يقول الدكتور يوسف إدريس : « مادام هناك شعب فمن خصائصه الحيوية ولزوميات وجوده أن يأكل وأن يشرب وأن يرقص ويضحك وأيضا أن يتمسرح». وفي الواقع ان فن المسرح موجود داخل معظم المجتمعات سواء كان المسرح بشكله التقليدي، أو في شكل ظواهر مسرحية مختلفة،فممارسة هذا الفن هى إحدى المفردات العامة داخل حياة الشعوب.وكلما ازدهرت الحياة الثقافية والاجتماعية، كلما ازدهرت الحركة المسرحية...والعكس. فإذا كان هناك أزمة في المسرح، فهناك أزمة في المجتمع. ليس بالضرورة أن يكون المجتمع في حالة من الترف حتى يقدم حركة فنية متميزة، لكن يجب أن يكون المجتمع لديه الوعي الكاف وأن يكون مجتمعا منتجا أكثر من كونه مستهلك. ودائما ما يعتبر المسرح رد فعل الحالة الاجتماعية لوطنه بداية من القواعد الكلاسيكية للحضارة اليونانية القديمة، مرورا بالحالة الدينية التى عاصرها في العصور الوسطى، ثم يخرج من وحداته الثلاثة (الزمان-المكان-الحدث) مع ازدهار الآداب والعلوم في عصر النهضة، وتتغير اللغة والبناء المسرحي تماما مع بداية عصر العلم والنظرة العلمية البحتة التى نظرها الإنسان للحياة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. لقد جاءت كل الأفكارالمسرحية مخاطبة للمجتمع في زمنها وحسب الاتجاه الفكري لهذه الفترة، مثلها مثل التيارات الدينية والمناهج الفلسفية وطرق التفكير المختلفة بإختلاف التوقيت. فالحركة المسرحية تتغير مثلما يتغير المناخ في العالم،ومع مرور الوقت وفي ظل التغيرات الاجتماعية السريعة التي يشهدها العالم تغيرت العروض المسرحية حسب لغة العصر، فالمسرح الذي كان يعشق الكلمة، أصبح في العصر الحديث يعتمد على الصورة والحركة واستخدام التطور التكنولوجي.وعلى الرغم من سهولة اتصال العالم ببعضه في ظل هذا التطور، إلا إنه من الصعب أن يستمر تعريفنا للمسرح واحدا. فكما نتشابه نحن البشر في بعض الخصائص العامة، فإننا نختلف في الشكل والحجم واللغة وطريقة التفكير.فالمجتمعات التي استطاعت الخروج خارج الغلاف الجوي واختراق العالم الآخر، لن يتشابه مسرحها بالمجتمعات التي مازالت تعاني المشاكل الثقافية والإقتصادية والسياسية والنفسية. ومن الظلم عقد مقارنة بينهم.