الصحفى والكاتب والفنان سعيد عبدالغنى الذى رحل عن عالمنا منذ أيام قليلة ترك برحيله أثرا بالغا فى نفوس كل محبيه من زملاء وأصدقاء وجمهور يعشق فنه وكتاباته. جمهوره كان يعرفه كفنان فقط من خلال أعماله الفنية ولا يعلم أنه صحفى فى «الأهرام»، حيث تنقل كمحرر بداخلها بين أقسام عدة وأخيرا كان رئيس قسم السينما وكانت له كتاباته المميزة، ومنها «الفراشة»، و «يوميات ممثل» الذى استمر فى كتابته بين الأهرام اليومى والأهرام المسائى حتى رحيله. تألقه فى العمل الصحفى كان عنوانه.. يجتمع بقسم السينما ليطرح رؤيته وأفكاره ويشارك زملاءه فيما كتبوا من أخبار ومقالات وحوارات وغيرها، ويرسم الصفحة ويضع عليها المادة التحريرية ونكون معه لنزداد من خبرته مهنيا، ومن خلال حبه لنا كزملائه نكن له كل احترام وتقدير على المستوى الشخصى والمهنى ثم يأتى فى اليوم الثانى ويحضر تنفيذ الصفحة فى الجمع التصويرى «المكنتوش» ليضع الرتوش النهائية على الصفحة. كل ذلك وهو نجم معروف فى الوسط الفنى وللجمهور و لكنه كان يفرق دائما بين عمله كصحفى وعمله كفنان وذلك من خلال كتاباته ونقده للأعمال الفنية ولزملائه النجوم والمخرجين وكتاب السيناريو وغيرهم من العناصر الفنية لأى عمل فني. و كان يدخل «الأهرام» لمزاولة عمله مثل الفراشة الجميلة ولبسه المميز «اللون الأبيض» والبسيط الكاجوال، ويحيى زملاءه وأصدقاءه ثم يبدأ عمله مباشرة بعد ذلك. أذكر له مواقف تحسب له كرئيس لقسم السينما إذ إنه كان يتعامل مع الجميع بلطف وحزم، فكانت هناك مشكلة مع إحدى نجمات السينما من صديقاته فى الوسط الفنى، وكتبت أنا عنها أنها تقاضت أجرا على عمل فنى لم تقم بتمثيله ورفضت عودة الأجر للمنتجة وغضبت وقررت رفع قضية على المحرر كاتب الخبر وعلى جريدة الأهرام، وكان رد فعله بأنه سيرتدى «روب» المحاماة ويقوم بالدفاع عنى وعن «الأهرام». وذات مرة أحضرت له موضوعا حول نجم كبير يقوم بعمل ست شخصيات مختلفة فى فيلم، وهو حدث جديد بالنسبة للنجم وللوسط الفنى وقدمت له الحوار فقام برفع مقاله من رأس الصفحة ووضع الحوار مكانه وهو رئيس للقسم، وكنت فى ذلك الوقت محررا صغيرا. لقد كان رئيسا نموذجيا فى تعاملاته مع زملاء المهنة بقسم السينما فى الأهرام فكان معلما وصديقا وأخا، فالجميع كان يحبه من أسلوبه المتميز كإنسان على كل المستويات المهنية والأخلاقية إذ كان متفانيا فى مهنته وهوايته. وعندما كنا نتقابل فى استوديوهات وبلاتوهات السينما بالصدفة أو بتوجيه منه لعمل تقارير لصفحة السينما كان يقدمنا لكل شخص داخل هذه الأماكن بالزميل فى الأهرام وليس «محرر عندى بالقسم». لقد تعلمت منه الكثير مهنيا وظهرت بصمته على أسلوبى حتى رئاستى قسم السينما.. بما علمه لى مهنيا وأخلاقيا. رحم الله الصحفى والكاتب والفنان سعيد عبدالغنى وأدخله فسيح جناته، فقد كان قدوة يحتذى بها فى الوسط الصحفى والفنى، وأمثاله لا يختفون مع الموت.