة, وهو ملف الأجور والحد الأدني لها. الدكتور محمود عبدالمقصود الذي كان الحاضر الغائب في تلك الجمعية لم يحضر, بل غادر القاهرة قبل عقدها بساعات, وعندما سألته عن الجمعية وعدم وجوده قال: لن أكون موجودا.. سأسافر للخارج لمدة ثلاثة أيام, ولن يكون حضوري مجديا, فهي جمعية للإخوان سيديرونها علي طريقتهم ووجودي لن يغير شيئا. * وبادرته: لكن لماذا لا تحضر وتدافع عن وجهة نظرك في الاتفاق الذي وقعته مع مصلحة الضرائب واستبعدوك بسببه من منصبك إذا كنت تراه في مصلحة الصيادلة كما قلت سابقا؟ أجاب: لن يعطوني الفرصة لهذا, وعلي الصيادلة قبل أن يهاجموني أن يراجعوا الاتفاق جيدا, فهو لا يختلف كثيرا في بنوده عن الاتفاق الذي قبلوه في عام2005, وأنا كنت حريصا علي أن نغلق كل ملفات الخلاف مع الضرائب, وأن تكون المحاسبة عادلة بما يحقق مصلحة الجميع. * معني هذا أنك قبلت بقرار استبعادك؟ لا طبعا.. وقد تقدمت ببلاغ ضدهم, والأمر سيتحرك قريبا أمام القضاء, فالقرار باطل تماما وشهد غياب نصف أعضاء المجلس بمن فيهم النقيب الذي تحول ظروفه الصحية دون الحضور, ولا يمكن أن يقبل بمثل هذا. لقد اتهموني باقتحام النقابة لأن أردت دخول مكتبي ومزاولة صلاحيات منصبي. * ولكن هناك من يؤكدون أنك اقتحمت النقابة واستوليت علي الأختام الخاصة بها؟ هذا غير حقيقي.. كان معي زملاء رفضوا القرار وجاءوا لمناصرتي بشكل محترم, والآخرون هم الذين يمارسون البلطجة وليس أنا. * سألته: قلت في تصريح صحفي إنك تطالب بفرض الحراسة علي النقابة.. هل هذا هو الحل في رأيك لما يحدث الآن؟ لا أحد يقبل هذا وأنا ضده وقلت هذا لأن كنت مستفزا لما يحدث ولكني أيضا لا أقبل أن ينفرد هؤلاء بالنقابة كما يحدث الآن, هم يريدون تفجير الموقف لمصالحهم السياسية, فهذه طريقة الإخوان, يريدون بؤر صراع لأنهم يلعبون ضد الدولة ولا تهمهم النقابة في شيء. * سألته: هل صحيح أنك عضو مجلس إدارة في إحدي شركات الأدوية الخاصة بأحد رجال الأعمال, وهو أمر يخالف قوانين العمل النقابي؟ أجاب: وما العيب في هذا؟! انا لي عملي الخاص ولا انكره والجميع لديهم البيزنس الخاص بهم وعدد من اعضاء المجلس شركاء معا في احدي شركات الادوية. عندما صعدت لمكتب نقيب الصيادلة في الدور الثاني كان يجلس خلف المكتب دكتور احمد رامي علي اعتبار ان النقيب غير موجود واعتاد اعضاء المجلس استخدام مكتبه كما قال لي. سألته: لماذا فجرتم الموقف هكذا فجأة مع دكتور محمود رغم انكم كنت كتلة قوية في القضايا المهنية سابقا وهل الاتفاق مع الضرائب وحده كفيل باستبعاده من منصبه في غير وجوده؟ اجاب: لقد عقد اتفاقا منفردا وبدون ان يرجع للمجلس ووقعه بصفته الأمين العام بينما وكيل المجلس هو الذي يحق له التوقيع وتلك مخالفة قانونية وخروج علي اجماع مجلس النقابة الذي يمثل جموع الصيادلة, كما ان الدكتور محمود اصبح يعبر عن مصالح آخرين وله علاقات صريحة باصحاب مصالح وقيادات في الحزب الوطني كان احدهم وراء قرار الاربعين مترا الذي يريد دفن احلام الصيادلة الشباب وتحويل الصيدليات للاحتكار من احد اصحاب سلسلة صيدليات شهيرة وبالمناسبة من تقدموا ببلاغ لفرض الحراسة اربعة صيادلة من الشباب حولناهم للتحقيق لمخالفتهم احد بنود قانون النقابة حيث باعوا اسماءهم له ليستخدمها كفروع جديدة لسلسلته التي تسعي لاحتكار سوق الدواء في مصر ومحاميه ايضا هو الذي يتولي دعوي دكتور محمود علي مجلس النقابة. ولكنكم انتم المتهمون الآن باحتكار النقابة فلقد اعطيتم منصب دكتور محمود لدكتور عبدالله زين العابدين وله نفس الانتماء الفكري ومجموعتكم هي التي تحكم النقابة الآن؟ اختيار دكتور عبدالله جاء بإجماع الحاضرين وهو امر لاتحايل فيه كما اننا دعونا الجميع بخطابات بعلم الوصول لحضور الاجتماع ومنهم دكتور محمود نفسه ولم يحضر وسافر صباح يوم الاجتماع ليتهمنا اننا اطحنا به في غيابه ولا يعيبنا اننا نمارس دورنا الذي انتخبنا الزملاء لكي نقوم به ونحن من نطالب منذ سنوات باجراء انتخابات جديدة ولكن الدولة ترفض بحجة تنقية الجداول بينما القانون لايربط بين الموافقة علي عقد الانتخابات والجداول. ومن المعروف انه منذ عام1994 وحتي الآن لم تجر انتخابات لاختيار مجلس نقابة الصيادلة والمجلس الحالي الذي يرأسه دكتور زكريا جاد هو الذي يدير النقابة منذ16 عاما وحسب القانون100 لعام3991 والذي لاقي وقت صدوره رفضا كبيرا من جميع النقابات المهنية وبينها نقابة الصيادلة, هذا القانون اعطي للسلطة القضائية ممثلة في محكمة جنوبالقاهرة التابعة لها النقابات حق السماح باجراء الانتخابات من عدمه والاشراف عليها ومراجعة كشوف الناخبين وهي الذريعة التي تتخذها حتي الآن لعدم السماح باجراء الانتخابات لعدم الانتهاء منها. دكتور محمد محمود كلاوي عضو مجلس النقابة والمسئول عن ملفها مع مصلحة الضرائب يري ان ازمة النقابة الحالية والتي غالبا ستوصلها لنفق الحراسة المظلم سببه هذه الانقسامات الفكرية والسياسية واللاعبون في الخفاء من اصحاب المصالح ويشرح: ما يحدث كأنه سيناريو موضوع مسبقا لتجميد النقابة بالحراسة والجميع يشاركون فيه كل لهدف في نفسه فالنقابة مجلسها الحالي مجمد منذ16 عاما ولايريدون تغييره والمجلس تحلل لثلاثة فرق تتلاعب وتتصارع فيما بينها علي ما اصبحت تعتقد انها تمتلكه, فريق له انتماؤه الحزبي المباشر والواضح وبينهم عضو معين في مجلس الشوري وفريق آخر ينتمي لجماعة الاخوان التي تسعي للسيطرة علي النقابة تماما وفريق ثالث لاحول له ولاقوة واختار الفرجة من بعيد علي النقابة, الانتخابات كان يمكن ان تغير تلك الخريطة تماما وتأتي بآخرين يخرجونها من حلبة الصراع تلك ولا اعرف لماذا تصر الدولة علي بقاء الوضع هكذا ولمصلحة من؟ * ملف الضرائب الذي كنت مسئولا عنه استخدم ذريعة من الطرفين لتفجير الموقف لماذا لم تصل لاتفاق فيه ولعب الدور دكتور محمود عبدالمقصود؟ من قال اننا لم نصل لاتفاق, كانت هناك خمس نقاط مختلف عليها ونتفاوض للوصول لأفضل الحلول ووصلنا لتصور معقول مع اشرف العربي رئيس المصلحة السابق ولكنه تغير وبدأنا في اعداد الاتفاق لتقديمه للمسئول الجديد ولكننا فوجئنا بدكتور محمود يذهب منفردا مع بعض المناصرين له ليوقع بالنيابة عن النقابة وهو امر شديد الغرابة ولايقبله احد بغض النظر عما فعله اعضاء المجلس من الاخوان وتعاملهم السريع باستبعاد دكتور محمود من منصبه, للاسف ما يحدث امر خطير فالامور ستسير للاسوأ بعد ان انقلب حلفاء الأمس علي انفسهم, فمن ساند الدكتور محمود ليصل للنقابة ولمنصبه فيها هم الاخوان والآن فرقتهم المصالح والرتبيطات السياسية ودخول رجال الاعمال في اللعبة, فهؤلاء يريدون تغيير القواعد والنظم في النقابة لتحقيق مصالحهم وللاسف الجمعية العمومية التي تملك تغيير هؤلاء مكبلة بعدم موافقة القضاء علي اجراء انتخابات وكلما طال الوقت زادت المعارك بعد ان تحولت النقابة ومجلسها لمراكز قوي. علي سلم نقابة الاطباء يوم الجمعة الماضي ووسط حضور مكثف من مؤيدي فريق الاخوان وقف دكتور عبدالفتاح صقر صيدلي يستمع باهتمام بينما يعلو صوت المؤيدين للجالسين علي المنصة في الداخل. لم يبد دكتور عبدالفتاح رفضه لقرار المجلس باستبعاد دكتور محمود لأنه علي حد قوله سيورطنا في ازمة جديدة مع الضرائب التي حاربنا طويلا لمنع تطبيق القرارات الجديدة علينا وكان يجب ان يسعي لتحقيق مصالحنا لامصلحته هو. * ولكن قرار استبعاده تري انه صراع بين فريقين وسيضر النقابة في الاساس؟ للأسف نحن نعرف هذا ولكن ماذا نفعل؟ لانملك تغييرهم والاخوان سيطروا علي النقابة والآخرون يتحركون لمصالح شخصية والنقابة تدفع الثمن بالتأكيد ولو حدثت انتخابات ستكون الاختيارات هذه المرة مختلفة, فنحن نريد وجوها معتدلة تستطيع ان تتحاور مع الدولة لتدافع عن حقوقنا لا لتحقق اجندتها السياسية وتدخل في صراع تشعل به النقابة.