قال تعالى "وأذن في الناس في الحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق "وتحقق ما قاله المولى عز وجل منذ ان أتم سيدنا إبراهيم بناء البيت مصداقا لقوله تعالى "وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا انك أنت السميع العليم " وتهل وفود الحجيج كل عام منذ عهد سيدنا إبراهيم عليه السلام وحتى تاريخه. تعرضنا في مقالنا السابق عن الحج والرفث وقلنا ان المولي عز وجل وضع شروطا ثلاثة لمن فرض فيهن الحج وحتي تكون افعال الحج صحيحة ويكون حجا مقبولا بإذن الله تعالي منها الرفث وبدأ به المولي عز وجل لعظمه وكبر اثمه وانه من مبطلات الحج وعلي مرتكبه الذبح والفدية ويكون حجه باطلا وعليه العودة لاداء مناسك الحج مرة اخري، ومن محظورات الحج التي نها عنها الشرع الحنيف الفسوق والجدال وسنتعرض بشئ من التفصيل للشرط الثاني وهو النهي عن الفسوق في الحج. وفي هذا قران يتلي في كتاب الله الكريم بقوله "فمن فرض الله فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج" كما أمرنا المولى عز وجل لكن هل هذا الفسوق المنهي عنه في الحج يأتي به الحجيج من ضيوف الرحمن، الواقع المعاش ومن ذهب وحج وطاف وسعي ووقف بعرفات يري هذه الافعال المنهي عنها رأي العين، فبعض الحجاج يأتون بأفعال الفسوق في أثناء ادائهم لشريعة الحج وما رأيته وسمعته أكد ما قاله المولى عز وجل فهناك فسوق وجدال في الحج وهناك وقائع رفث ذكرت احداها حكيت لي في مقال الاسبوع الماضي. ورأيت وشاهدت بعيني في أثناء ادائي لمناسك الحج في العام قبل الماضي وفي اثناء طوافي بالبيت العتيق رأيت وسمعت العجب العجاب فمع شدة الزحام والتحام الأجساد بعضها ببعض من مختلف الأجناس، وتفاوت حجم الأجساد فالركل والضرب والدهس كانت جميعا من نصيبي لكن ألهمنى الله الصبر الشديد، فلم التفت لما يحدث معي من ركل وضرب وشد وجذب للدرجة التي شدت منى ملابس الإحرام من احد الطوافين معي بالبيت. ما سبق ليس كل ما حدث لي واعتبره كله خير وكلما زادت المشقة زاد الثواب وزادت معه متعة أداء المناسك ، لكني رأيت هناك العجب العجاب فأناس تركب الكعبة المشرفة، واخرون يتمسحون بجدرانها وغيرهم يمسحون ملابسهم ومصلياتهم بها من أجل أن تنتقل بركتها إلى ملابسهم ومصلياتهم فهل هذا معقول ؟ الأدهى والأغرب هو ما يحدث من تقاتل وتعارك للمس الحجر الأسود وتقبيله في مشهد قبيح ليس له علاقة بالدين والإسلام والمناسك، فالرجال والنساء يركبون فوق الحجر ويتقاتلون في الاستماتة به والإمساك بالحجر دون إعطاء الفرصة لأحد غيرهم، متناسين ما قاله رسولنا الكريم لعمر بن الخطاب يكفيك الإشارة إليه ياعمر حتى لا تؤذى أحدا، فما بالنا بما يحدث من مسلمي هذه الأيام وليس هذا فعل الرجال فقط بل هو فعل النساء أيضا فهل لكم أن تتخيلوا ذلك ؟ امرأة تعتلى الحجر وتحتضنه وتنام فوقه شئ عجيب. ما حدث قليل فلم أكن أتخيل سماع الصوت العالي في رحاب الكعبة المشرفة، هذا إضافة إلي التشاحن والتنابز بالألفاظ من شدة الزحام فلا أحد يقبل أحدا ولكن هناك قلة فى حالة تعارك ومزاحمة فى طوافهم فهل هذا ما أمر به الله ورسوله ؟ هذا غير المجموعات المرتبطين مع بعضهم البعض وأظن أنهم من دول شمال شرق أسيا وإفريقيا يطوفون في سلاسل متراصة متشابكين مع بعضهم البعض ومن يأتي في طريقهم يرحمه الله .. أما أغرب وأسوأ الأعمال من وجهة نظري فهي تدخين السجائر ليس في أيام الحج بل في أثناء أداء المناسك وخاصة منذ يوم التروية وبدء أعمال الحج والوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة ورمي الجمرات في أيام التشريق الثلاثة يدخن الحجاج السجائر وما شابه ذلك وفي أثناء الوقوف بعرفة وبقية المناسك بل بعضهم يصطحب النرجيلة والشيشة معه وكل هذه الاعمال وغيرها - نظنها- من أعمال الفسوق المنهي عنها. فكيف يحدث ذلك ونحن ذاهبون فى ضيافة الله لأداء فريضة الحج فمن حج فلم يرفث ولم يفسق أو يجادل رجع كيوم ولدته أمه مغفورا له وكان جزاؤه من مولاه الجنة ،اللهم تقبل منا حجنا هذا العام واجعله خالصا لوجهك الكريم واجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا وفى المقال المقبل سأروى لكم قصة الجدال. لمزيد من مقالات فهمى السيد;