«أما المهجرون فى الأرض فلا عيد لهم، ولا راحة ويلاحقهم الموت فى البحار ،وفى الصحارى تجار البشر، يهربون من الظلم والحروب ، من أجل حياة أحسن فإذا بجدران الكراهية والعنصرية ترتفع فى كل مكان، وفى لبنان يطالبون بتسليمهم إلى الجلاد ،بحجة تحميلهم سوء الأحوال ،ومصيبتنا فى عهد فاشل من أول لحظة». هكذا غرد زعيم الدروز فى لبنان رئيس الحزب التقدمى الإشتراكى النائب السابق وليد جنبلاط، بمناسبة عيد الفطر، وقاصدا النازحين السوريين فى لبنان، والمطالبين بترحيلهم من لبنان إلى المناطق الآمنة فى سوريا، ومصوبا بالفشل ضد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، واصفا عهده بالفاشل،فلماذا غرد جنبلاط هكذا؟ ولماذا يدافع عن حوالى مليونى نازح سورى فى لبنان،البالغ تعداد سكانه 4ملايين نسمة، ولماذا يهاجم العهد ويصفه بالفشل، بالرغم من أنه - جنبلاط أحد الذين مهدوا للعهد، ومارسوا ضغوطهم على من كان يرفض عون رئيسا للجمهورية، هل أراد جنبلاط أن يثير زوبعة فى فنجان بعدما اعتزل عضوية البرلمان، وتنازل عنها طواعية لنجله تيمور جنبلاط،أم أنه فعل ذلك للضغط على عون والحريرى معا حتى لايحصل خصمه الدرزى الأمير طلال أرسلان على منصب وزارى من حصة الدروز التى يحتكرها جنبلاط لعشرات السنين؟ بمجرد نشر جنبلاط تغريدته التى وصف فيها العهد بأنه فاشل من أول لحظة،تباينت ردود الأفعال المستهجنة لجنبلاط ، حيث قال وزير الطاقة والمياه فى حكومة تصريف الأعمال سيزار أبى خليل: «أنجز هذا العهد بسنة واحدة ما لم تنجزه كل العهود التى كنتم من أركانها،ويشهد اللبنانيون على فشلكم ،وفسادكم فى كل الملفات التى استلمتموها،قدرنا والتزامنا أن نصلح ما أفسدتم». وسخر وزير الاقتصاد فى حكومة تصريف الأعمال رائد خورى من جنبلاط قائلا :» هل يدفع وليد بيك من جيبه الكبيرة إذا انهار الاقتصاد من جراء عبء النزوح؟». النائب نقولا صحناوى غرد ردا على جنبلاط قائلا : «الفاشل هو من يرى فى الخيانة خيارا وحيدا للاستمرار، والخائن هو من يتآمر مع الخارج ضد شعبه ووطنه، وليد بيك، عد إلى لبنانيتك، إلى شعبك وأهلك، فالعهد القوى للبنان القوى باق مهما كثر الأعداء ومهما علا شأن أزلامهم». أما النائب إلياس بوصعب فوصف كلام جنبلاط بالعنصرية قائلا: «من يبح بكلام عنصرى تجاه أبناء وطنه، يفقد المصداقية عندما يدّعى الدفاع عن حقوق النازحين من باب العنصريّة، وكلامه ذاته تجاه كل العهود هو من باب هذه العنصرية». النائب فريد البستانى تساءل: «هل العهد فاشل لأنه يريد إعادة هؤلاء الى مناطق آمنة، وهل العهد فاشل لأن شعبنا مهاجر بسبب ضيق العيش فى لبنان وعدم توفر فرص العمل، وهل العهد فاشل لأن لبنان يعيش تجربة سابقة مريرة تجلت فى وجود أكثر من 500 ألف فلسطينى لايزالون فى لبنان؟ يبدو ان جنبلاط يغرد خارج سربه وهذه العراقيل التى يحاول وضعها أمام العهد لن تجديه نفعا». ورد النائب جورج عطالله: «نعم هو عهد فشل السارقين وقطاع الطرق الذين أينعت رءوسهم وحان وقت قطافها». ورد النائب العميد أنطوان بانو على كلام جنبلاط: «نظام الأسد أكيد دموى فى حقنا، وأنت كنت الشريك معه بسفك دمائنا وتهجير أهلنا واستباحة وطننا، كفى كذبا وخداعا فى نهار العيد،وتذكر النازحين من أبناء الجبل الذين هجرتهم، وأنت الخبير فى إراقة دماء معارضيك من أبناء بنى معروف والكثيرين من أبناء الوطن». أما النائب سليم عون فهاجم جنبلاط قائلا: «وليد بيك مصّر بأن يذكرنا بماضيه، فإستعمل بتغريدة واحدة المفردات التالية: المهجرون، الموت، تجار البشر، الظلم، الحروب، الكراهية، العنصرية، الجلاد، سوء الأحوال، المصائب والفشل». وإذا كانت تغريدة جنبلاط صبيحة عيد الفطر صادمة وقاسية ، فإن الردود كانت أكثر قسوة، خاصة التى توالت من أغلب أعضاء تكتل لبنان القوى ووزراء التيار الوطنى الحر المدافعين عن عون وعهده ، ورُفِعت فيها الأسقف الكلامية إلى أعلى مستوى، ما استدعى ردوداً مضادة من نواب ووزراء اللقاء الديمقراطي جنبلاط استخدمت فيها كلّ الأسلحة،مما استدعى تدخل العقلاء من الجانبين للتهدئة. المدافعون عن عون وعهده وضعوا تغريدة جنبلاط فى خانة الهجوم المتكرّر وغير المبرَّر على العهد، والذى لا يهدف سوى لإضعافه وتقييده والتضييق عليه، ومنعه بالتالى من تحقيق الإنجازات التى يصبو إليها، ويستدلون على ذلك ب «الضجّة المفتعلة» التى أحاطت مرسوم التجنيس الذى صدر، فحتى لو صحّ ما يُحكى عن أنّ المرسوم أعطى الجنسية لغير مستحقّيها، إلا أن الأمر المُستفِزّ كان تركّز الحملات على رئيس الجمهورية ، على الرغم من أنّه واحدٌ من ثلاثة أطراف وقّعوا المرسوم، بينهم رئيس الحكومة سعد الحريرى ووزير الداخلية نهاد المشنوق. كما جاءت تغريدة جنبلاط بحجة الدفاع عن النازحين السوريين ،مع إثارة مسألة حصّة رئيس الجمهورية فى الوزارات، وهى ضمانة لرئيس الجمهورية بعد سلبه معظم صلاحياته فى اتفاق الطائف، ومع تردد كلام عن توزير الأمير طلال أرسلان خصم جنبلاط فى جبل الدروز والذى حازت قائمته ضمانة الجبل على حصة نيابية فى الإنتخابات النيابية الأخيرة وهو مايعطيه الحق فى الحصول على حقيبة وزارية ،وهو مايرفضه جنبلاط بحجة أن حزبه التقدمى الإشتراكى هو صاحب الحق الأصيل والتاريخى فى وزراء الدروز. النائب طلال أرسلان خصم جنبلاط فى الجبل ،غرد ردا على ماقاله جنبلاط قائلا: «كل من يدعى حرصه على النازحين ، كان وراء نزوحهم وتهجيرهم بمواقفه الدامية ودعواته لهدر الدماء، نحن أخبر وأعلم الناس بأوضاع سوريا ،والحل يبدأ بعودة آمنة لهم ،وبالتنسيق بين الدولتين، وسبق ودعينا للتنسيق مراراً لحل هذا الملف وغيره من الملفات،نحن أدرى بالفضائح التى ارتكبت بحق المهجرين والمقيمين فى الجبل على حد سواء من ظلم وتعد وبيع حقوقهم، فى ظل العهد القوى والنظيف لا خوف على لبنان، أما التهجم الممنهج عليه فسببه الأساسى كسر الأحادية والاحتكار»،وهو بتلك التغريدة أراد أن يكون فى صف عون والعهد القوى ،وضد مواقف جنبلاط المتباينة ،ورغبته فى الاستحواذ الدائم على حصة الدروز فى الحكومة أو مجلس النواب، وهو الأمر يؤكد أن أرسلان قاب قوسين أو أدنى من التوزير فى الحكومة التى تنتظر التشكيل. وأوضح رامى الريس مفوض الإعلام فى الحزب التقدمى الاشتراكى أنه «ليس هناك من عقدة درزية فى التوزير، بل بمحاولة البعض القفز على نتائج الانتخابات النيابية، التى حددت الأحجام والتى على أساسها يطالب الحزب بحصته الوزارية». جنبلاط الذى وضع لبنان على كف تغريدة يوم عيد الفطر، وجعل وسائل الإعلام لاتكف عن الضجيج والتحليلات ،وجعل الفريق المدافع عن الرئيس يشهر كل أسلحته لمواجهة تغريدة، ختم الحكاية بتغريدة أخرى قال فيها: وختم جنبلاط السجال بتغريدة ثانية قال فيها: «إلى محبى الضجيج أقول : ما بالكم تكأكأتم على كتأكئكم على ذى علة، افرنقعوا عني». وعلى الجانب الآخر ذهب البعض ممن يدافعون عن العهد ورئيسه ،إلى أن جنبلاط فعل ذلك لجذب إنتباه وتأييد الشارع الدرزى للوريث الجديد للتركة السياسية لآل جنبلاط النائب تيمور جنبلاط الذى دفع به والده دفعا ليحتل مقعده النيابى بدلا من الأب الذى قرر الإبتعاد عن السياسة. ومع تزايد حدة الانتقادات بين فريقى عون وجنبلاط، تدخل بعض السياسيين بين الفريقين للتهدئة وعدم التصعيد خاصة أن تشكيل الحكومة الجديدة يواجه صعوبات توزيع الحصص الوزارية حسب الكتل النيابية، وهو الأمر الذى يستلزم الهدوء، لفك عقدة التشكيل حتى لاتظل حكومة تصريف الأعمال مستمرة بينما هناك حكومة جديدة تنتظر الولادة، لتستكمل خطة العهد الإقتصادية، وتطبيق توصيات مؤتمر سيدر الأخير لدعم الإقتصاد اللبنانى، الذى يواجه تحديات خطيرة، مع وجود حوالى مليونى نازح سوري، وتطبيق أمريكا ودول الخليج قرار اعتبار حزب الله منظمة إرهابية، فهل ينجح الفرقاء اللبنانيون، فى القفز فوق تغريدة جنبلاط ،ووقف ردالفعل العنيف من صقور التيار الوطنى الحر، ليصل الجميع إلى مائدة مشتركة تشهد توزيع الحقائب الوزارية، للوزارة الجديدة التى قد تشهد صفقة سلام بين لبنان وإسرائيل، لاستعادة مزارع شبعا المحتلة وترسيم الحدود البرية والبحرية ،ليبدأ بعدها لبنان فى استخراج النفط والغاز من البحر المتوسط بدلا من استيراده؟