التسول فى إسرائيل عالم قائم بذاته تسيطر عليه عصابات تستغل المتسولين وتقاسمهم أرباحهم اليومية ، لكن الأغرب هو اتجاه العصابات الإسرائيلية لاستيراد متسولين من شرق اوروبا ! فقد اعتقلت شرطة إسرائيل منذ فترة خمسة من أفراد إحدى هذه العصابات بتهمة إدارة شبكة لجلب الصم والبكم من بعض دول شرق اوروبا لاستغلالهم فى عمليات التسول .. وكانت صحيفة يديعوت أحرونوت قد كشفت إن هذا يأتى ضمن جرائم الاتجار بالبشر والعمل القسرى والاستيلاء على جوازات السفر، وعالم التسول فى إسرائيل يدر أرباحاً سنوية تقدر بعشرات الملايين من الشيكيلات تذهب لجيوب أباطرة العصابات الذين يفرضون الإتاوات على المتسولين ، وهناك عدة آلاف من المتسولين فى شوارع إسرائيل أغلبهم من المشردين ومدمنى الحكوليات والمخدرات والعاطلين عن العمل. وفى كل ليلة من ليالى الشتاء الباردة يواجه الآلاف من مشردى الشوارع فى إسرائيل خطر الموت تجمدا، فهناك نحو ثلاثة آلاف مشرد ليس لهم مأوى أو مكان يبيتون فيه سوى أرصفة الشوارع أو مقاعد الحدائق العامة. وفى كل عام يتوفى عدد من هؤلاء متأثرين بالبرد القارس. وعدد هؤلاء المشردين أو سكان الشوارع كما تطلق عليهم وزارة الرفاه الإسرائيلية فى ازدياد مستمر، وهناك نحو300 مشرد يعيشون فى شوارع تل أبيب وخصصت الوزارة وحدة خاصة لرعايتهم إلا أن هذه الوحدة أصبحت تشكو فى الآونة الأخيرة من نقص الميزانية المخصصة لها، اضافة إلى التناقص المستمر فى عدد الاخصائيين الاجتماعيين المنوط بهم انقاذ المشردين. ويقوم أفراد هذه الوحدة بالتجوال ليلا فى الشوارع لمحاولة إقناع سكان الأرصفة بالذهاب إلى أماكن الإيواء الحكومية, إلا أن معظم المشردين مدمنو كحوليات ولايشعر المشرد بأنه سيموت متجمدا لأن الكحول يعطيه شعورا أو إحساسا بالدفء.. ويرتبط التشرد و التسول أيضا بمشكلة الفقر التى تعانى منها شرائح عديدة من المجتمع الإسرائيلى وهناك مليون وثمانمائة ألف إسرائيلى منهم 842 ألف طفل يعيشون تحت خط الفقر ، هذا ما كشف عنه التقرير السنوى الذى تنشره مؤسسة التأمين الوطنى الاسرائيلية ، وتواصل مدينة القدسالمحتلة تصدر قائمة المناطق الأكثر فقراً حيث يعيش 55% من أطفالها تحت خط الفقر تتبعها منطقتا شمال وجنوب إسرائيل . وتشكل عائلات المتشددين دينياً 15% من نسبة العائلات الفقيرة ، وأشار التقرير إلى أن 58% من البدو فى إسرائيل يعيشون تحت خط الفقر ، وفى العام الماضى كشف التقرير السنوى لجمعية المساعدات الانسانية الإسرائيلية «لتت» أن ثلث الإسرائيليين فقراء وأن 35% من الأطفال هناك يحيون فى مستوى معيشى متدن، وهى مشكلة وأزمة حقيقية تواجه حكومة نيتانياهو ، فحوالى 1٫240 مليون طفل لا يحصلون على احتياجاتهم الأساسية من الغذاء والخدمات الصحية .. وطبقا لتقرير«لتت» فإن 29% من سكان إسرائيل أى 2٫436٫000 مليون (أطفال وبالغين) يصنفون كفقراء وهذا العدد يقل عن العدد الذى تم تسجيله فى عام 2015 وكان 2٫624٫000 مليون ، وكشف التقرير أيضا أن واحدا من كل عشرة فقراء فى إسرائيل اضطر للنوم فى الشارع أو فى مبنى مهجور كما اضطر 72% من الفقراء للتنازل عن شراء الأدوية ، أيضا 50% من الأسر التى تعرف الآن بأنها فقيرة كانت فى الماضى ضمن الطبقة المتوسطة . وكانت دراسة لمعهد القدس لدراسات إسرائيل قد كشفت أن 82% من سكان القدسالشرقية يعيشون تحت خط الفقر استنادا إلى معطيات مكتب الإحصاء الإسرائيلى ومؤسسة التأمين الوطنى . ويقطن القدسالشرقية وفق الإحصاءات الإسرائيلية نحو 300 ألف فلسطيني، وتعد هذه الفئة السكانية فى إسرائيل هى الأكثر فقرا. والذى يثير القلق هو أن أزمة الفقر تزداد سوءا عاما بعد عام، وليس بإمكان إسرائيل وقف هذا التدهور. وتتعدد الأسباب لتفسير زيادة معدلات الفقر لدى سكان القدس، فحسب مسئولين مطلعين على الوضع في المدينة أدى الجدار الفاصل بين القدس والضفة الغربية إلى قطع العلاقات التجارية بين الطرفين، مخلفا أضرارا اقتصادية للتجار المقدسيين، لا سيما بعدما توقف توافد الزبائن من الضفة، ومن الأسباب الأخرى المواجهات التى تندلع من وقت لآخر وأدت إلى تراجع السياحة والحركة التجارية فى القدس. كما أن الحالة الأمنية المتدهورة أدت إلى تشديد الاجراءات الأمنية فى المدينة، والتى أدت بدورها إلى إعاقة الحركة التجارية فى القدس، ايضا كشف مسئولو الجمعيات التى تقدم المساعدة للفقراء أن الاعتقالات التى شهدتها القدس فى الفترة الأخيرة طالت الفئة العاملة من الشباب، حيث وجدت عائلات كثيرة نفسها دون معيل، وتقول بلدية القدس فى ردها على هذه المعطيات، إنها تنوى إقامة مشاريع وبرامج خاصة لتحسين الوضع الاقتصادى فى الجزء الشرقى من المدينة . وفى الوقت نفسه كشف التقرير السنوى لمركز أدفا أن30% من الاسرائيليين يحصلون بالكاد على الحد الأدنى للأجور فى الوقت الذى يزداد فيه الأغنياء ثراء ويحقق البعض منهم دخلا شهريا لايقل عن ربع مليون شيكل. ويؤكد التقرير أن الفجوة ازدادت اتساعا بين الاشكناز( يهود الغرب) والسفارديم( يهود الشرق) من ناحية، وبين اليهود والعرب من ناحية أخري, أيضا لاتوجد مساواة فى الخدمات الصحية والتعليمية التى تقدمها الدولة للمواطنين، هذه الفجوة كما يقول معدو التقرير أشبه بقنبلة زمنية موقوتة، حيث إن مستوى المعيشة أصاب الفقراء فقط، ولم يؤثر مطلقا على أثرياء اسرائيل الذين ازدادوا ثراء ولم يسمعوا كما يقول التقرير عن مصطلح شد الأحزمة على البطون أو تقليص الميزانية، والحكومة الاسرائيلية كما تقول صحيفة «يديعوت أحرونوت» تهتم فقط بتدليل الطبقة الثرية بتخفيض الضرائب المختلفة.