قال تعالى "وأذن في الناس في الحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق" وتحقق ما قاله المولى عز وجل، فمنذ أن أتم سيدنا إبراهيم بناء البيت تهل وفود الحجيج ملبين نداء نبيهم الأكبر إبراهيم كل عام منذ عهد سيدنا إبراهيم عليه السلام وحتى الآن. ونرجع إلى ما انتهينا منه بالمقال السابق من نقل مشاهد من سلوكيات الحجيج التي تتنافى كما ذكرنا آنفا مع هذه الشعائر العظيمة، ففي أثناء الطواف بالبيت العتيق، رأيت وسمعت العجب العجاب، فمع شدة الزحام والتحام الأجساد بعضها ببعض من مختلف الأجناس، فالركل والضرب والدهس يأتيك من كل حدب وصوب من الأمام والخلف ومن الأجناب يمينا ويسارا بلا رحمة ولا شفقة، لا يهم عليل أو كبير أو محنى الظهر. تخيلوا معي المشهد يا سادة، رجل محني الظهر وآخر مفتول العضلات رجل يمشي على عكاز والآخر من كمال الأجسام وكلهم في المشهد سواء، كل هذه التصرفات الشنعاء تأتي من الحجيج طالبي الرحمة والعفو من الرحمن بلا رحمة على ذويهم من ذوى الاحتياجات الخاصة والمرضي وغيرهم كثير، فهل هذا يليق بهذه العبادة الأوحد في العمر؟. ما سبق ليس كل ما يحدث وندرك جميعا أنه كلما زادت المشقة زاد الثواب وزادت معه متعة أداء المناسك ،لكني رأيت هناك العجب العجاب فأناس يصعدون فوق باب الكعبة المشرفة، وآخرون يتمسحون بجدرانها وغيرهم يمسحون ملابسهم بها من أجل أن تنتقل بركتها إليهم فهل هذا معقول؟. الأدهى والأغرب هو ما يحدث من تقاتل وتعارك للمس الحجر الأسود وتقبيله في مشهد بشع ليس له علاقة بالدين والإسلام والمناسك، فالرجال والنساء يركبون فوق بعضهم البعض ويتقاتلون لتقبيل الحجر، متناسين ما قاله رسولنا الكريم لعمر بن الخطاب: "يكفيك الإشارة إليه يا عمر حتى لا تؤذى أحدا"، فما بالنا بما يحدث هذه الأيام فهل لكم أن تتخيلوا ذلك؟.. امرأة تصعد فوق الحجر وتحتضنه شئ عجيب. ما يحدث بالبيت عجيب وغريب فلم أكن أتخيل سماع الصوت العالي في رحاب البيت، إضافة إلى التشاحن والتنابز بالألفاظ، فلا أحد يقبل أحدا وكل يقول نفسي نفسي، فهل هذا ما أمر به الله ورسوله؟. هذا غير المجموعات المتربطين مع بعضهم البعض، وأظن أنهم من دول شمال شرق آسيا وإفريقيا يطوفون في سلاسل متراصة متشابكين مع بعضهم البعض ومن يأتي في طريقهم يرحمه الله!. كيف يحدث ذلك ونحن فى ضيافة الله لأداء فريضة الحج من أجل العودة مغفورا لنا؟، فهنيئا لكل مسلم طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة ووقف بعرفة ورمى الجمرات وزار رسول الله، تقبل الله منى ومنكم وأدعوه أن يجعلنى طوافا وساعيا وواقفا بعرفة وزائرا لرسوله كل عام، فما أحلى الأيام في رحابك أيها البيت العتيق. لمزيد من مقالات فهمى السيد