أكرمني المولي عز وجل وأعزني بأن أكون ضمن ضيوفه لاداء فريضة الحج هذا العام،وما شاهدته في أثناء حجي العام قبل الماضي وسطرت فيه مشاهداتي في ثلاثة مقالات بعنوان مشاهد من البيت العتيق،ظننت أنني لن أري ما دونته من مشاهدات سابقة لاتمت لاعمال الحج بصلة،بل حدث أنني صدمت صدمة أخري أشد قسوة مما رأيت قبل ذلك خاصة من طبقة مثقفي هذه الامة . ما شاهدته وسطرته سابقا رأيت مثله أضعافا مضاعفة فكل الامور المنهي عنها من قبل رب الحج وفارضه علينا في قران يتلي حتي يرث الله الارض ومن عليها حاضرة في الحج فحين سبق علمه عز وجل ما سيأتينه العباد من أفعال محرمة ومجرمة في اثناء ادائهم فريضة الحج نهي عنها في قرانه بقوله "فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج" وزاد عليه حجيج هذه الايام برفع صوتهن بالجدال وغيره في حضرة رسولنا الكريم في اثناء قيامهم بالصلاة في روضته المباركة وهو الامر المنهي عنه لقوله تعالي"ياأيها الذين امنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون". أما عن الجدال والفسوق فحدث عنهم ولا حرج فأفعال العباد من الحجيج مليئة بالفسوق والجدال بدءا من الطواف بالبيت مرورا بالوقوف بعرفة ومزدلفة وأيام التشريق بمني، كل أعمالهم وأفعالهم بها مجاهرة وعصيان ومخالفة صريحة لاوامر الله عز وجل المنهي عن الاتيان بها،والسؤال هل هؤلاء يجهلون هذه التعليمات الالهية لهم وهل لم يستعدوا لاداء هذه الشعيرة العظيمة المليئة بالمهابة والعظمة في كل حركاتها وسكناتها،واذا كان العوام يجلهون ذلك فماذا عن طبقة المثقفين والمتعلمين والصحفيين الذي وصل شجاراهم وجدالهم الي الحد الذي يمكن أن يصل الي حد التراشق قولا وفعلا فهل هذا هو الحج؟. وما المقصود إذن من الذهاب إلي الاراضي المقدسة لاداء مناسك الحج ؟وما العلة من بذل المال والصحة وترك الاهل والولد ؟ هل هي سداد خانة الحج التي وردت ضمن الاركان الخمسة للاسلام ؟فماذا القول إذن فيمن يحرص علي أداء هذه الشعيرة ثانويا؟وما الغرض إذن من ذلك أهو بيزنس الحج السنوي الذي وضح ان تجارته أصبحت رائجة جدا سواء لشركات السياحة اولبعض الافراد ممن امتهنوا هذه المهنة سنويا بدعوي الحج تارة وخدمة الحجاج تارة أخري والحج والحجيج من أفعالهم وبيزنسهم براء. نأتي لشركات السياحة التي تتاجر بالحج والحجيج كل عام فما أن يهل موسم الحج ويتسابق الجميع ببرامجهم الخادعة لجذب اكبر عدد من الحجيج للتعاقد معهم ،وبالطبع يتعاقد الحاج مع الشركة من أجل أن يؤدي مناسكه براحة واستمتاع تام بعد أن يوهمه أنه سيعيش حجا بمستوي خمسة نجوم،وهناك يفأجأ بأن ما يعيشه من إقامة وإعاشة لا يرقي لمستوي نجمة واحدة،ويصطدم بأرض الواقع فالمخيم بعرفات الذي من المفترض ان يستوعب مثلا 1000حاج به 2500حاج وكذلك الحال بمني. الغريب أن الحجيج نساؤهم ورجالهم في مخيمات واحدة دون عازل شرعي فكيف يصح ذلك ؟الامر الذي جعل بعض الحجيج يهجرون خيامهم للمبيت بشوارع مني، وهنا يترك منسقو شركات السياحة الحجاج لمصيرهم المتعب والمضن، ويصبح الحاج وجها لوجه مع المطوف الذي لايملك من أمره شيئا كما اكد لي طلال قزاز أحد أصحاب مكاتب الطوافة الخاصة بالحج السياحي المصري وبحسب قوله أنه ليس مسئولا عن مضاعفة الاعداد لانه مقيد بمساحة المخيم بعرفات ومني التي تعطيه إياها وزارة الحج بالتنسيق مع هيئة مطوفي الدول العربية. ويستطرد طلال قزاز الحديث معي مستشهدا بما رأيته بعيني والحق يقال إنه يبذل قصاري جهده لتذليل جميع مشكلات الحجاج التي يسببها له مندوب شركة السياحة بابتسامة مصرية خالصة وبرقة في التعامل هو وفريق عمله من أجل خدمة حجاج بيت الله، فما بيده يصنعه بلا كلل او ملل ويعد بنفسه الوجبات المصرية الخالصة الكشري حاضر علي مائدة الحجاج ومعه الفول والطعمية الشهيران وكذلك سندوتشات الكبدة والشاورمة والدجاج المشوي والعصائر والقصب والبرتقال الفرش والايس كريم .....الخ من المأكولات والمشروبات وجميع الفواكه والعجيب أن الرجل يوفر كذلك المكسرات وأنواع المهلبيات ارضاء وخدمة للحجاج. يفعل الرجل ذلك لتذويب المشكلات التي يخلفها عملاء شركات السياحة الذي ينحصر دورهم في تسفير الالاف الي الاراضي المقدسة لحصد الاف الجنيهات سنويا دون بذل جهد حقيقي لخدمة الحجاج مقابل ما يحصلون عليه من أموال،موسم الحج ملئ بالعديد من المتناقضات والظواهر والتي تستحق التوقف عندها وبحث أسبابها والتي سنحاول رصدها لاحقا ،سلبيات كثيرة ومتعددة سواء لشركات السياحة أو الحج الفردي، مشكلات تخص البعثات الرسمية وحج الجمعيات وغيرها شاهدناها عن قرب ورصدناها وسنكتب عنها لعلها تجد صدي لدي الجهات المنظمة لتلافيها في الاعوام المقبلة، وظواهر سلوكية يقع فيها الحجيج تعرض حجهم للاحباط كما أخبر رب العباد "أن تحبط أعمالهم وهم لا يشعرون" لمزيد من مقالات فهمى السيد;