يصعب عليّ أن أنعاه.. أنعى زميلا امتدت زمالتنا لأكثر من 60 عاما.. إنه الزميل العزيز سعيد عبدالغني. كانت البداية «يا آمال مش عايزة تمثلى؟» فقلت له إطلاقا، هذه مهنة صعبة، كيف أكون فى حالة نفسية سيئة ثم أقوم بدور كوميدى والعكس؟، وأيضا كيف أكون سعيدة وأطلق على الجمهور الكآبة والزعل؟. فقد كان سعيد هو أول من شكل فرقة مسرحية من أعضاء الأهرام وقدم من خلالها أكثر من عمل. بداية العمل كنا فى ملحق للفن به صفحة للسينما وأخرى للمسرح وصفحتان للإذاعة والتليفزيون. كان سعيد يكتب فى السينما، ولكن كنت تشعر بأنه غير مهتم يكتب أو لا يكتب، فكنت كثيرا حتى أنتهى من الملحق أجرى وراءه ومعى القلم والورق وأضغط عليه ليجلس بجانبى على المكتب حتى ينتهى من هذه المهمة، ومع أنه كان إلى حد كبير غير مهتم، فإنه كان يكتب بالضبط مشاعر الفنان وكيفية أداء دوره وهو أمر بسيط بالنسبة له، فهو كان من أوائل زملائنا الذين قاموا بالتمثيل إلى جانب الكتابة. وهكذا استمرت علاقتنا فترات طويلة، وأشهد أننى ما وجدت ممثلا يمتدح أداء زميل له مثل سعيد عبدالغنى الذى كان يقول فى المسرح هناك ممثل رائع تعالى شوفيه، وكان يقصد الفنان أحمد بدير، الذى كان هو أيضا فى بداية عمله بالتمثيل. كان يكتب ما يستشعره الفنان، سواء بصفة عامة أو من خلال مواقف معينة، استمر سعيد سنوات وسنوات وهو لا يرتدى غير البدلة البيضاء، وكذلك كل شيء حتى الحذاء، وكانت آخر مرة شاهدته فيها كان فى فرح هبة محمد باشا ووقتها شاهدت والدها رحمه الله فى غاية السعادة، وكان لدى وقتها ضيوف هم فى الحقيقة عائلتى من سويسرا، وكان من المنطق أن أعتذر لأننى لا أستطيع أن أتركهم فى سهرة كاملة، ولكنه أصر على حضورهم معي، وكانت معنا على نفس الترابيزة زوجته رحمة الله عليها وكانت فرصة لعائلتى وهم يشاهدون أول فرح مصري، يومها حضر سعيد عبدالغنى لتقول حفيدتى إنه لابد من أن يكون من الفنانين، وقتها قلت لها هو بالفعل فنان، لكنه أيضا زميلنا فى الأهرام، كان فى مشهد للفنان البرنس كما كانوا يطلقون عليه. لا أنسى للراحل بساطته فى التعامل وعدم التهافت على أى عمل أو كتابة، كان يعتبر نفسه كبيرا على هذه الأشياء. إنه الزميل سعيد عبدالغنى الذى أعتقد أنه لم يكن فى حياته ينشغل بتوافه الأمور.. أخلاق رفيعة بالفعل.. رحم الله الزميل الذى عملنا معا أكثر من 60 عاما.